Saturday, December 13, 2008

جيل فى خطر

بقلم خيرى رمضان

هل تأملتم وجوه الصبية التى نشرتها الصحف - خاصة صحيفة «الدستور» - الذين كانوا يتحرشون بالفتيات فى شوارع المهندسين أول أيام العيد؟!

لم يكونوا شبانا قتلتهم البطالة ودمرت نفوسهم بعد أن تقدم بهم العمر دون زواج، فأصبح المتنفس الوحيد أمامهم لتفريغ كبتهم الجنسى، أو التمرد على المجتمع، هو التحرش بالبنات فى الشوارع.

الوجوه المصورة المطاردة للفتيات الصغيرات والكبيرات، لصبية صغار، غادروا سنى الطفولة بشهور قليلة.. فى مثل هذه المرحلة السنية.

كان الصغار قديماً يخجلون ويتوارون وهم يتلمسون أولى خطوات نضجهم الجنسى، خلف كتاب رخيص، أو أحاديث ساذجة حول درس التشريح فى المرحلة الإعدادية، أو بممارسات ممنوعة تشعرهم بسعادة مؤقتة، وتتبدل إلى إحساس عميق بالذنب والمعصية.

أما الآن، فقد خرج الصغار إلى الشارع يطاردون البنات دون خوف من شرطى أو من كبير عابر، ولا حتى من عقوبة قضائية مغلظة ألمت باثنين من المتحرشين.

هل يمكن القول إن السبب فى ذلك هو سوء التربية فى البيوت؟ أرد عليكم بأن ما بين يدى من حكايات ومآسٍ، تؤكد أن البيت وحده لم يعد يربى، أعرف بيوتا محترمة لآباء وأمهات متدينين وأحياناً دعاة، يُحفظون أولادهم القرآن أو يذهبون بهم إلى الكنيسة، ويشركونهم فى أنشطة رياضية تستنزف طاقاتهم، ومع ذلك يكتشفون تصرفات شائنة لأبنائهم الصغار، عبر النت أو الموبايل، أو بتدخين السجائر أو المخدرات.

ولا نستطيع أن نلقى بالمسؤولية على المدرسة، ففى إحدى المدارس الخاصة قرر مديرها تفتيش تلاميذ المرحلة الإعدادية، فاكتشف أن نسبة كبيرة من التلاميذ تدخن السجائر، ونسبة أقل تحتفظ بلفائف البانجو، وعندما استدعى أولياء أمورهم، اتهموا المدرسة بالتسيب والافتئات على الصغار ونقلوهم إلى مدرسة أخرى.

لا أريد أن أتحدث عن الكليبات والعرى، لأن فى مواجهتها لدينا الآن داعية إسلامياً لكل مواطن بلا أى فائدة.

أتحدث إليكم وصورة أطفالى الذين دخلوا هذه المرحلة السنية أمام عينى، فابنى الأكبر يشكو إلىَّ من أن زملاءه يتهمونه بأنه صغير لأنه لا يدخن مثلهم.. قلبى ينقبض وأحاول أن أمسك به، أحافظ عليه، أحميه، ولكنى خائف، أحس بالفزع عليه، وعلى أجيال تمثل المستقبل.. مستقبل مصر فى العشرين عاماً المقبلة يُضرب، يدمر، يخرب، يشرب السجائر والمخدرات ويشاهد الأفلام المخلة، غير منتمٍ، لا يعرف معنى الوطن، لا يخاف الله، وليس لديه رمز ولا قيمة، فكل شىء اهتز أمام عينيه.

صدقونى، أبناؤنا فى خطر، مستقبلنا فى خطر.. فهل يمكننا إنقاذه بخطوات عملية، وليس بكلمات جوفاء لم تعد تؤتى ثمارا مع هذا الجيل الذى يضيع أمام عيوننا؟!

قيمة الإنسان.. ما بين مصر واليونان!

بقلم د. طارق الغزالى حرب

لم يكن غريباً أن تتجاهل الصحف القومية فى صفحاتها الأولى أنباء انتفاضة الشعب اليونانى، التى بدأت فى العاصمة أثينا، ثم انتشرت واجتاحت العشرات من المدن اليونانية.. وسبب التجاهل واضح وضوح الشمس وهو أن كل هذه المظاهرات والاحتجاجات بسبب مقتل صبى يونانى عمره ١٥ عاماً، بواسطة رصاص أحد ضباط الشرطة،

أطلق أعيرته النارية دفاعاً عن نفسه وعن دوريته التى هوجمت من قبل بعض الشباب بالحجارة، وبالطبع فإن إبراز مثل هذه الأخبار سيدعو للمقارنة بما يحدث فى مصر المحروسة من حوادث قتل لمواطنين على يد ضباط الشرطة، بلغت فى الفترة القريبة الماضية حدوداً لم تعرفها مصر على مدى تاريخها، وسجلت أربع حالات قتل لمواطنين فى خلال عشرة أيام بمديرية أمن الجيزة وحدها!

