بعد أن انتهي مؤتمر «الحزب الوطني الديمقراطي»، أعتقد أن الحزب في حاجة لعقد مؤتمر آخر «علي الضيق»، ليسأل نفسه: لماذا عقدت هذا المؤتمر، وماذا جنيت منه؟
في اليوم الأول للمؤتمر، ومع ظهور ملحقين لجريدة قومية كبري، اعتقدت أن المؤتمر لإعادة مبايعة الرئيس مبارك، أو للتأكيد علي إعادة ترشيحه لانتخابات ٢٠١١، فعنوان أحد الملاحق «اخترناك»، كما ضم الملحقان - عدا الجريدة الأصلية - ٤٠ صورة للرئيس،
ولا يمكن إغفال الإشارات الموجهة والموحية لجمال مبارك، فقد حظي هو الآخر بـ١٤ صورة، مع أنه واحد من الأمناء المساعدين، ورئيس لجنة من لجان عدة بالحزب، وعندما يتباهي حزب بنجاحه وبما حققه الطبيعي أن ينسب هذا النجاح إلي رئيس الحزب، وإلي أمينه العام، السيد صفوت الشريف،
أما اختصاص «جمال» بهذا العدد من الصور والكلمات والاهتمام فإنه يحمل معني، يحاول الحزب بكل قياداته نفيه تماماً، حتي عندما تحدث المهندس أحمد عز عن «جمال»، وصفه بأنه «مفجّر ثورة التطوير»، متجاهلاً أن من يقوم بالثورة والتفجير هو رأس الحزب، حتي لو شارك ابنه هذا التفجير.
علي الحزب أن يسأل نفسه: لماذا كنت غاضباً؟ وإذا كنت واثقاً مما أنجزت، فما سبب الهجوم علي المعارضة وتهديدها بعدم الصمت علي تجاوزاتها؟
أعتقد أن خلطاً ما حدث في كلمات قيادات الحزب، بين المعارضة، بما تمثله من أحزاب هشة وحركات ضعيفة وتنظيم خارت قواه، وبين ما تنشره الصحف - مستقلة ومعارضة - وبدا الهجوم غير منطقي، ويعكس حالة من الإحساس بالفشل، أو علي الأقل الشعور بأن ما حققه الحزب لا يصل إلي الشعب.
السيد صفوت الشريف طالب بوضع نهاية لما سماه «العبث السياسي، والمزايدة بقيم الحرية، والتجاوز باسم الديمقراطية»، ولا أعرف هل أي حزب أو قوي معارضة يستطيع أن يرسي الديمقراطية أو يتجاوزها، وهو لا يملك حكومة ولا سلطة..
إن ما يحدث في مصر من صراخ علي كل المستويات هو مجرد رد فعل لتجاوزات الحزب الوطني وحكومته، وإلا ماذا يفعل الناس في المعارضة أو غيرها، عندما تسود الفوضي الشوارع.. تغرق العبارات.. تحترق القطارات..
يتعري الفاسدون في الحزب، يموت السياح كما المواطنين علي الأرصفة؟ ماذا يفعلون عندما يرون الحكومة عاجزة عن مواجهة ارتباك في المستشفيات، بسبب غاز «النيتروز» القاتل، ويكون الحل هو وقف وإغلاق غرف العمليات في المستشفيات الخاصة، كما الحكومية.. فضيحة اغتالت سمعة الطب المصري، وتحتاج إلي سنوات لمحو هذه الصورة السيئة.
المهندس أحمد عز، أمين التنظيم، يطالب أعضاء الحزب - البالغ عددهم، حسب تصريحات الدكتور زكريا عزمي ٣ ملايين - بأن يردوا الهجوم عنه، ويهدد المعارضة: «سنهاجم ضعف الآخرين وتفككهم».. لماذا تهاجم يا باشمهندس، أليس من الأولي أن تتحاور معهم وتستفيد من إمكاناتهم، بدلاً من التحريض علي مزيد من التفكك؟
كنت أتمني علي جمال مبارك، بدلاً من الدفاع عن رجال الأعمال في الحزب - ومنهم رموز وطنية حقيقية - والتأكيد علي أنه لا تستر علي فاسد، أن ينتهزها فرصة لينهي الأسئلة المشرعة والمشروعة، فيكشف لنا خرائط الطريق الصحراوي من بعد البوابة القديمة حتي البوابة الجديدة،
ليتأكد الجميع أن الأرض لم تذهب إلي عدد من وزراء عائلته وحكومته، ويعترف بأوجه القصور في الحزب وحكومته والتي أدت إلي ترسيخ الفساد في المحليات والمدارس والمستشفيات والإعلام والشرطة والقضاء، ويعلن خطة الحرب علي هذا الفساد.
الحزب الوطني اكتفي في مؤتمره بالغضب والتهديد لمن يعارضه.. يا خوفي علي مصر من القادم!!
No comments:
Post a Comment