بقلم خالد صلاح
اليمن أطلق مبادرة جديدة للمصالحة بين فتح وحماس ثم اختلفت فتح وحماس بعد ساعات من اتفاق صنعاء كأن شيئا لم يكن، سافرت الوفود إلي العاصمة اليمنية وكلفوا موازنة هذا البلد محدود الإمكانات ثمن تذاكر الطيران وغرف الفنادق والأطعمة ومواكب السيارات المرسيدس ووقت المسؤولين السياسيين، وبعدها لا شيء.
قادة اليمن نسوا شيئا مهما أن المملكة العربية السعودية كانت أطلقت بدورها من قبل مبادرة للمصالحة بين فتح وحماس وسافرت الوفود وانشغلت الفنادق وجابت السيارات المرسيدس السوداء شوارع مكة المكرمة، ثم انعقد الاتفاق في المدينة المقدسة، ثم اختلف الأشقاء بالدم والرصاص بعد ساعات من المبادرة.
السعوديون أيضا كانوا قد نسوا شيئا مهما أن القاهرة أيضا أطلقت من قبل سلسلة من مبادرات المصالحة بين الفرقاء الفلسطينيين ورعت مبادرات عديدة للحوار تحت رعاية الأجهزة السيادية رفيعة المستوي في مصر، واتفق الطرفان الأكبر فتح وحماس علي قبول المبادرات، ثم اختلفا بالغدر والنار مجددا.
المبادرة في العالم العربي كلمة سيئة السمعة ليس في فلسطين وحدها، بل قد تتذكر أنت مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة اللبنانية، بادر العرب إلي المصالحة وصاغ الأمين العام للجامعة المبادرة ووافق عليها اللبنانيون والسوريون، أعتذر (أقصد السوريين واللبنانيين هكذا تفضل دمشق الصياغات العروبية)،
ثم انتهت المبادرة وكأن شيئا لم يكن، ثم حاولت السعودية بمبادرات منفردة في لبنان، ثم حاولت مصر بمبادرات خاصة وسرية، ثم حاول الأمين العام بمبادرات فردية سرا وعلنا، ثم لا مبادرة من تلك التي أطلقوها فرادي أو جماعات أسفرت عن شيء.
من قبل ذلك كانت المبادرة العربية لحل الأزمة العراقية خلال عهد الراحل صدام حسين مبادرات مصرية وإماراتية ومغاربية، ثم سفر وفنادق واتصالات وسيارات دبلوماسية تجوب الشوارع في بغداد، ثم في النهاية النتيجة نفسها للمبادرات لا شيء، وكأنه لا مبادرة ولا مبادرون.
ولن تحصي شيئا في الدبلوماسية العربية أكثر من المبادرات، أضف إلي قائمتك أيضا مبادرات بعض البلدان العربية لحل الأزمة المغربية الجزائرية حول قضية الصحراء،
والمبادرات العربية لحل أزمة رفع الحصار عن الجماهيرية الليبية خلال أزمة لوكيربي والمبادرات العربية للحفاظ علي استقرار ووحدة السودان بعد توقيع الاتفاقات مع الجنوب، والمبادرة العربية تجاه دارفور، ثم المبادرة العربية للسلام من قمة بيروت، ثم المبادرات الفردية السابقة واللاحقة، ثم لا شيء مرة أخري وإلي الأبد.
تاريخ العرب ليس سوي سلسلة من المبادرات الفاشلة، فعل المبادرة صار غاية في حد ذاته يستيقظ بعض زعماء هذه الأمة صباحا بلا عمل وبلا خطط وبلا أفكار جديدة لشعوبهم البائسة وبلا إرادة حقيقية للحركة، فلا يجدون عملا أعظم وأهم من طرح مبادرة جديدة.
ثم ينامون رضي الله عنهم.
Wednesday, March 26, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment