Friday, July 25, 2008

ببساطة

بقلم : ســيد عـلــي

*‏ غالبية أوائل الثانوية العامة في ربع القرن الماضي دهستهم الحياة والبطالة والجامعة لأننا لا نجيد إدارة المواهب ونتحاشي الكفاءات‏.‏

*‏ أطلق الاتحاد من أجل المتوسط رصاصة الرحمة علي الاتحاد المغاربي‏,‏ لأن هناك من يؤمنون بأن الفرنسية أكثر تأصلا من العروبة‏.‏

*‏ متي يقتنع أبو مازن بأن المسافة بين رام الله وغزة أقرب وأكرم من رام الله وتل أبيب‏.‏

*‏ كثير من التشريعات تكاد تنطق بأسماء المستفيدين منها‏.

*‏ سقط أحمد شوبير بالثلث حينما سخر برنامجه وطوال أكثر من ساعتين ضد مرتضي منصور بفجاجة وكانت رائحة الحلقة كريهة‏.

Tuesday, July 15, 2008

قمة التناقض

بقلم لميس الحديدي
جاء صوت هاتفه المحمول مزعجًا.. يصر علي الرنين وسط محاولات البعض الاستماع إلي كلمات محمد البرادعي.
لم يتوقف هاتفه عن الرنين.. استدار أمين عام الجامعة العربية عمرو موسي، وقال له: «أرجوك نريد أن نسمع».. لم يشعر بالخجل لم يغلق هاتفه، وفي المرة الثانية عندما رن الهاتف مجددًا لم يتردد بل رد عليه أجاب محدثه: «أنا في محاضرة د. البرادعي أيوه أيوه.. بعدين بعدين».
سألت من الرجل.. قيل لي أستاذ في الجامعة!!
المشهد السابق ليس سيناريو في فيلم مزعج، بل هو مشهد شاهدته بنفسي، وأنا أشارك في فعاليات احتفال جامعة القاهرة بتكريم تلميذها، رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية، د. محمد البرادعي، ومنحه الدكتوراه الفخرية.
وما حدث هو نموذج ربما بسيط لفوضي الجامعة الآن .. فلا احترام للمتحدث، ولا احترام لمن يريد أن يستمع.. والأسوأ أنه يحدث داخل حرم الجامعة وبين الأساتذة الذين هم قدوة للطلبة.. وعليك من كل هذا، فكلمات البرادعي جاءت لتخفف من مشهد الفوضي، وتضع نقاطا فوق حروف قد نعرفها جميعا، لكننا نتجاهلها كثيرًا.
ماذا قال؟! تحدث البرادعي عن مفتاح النهضة، وهو العلم والمعرفة. ذلك المفتاح الضائع ما بين نسبة أمية بلغت ٤٠% وهبوط في مستوي التعليم بجميع مراحله - كما قال.
تحدث البرادعي عن الإصلاح الاقتصادي.. «إصلاح يضمن زيادة الإنتاجية وخلق قدرة تنافسية للاقتصاد الوطني» وأظن أن كلمة الإنتاج لم تعد موجودة في قاموسنا الاقتصادي فقط نسمع كلمات بيع، استهلاك، تضخم، ضرائب.
تحدث البرادعي عن إصلاح سياسي يحقق التوازن بين الأمن والحرية «فعندما يشارك الفرد في كل قرار يتعلق بحياته ومصيره ويشعر أن لديه الحرية التامة في اختيار من يحكمه سيستطيع أن يساهم في حل مشاكل وطنه كشريك وليس متفرجًا».
تحدث البرادعي عن نظام يحمي الأقلية قبل الأغلبية، المرأة قبل الرجل والضعيف قبل القوي.
تحدث البرادعي عن دستور وقانون يجب أن يكون السيد والحكم في جميع الظروف، وقفت طويلاً أمام تعبيره «الدستور والقانون يجب أن يكونا مصممين لمواجهة مختلف الظروف التي تمر بها الدولة بما فيها الظروف الاستثنائية».