المذهل فى الأمر أن هذه الاحتجاجات العنيفة قد حدثت فى اليونان على الرغم من اعتذار رئيس الوزراء اليونانى للشعب عن مقتل الصبى، وإعرابه شخصياً عن مواساته لأسرته، وتقدم وزير الداخلية باستقالته، ووضعها تحت تصرف رئيس الوزراء، مع الإعلان عن اعتقال الضابطين المتهمين وتقديمهما لمحاكمة عاجلة.

أما فى مصر المحروسة التى لم يقدم فيها أى مسؤول فى نظامها المستهين بأرواح الناس وكرامتهم، أى اعتذار من أى نوع عن أى من الجرائم والحماقات التى ارتكبها بعض رجال ينتمون إلى المؤسسة التى تحمى أمنهم وتقمع معارضيهم..

واكتفت وزارة الداخلية فيها ببيانات رسمية لا تتعدى الخمسة أسطر عن كل حادث، قتل فيه مواطن مصرى بواسطة ضباطها، تحاول فيه بعبارات ملتوية أن تلتمس العذر للضابط القاتل مع وعود مبهمة بالتحقيق والجزاء لا يتابعها أحد..

فى مصر المحروسة التى لم يفكر أن يقدم فيها مسؤول كبير واحد استقالته أو إبداء استعداده لها أو حتى الاعتراف العلنى بالخطأ والنية لمراجعة منظومة العمل بالداخلية، بدءاً من التعليم بكلية الشرطة وانتهاءً بنوعية الأوامر والتعلميات الصارمة التى يجب أن يلتزم بها الضابط..

فى مصر المحروسة هذه التى يتعامل نظامها مع المواطنين باستهتار واستخفاف واستهانة بكل حقوق الإنسان من أقصى حدودها الشمالية الشرقية حيث بدو سيناء، وحتى أقصى حدودها الجنوبية حيث أهالى النوبة.. فى مصر هذه كان رد فعل الشارع المصرى والرأى العام ومؤسسات المجتمع المدنى وكبار المثقفين وما يسمى النخبة، هزيلاً ومؤسفاً ويدعو للرثاء..

بل وأقول إنه كان مخزياً ومشعراً بالعار والهوان.. حتى فى الحالات التى كان هناك فيها رد فعل ما، بسبب طبيعة الناس التى ارتكبت فى حقهم الجرائم مثل بدو سيناء وأهل النوبة، تكالبت وسائل الإعلام المهترئة وأبواق الحكومة، فى التنديد بردود أفعال الناس الطبيعية هذه، بطريقة فجة منقطعة النظير!!

ما هذا الذى يحدث على أرضك يا مصر؟! هل أقنعك هذا النظام، أن إنسانك لا قيمة له ولا ثمن؟! ولماذا استسلم المصريون لهذا الواقع المُخزى والمُهين؟! لقد كانت البداية هى إقناعهم باستحالة أن يكون لهم رأى فى اختيار من يحكمونهم أو يمثلونهم، فتركوا لهم صناديق الاقتراع ليعبثوا فيها كما يشاءون..

ولكنهم لم يدركوا أن التفريط فى هذا الأمر سيقود هم إلى التعامل معهم ككائنات غير آدمية لا يهتز لرجال نظامها وأمنه طرف أو رمش، إذا ما أطلقوا عليهم الرصاص فى لحظة غضب، أو تركوهم ليموتوا دهساً بالأقدام، كما حدث فى طوابير العيش وطوابير صرف المعاشات؟! هل نحن فى انتظار إعلان وفاة الشعب المصرى وطلب الرحمة من الله له؟ أتمنى ألا أعيش حتى أرى هذا اليوم.

