Thursday, March 12, 2009

مدد.. مدد

خيرى رمضان

وما مصر الآن إلا مولد كبير.. الشعب يعيش فى الشارع، مسافة ليست بعيدة بين غيبوبة الدراويش والمريدين وتمرد العلماء والمثقفين وأغلب فئات المجتمع.

«الشعب فى الشارع»، هذه الجملة تختصر واقع مصر الآن، مليونا مواطن فى الليلة الكبيرة لمولد سيدى الحسين رضى الله عنه، وجوه محبة وعاشقة، وجوه ذاهلة، وأخرى ذابلة.. مدد يا سيدى مدد.. لم تنقطع سبل العباد مع الله، ولكنهم يتشككون فى وصول شكاواهم وآلامهم إليه، النوايا لم تعد خالصة، والحجب مرصوصة..

الوصول إلى الله أصبح صعباً، كما هو الحال مع المسؤولين، الوساطة لا تجدى مع الله ولكنها تجدى جداً مع المسؤولين، المحبون لآل البيت ولأولياء الله الصالحين كثر، والمتشبثون بأعتابهم طالبوا المدد أيضاً كثر، الوصول إلى الله يسير، ارفع وجهك للسماء، طهر قلبك قبل جسدك، صل، اسجد، واسأل الله ما تشاء، ستجده قريباً يجيب دعوة الداعى إذا دعاه.

أما المسؤولون فلا، لن تجدى معك الاستغاثات ولا الالتماسات ولا طرق أبواب المحاكم، «وضعوا أصابعهم فى آذانهم»، اخرج للشارع، أضرب واعتصم، ليسمع المسؤول ويستجيب!

كل يوم مولد، وكل يوم إضراب ومظاهرة، طلاب معهد عال يعتصمون لتحويل معهدهم إلى كلية، فليختلط الباطل بالحق، فنحن فى زمن شهود الزور من كل الأطراف.

أصحاب الحق، أصحاب الكلمة يئنون، الإعلاميون والصحفيون أيضاً فى الشارع، لم ينفعهم سوط الكلمة وصدقها، لم يجدوا بديلا عن الصراخ، فانشقت سماء المسؤولين.

علماؤنا فى الشارع، العالم فى مركز البحوث، الحاصل على الدكتوراه، راتبه لا يزيد على ألف جنيه، مطلوب منه أن يفكر ويبحث ويبتكر بألف جنيه، يجمعها المتسول فى يومين، والعامل فى السيراميك فى أسبوع، والبوشى فى ثانية، لم يجد العلماء أمامهم إلا ترك معاملهم والوقوف فى الشارع، سبقهم أساتذة الجامعة والعمال وموظفو الضرائب العقارية والمعلمون، ولم يبق فى مصر إلا المسؤولون لم يخرجوا إلى الشارع، فهم فى مكاتب مكيفة يقبضون الحوافز والبدلات ومكافآت الإشراف وحضور الاجتماعات، فمتى يخرجون إلى المولد حتى من باب المشاركة؟!

الشعب يطلب المدد، والمدد لا يأتى من السماء ولا من الأرض!

■ ■ ■

هذه المساحة سأخصصها فى كل مقالاتى المقبلة لسؤال واحد ولن أتوقف إلا بعد أن يصلنى رد واضح من وزارة الداخلية أو من أى مسؤول فى هذا البلد:

أين وكيف هرب يوسف عبدالرحمن وراندا الشامى وعماد الجلدة والملاح، الصادرة ضدهم أحكام نهائية واجبة النفاذ فى قضايا فساد ورشوة؟!



No comments: