بقلم خالد صلاح
اليمن أطلق مبادرة جديدة للمصالحة بين فتح وحماس ثم اختلفت فتح وحماس بعد ساعات من اتفاق صنعاء كأن شيئا لم يكن، سافرت الوفود إلي العاصمة اليمنية وكلفوا موازنة هذا البلد محدود الإمكانات ثمن تذاكر الطيران وغرف الفنادق والأطعمة ومواكب السيارات المرسيدس ووقت المسؤولين السياسيين، وبعدها لا شيء.
قادة اليمن نسوا شيئا مهما أن المملكة العربية السعودية كانت أطلقت بدورها من قبل مبادرة للمصالحة بين فتح وحماس وسافرت الوفود وانشغلت الفنادق وجابت السيارات المرسيدس السوداء شوارع مكة المكرمة، ثم انعقد الاتفاق في المدينة المقدسة، ثم اختلف الأشقاء بالدم والرصاص بعد ساعات من المبادرة.
السعوديون أيضا كانوا قد نسوا شيئا مهما أن القاهرة أيضا أطلقت من قبل سلسلة من مبادرات المصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين ورعت مبادرات عديدة للحوار تحت رعاية الأجهزة السيادية رفيعة المستوي في مصر، واتفق الطرفان الأكبر فتح وحماس علي قبول المبادرات، ثم اختلفا بالغدر والنار مجددا.
المبادرة في العالم العربي كلمة سيئة السمعة ليس في فلسطين وحدها، بل قد تتذكر أنت مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة اللبنانية، بادر العرب إلي المصالحة وصاغ الأمين العام للجامعة المبادرة ووافق عليها اللبنانيون والسوريون، أعتذر (أقصد السوريين واللبنانيين هكذا تفضل دمشق الصياغات العروبية)،
ثم انتهت المبادرة وكأن شيئا لم يكن، ثم حاولت السعودية بمبادرات منفردة في لبنان، ثم حاولت مصر بمبادرات خاصة وسرية، ثم حاول الأمين العام بمبادرات فردية سرا وعلنا، ثم لا مبادرة من تلك التي أطلقوها فرادي أو جماعات أسفرت عن شيء.
من قبل ذلك كانت المبادرة العربية لحل الأزمة العراقية خلال عهد الراحل صدام حسين مبادرات مصرية وإماراتية ومغاربية، ثم سفر وفنادق واتصالات وسيارات دبلوماسية تجوب الشوارع في بغداد، ثم في النهاية النتيجة نفسها للمبادرات لا شيء، وكأنه لا مبادرة ولا مبادرون.
ولن تحصي شيئا في الدبلوماسية العربية أكثر من المبادرات، أضف إلي قائمتك أيضا مبادرات بعض البلدان العربية لحل الأزمة المغربية الجزائرية حول قضية الصحراء،
والمبادرات العربية لحل أزمة رفع الحصار عن الجماهيرية الليبية خلال أزمة لوكيربي والمبادرات العربية للحفاظ علي استقرار ووحدة السودان بعد توقيع الاتفاقات مع الجنوب، والمبادرة العربية تجاه دارفور، ثم المبادرة العربية للسلام من قمة بيروت، ثم المبادرات الفردية السابقة واللاحقة، ثم لا شيء مرة أخري وإلي الأبد.
تاريخ العرب ليس سوي سلسلة من المبادرات الفاشلة، فعل المبادرة صار غاية في حد ذاته يستيقظ بعض زعماء هذه الأمة صباحا بلا عمل وبلا خطط وبلا أفكار جديدة لشعوبهم البائسة وبلا إرادة حقيقية للحركة، فلا يجدون عملا أعظم وأهم من طرح مبادرة جديدة.
ثم ينامون رضي الله عنهم.
Wednesday, March 26, 2008
Saturday, March 22, 2008
ببساطة
بقلم: ســيد عـلــي
* عار علينا أن تتضاءل أحلامنا وتصغر إلي الحد الذي يصبح مشروعنا القومي اختفاء طوابير الخبز.
* موافقون علي شراء السلع والخدمات بالأسعار العالمية بشرط أن نقبض مرتباتنا بنفس الطريقة.
* اللافت أن معظم مشاكل الناس الغلابة مصدرها وزارة اسمها التضامن والاجتماعي أيضا.
* إذا صدقنا نسب المرضي التي يحددها الاطباء فهذا يعني أننا نعيش في مستشفي وليس وطنا وأننا نحتاج إلي اطباء رعاية مركزة وليس حكومة.
* عار علينا أن تتضاءل أحلامنا وتصغر إلي الحد الذي يصبح مشروعنا القومي اختفاء طوابير الخبز.
* موافقون علي شراء السلع والخدمات بالأسعار العالمية بشرط أن نقبض مرتباتنا بنفس الطريقة.
* اللافت أن معظم مشاكل الناس الغلابة مصدرها وزارة اسمها التضامن والاجتماعي أيضا.
* إذا صدقنا نسب المرضي التي يحددها الاطباء فهذا يعني أننا نعيش في مستشفي وليس وطنا وأننا نحتاج إلي اطباء رعاية مركزة وليس حكومة.
إنها أزمة مصر كلها وليست المخابز فقط
بقلم د. طارق الغزالي حرب
طالعتنا كل الصحف تقريبًا صباح الاثنين الماضي بأخبار اجتماعات مهمة عقدها السيد رئيس الجمهورية مع كبار وزرائه ومساعديه، لمناقشة قضايا جماهيرية مهمة تفرض نفسها هذه الأيام، لتكون علي قمة اهتمامات الشعب المصري، الذي بدأ - ولأول مرة في تاريخه الحديث - يشعر بأن شبحًا ما يشبه المجاعة قد لاحت ملامحه..
ولعل التناحر والتقاتل بين أهل الوطن الواحد، للحصول علي رغيف خبز هو أحد مظاهره، وقلة أو عدم كفاية الموجود في بيوت المصريين من طعام بفعل غلاء فاحش هما أحد تجلياته.