سفارات مرفوعة من الخدمة

بقلم أسامة هيكل

ما مهمة أى بعثة دبلوماسية مصرية فى أى بلد أجنبى؟ هل مهمة السفير أن يرتدى حلة أنيقة ويكون خبيرا فى الماس والسجاد ويركب سيارة مرفوعاً عليها علم مصر ويحضر حفلات الاستقبال فقط؟ ما واجبات البعثات الدبلوماسية المصرية تجاه المصريين المغتربين؟ كم تتكلف تلك البعثات وما العائد منها؟

هذه التساؤلات تفرض نفسها بقوة كلما حدثت أزمة للمصريين فى الخارج، وآخرها كانت الأزمة السياسية فى تايلاند التى أدت لإغلاق المطار تماما وتأخير كل رحلات الطيران به، ومن بين الذين علقوا لأيام فى تايلاند مصريون ومواطنو دول عربية أخرى.. ومع تصاعد الأزمة سعت السفارات العربية الأخرى لتخليص رعاياها من هذه المشكلة، فالسعودية مثلا أرسلت طائرة للمطار الحربى فى بانكوك وأعادت رعاياها..

ولكن المصريين كان عليهم أن يتصرفوا بمفردهم بعيدا عن السفارة حسب التصريحات الرسمية والواقع.. وبالمصادفة كنت ضيفا خلال الأزمة على برنامج «صباح دريم» الذى تقدمه الإعلامية المتألقة دينا عبدالرحمن، ويرأس تحريره الكاتب الصحفى محمد البرغوثى، وأجرى البرنامج اتصالا هاتفيا مع رجل أعمال مصرى اسمه عزت عبدربه، وقال إنه حينما لجأ للسفارة المرفوع عليها علم مصر، أشار عليه القنصل المصرى بأن يحرر محضرا لشركة مصر للطيران لأن هذه المشكلة تخصهم ولا دخل للسفارة بها،

لأن مهمة السفارة تحرير عقود الزواج والطلاق وتكفين الموتى من المصريين فى تايلاند وإرسالهم لذويهم فى مصر!! والمفارقة أن الرجل حرر محضرا بالفعل لشركة مصر للطيران، وذهب به لتوثيقه فى السفارة المصرية فطلبوا منه ١٠٠ دولار رسوم توثيق!!

وعلى قدر ما كان الكلام صادما، كانت الصدمة الأعنف فى اتصال مع السفير أحمد رزق، مساعد وزير الخارجية لشؤون المصريين فى الخارج، حيث طالب المصريين فى تايلاند بالسفر بطريقتهم الخاصة من بانكوك إلى كوالالمبور بماليزيا، وركوب طائرة مصر للطيران من هناك، وهو نص بيان الخارجية المنشور بالصحف فى نفس اليوم،

ومن كلامه تبين عدم وجود حصر بعدد المصريين العالقين فى تايلاند على وجه الدقة بالخارجية، وانفعل السفير مؤكدا أن النظرة لدور السفارة يجب أن تختلف، فليس من المفروض أن تتحرك السفارة لحل مشكلة فردية، وليس من مهام السفارة أن تدبر للمصريين العالقين هناك أتوبيساً ينقلهم إلى ماليزيا، أو تدفع تذكرة لمن يريد أن يسافر إلى كوالالمبور.

والحقيقة أننى لم أكن أريد الكتابة عن مسؤوليات الخارجية المصرية تجاه المصريين فى الخارج حرصا على سمعة مؤسسة عريقة كان لها دور بارز حتى وقت قريب.. إلا أن تصريحات السفير رزق كانت مستفزة بما يكفى لعدم الاعتبار لأى حسابات.. وكنت دائما أقارن بين بعض سفراء مصر فى الخارج والسفراء الأجانب بالقاهرة من حيث نمط التعامل والاهتمام بمواطنى كل بلد..

وغالبا كانت المقارنة تأتى فى غير صالح دبلوماسيينا إلا فى حالات استثنائية يحضرنى منها مثلا وليس حصرا السفير محمد العرابى، الذى كان سفيرا لمصر فى ألمانيا. حتى شهور قليلة مضت وكذلك السفير فهمى فايد، سفير مصر بالإمارات سابقا، وبولندا حاليا، وعدد من الدبلوماسيين الشباب الواعدين.. وخلال الفترة الماضية وقع العديد من الأحداث التى تفرض علينا أن نطرح التساؤلات السابقة..

والبعثات الدبلوماسية الأجنبية فى القاهرة تضع خدمة رعايا بلادها فى المرتبة الأولى.. فالسفير برند إربل، سفير ألمانيا بالقاهرة، مثلا قطع إجازته ليتابع أزمة ٤ سياح ألمان مخطوفين خلال رحلة سفارى جنوب مصر، ولو كان يضع فى اعتباره نظرية السفير رزق، لحسب الحادث فرديا وأكمل إجازته..

