بقلم د.طارق الغزالى حرب
هناك عبارات كثيرة في حياتنا السياسية، لا تمل الصحف أو النشرات «القومية» من تكرارها والتعامل معها كأنها تابوهات مقدسة، أو مقولات خالدة لا يجوز مناقشتها، خاصة إذا كانت قد قيلت علي لسان رئيس الجمهورية.. وما أدراك ما رئيس الجمهورية في مصر الفرعونية العربية!! من هذه المقولات التي ظلت لسنوات طويلة تؤرقني، القول بأننا لا نجري تغييراً من أجل التغيير.. إلي أن قررت أن أناقش هذه المقولة مع أنباء ذهاب بوتين من علي رأس الدولة في روسيا، ومجيء وجه جديد هو ديمتري ديفيديف.
ولمن لا يعلم فإن روسيا شهدت في عصر بوتين نهضة هائلة في جميع المجالات، وتغيراً حقيقياً وملموساً في مستوي معيشة الشعب الروسي كله ازداد معها شعوره بالعزة والفخر ببلده، وليس تغييراً في مؤشرات وبيانات وتطبيقات من جهات دولية كما هي الحال في نظامنا المزمن، ولا يشعر بها أحد علي أرض الواقع..
وإن شعر بشيء فإنه يشعر بأن الأمور تسير من سيئ إلي أسوأ، ومأساة رغيف العيش ومظاهرات واحتجاجات كل فئات الشعب تقريباً، للمطالبة بتحسين أجورهم خير دليل علي ما أقول. المهم أنني أعتقد أن المثل الروسي الذي أعطيته بغروب شمس بوتين، بزوغ فجر ديفيديف يمكن اعتباره تغييراً من أجل التغيير.. وذلك طبعاً بعد أن أحسن بوتين اختيار قيادات أخري جري تدريبهم وإعدادهم لإكمال المهمة.. وحسناً فعل الشعب الروسي بعدم سماعه نصائح من هنا وهناك، صادرة في الغالب الأعم من أنظمة شمولية استبدادية بترشيح نفسه لفترة جديدة، وأصر علي التغيير.
إن التغيير من أجل التغيير في اعتقادي الشخصي هو شيء مطلوب وبشدة في ظروفنا الحالية، التي تشهد تدهوراً عاماً في شتي المجالات، وحالة من التسيب والفوضي لم تشهدها مصر في تاريخها كله، لا أعتقد أن لها سبباً أهم ولا أخطر من بقاء المسؤولين كباراً وصغاراً في مناصبهم وامتيازاتهم لمدد مفتوحة، في جميع مؤسسات الدولة دون التقيد بلائحة أو قانون أو عُرف،
اللهم إلا قانون الولاء والرضا السامي. انتقلت عدوي هذا البلاء الذي ابتليت به مصر في العقود الأخيرة من المناصب القيادية العليا في الدولة إلي المناصب القيادية علي جميع المستويات، وأصبح التغيير لا يتم إلا بواحدة من طرق ثلاثة لا رابع لها: الأول: يختص به ملك الموت وحده وهذا التوقيت لا يعلمه إلا الله.. والثاني: حدوث تغيير في القيادة الأعلي، وبالتالي الخروج من كنف الحماية التي يوفرها، خاصة في حالة عدم النجاح في كسب ود وثقة القيادة الجديدة..
والثالث: الوصول إلي سن التقاعد، وهذا فقط لمن هو محروم من الرضا السامي الذي يمنح التمديد والتجديد إلي ما لا نهاية!! إن مجتمعاً تقوده قيادات لا تتغير إلا بأحد هذه الطرق، لا يمكن أن يكون في يوم من الأيام من المجتمعات المتقدمة المتحضرة.. والأمثلة كثيرة في عالمنا الذي نعيش فيه.. ولربما كان هذا هو السبب الأكبر لأن تصبح هذه البقعة المتوسطة من العالم، المسماة بالعالم العربي، هي أكثر البقاع ظلاماً علي الكرة الأرضية حالياً.
متي سنقتنع بأن أولي خطوات النجاح والتقدم أن يعرف كل صاحب منصب أنه سيجلس علي كرسيه عدداً محدداً ومحدوداً من السنين، وأن عليه إعداد كوادر محترمة يمكن أن تكمل ما بدأه، وأنه سيكون محل الحساب والمساءلة عند تغييره!! أعرف واحداً كان مديراً لأحد المستشفيات الكبري بالقاهرة، وكان له ظهر قوي من أحد الكبراء في الدولة وقتها،
قام بطبع الآلاف من المطبوعات للمستشفي مذيلة باسمه كمدير عام للمستشفي كأنما سيبقي للأبد.. ذهب وجاء بعده ثلاثة مديرين ولايزال اسمه علي المطبوعات حتي وقتنا هذا؟! إنه التفكير المريض الذي غرسه النظام في عقول شعب هو بطبيعته يحب السلطة والتسلط!! هل من عقلاء في هذه الدولة يولون هذه القضية الاهتمام المستحق؟ بصراحة لا أعتقد!!
Sunday, March 9, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
1 comment:
See Here or Here
Post a Comment