لفت نظري في عرض الصحف المختصر دائمًا لما يدور في اجتماعات الرئيس، وبعدما أصدر توجيهاته بأن يتولي جهاز الخدمة الوطنية ووزارة الداخلية مسؤولية توزيع الخبز علي المواطنين، أن سيادته صرح بأن المشكلة ليست في توفير الدعم لرغيف العيش، وإنما أزمة المخابز في رأيه هي مسألة «إدارة ورقابة ومحاسبة»
كما جاء علي لسان المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية. لقد أصاب الرئيس كبد الحقيقة بالفعل في تصريحه هذا، وإن كنت أتمني أن يكون الرئيس مدركًا أن مصر كلها تعاني بدرجة، لم يسبق لها مثيل من أزمة حقيقية في هذا المثلث، الذي لا تستقيم الحياة في مجتمع ما بدونه، وأعني به (الإدارة - الرقابة - المحاسبة).
أزمة إدارة الدولة المصرية أنها تُركت لمن يتصور أنهم أهل الثقة والولاء، وأبُعد عنها بالعمد أهل الخبرة والانتماء.
أزمة إدارة الدولة أنها تدار بعقلية جامدة متحجرة بحجة الاستقرار، في حين أنها تدفع البلد كله إلي الانهيار!! فلا تغيير ولا أفكار، ولا جرأة علي اتخاذ أي قرار!!
هذا عن الإدارة، أما عن الرقابة والمحاسبة في هذه الدولة، فحدث ولا حرج.. والأمثلة لا تنتهي، ويتعايش الناس معها كأنها قدر مكتوب.. ليبرز في كل حين السؤال الأهم: هل يمكن أن تكون هناك رقابة ومحاسبة في ظل غياب شبه تام للعدالة، وفي وجود طبقة من الناس فوق الرقابة والمحاسبة، بل فوق القانون ذاته؟! هل هناك في أي مكان محترم في العالم أجهزة رقابة تنتظر التوجيهات والتعليمات، لتفصح عن هذا وتُمسك عن ذاك؟!
وحتي إذا قادت المصادفة والغفلة إلي تبوؤ رجل وطني شريف رأس أحد الأجهزة الرقابية يومًا ما، فإن تقاريره لا يستمع لها أحد، بل يسفهها من يظنون أنفسهم أصحاب هذا البلد ومن عليه!! أين هي المحاسبة، وقد تسبب شخص ما من المقربين في غرق أكثر من ألف مصري في مياه البحر،
بإهماله ولا مبالاته ثم يغادر البلد من صالة كبار الزوار، وينعم الآن بملياراته، ويعمل بحرية في العواصم الأوروبية، وتصبح المأساة التي عصفت بآلاف الأسر الفقيرة مجرد جنحة تنظرها محكمة ابتدائية في الغردقة منذ أكثر من عامين؟!
أين هي المحاسبة وفي هذه الدولة وزير أشرف علي إنشاء طريق به من العيوب الهندسية والفنية ما جعله محورًا للحوادث وللموت للمئات علي مدي سنين عديدة، وتنفق عليه الدولة الآن - من جيبها لا من جيبه - مئات الملايين لإصلاحه، ثم تهديه الدولة وسامًا رفيعًا بعد أن قضي سنوات طويلة في وزارته يرتكب ما يشاء من مخالفات ومجاملات؟!
سيدي الرئيس.. ليست المخابز وحدها التي تنتظر حسن الإدارة والرقابة والمحاسبة.. بل هي الدولة بكاملها!!
طالعتنا كل الصحف تقريبًا صباح الاثنين الماضي بأخبار اجتماعات مهمة عقدها السيد رئيس الجمهورية مع كبار وزرائه ومساعديه، لمناقشة قضايا جماهيرية مهمة تفرض نفسها هذه الأيام، لتكون علي قمة اهتمامات الشعب المصري، الذي بدأ - ولأول مرة في تاريخه الحديث - يشعر بأن شبحًا ما يشبه المجاعة قد لاحت ملامحه..
ولعل التناحر والتقاتل بين أهل الوطن الواحد، للحصول علي رغيف خبز هو أحد مظاهره، وقلة أو عدم كفاية الموجود في بيوت المصريين من طعام بفعل غلاء فاحش هما أحد تجلياته.
لفت نظري في عرض الصحف المختصر دائمًا لما يدور في اجتماعات الرئيس، وبعدما أصدر توجيهاته بأن يتولي جهاز الخدمة الوطنية ووزارة الداخلية مسؤولية توزيع الخبز علي المواطنين، أن سيادته صرح بأن المشكلة ليست في توفير الدعم لرغيف العيش، وإنما أزمة المخابز في رأيه هي مسألة «إدارة ورقابة ومحاسبة»
كما جاء علي لسان المتحدث الرسمي لرئاسة الجمهورية. لقد أصاب الرئيس كبد الحقيقة بالفعل في تصريحه هذا، وإن كنت أتمني أن يكون الرئيس مدركًا أن مصر كلها تعاني بدرجة، لم يسبق لها مثيل من أزمة حقيقية في هذا المثلث، الذي لا تستقيم الحياة في مجتمع ما بدونه، وأعني به (الإدارة - الرقابة - المحاسبة).
أزمة إدارة الدولة المصرية أنها تُركت لمن يتصور أنهم أهل الثقة والولاء، وأبُعد عنها بالعمد أهل الخبرة والانتماء.
أزمة إدارة الدولة أنها تدار بعقلية جامدة متحجرة بحجة الاستقرار، في حين أنها تدفع البلد كله إلي الانهيار!! فلا تغيير ولا أفكار، ولا جرأة علي اتخاذ أي قرار!!
هذا عن الإدارة، أما عن الرقابة والمحاسبة في هذه الدولة، فحدث ولا حرج.. والأمثلة لا تنتهي، ويتعايش الناس معها كأنها قدر مكتوب.. ليبرز في كل حين السؤال الأهم: هل يمكن أن تكون هناك رقابة ومحاسبة في ظل غياب شبه تام للعدالة، وفي وجود طبقة من الناس فوق الرقابة والمحاسبة، بل فوق القانون ذاته؟! هل هناك في أي مكان محترم في العالم أجهزة رقابة تنتظر التوجيهات والتعليمات، لتفصح عن هذا وتُمسك عن ذاك؟!