والسفارة الألمانية تحركت منذ سنوات لإنقاذ سائحة ألمانية واحدة تعرضت لحادث غطس بالغردقة، وقامت بتدبير طائرة إسعاف لنقلها إلى برلين خلال ٥ ساعات فقط.. والسفارة الهولندية أقامت الدنيا ولم تقعدها منذ سنوات أيضا حينما اصطحب زوج مصرى أولاده من أم هولندية للقاهرة بعد أن انفصل عنها، ولم تهدأ إلا بإعادة الأطفال لأمهم فى هولندا.

السلوك الذى تتبعه السفارات الأجنبية فى مصر لا يفرق بين مواطن وآخر، كما لا يفرق بين حادث يتعرض له مواطن واحد ومجموعة من المواطنين.. فالجميع أصحاب حق ويستحقون المساعدة سواء طلبوها أو لم يطلبوها.. والحقيقة أن النظرة المطلوب تغييرها فعلا هى نظرة البعثات الدبلوماسية للمصريين فى الخارج، وليس نظرة المصريين لسفاراتهم..

فمن حق المصريين أن يجدوا الرعاية الكاملة من سفرائنا وبعثاتنا الدبلوماسية أو يمكن إلغاء هذه البعثات وتوفير النفقات فى بلد يعانى من أزمات اقتصادية لا تنتهى.. مادام عدد المصريين فى تايلاند قليلاً، كما يقول مساعد وزير الخارجية، فلماذا لا يكتفى بسفارة مصر فى ماليزيا لتسيير أمور المصريين القلائل الذين يترددون على تايلاند؟

والحقيقة أن رواتب هذه البعثات الدبلوماسية من حصيلة الضرائب الباهظة التى يدفعها المصريون.. والطبيعى أن ترتد فى صورة خدمة فعلية للمواطن المصرى الذى يتعرض لمشكلة فى بلد أجنبى،

ولا يمكن أن يقتصر دور الخارجية المصرية على إصدار بيانات رد فعل لكل أزمة، أو مطالبات للمصريين فى الخارج بتسجيل أنفسهم فى السفارات المصرية بينما المصريون لا يشعرون بأن ذلك سيرتد إليهم عند الحاجة فى صورة خدمة حقيقية.. ومن حقنا أن نسأل كم تتكلف البعثات الدبلوماسية المصرية فى الخارج؟ وما العائد منها؟

وهل الفائدة التى تتحقق منها تتناسب مع الإنفاق عليها؟ والأهم من ذلك ماذا تعنى كلمة سفارة؟ وهل يتفق أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، مع التعريف الذى أطلقه مساعده لها؟

مظلوم مع مرتبة الشرف

بقلم د. طارق عباس

من الملاحظ أنه فى الفترة الأخيرة تفشى سرطان الواسطة فى المجتمع المصرى، حتى كاد يصيب جميع أجهزته بالعطب، ويهدد ببتر كبرياء شرفائه، وأحلام مخلصيه فى أى تطوير أو تنمية، وبالتالى يهمش القانون أو يفعل وفق مقتضيات المصالح وحسابات المستفيدين، وما يترتب على هذه الحسابات من تجاوز البعض حقوق البعض، دون أى مبررات منطقية أو مقبولة.

وسأعرض بإيجاز لواحدة من هذه التجاوزات، ففى يوليو ٢٠٠٨ أعلنت جامعة كفر الشيخ، عن حاجتها لشغل وظائف أعضاء هيئة تدريس، ببعض كلياتها، ومنها كلية التربية الرياضية،

وتقدم - بناء على الإعلان - مجموعة من الشباب الطامح فى فرصة حقيقية للتدريس بالجامعة، لكن لمن تتاح الفرص؟ جاءت الإجابة على لسان الدكتور حمادة محمد طلبة، أحد المتقدمين لهذا الإعلان، والمتضررين من نتيجته، التى جاءت - حسب وصفه - تجسيدًا لثقافة الواسطة، وليست تعبيرًا عن الكفاءة،

يقول دكتور حمادة: (ما إن قرأت الإعلان فى الصحف الرسمية، حتى هرولت لتجهيز الأوراق والشهادات والذى منه، لاستيفاء ما يتطلبه الإعلان قانونيًا ورسميًا، فقد تكون هذه فرصتى الأخيرة بعد سنوات كثيرة من حصولى على الدكتوراه،

حالت دون شغلى منصب مدرس بالجامعة، ونجحت فى وضعى على أعتاب الأربعين من عمرى، وبين اليأس والرجاء، وفى الموعد المحدد، توجهت لمقابلة اللجنة المخولة باختيار مدرس التربية الرياضية المناسب لقسم الإدارة الرياضية بالكلية، وجاءت المفاجأة، بصدور قرار من مجلس الكلية بتعيين نادى محمد أحمد فى الوظيفة المُعلن عنها، رغم أننى أعلى منه تقديرًا،