بينما نحن نسن القانون لأحوال بعينها.. ونعدل الدستور لحالات بعينها، نغير ونبدل لأشخاص بعينهم .
هكذا تحدث البرادعي وهو يحصل أخيرًا علي تقدير جامعته.. فقد حصل علي درجات دكتوراه فخرية من عدد من الجامعات الأجنبية وأخيرًا.. جامعة القاهرة الحمد لله أنهم تذكروه.. لكن هل سمعوه؟
سألت نفسي وأنا أتابع رد فعل المنصة وسألت نفسي وأنا أنظر حولي لهذا الذي يرد علي هاتفه. وذاك الذي مل الجلوس.
قمة التناقض بين الفوضي والعلم، بين الرجل المصري الأصيل القادم من العالم الخارجي المنضبط، وأنصاف المتعلمين الذين يعيشون ويموتون في عالم من العدم. كم نحتاج لعشرات من البرادعي لنهضة هذا الوطن.

Friday, July 11, 2008

ببساطة

‏بقلم : ســيد عـلــي
*‏ أرخص غسالة لتنظيف الفلوس والسمعة الآن‏,‏ إما في الانتاج السينمائي أو بالقنوات الفضائية‏.‏

*‏ ممكن يكون اللي بني مصر حلواني‏,‏ ولكن الأمر المؤكد أن عملية البناء تمت وكانت وقتها مصر تمر بأزمة سكر‏.‏

*‏ أخيرا اكتشفت ان قيادات الحزب الوطني تنطبق عليهم الآية الكريمة تحسبهم جميعا وقلوبهم شتي‏.‏

*‏ اقترح نقل المقر الدائم لاتحاد الكرة من الجبلاية الي مجمع محاكم الجلاء‏.‏

*‏ مشروع قانون البث الفضائي نموذج لصناعة التشريع علي مقاس الزبون وليس لعموم المستهلكين‏.‏

*‏ إذا أردت أن تعرف قوة أي سياسي أنظر الي الذين يقفون خلفه أولا‏.‏

*‏ في أزمة مصنع اجريوم يجب ألا ننسي محافظا محترما لم يقع في دوامة الحسابات الصغيرة للمنصب مثل معظم زملائه‏.‏

Tuesday, July 8, 2008

كاريزما بديلة!