وحتي إذا قادت المصادفة والغفلة إلي تبوؤ رجل وطني شريف رأس أحد الأجهزة الرقابية يومًا ما، فإن تقاريره لا يستمع لها أحد، بل يسفهها من يظنون أنفسهم أصحاب هذا البلد ومن عليه!! أين هي المحاسبة، وقد تسبب شخص ما من المقربين في غرق أكثر من ألف مصري في مياه البحر،
بإهماله ولا مبالاته ثم يغادر البلد من صالة كبار الزوار، وينعم الآن بملياراته، ويعمل بحرية في العواصم الأوروبية، وتصبح المأساة التي عصفت بآلاف الأسر الفقيرة مجرد جنحة تنظرها محكمة ابتدائية في الغردقة منذ أكثر من عامين؟!
أين هي المحاسبة وفي هذه الدولة وزير أشرف علي إنشاء طريق به من العيوب الهندسية والفنية ما جعله محورًا للحوادث وللموت للمئات علي مدي سنين عديدة، وتنفق عليه الدولة الآن - من جيبها لا من جيبه - مئات الملايين لإصلاحه، ثم تهديه الدولة وسامًا رفيعًا بعد أن قضي سنوات طويلة في وزارته يرتكب ما يشاء من مخالفات ومجاملات؟!
سيدي الرئيس.. ليست المخابز وحدها التي تنتظر حسن الإدارة والرقابة والمحاسبة.. بل هي الدولة بكاملها!!
Monday, March 17, 2008
يا جمال قول لأبوك
بقلم د. محمود عمارة
في انتخابات مجلس الشعب ٢٠٠٥، وفي حضور جمال مبارك كان مريدو ومحبو وجماهير كمال الشاذلي يهتفون مرددين: «يا جمال قول لابوك: أهل الباجور بيحبوك».. ومن الهتاف استوحيت عنوان هذا المقال..
فكلنا يعلم أن «الرئيس» في دولنا المتخلفة «معزول» بأمر الحاشية، وحتي تقارير الأجهزة يتم حجبها أو فلترتها، أو إعادة تركيبها وصياغتها ليقدموها ملفوفة في ورق «سوليفان» بحجة أن الرئيس مهموم ومشغول ومش ناقص!!
وبما أن الحال عندنا مختلف لوجود «جمال» ابن «الرئيس» علي رأس أمانة السياسات الحاكمة، فمن المفترض أنه «يستمع» أكثر من أبيه لمختلف الآراء والنقد ووجهات النظر، و«يطّلع» علي كل البيانات والمعلومات «بعبلها» وبلا فلترة، وأنه «يتصل» بوالده ويتحدث معه يوميا.. لهذا أطالب «جمال» بأن ينقل هذه الرسالة للسيد «الوالد» وباختصار أقول:
يا سيادة الرئيس:
هل تعلم أن كل دول العالم بدءًا من بوركينا فاسو، وبنجلاديش، وموزمبيق وحتي فرنسا «هبّت» لتقف علي قدم وساق لمواجهة كارثة «حريق الأسعار» في محاولات جادة لخمدها، و«تهدئتها» قبل أن تقضي علي الأخضر واليابس، وبإجراءات استثنائية وغير تقليدية؟
أما نحن في مصر، فيحدث العكس تمامًا بقطاع الزراعة، فقد تم رفع أسعار الأسمدة ١٢٠%.. زيادة أسعار الأراضي المخصصة للزراعة مائة ضعف في سنة، و... و... و... رغم وجود عشرات الحلول التي لا تحتاج سوي «قرار» من فخامتكم، و«متابعة» من سيادتكم شخصيا، بعد أن عودتم غالبية المسؤولين ألا يفعلوا شيئًا قبل أن تتدخل شخصيا في كل صغيرة وكبيرة!!
باختصار: ها هي بعض الاقتراحات (مع احتفاظي بالتفاصيل لمن يهمه الأمر)
١- نحن نستورد ٥١ ألف طن دخان من الهند والصين.. ومصر كانت تزرع «الدخان» أيام محمد علي.. فلماذا لا يقوم جهاز الخدمة الوطنية بزراعة ٢٥٠ ألف فدان تبغًا مباعة مسبقًا للشركة الشرقية للدخان، وبما أن الفدان يربح ٧٥ ألف جنيه بالإضافة لتوفير ٨ مليارات جنيه من وقف الاستيراد يستطيع نفس الجهاز أن يزرع مليون فدان قمحاً وبنفس الأموال بعيدًا عن ميزانية الدولة؟.
(كل المشكلة أن البعض سيثيرون أنه «حرام»، والرد ببساطة: وهل حلال أن نستورده؟ ولماذا لا نمنع، ونوفر فلوسنا لشراء الدقيق؟).
٢- حصة مصر ٥٥ مليار متر مكعب مياهًا تُحتسب بعد مرورها من السد العالي.. أي أننا يمكننا استخدام أي كمية مياه قبل السد، ومن البحيرة مباشرة ولن تحتسب من حصتنا، لنزرع نصف مليون فدان علي شواطئ البحيرة الممتدة ٣٥٠ كم، (أهل النوبة وأسوان الآن يفترشون الأرض وعلي «الدكك» انتظاراً لوظيفة «بواب» بالقاهرة).. فلماذا لا نبدأ فورًا ومئات بل آلاف المستثمرين مستعدون، ولكن؟!
٣- مخزون بحيرة ناصر ١٦٠ مليار متر مكعب مياهًا تنتج حاليا ١٥ ألف طن أسماكاً.. فماذا لو «رمينا» زريعة واحدة * كل متر، وبعد ٦ أشهر نحصد ١٦٠ مليار سمكة بوزن ٢٥٠ جرامًا = ٤٠ مليون طن تكفي أفريقيا وآسيا وأوروبا.. (نحن نستورد ١٧٠ ألف طن «نفايات» سمك من روسيا وغيرها.. كيف؟
٤- لماذا لا نعطي «مجانًا» وبلا مشاكل أو تعقيدات أي مساحات صحراوية لكل من يرغب في زراعة «زيتون» علي المياه الجوفية «المالحة» حتي ٥ آلاف جزء * المليون لنزرع مليوني فدان لإنتاج وتصنيع وتصدير «زيت الزيتون» بعد أن تضاعفت أسعاره عالميا خمس مرات، لنستبدله بزيوت أخري أرخص؟
ونحن نستورد ٩٠% من استهلاكها؟ (تونس تصدر ٥٠ ألف طن زيت زيتون، وأول شجرة زيتون في العالم بدير سانت كاترين بسيناء، وإنتاج مصر لا يذكر ، فهل هذا مقبول ؟ ولماذا لا نفعل؟
٥- مشروع ترعة «الحمَّام» بالساحل الشمالي «متوقف» رغم وجود البنية الأساسية.. مشروع «ترعة الشيخ زايد» بسيناء «عطلان».. مشروع توشكي «خربان».. مشروع شباب الخريجين علي مستوي الجمهورية «فضيحة» بكل المقاييس.. والأسباب كلها «عبيطة»، و«خايبة»، و«هايفة» ولن يصدق الرئيس إذا «نزل» بنفسه واستمع للناس وللمستثمرين، وسيكتشف أن هناك من يجب «إعدامهم»!
يا جمال من فضلك قل للرئيس «وفكَّره» بمقولته: «من لا يملك غذاءه، لا يملك حرية قراره».. وأرجو أن تتذكروا جميعًا أن المصريين في عهد أحد الفراعنة أكلوا القطط والكلاب الميتة بالشوارع بعد أن كانوا مخزن غلال الرومان في عصر سابقة من الفراعنة الذين كانت لديهم إرادة عارمة في التقدم والنجاح!
... عمومًا الفرصة مازالت سانحة، ولكن الوقت يمضي، و«المجاعة» علي الأبواب، والتاريخ لن يرحم.. أتمني أن يفيق الجميع قبل فوات الأوان.. صدقوني: مصر في خطر، والحل في أيدينا.
في انتخابات مجلس الشعب ٢٠٠٥، وفي حضور جمال مبارك كان مريدو ومحبو وجماهير كمال الشاذلي يهتفون مرددين: «يا جمال قول لابوك: أهل الباجور بيحبوك».. ومن الهتاف استوحيت عنوان هذا المقال..
فكلنا يعلم أن «الرئيس» في دولنا المتخلفة «معزول» بأمر الحاشية، وحتي تقارير الأجهزة يتم حجبها أو فلترتها، أو إعادة تركيبها وصياغتها ليقدموها ملفوفة في ورق «سوليفان» بحجة أن الرئيس مهموم ومشغول ومش ناقص!!
وبما أن الحال عندنا مختلف لوجود «جمال» ابن «الرئيس» علي رأس أمانة السياسات الحاكمة، فمن المفترض أنه «يستمع» أكثر من أبيه لمختلف الآراء والنقد ووجهات النظر، و«يطّلع» علي كل البيانات والمعلومات «بعبلها» وبلا فلترة، وأنه «يتصل» بوالده ويتحدث معه يوميا.. لهذا أطالب «جمال» بأن ينقل هذه الرسالة للسيد «الوالد» وباختصار أقول:
يا سيادة الرئيس:
هل تعلم أن كل دول العالم بدءًا من بوركينا فاسو، وبنجلاديش، وموزمبيق وحتي فرنسا «هبّت» لتقف علي قدم وساق لمواجهة كارثة «حريق الأسعار» في محاولات جادة لخمدها، و«تهدئتها» قبل أن تقضي علي الأخضر واليابس، وبإجراءات استثنائية وغير تقليدية؟
أما نحن في مصر، فيحدث العكس تمامًا بقطاع الزراعة، فقد تم رفع أسعار الأسمدة ١٢٠%.. زيادة أسعار الأراضي المخصصة للزراعة مائة ضعف في سنة، و... و... و... رغم وجود عشرات الحلول التي لا تحتاج سوي «قرار» من فخامتكم، و«متابعة» من سيادتكم شخصيا، بعد أن عودتم غالبية المسؤولين ألا يفعلوا شيئًا قبل أن تتدخل شخصيا في كل صغيرة وكبيرة!!
باختصار: ها هي بعض الاقتراحات (مع احتفاظي بالتفاصيل لمن يهمه الأمر)
١- نحن نستورد ٥١ ألف طن دخان من الهند والصين.. ومصر كانت تزرع «الدخان» أيام محمد علي.. فلماذا لا يقوم جهاز الخدمة الوطنية بزراعة ٢٥٠ ألف فدان تبغًا مباعة مسبقًا للشركة الشرقية للدخان، وبما أن الفدان يربح ٧٥ ألف جنيه بالإضافة لتوفير ٨ مليارات جنيه من وقف الاستيراد يستطيع نفس الجهاز أن يزرع مليون فدان قمحاً وبنفس الأموال بعيدًا عن ميزانية الدولة؟.
(كل المشكلة أن البعض سيثيرون أنه «حرام»، والرد ببساطة: وهل حلال أن نستورده؟ ولماذا لا نمنع، ونوفر فلوسنا لشراء الدقيق؟).
٢- حصة مصر ٥٥ مليار متر مكعب مياهًا تُحتسب بعد مرورها من السد العالي.. أي أننا يمكننا استخدام أي كمية مياه قبل السد، ومن البحيرة مباشرة ولن تحتسب من حصتنا، لنزرع نصف مليون فدان علي شواطئ البحيرة الممتدة ٣٥٠ كم، (أهل النوبة وأسوان الآن يفترشون الأرض وعلي «الدكك» انتظاراً لوظيفة «بواب» بالقاهرة).. فلماذا لا نبدأ فورًا ومئات بل آلاف المستثمرين مستعدون، ولكن؟!
٣- مخزون بحيرة ناصر ١٦٠ مليار متر مكعب مياهًا تنتج حاليا ١٥ ألف طن أسماكاً.. فماذا لو «رمينا» زريعة واحدة * كل متر، وبعد ٦ أشهر نحصد ١٦٠ مليار سمكة بوزن ٢٥٠ جرامًا = ٤٠ مليون طن تكفي أفريقيا وآسيا وأوروبا.. (نحن نستورد ١٧٠ ألف طن «نفايات» سمك من روسيا وغيرها.. كيف؟
٤- لماذا لا نعطي «مجانًا» وبلا مشاكل أو تعقيدات أي مساحات صحراوية لكل من يرغب في زراعة «زيتون» علي المياه الجوفية «المالحة» حتي ٥ آلاف جزء * المليون لنزرع مليوني فدان لإنتاج وتصنيع وتصدير «زيت الزيتون» بعد أن تضاعفت أسعاره عالميا خمس مرات، لنستبدله بزيوت أخري أرخص؟
ونحن نستورد ٩٠% من استهلاكها؟ (تونس تصدر ٥٠ ألف طن زيت زيتون، وأول شجرة زيتون في العالم بدير سانت كاترين بسيناء، وإنتاج مصر لا يذكر ، فهل هذا مقبول ؟ ولماذا لا نفعل؟
٥- مشروع ترعة «الحمَّام» بالساحل الشمالي «متوقف» رغم وجود البنية الأساسية.. مشروع «ترعة الشيخ زايد» بسيناء «عطلان».. مشروع توشكي «خربان».. مشروع شباب الخريجين علي مستوي الجمهورية «فضيحة» بكل المقاييس.. والأسباب كلها «عبيطة»، و«خايبة»، و«هايفة» ولن يصدق الرئيس إذا «نزل» بنفسه واستمع للناس وللمستثمرين، وسيكتشف أن هناك من يجب «إعدامهم»!
يا جمال من فضلك قل للرئيس «وفكَّره» بمقولته: «من لا يملك غذاءه، لا يملك حرية قراره».. وأرجو أن تتذكروا جميعًا أن المصريين في عهد أحد الفراعنة أكلوا القطط والكلاب الميتة بالشوارع بعد أن كانوا مخزن غلال الرومان في عصر سابقة من الفراعنة الذين كانت لديهم إرادة عارمة في التقدم والنجاح!
... عمومًا الفرصة مازالت سانحة، ولكن الوقت يمضي، و«المجاعة» علي الأبواب، والتاريخ لن يرحم.. أتمني أن يفيق الجميع قبل فوات الأوان.. صدقوني: مصر في خطر، والحل في أيدينا.
Sunday, March 9, 2008
نعم للتغيير من أجل التغيير
بقلم د.طارق الغزالى حرب
هناك عبارات كثيرة في حياتنا السياسية، لا تمل الصحف أو النشرات «القومية» من تكرارها والتعامل معها كأنها تابوهات مقدسة، أو مقولات خالدة لا يجوز مناقشتها، خاصة إذا كانت قد قيلت علي لسان رئيس الجمهورية.. وما أدراك ما رئيس الجمهورية في مصر الفرعونية العربية!! من هذه المقولات التي ظلت لسنوات طويلة تؤرقني، القول بأننا لا نجري تغييراً من أجل التغيير.. إلي أن قررت أن أناقش هذه المقولة مع أنباء ذهاب بوتين من علي رأس الدولة في روسيا، ومجيء وجه جديد هو ديمتري ديفيديف.
ولمن لا يعلم فإن روسيا شهدت في عصر بوتين نهضة هائلة في جميع المجالات، وتغيراً حقيقياً وملموساً في مستوي معيشة الشعب الروسي كله ازداد معها شعوره بالعزة والفخر ببلده، وليس تغييراً في مؤشرات وبيانات وتطبيقات من جهات دولية كما هي الحال في نظامنا المزمن، ولا يشعر بها أحد علي أرض الواقع..
وإن شعر بشيء فإنه يشعر بأن الأمور تسير من سيئ إلي أسوأ، ومأساة رغيف العيش ومظاهرات واحتجاجات كل فئات الشعب تقريباً، للمطالبة بتحسين أجورهم خير دليل علي ما أقول. المهم أنني أعتقد أن المثل الروسي الذي أعطيته بغروب شمس بوتين، بزوغ فجر ديفيديف يمكن اعتباره تغييراً من أجل التغيير.. وذلك طبعاً بعد أن أحسن بوتين اختيار قيادات أخري جري تدريبهم وإعدادهم لإكمال المهمة.. وحسناً فعل الشعب الروسي بعدم سماعه نصائح من هنا وهناك، صادرة في الغالب الأعم من أنظمة شمولية استبدادية بترشيح نفسه لفترة جديدة، وأصر علي التغيير.
إن التغيير من أجل التغيير في اعتقادي الشخصي هو شيء مطلوب وبشدة في ظروفنا الحالية، التي تشهد تدهوراً عاماً في شتي المجالات، وحالة من التسيب والفوضي لم تشهدها مصر في تاريخها كله، لا أعتقد أن لها سبباً أهم ولا أخطر من بقاء المسؤولين كباراً وصغاراً في مناصبهم وامتيازاتهم لمدد مفتوحة، في جميع مؤسسات الدولة دون التقيد بلائحة أو قانون أو عُرف،
اللهم إلا قانون الولاء والرضا السامي. انتقلت عدوي هذا البلاء الذي ابتليت به مصر في العقود الأخيرة من المناصب القيادية العليا في الدولة إلي المناصب القيادية علي جميع المستويات، وأصبح التغيير لا يتم إلا بواحدة من طرق ثلاثة لا رابع لها: الأول: يختص به ملك الموت وحده وهذا التوقيت لا يعلمه إلا الله.. والثاني: حدوث تغيير في القيادة الأعلي، وبالتالي الخروج من كنف الحماية التي يوفرها، خاصة في حالة عدم النجاح في كسب ود وثقة القيادة الجديدة..
والثالث: الوصول إلي سن التقاعد، وهذا فقط لمن هو محروم من الرضا السامي الذي يمنح التمديد والتجديد إلي ما لا نهاية!! إن مجتمعاً تقوده قيادات لا تتغير إلا بأحد هذه الطرق، لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام من المجتمعات المتقدمة المتحضرة.. والأمثلة كثيرة في عالمنا الذي نعيش فيه.. ولربما كان هذا هو السبب الأكبر لأن تصبح هذه البقعة المتوسطة من العالم، المسماة بالعالم العربي، هي أكثر البقاع ظلاماً علي الكرة الأرضية حالياً.