سواء فى التقدير العام أو فى مادة التخصص، ورغم أننى منحت رسالتى الماجستير والدكتوراه فى التخصص المطلوب، وبالسؤال عن السبب الحقيقى لاستبعادى، تبين لى أن الواسطة والمعرفة كانتا المعيار،

فأحد أعضاء اللجنة المؤتمنة على اختيار الشخص المناسب كان مشرفًا على المحظوظ، أثناء دراسته العليا، وكان يعرفه حق المعرفة، وعندما يصبح القاضى الخصم والحكم فلا شفافية ولا نزاهة وألف رحمة ونور على العدل وموازينه، ولتشريع الظلم وتبريره،

تم ابتكار طريقة جديدة للتقييم، أظنها من اختراع جامعة كفر الشيخ وحدها، وهى الحكم على المتقدم واختياره بناء على درجات تعطيها اللجنة لكل رسالة علمية، بحسب قربها أو بعدها عن التخصص، وبحسب ما تزنه من مادة علمية، وهى مخالفة صريحة للقانون، فهذه الرسائل قد سبق تقييمها من لجان معتمدة من مجلس الجامعة،

ولا يصح أن يعاد تقييمها من خلال لجنة لم يطلب منها ذلك، أحسست بالغبن طبعًا وتوجهت لنائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا فأفزعه ما سمع، ووعدنى بحل اللجنة إذا ثبت له ذلك، وبعد يومين ذهبت إليه مرة أخرى للاطمئنان على الخطوات التى ستعيد حقى لى،

فإذا بسيادته يستقبلنى استقبالاً فاترًا، وإذا بثورته على اللجنة تتحول لثورة ضدى، وقال لى: إنها لجنة متخصصة، وليس بمقدورى التدخل فى شؤونها، أقسمت أن أرفع الأمر لرب البيت رئيس جامعة كفر الشيخ،

لكن طاقمًا من العاملين المتخصصين فى حرس مكتب سيادته حال بينى وبين مقابلته، فاضطررت لانتظار خروجه وقابلته فعلاً، وفوجئت بأنه يعلم كل شىء عن الموضوع، وقال موبخًا نفسه وإياى: أنا غلطان وجبت لنفسى وجع الدماغ علشان نزلت الإعلان ده).

وكأن حصول حمادة أو غيره على الوظيفة منة من سيادته، ودفاعهم عنها جلب له وجع الدماغ، وكأنه ليس هناك قانون ٤٩ لعام ١٩٧٢ يحدد شروطًا للتعيين ومقاييس للأولويات، ولا أعرف إذا لم تكن مهمة رئيس الجامعة هى الانتصار للمظلومين وإعادة الحق لأصحابه، فما مهمته إذن؟

الحكاية ليست حكاية حمادة، ففى كل بيت وكل زقاق وكل شارع حمادة، وما أكثر المتميزين فى زمان لا يعترف إلا بلغة المصالح، ولا يؤمن إلا بثقافة الواسطة!

لذلك أرفع الأمر لوزير التعليم العالى وأتمنى أن يكون له موقف من هذه الإعلانات والآليات المفتعلة، التى يتم ابتكارها لاختلاس حقوق الناس، وسيادته يعلم تمامًا أن الواسطة بوابة الفشل والفاشلين، وتركها تتغلغل حتى فى أهم وأجل مؤسساتنا (الجامعة) يعنى الإقرار بالخطأ،

وترك مصر للغرق فى متاهات الفوضى، والموافقة الضمنية على تدمير الشباب المبدع المتميز الآمل فى غد أفضل، والحكم عليه بأن يكون شبابًا مقهورًا مطحونًا مظلومًا مع مرتبة الشرف الأولى.