بقلم سليمان جودة

كان عبدالناصر إذا خطب في المواطنين، بدأ بعبارته الشهيرة «أيها الإخوة المواطنون»، وكانت الجماهير تفقد عقلها، بمجرد سماع العبارة، وكان عبدالناصر يجد نفسه مضطرًا إلي تكرارها، أكثر من مرة، حتي تسترد الجماهير الحاشدة، بعضًا من هدوئها، وشيئًا من عقلها!
وكانت «كاريزما» الرجل تجعل الاتصال بينه، وبين الناس، مباشرًا، وجارفًا، ومتخطيا لأي قواعد، أو قوانين، أو أصول!
وحين يتمتع زعيم بكاريزما من هذا النوع، فإن ذلك يرتبط، في الغالب، برسالة في عقله، يريد أن يؤديها لبلده، ويقترن بمهمة قومية، ووطنية، يتصور الزعيم - أي زعيم - أن عليه أن ينجزها في حياته!
وقد كانت رسالة عبدالناصر تحقيق العدالة الاجتماعية، من خلال تطبيق فكرة الاشتراكية، وكانت مهمته، التي يراها لوطنه، تجسيد القومية العربية في كيان متحد بجميع بلاد العرب.
وحين تكون «الكاريزما» راشدة، ومنضبطة، وعاقلة، تقود الزعيم، ومعه وطنه، إلي النعيم، فإذا كانت العكس، قادت الاثنين إلي جحيم!
وليس هناك زعيم تمتع بمثل هذه الكاريزما الهائلة، إلا وكانت لديه رسالة عظمي، يسعي إلي بث الحياة فيها.. فسعد باشا زغلول، بلغ من تأثيره الطاغي علي المصريين، أنه كان في غمرة صراع الوفد مع «حزب الأحرار الدستوريين» يقول إنه توقف عن قراءة صحيفة «السياسة» لسان حال «الأحرار» وقتها فيتوقف المواطنون جميعًا عن قراءتها!.. وكانوا يقولون بأن سعدًا لو رشح حجرًا في أي دائرة انتخابية، فسوف ننتخبه، وكانوا يقولون إن نبات الفول، قد نضج في الصعيد، وعلي كل جزء من شجرة المحصول عبارة منقوشة تقول: يحيا سعد!
وكانت رسالة سعد هي الاستقلال، ولا رسالة غيرها، وكان المصريون مستعدين لخوض البحر، من ورائه، إذا قال إن هذا سوف يحقق الاستقلال!
وفي تركيا، كان أتاتورك صاحب كاريزما.. ورسالة!
وفي إسبانيا، كان فرانكو، صاحب كاريزما.. ومعها أيضًا رسالة!
وفي فرنسا كان ديجول متمتعًا بكاريزما.. وكانت عنده رسالة!
والمشكلة الحقيقية، أن الجماهير تتحول، في مثل هذه الحالات، إلي كتلة واحدة، يحركها الزعيم، بإشارة من يده، وتفقد وعيها تمامًا، وتتوقف عن التفكير، وتستقر علي أنه يفكر بالأصالة عن نفسه، وبالنيابة عنها، وهو وضع غير سوي بالمرة، ويؤدي إلي كوارث كبري، إذا ظل العقل غائبًا عن مثل هذه العلاقة، ما بين صاحب الكاريزما، والذين يمارس عليهم الزعيم مقتضيات هذه الكاريزما!
ولابد أن غياب مثل هذه الصفة، عن زعيم، أو رئيس، في أي وقت ليس ذنبه، لأنها لا تأتي بالتدريب، ولا المران، ولكنها هبة من الله، في كل الأحوال!
وحين يكون المجتمع عنده رسالة، لا تحتمل التأجيل، ولا يجوز أن يتواني عنها، في سبيل تحقيق الإصلاح علي كل مستوي، كما هو حالنا، الآن، ثم لا تكون هناك كاريزما تتبني الرسالة، وتنهض بها، فإن الإعلام، في هذا العصر، هو بديل الكاريزما، بمعني من المعاني، لأنه قادر علي حشد الملايين، حول هدف يمثل الحلم لكل مواطن..
ولكن الإعلام، لا يحرك نفسه، ويظل في حاجة إلي مَنْ يحركه، في هذا الاتجاه، ثم يوظفه، علي أحسن ما ينبغي أن يكون!.. ولأن مثل هذه الحقيقة تبدو حاليا غائبة تمامًا، ولأن مثل هذه البديهية، تبدو أيضًا، تائهة، وغائمة، فإن المجتمع، يتبدي في كل حالاته، علي أنه مجتمع بلا رسالة!