متي سنقتنع بأن أولي خطوات النجاح والتقدم أن يعرف كل صاحب منصب أنه سيجلس علي كرسيه عدداً محدداً ومحدوداً من السنين، وأن عليه إعداد كوادر محترمة يمكن أن تكمل ما بدأه، وأنه سيكون محل الحساب والمساءلة عند تغييره!! أعرف واحداً كان مديراً لأحد المستشفيات الكبري بالقاهرة، وكان له ظهر قوي من أحد الكبراء في الدولة وقتها،
قام بطبع الآلاف من المطبوعات للمستشفي مذيلة باسمه كمدير عام للمستشفي كأنما سيبقي للأبد.. ذهب وجاء بعده ثلاثة مديرين ولايزال اسمه علي المطبوعات حتي وقتنا هذا؟! إنه التفكير المريض الذي غرسه النظام في عقول شعب هو بطبيعته يحب السلطة والتسلط!! هل من عقلاء في هذه الدولة يولون هذه القضية الاهتمام المستحق؟ بصراحة لا أعتقد!!
هناك عبارات كثيرة في حياتنا السياسية، لا تمل الصحف أو النشرات «القومية» من تكرارها والتعامل معها كأنها تابوهات مقدسة، أو مقولات خالدة لا يجوز مناقشتها، خاصة إذا كانت قد قيلت علي لسان رئيس الجمهورية.. وما أدراك ما رئيس الجمهورية في مصر الفرعونية العربية!! من هذه المقولات التي ظلت لسنوات طويلة تؤرقني، القول بأننا لا نجري تغييراً من أجل التغيير.. إلي أن قررت أن أناقش هذه المقولة مع أنباء ذهاب بوتين من علي رأس الدولة في روسيا، ومجيء وجه جديد هو ديمتري ديفيديف.
ولمن لا يعلم فإن روسيا شهدت في عصر بوتين نهضة هائلة في جميع المجالات، وتغيراً حقيقياً وملموساً في مستوي معيشة الشعب الروسي كله ازداد معها شعوره بالعزة والفخر ببلده، وليس تغييراً في مؤشرات وبيانات وتطبيقات من جهات دولية كما هي الحال في نظامنا المزمن، ولا يشعر بها أحد علي أرض الواقع..
وإن شعر بشيء فإنه يشعر بأن الأمور تسير من سيئ إلي أسوأ، ومأساة رغيف العيش ومظاهرات واحتجاجات كل فئات الشعب تقريباً، للمطالبة بتحسين أجورهم خير دليل علي ما أقول. المهم أنني أعتقد أن المثل الروسي الذي أعطيته بغروب شمس بوتين، بزوغ فجر ديفيديف يمكن اعتباره تغييراً من أجل التغيير.. وذلك طبعاً بعد أن أحسن بوتين اختيار قيادات أخري جري تدريبهم وإعدادهم لإكمال المهمة.. وحسناً فعل الشعب الروسي بعدم سماعه نصائح من هنا وهناك، صادرة في الغالب الأعم من أنظمة شمولية استبدادية بترشيح نفسه لفترة جديدة، وأصر علي التغيير.
إن التغيير من أجل التغيير في اعتقادي الشخصي هو شيء مطلوب وبشدة في ظروفنا الحالية، التي تشهد تدهوراً عاماً في شتي المجالات، وحالة من التسيب والفوضي لم تشهدها مصر في تاريخها كله، لا أعتقد أن لها سبباً أهم ولا أخطر من بقاء المسؤولين كباراً وصغاراً في مناصبهم وامتيازاتهم لمدد مفتوحة، في جميع مؤسسات الدولة دون التقيد بلائحة أو قانون أو عُرف،
اللهم إلا قانون الولاء والرضا السامي. انتقلت عدوي هذا البلاء الذي ابتليت به مصر في العقود الأخيرة من المناصب القيادية العليا في الدولة إلي المناصب القيادية علي جميع المستويات، وأصبح التغيير لا يتم إلا بواحدة من طرق ثلاثة لا رابع لها: الأول: يختص به ملك الموت وحده وهذا التوقيت لا يعلمه إلا الله.. والثاني: حدوث تغيير في القيادة الأعلي، وبالتالي الخروج من كنف الحماية التي يوفرها، خاصة في حالة عدم النجاح في كسب ود وثقة القيادة الجديدة..
والثالث: الوصول إلي سن التقاعد، وهذا فقط لمن هو محروم من الرضا السامي الذي يمنح التمديد والتجديد إلي ما لا نهاية!! إن مجتمعاً تقوده قيادات لا تتغير إلا بأحد هذه الطرق، لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام من المجتمعات المتقدمة المتحضرة.. والأمثلة كثيرة في عالمنا الذي نعيش فيه.. ولربما كان هذا هو السبب الأكبر لأن تصبح هذه البقعة المتوسطة من العالم، المسماة بالعالم العربي، هي أكثر البقاع ظلاماً علي الكرة الأرضية حالياً.
متي سنقتنع بأن أولي خطوات النجاح والتقدم أن يعرف كل صاحب منصب أنه سيجلس علي كرسيه عدداً محدداً ومحدوداً من السنين، وأن عليه إعداد كوادر محترمة يمكن أن تكمل ما بدأه، وأنه سيكون محل الحساب والمساءلة عند تغييره!! أعرف واحداً كان مديراً لأحد المستشفيات الكبري بالقاهرة، وكان له ظهر قوي من أحد الكبراء في الدولة وقتها،
قام بطبع الآلاف من المطبوعات للمستشفي مذيلة باسمه كمدير عام للمستشفي كأنما سيبقي للأبد.. ذهب وجاء بعده ثلاثة مديرين ولايزال اسمه علي المطبوعات حتي وقتنا هذا؟! إنه التفكير المريض الذي غرسه النظام في عقول شعب هو بطبيعته يحب السلطة والتسلط!! هل من عقلاء في هذه الدولة يولون هذه القضية الاهتمام المستحق؟ بصراحة لا أعتقد!!
Sunday, March 2, 2008
طوابير رغيف الخبز ... فضيحة نظام عاجز
بقلم د. طارق الغزالي حرب
لم يكن أحد يتصور منذ حوالي عشر سنوات ونحن علي أعتاب الألفية الثالثة، وكانت الكتابات والأحاديث لا تنقطع عما ستكون عليه بلادنا في القرن الحادي والعشرين، وأحلامنا وأمانينا وتطلعاتنا وآمالنا الكبار، لم يكن أحد يتصور أنه بعد مرور سنوات سبع علي بداية الألفية الثالثة أن يكون محور حديث الناس، أو بالأحري الغالبية العظمي منهم هو «رغيف العيش»!!
دون مقدمات ومع زيادة حديث الحكومة الذكية عن المؤشرات المبشرة والبيانات المبهرة، فجأة وجد الناس أنفسهم يتدافعون، ويقفون بالساعات في طوابير طويلة بحثاً عن رغيف خبز بثمن يستطيعون دفعه!! وظهرت علي شاشات الفضائيات مناظر مؤسفة ومؤذية لشعب يترك عمله وحاله ساعات طوال من أجل أن يظفر بعدد قليل من أرغفة العيش، يملأون بها بطونهم الخاوية!! لم تنتفض القيادة السياسية غضباً، ولم تعلن حالة الطوارئ بين صفوف وزرائها وكبرائها، لمواجهة هذه الفضيحة الشنعاء،
والتي لم نرها في أي بلد قريب أو بعيد، وقبلت القيادة التبريرات الساذجة الخبيثة التي قدمتها الحكومة وأرجعت السبب كله إلي ظروف خارجة عن إرادتها.. فأسعار القمح العالمية ارتفعت.. والمحصول المحلي قليل.. والموارد التي تسخر لدعم السلع الأساسية للمواطنين محدودة.. كذلك أرجعت حكومتنا السنية - كالعادة - جزءاً كبيراً من المشكلة إلي سوء تصرف الناس سواء منهم أصحاب الأفران أو الموزعون أو المستهلكون..
أما هم فأبرياء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب، بل إنهم يقدحون رؤوسهم وعقولهم بحثاً عن مخارج للأزمة بعد أن حدثت، فيطرحون أفكاراً وشعارات هلامية ما أنزل الله بها من سلطان، فتارة يضعون شروطاً وقواعد غير قابلة للتنفيذ علي المطاحن والأفران،
وتارة يتحدثون عن فصل الإنتاج عن التوزيع، وتارة أخري يتحدثون عن توصيل العيش إلي المنازل، وتارة يفكرون في وضعه علي بطاقة التموين!! المشكلة يا سادة أن البهوات الذين يحكموننا ويتحكمون في مقدراتنا لا يرون إلا ما هو تحت أقدامهم، وجل عملهم هو البحث عن حلول مؤقتة لواقع مأزوم!! لم يحاولوا في يوم من الأيام أن يسألوا ويسائلوا، ويحاسبوا ويواجهوا بصراحة وشفافية.
إن من حق الشعب المصري الآن أن يعرف الأسباب الحقيقية للعار الذي وصلنا إليه.. ومن هو المسؤول عنه.. نعرف أن أسعار القمح العالمية قد ارتفعت، ولكني أعتقد أن الحكومات - حتي الغبية منها - يجب أن يكون لديها الحد الأدني من استشراف المستقبل وتوقع الأزمات، وأن تكون لديها الخبرة السياسية الكافية لتقدر خطورة أمور لا ينفع عند وقوعها إبداء المبررات والأعذار.
لقد قرأت مؤخراً أن الحكومة كانت قد أصدرت قراراً غبياً منذ عامين بعدم شراء القمح من المزارعين المصريين اعتماداً علي نظرة قاصرة ومحدودة للأمور، واستجابة لبعض أصحاب المصالح الذين ادعوا أن استيراد القمح أرخص وأوفر..
وبالتالي فإن كثيراً من المزارعين المصريين توقفوا عن زراعة القمح وانخفض الإنتاج المحلي إلي ما يقرب من النصف في العام الماضي، وحينما ارتفعت الأسعار العالمية للحبوب، وقعت الواقعة، وانكشف المستور، وأصبح لزاماً علي حكومتنا الذكية أن تدبر المليارات من أجل استيراد القمح، وبالتأكيد فإن لهذه القدرة حدوداً بما يمكن أن توفره من ميزانية الدولة المرهقة!
والآن نسمع التصريحات عن نية الحكومة شراء القمح من المزارعين المصريين بأسعار عالية ومجزية!! بالله عليكم، أليس من حق الشعب المصري أن يعرف من صاحب قرار التوقف عن شراء القمح المحلي، مما أدي إلي انحسار زراعته وانخفاض الناتج المحلي منه؟! ولصالح من صدر هذا القرار إن كان قد صدر؟!
من حق الشعب المصري أن يعرف لماذا تجاهلت الحكومة موضوع زراعة القمح عقوداً طويلة، واستمر هذا التجاهل وعدم الاهتمام حتي الآن.. ففي جريدة «المصري اليوم» يوم الاثنين ٢٥/٢ خبر عن مؤتمر تحت عنوان «استراتيجية إنتاج القمح المصري» نظمته الجمعية المصرية للطحن، غاب عنه كل الوزراء المعنيين بالموضوع، وكذلك بعض المحافظين الذين دعوا لحضوره!! ما معني هذا كله؟
هل السبب في عدم حضورهم هو خوفهم من مواجهة الخبراء والعالمين ببواطن الأمور الذين سينتقدون تجاهل الحكومة سنوات وسنوات للمطالب الوطنية والمخلصة باتباع سياسات تشجع المزارعين علي زراعة القمح والتوسع في زراعته؟ أليس تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح هدفاً قومياً يمكن أن نجمع حوله الشعب؟ أم يا تري هؤلاء الناس لم تعد الدماء تجري في عروقهم، حتي حمرة الخجل لا نراها علي وجوههم؟! لك الله يا شعب مصر الصابر!!