Friday, December 12, 2008

ببساطة

بقلم : ســيد عـلــي

*‏ صلاح حافظ وكامل زهيري ومدبولي ثلاث مكتبات اختفت‏.‏

*‏ إذا كان كفار قريش قد ظهروا في غزة فجأة‏,‏ كما قال أبو مازن‏,‏ فإن أبا لهب ومسيلمة وأبا جهل يمرحون في الضفة منذ زمن‏.‏

*‏ المشكلة لم تعد في لاعبي الزمالك لأنها انتقلت أيضا لجمهوره‏,‏ والمصيبة ليست في أن ينافس علي الدوري ولكن الصراع هربا من الهبوط‏.‏

*‏ لا يلدغ مؤمن من تصريحاته مائة مرة إلا شيخ الأزهر‏.‏


*‏ بعض البشر ينشرون السعادة أينما حلوا‏,‏ وبعضهم ينشرها عندما يرحل‏.‏

*‏ لم تبق هناك مشكلات في محافظة الجيزة سوي البحث عن عيد قومي بديلا لعيدها الذي استولت عليه‏6‏ أكتوبر‏.‏

*‏ حتي الآن لم نعرف من هو سفاح بني مزار بعد تبرئة المتهم الذي قدمته الشرطة للمحكمة‏,‏ ولم يدخل الحذاء في قدمه‏..‏ أقول ذلك حتي لاتقيد تلك المجزرة ضد مجهول‏.

Tuesday, December 9, 2008

ماذا حدث لنا؟

بقلم لميس الحديدى

ماذا حدث لنا؟ كل هذا العنف، كل هذا الحقد، كل هذا الكره وكل هذا التشفى؟! هل أصبحنا نعيش فى مجتمع غاضب، مجتمع حانق لا يسامح، لا يتسامح، غير مستعد أن يقبل الآخر.. ماذا حدث للمصريين؟

فى الشارع حالة غضب عارمة.. الزحام، التصاق الناس، السيارات تتصادم وتتسابق والأجساد تتعارك فى المواصلات العامة المكتظة بالبشر.. إنها أخلاق الزحام: صراخ، زهق، سباب، و.. عنف.. والنصيحة الآن إذا اصطدم بك أحد (بسيارتك) فلا تترك سيارتك وتخرج منها للخناق أو لأخذ حقك - حتى لو كان معك حق - فالأمر قد ينتهى بك إلى المستشفى، أو لا قدر الله إلى المشرحة.

ماذا حدث لنا؟!.. حتى حوادث السرقة تنتهى دائماً بالقتل، ولا نسمع سوى عن ذبح فتاة، أو ذبح زوجة، الذبح هو الطريق الأسهل الآن.. ليس مجرد حتى الإصابة الخطأ أو العنف العادى.. لكن الذبح هو السلوك الطاغى الآن.. هل أصبح كل واحد فينا يحمل سكيناً وراء ظهره؟!

ماذا حدث لنا؟! إذا تورط أحد المشاهير، سياسياً كان أو فناناً أو كاتباً، فى أى أمر حتى لو كان أمراً شخصياً يخصه أو يخص أسرته، لابد أن تلمح نظرات التشفى تنطق من العيون.. إذا كان رجل أعمال فهو أكيد فاسد، إذا كانت فنانة فهى أكيد منحرفة، إذا كان صحفياً فهو أكيد مرتشٍ.. نحن نكتب عن أنفسنا، نحن ندين أنفسنا وندين المجتمع ككل.

أصبحنا نخاف المجتمع أكثر مما نخاف من الصواب والخطأ.. نخاف حكم الناس أكثر مما نخاف حكم الله -للأسف- يقول البعض إن الأمل فى مغفرة الله أكبر بكثير من الأمل فى مغفرة الناس.. وقسوتهم.

ماذا حدث لنا؟! ليس فقط الفقر، ليس فقط الظلم، ليس فقط الزحام، ليس فقط الجهل.. إنها جميعاً.. أضف إلى كل هذه البعد عن الدين.. ولا يغرنك كل هذه الملابس الدينية حولنا، ولا يغرنك كل هذه المظاهر الدينية التى تحيط بنا.. ولا يغرنك كل هؤلاء الشيوخ، كل هذه الفضائيات، كل هذه الفتاوى.. لو كنا نعرف الله بحق.. لما أصبحنا بهذه القسوة، وهذا التشفى وهذا الحقد.

الفقراء يكرهون الأغنياء، والأغنياء يخافون من حقد الفقراء، وفى النصف طبقة مسحوقة لا تعرف لمن تنتمى.. من نحن وإلى أين! مجتمع يكره النجاح.. إذا نجحت فلابد أن تكون حاقداً كارهاً ترفض كل شىء.. شخصياً إذا كتبت يوماً عن بقعة ضوء واحدة انهالت على رأسى ويلات الرافضين.. رفض هذا هو ما يعجب، أن تكره، أن تحقد.. عندها تكون مثل السواد الأعظم من الناس.. عندها أنت منهم وهم منك.