هو أحمد عز أم جمال مبارك؟

جمال أسعد عبد الملاك
يقول المثل المصري (الصيت لطوبة والفعل لأمشير) أي أن الشهرة الموروثة تاريخيا والخاصة بالمناخ المصري على مدى التاريخ تقول أن البرد القارص يكون في شهر طوبة ولكن الفعل في الحقيقة أن برد أمشير هو أقسى من طوبة. وعلى هذا القياس هل الإشكالية الحادثة الآن والاستفزاز الغير مسبوق والاحتكار الذي تخطى كل الحدود. وتضيع شخصيته من عازف موسيقى إلى رجل من كبار المليارديرات وتنطيط شاب لا علاقة له بالسياسة إلى رجل يظهر أنه صانع السياسات.
هل هذه الأفعال الشاذة والمستفزة جماهيريا والضارة للجماهير اقتصاديا والمحبطة للجميع نفسيا هل هي من صنع تلك الشخصية الهابطة لعمل العام بالبراشوت المسماة بأحمد عز الشهير بعزو؟.
أم أن هذه الشخصية بتلك المواصفات المكروهة والمرفوضة من طوب الأرض هي نتاج لمناخ فاسد ولنظام ضعيف ولدولة غائبة ولقانون قد سقط تحت الأقدام، أعتقد أنه كذلك لأنه مهما كانت قوة هذا العز ومهما كانت سطوة أمواله التي جمعها من الاحتكار ومص دم الجماهير بكل الطرق الغير مشروعة. ومهما كانت امكاناته الفذة الغير موجودة من الأساس فلا يملك عز ولا مائة عز أن يفعل أي شيء من الذي يفعله ولكن عز يستمد القوة الأساسية من ذلك الدور المرسوم له بدقة ليس من لجنة السياسات حيث أنه لا يوجد لجنة للسياسات مثل ما يروج ويعلن كنوع من التأكيد لدور جمال مبارك ابن الرئيس، فهو يستمد تلك القوة أو هذه السطوة من جمال مبارك شخصيا. وذلك لأن جمال مبارك قد جاء إلى الحياة السياسية بنفس الطريقة التي شرفنا بها أحمد عز.
فجمال مبارك تحول من رجل يعمل ببنك بأوروبا وليس له أي علاقة بأي عمل سياسي أو حزبي ليظهر إلى الحياة العامة من خلال ما يسمى بجمعية شباب المستقبل وكان كل زخم تم لهذه الجمعية ليس بصفتها جمعية أهلية مثل آلاف من الجمعيات المشهرة في مصر ولكن كانت البداية ومازالت باعتبار أنها جمعية ابن الرئيس، واعتمادا على هذه الصفة (ابن الرئيس) التي كانت هي مفتاح السر إلى الآن وما بعد الآن. فهذه الصفة كانت بديلا لكل ما يريده جمال الابن مهما كان ذلك فيه من إهدار للدستور أو إسقاط للقانون وتجاهل لكل البروتوكولات السياسية في العالم. فلا الدستور ولا القانون ولا أي بروتوكول يعطي لإبن الرئيس ولا لعائلة الرئيس أي صلاحيات تجعلهم مثلا يسبقون رئيس الوزراء والوزراء، أي أن يكونوا في عداد رئيس الجمهورية.
أي أن دستورهم الخاص وقانونهم الملاكي وبروتوكولهم الوراثي قد أعطى للعائلة ما هو للرئيس دستوريا. ولذا نرى جمال وهو رئيس لجنة في الحزب الوطني من عشرات اللجان وقد أصبح أحد الأمناء المساعدين يسبق بروتوكوليا وإعلاميا الجميع. فهو بعد مبارك الأب في وجوده في الصورة وهو الأول وحده عند غياب الأب، ولذا فمن الواضح عرفيا وفرضا على الجميع أن يكون الابن على هذا الوضع، الشيء الذي جعل كل بني مشتاق من المصريين ذات الطموح الغير مشروع وحدهم يحبون الوصول على حساب الآخرين بالنفاق والخضوع والتزلف. أقول التف هؤلاء حول جمال مبارك أملا في عضوية لجنة أو في عمادة كلية أو موقع أو وزارة أو على أقل تقدير أن يكون الشخص منهم قريبا من ابن الرئيس والاهم عندما يصبح الابن رئيسا. حسب خطة التسويق الرئاسية التي يشارك فيها هؤلاء.
ذلك المناخ الوراثي الفاسد الذي سمم الأجواء السياسية ونشر الفساد وجعل الولاء للأشخاص أيا كانت قدرتهم وصلاحيتهم أهم من الولاء للوطن وللعمل وللقيمة، هذا الفساد في الاختيار والولاء وقد أصبح سمة هذا الحاضر السياسي جعل شخص مثل الأنبا بيشوي والمتطلع أن يكون بديلا للبابا شنودة في رئاسة الكنيسة القبطية جعله ينافق النظام وينافق جمال ويدعو لاختيار جمال رئيسا بل وصل الحال بهذا الأسقف الراهب الزاهد الذي مات عن العالم وفي نفس الوقت متطلع للعالم أن يدعو الأقباط إلى اختيار جمال وكأن الأقباط مربوطون في العزبة التي ورثها عن جدوده. في هذا الإطار ومن خلال هذا المناخ ظهر احمد عز بجوار جمال مبارك وذلك لكي يكون الذراع المالية لجمال ولمخططاته سواء الحزبية أو غير الحزبية، وحتى يكون أيضا عز هو الصورة والشخصية التي تنفذ السياسات المطلوبة تنفيذها خاصة في مجلس الشعب حيث أن هذا العز الذي استمد علاقته السياسية من الآلات الموسيقية والذي اكتسب قدرته الاقتصادية من خبرته في الاحتكار. يصبح هذا العز رئيسا للجنة الخطة والموازنة والاهم من خلال الارتباط الشخصي الذي يعرفه ويلمسه أعضاء الهيئة البرلمانية لحزب الوطني بشخص جمال مبارك يصبح عز أهم شخصية في مجلس الشعب، ليس أهم من رئيس الهيئة البرلمانية ولكن للأسف الشديد فهذا أهم من رئيس مجلس الشعب ذاته فهو الذي قال أن ما يهم الحزب الوطني ليس الجماهير فالحزب ليس من أعماله حل مشاكل الناس. ولكن الحزب ما يهمه هو كيف يظل في السلطة.عز هو الذي بدأ من خلال إعداد الموازنة العامة للدولة بلجنة الخطة والموازنة. بدأ في القضاء على الدعم بشك فعلي، وهو الذي يمر كل القوانين التي هي في صالح الأغنياء وضد كل الفقراء بتنفيذ سياسة البنك الدولي الذي يقوم بتبني سياساته ووضعها موضع التنفيذ.
جمال مبارك شخصيا بداية من رفع الدعم وفرض الضرائب على الفقراء وآخرها قانون الضرائب العقارية وليس آخرها قانون الاحتكار الذي ضمن لكبار الرأسماليين إمكانية الاحتكار كيفما يريدون وكله مقابل ثلاثمائة مليون جنيه عامية، فهل هذا العز هو من يملك أن يفعل هذا أو يتصدى للرأي العام المصري. أم أن الصانع الفعلي لتلك السياسات المؤسس لكل هذه الاحتكارات والناشر لكل هذه الاستفزازات هو جمال مبارك شخصيا الذي يحمي ويوجه ويضحي بهذا العز عند اللزوم؟ فلمن الفعل يا سادة .. لعز (الطوبة) أم لجمال أقصد (لأمشير)..