لم يكن أحد يتصور منذ حوالي عشر سنوات ونحن علي أعتاب الألفية الثالثة، وكانت الكتابات والأحاديث لا تنقطع عما ستكون عليه بلادنا في القرن الحادي والعشرين، وأحلامنا وأمانينا وتطلعاتنا وآمالنا الكبار، لم يكن أحد يتصور أنه بعد مرور سنوات سبع علي بداية الألفية الثالثة أن يكون محور حديث الناس، أو بالأحري الغالبية العظمي منهم هو «رغيف العيش»!!
دون مقدمات ومع زيادة حديث الحكومة الذكية عن المؤشرات المبشرة والبيانات المبهرة، فجأة وجد الناس أنفسهم يتدافعون، ويقفون بالساعات في طوابير طويلة بحثاً عن رغيف خبز بثمن يستطيعون دفعه!! وظهرت علي شاشات الفضائيات مناظر مؤسفة ومؤذية لشعب يترك عمله وحاله ساعات طوال من أجل أن يظفر بعدد قليل من أرغفة العيش، يملأون بها بطونهم الخاوية!! لم تنتفض القيادة السياسية غضباً، ولم تعلن حالة الطوارئ بين صفوف وزرائها وكبرائها، لمواجهة هذه الفضيحة الشنعاء،
والتي لم نرها في أي بلد قريب أو بعيد، وقبلت القيادة التبريرات الساذجة الخبيثة التي قدمتها الحكومة وأرجعت السبب كله إلي ظروف خارجة عن إرادتها.. فأسعار القمح العالمية ارتفعت.. والمحصول المحلي قليل.. والموارد التي تسخر لدعم السلع الأساسية للمواطنين محدودة.. كذلك أرجعت حكومتنا السنية - كالعادة - جزءاً كبيراً من المشكلة إلي سوء تصرف الناس سواء منهم أصحاب الأفران أو الموزعون أو المستهلكون..
أما هم فأبرياء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب، بل إنهم يقدحون رؤوسهم وعقولهم بحثاً عن مخارج للأزمة بعد أن حدثت، فيطرحون أفكاراً وشعارات هلامية ما أنزل الله بها من سلطان، فتارة يضعون شروطاً وقواعد غير قابلة للتنفيذ علي المطاحن والأفران،
وتارة يتحدثون عن فصل الإنتاج عن التوزيع، وتارة أخري يتحدثون عن توصيل العيش إلي المنازل، وتارة يفكرون في وضعه علي بطاقة التموين!! المشكلة يا سادة أن البهوات الذين يحكموننا ويتحكمون في مقدراتنا لا يرون إلا ما هو تحت أقدامهم، وجل عملهم هو البحث عن حلول مؤقتة لواقع مأزوم!! لم يحاولوا في يوم من الأيام أن يسألوا ويسائلوا، ويحاسبوا ويواجهوا بصراحة وشفافية.
إن من حق الشعب المصري الآن أن يعرف الأسباب الحقيقية للعار الذي وصلنا إليه.. ومن هو المسؤول عنه.. نعرف أن أسعار القمح العالمية قد ارتفعت، ولكني أعتقد أن الحكومات - حتي الغبية منها - يجب أن يكون لديها الحد الأدني من استشراف المستقبل وتوقع الأزمات، وأن تكون لديها الخبرة السياسية الكافية لتقدر خطورة أمور لا ينفع عند وقوعها إبداء المبررات والأعذار.
لقد قرأت مؤخراً أن الحكومة كانت قد أصدرت قراراً غبياً منذ عامين بعدم شراء القمح من المزارعين المصريين اعتماداً علي نظرة قاصرة ومحدودة للأمور، واستجابة لبعض أصحاب المصالح الذين ادعوا أن استيراد القمح أرخص وأوفر..
وبالتالي فإن كثيراً من المزارعين المصريين توقفوا عن زراعة القمح وانخفض الإنتاج المحلي إلي ما يقرب من النصف في العام الماضي، وحينما ارتفعت الأسعار العالمية للحبوب، وقعت الواقعة، وانكشف المستور، وأصبح لزاماً علي حكومتنا الذكية أن تدبر المليارات من أجل استيراد القمح، وبالتأكيد فإن لهذه القدرة حدوداً بما يمكن أن توفره من ميزانية الدولة المرهقة!
والآن نسمع التصريحات عن نية الحكومة شراء القمح من المزارعين المصريين بأسعار عالية ومجزية!! بالله عليكم، أليس من حق الشعب المصري أن يعرف من صاحب قرار التوقف عن شراء القمح المحلي، مما أدي إلي انحسار زراعته وانخفاض الناتج المحلي منه؟! ولصالح من صدر هذا القرار إن كان قد صدر؟!
من حق الشعب المصري أن يعرف لماذا تجاهلت الحكومة موضوع زراعة القمح عقوداً طويلة، واستمر هذا التجاهل وعدم الاهتمام حتي الآن.. ففي جريدة «المصري اليوم» يوم الاثنين ٢٥/٢ خبر عن مؤتمر تحت عنوان «استراتيجية إنتاج القمح المصري» نظمته الجمعية المصرية للطحن، غاب عنه كل الوزراء المعنيين بالموضوع، وكذلك بعض المحافظين الذين دعوا لحضوره!! ما معني هذا كله؟
هل السبب في عدم حضورهم هو خوفهم من مواجهة الخبراء والعالمين ببواطن الأمور الذين سينتقدون تجاهل الحكومة سنوات وسنوات للمطالب الوطنية والمخلصة باتباع سياسات تشجع المزارعين علي زراعة القمح والتوسع في زراعته؟ أليس تحقيق الاكتفاء الذاتي من محصول القمح هدفاً قومياً يمكن أن نجمع حوله الشعب؟ أم يا تري هؤلاء الناس لم تعد الدماء تجري في عروقهم، حتي حمرة الخجل لا نراها علي وجوههم؟! لك الله يا شعب مصر الصابر!!
Subscribe to:
Posts (Atom)