ونحن فى الصحافة -فى الإعلام ككل- مسؤولون.. لم يعد تقصى الحقيقة حرفة، بل هواية قد يتتبعها البعض وقد لا يفعلون، الأسهل أن نقذف الناس بالبنط العريض.. ثم نعتذر لهم بخط صغير فى صفحة داخلية.. الأسهل هو أن نظلم.. وليس أن نسامح ونلتمس الأعذار.. فلنحاسب أنفسنا أولاً قبل أن نحاسب الآخرين.

إذا كنا نريد لهذا المجتمع أن يبقى.. أن يتصالح فعلينا أن نتغير، علينا أن نعيد إلى قلوبنا شيئاً من الحب، شيئاً من التسامح من الرأفة، ومن لم يخطئ فليرمنا بحجر.. نحن بشر، كلكم بشر وكلكم خطَّاء.. حان الوقت أن نقبل الآخر، أن نسامح الآخر، نكشف الفساد، لا نسكت عليه.. لكن ليس كل من يسقط عليهم الضوء فاسدين ومنحرفين.. شىء من الحب.. شىء من الأمل وإلا فلا شىء يبقى.. تأتى الأعياد.. نقول لبعضنا كل سنة وأنت طيب هل نعنيها؟! أرجو أن نعنيها.

Thursday, December 4, 2008

من يسد «خُرم» المال العام فى «روز اليوسف»؟!

بقلم مجدى الجلاد

الطبيعى فى أى حكومة طبيعية أن تقول لها الأجهزة الرقابية إن «شيئًا ما يحدث للمال العام ويهدره»، فتتحرك الأجهزة، وينتفض المسؤول للدفاع عن المال العام، باعتباره أمانة فى عنقه، سوف يحاسبه عليها الرئيس، وإن لم يفعل، فسوف يتولى الله عز وجل الأمر برمته..

ناهيك عن الضمير الذى «ينقح» فقط على الشرفاء حين يرون أموال دافعى الضرائب والمواطنين الغلابة تهدر أمام أعينهم، بينما يموت مواطنون مصريون الآن جوعًا وفقرًا ومرضًا، ولكم فى «الحدّاد»، الذى قتل فتاتين من أجل ٢٠٠ جنيه، ألف مثال ودليل!

لماذا نقول هذا الآن؟!.. مرت عدة أيام على نشر الزميلة «الفجر» تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن الخسائر الضخمة فى مؤسسة «روزاليوسف»، التى تعيش على أموال دافعى الضرائب، وتهدر كل صباح عدة ملايين من المال العام..

شخصيًا لا أقرأ منذ زمن جريدة «روزاليوسف» اليومية، ربما لأننى لا أحب الروائح غير الطيبة، أو لأننى لا أحب البذاءة والخوض فى الأعراض والحياة الشخصية، أو لأننى لا أنشغل كثيرًا بـ«عبدالله كمال» منذ أن كنا ندرس فى كلية الإعلام..

كنت أسبقه بسنة فى الدراسة، وكان يسبقنى بخطوة مهمة للغاية: تحديد مساره من «مدرجات» الجامعة.. أنا على باب الله والصحافة.. وهو على أبواب ضمنت له الوصول إلى مقعده الحالى.. أنا فى طريق لا أعرف إن كان سيجعلنى صحفيًا ناجحًا أم بائع صحف، وهو فى طريق سوف يجعل من «تقاريره» سجادة حمراء نحو الكرسى الذى ينشده.

ليست هذه قضيتنا.. فهذا الرجل الذى اختار طريقه وأجندته لا يشغلنى كثيرًا، لأنه اعتاد أن يرفع من يشتمه إلى عنان السماء، وأن يهبط بمن يمدحه إلى مستنقع سحيق فى «سابع أرض».. عمومًا هذه خياراته وتلك رهاناته مع من «يستخدمه»..

ولكن ما صدمنى وجعلنى أكتب اليوم ليس تقرير الجهاز المركزى عن «خرم المال العام» الواسع فى «روزاليوسف»، إنما ذلك الصمت المريب والعجيب من المسؤولين، وكأن أموال دافعى الضرائب التى تهدر فى صحيفة «معدومة التوزيع»، وتغدق على أشخاص فاشلين، لا تهم أحدًا.

يقول التقرير الرسمى الصادم إن كل نسخة من جريدة «روزاليوسف» التى يرأس تحريرها «عبدالله كمال» تخسر ١٦٢ قرشًا، وأن الجريدة تبيع ١٤٥٠ نسخة يوميًا، من واقع مستندات التوزيع الرسمية، وهو ما يعنى أن نزيف الخسائر مستمر على مدار الساعة، وربما يكون منطقيًا أن يخسر القطاع الخاص فى مشروعاته دون أن يسأله أحد، أما «الجريمة» فهى أن يؤتمن مسؤولون على أموال الشعب المصرى ويهدرونها فى جريدة حكومية توزع ١٤٥٠ نسخة فقط، لكى تشتم رموز البلد المحترمين، وأن تتدنى بلغة الخطاب الصحفى إلى أدنى مستوياته.

لم يرجف جفن مسؤول وهو يقرأ التقرير، الذى ذهب إلى الجميع، لم يتحرك أحد فى المجلس الأعلى للصحافة ومجلس الشورى، الذى يملك المؤسسة، ولم يعلق أحد فى الحزب الوطنى وأمانة السياسات، التى يدعى «عبدالله كمال» فى كل مكان وسطر يكتبه أنه يعبر عنهم وينطق بلسانهم.. من يحاسب.. من يحمى المال العام..

ومن يقول لقيادات أمانة السياسات إن هذه الجريدة تسىء إليهم كل صباح، وتزرع الكراهية تجاههم فى كل النفوس؟!

يقولون فى علوم السياسة والإعلام إن الإنجاز - أى إنجاز - لن يصل إلى الشعب إلا عبر جسر إعلامى محترم.. وأمانة السياسات فى الحزب الوطنى نجحت خلال السنوات الأخيرة فى خطوات وإجراءات اقتصادية لم يختلف عليها اثنان من الخبراء: ارتفاع معدل النمو.. إصلاح هيكلى فى القطاع المصرفى.. زيادة كبيرة فى الاحتياطى النقدى.. قانون عصرى للضرائب.. إصلاح واضح فى البنك المركزى..

ومع ذلك تدنت شعبية الحزب والأمانة وقيادات الاثنين.. لماذا؟! لأن الجسر الإعلامى الذى يعبر عن هذا الكيان فاشل ويتبنى خطابًا سقيمًا يستند إلى «تيمة» التخوين والاتهام بالعمالة والخوض فى الأعراض.. والمواطن المصرى لايزال متمسكًا بأخلاقياته، لذا فقد عزف عن هذه الأقلام، ووضع هذه الصحف فى «مزبلة» التاريخ.

هل عرف الآن قيادات الحزب الوطنى لماذا فقدوا بوصلة «الشارع».. زمان كانت الصحافة الحكومية هى منارة الوعى والتثقيف والخطاب المحترم، تخدم النظام بمهنية واحتراف دون أن تقول للناس كل صباح «نحن أسيادكم»..

أما اليوم فقد أفقدت الحزب الوطنى والنظام والحكومة المصداقية واحترام المواطن.. فإذا كانت الحكومة تشتم ،والحزب يحتضن الألسنة الطويلة، فكيف يسير الناس خلف الحكومة.. وبأى عين يرى المواطن إنجازات الحزب؟!

١٤٥٠ نسخة يوميًا هى صوت أمانة السياسات وتيار الإصلاح فى الحزب الوطنى.. وعدة ملايين تسكب على الأرض كل صباح لتسويق «الكراهية» تجاه الأمانة والحزب.. تذكرنى صحيفة «روزاليوسف» اليومية بمجلة «الأرض» التى أصدرناها ونحن فى المرحلة الثانوية فى «منيا القمح».. عدة صفحات رديئة الطباعة ومقالات تعبر عن هموم الأهالى..

كانت المجلة البسيطة والساذجة توزع ٧ آلاف نسخة عند بائع واحد فى هذه المدينة الصغيرة.. كنا ننفق عليها من جيوبنا.. ومع ذلك أغلقناها لأننا شعرنا بإهانة بالغة لأنها توزع ٧ آلاف نسخة فقط، أى أربعة أضعاف توزيع جريدة «روزاليوسف» فى جمهورية مصر العربية بطولها وعرضها.. أغلقناها لأننا اعترفنا وقتها أننا «فاشلون».

أتعجب من حال مؤسسة «روزاليوسف» العريقة التى يرأس مجلس إدارتها الصحفى المحترم «كرم جبر»: سيارات آخر موديل، والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. رئيس التحرير جاى، رئيس التحرير رايح، والتوزيع ١٤٥٠ نسخة..

بسرعة علشان نلحق المطبعة والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. جيش جرار من المحررين الأكفاء والكتاب المحترمين والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. اجتماعات وتسويق وأفكار وجلسات مع قيادات الحزب الوطنى وأمانة السياسات والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. إهدار المال العام، والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.

تلك هى القضية.. فمن ينتفض فى مواجهة هذه «المهزلة»؟!