Sunday, July 6, 2008

يا «مسيري».. لا تحزن

بقلم خيرى رمضان

لست أنت الخاسر، بل هم الخاسرون.. عشت ومت مكرما وهم المهانون.. فلا تغضب سيدي من مصر التي أحببت، فمصر مثلك تتألم كثيراً ولا يحبها المسؤولون.
«الدولة غابت عن جنازة عبدالوهاب المسيري».. الدولة مشغولة، تصطف علي أبواب سرادقات عزاء جيران وأقارب السادة المسؤولين، يكتبون فيهم القصائد وينشرون نعياً بالملايين.
لا تغضب سيدي، فمصر التي أحبتك غير «مصرهم» التي تخاف المفكرين.. لم تخطئ يوماً لأنك قلت لا، وهم يعشقون «نعم»، هل عاتبت نفسك سيدي، لأنك لم تضع رأسك موضع قدميك، لم تحرز هدفاً في مالاوي حتي يحملوك علي الأعناق.. ولم تهرب إلي «سيون» فيهتم الرئيس ويطلب حل مشكلتك فوراً.. لا تغضب فهم لا يعرفون أنك قضيت عمرك، أنفقت مالك وصحتك علي موسوعتك «اليهود واليهودية والصهيونية»، ٢٧ عاماً يا رجل تكتب ثمانية مجلدات هزت العالم، كانوا مشغولين بتزوير الانتخابات، ومتابعة المباراة النهائية، حتي يستعد الرئيس لتكريم الفائزين.
لا تغضب سيدي من مسؤولينا، لقد كانوا هناك في افتتاح «الكباريه» فدولتنا تحب الفن والفنانين.. هل تذكر يوم أن مرض الممثل والنصاب واللص الهارب، انتفضت الدولة بقرار فوري لعلاجه بالخارج؟.. كم كان ألمك قاسيا، ووحش السرطان يتوغل في دمك، دمك النازف حباً وتقديراً لهذا الوطن، وقت ألمك كان الوطن نائما في أحضان الفساد، تركوك تئن، ولم يقل أحد للسيدة سوزان مبارك إنك حزت جائزتها عن أدب الطفل، لو قالوا لها، ما حدث شيء!
رفضك صاخب سيدي، وألمك شامخ، وهم لا يحبون الرافضين، طاردوك في الشوارع، خطفوك وألقوك وحيداً في الصحراء.. فهل كنت تنتظر من هؤلاء أن يذهبوا إلي جنازتك؟ هل كنت تتوقع أن يشجعوا كل معارض يقول لا، فيذهبوا إلي جنازته ليتحدثوا عن عبقريته أمام كاميرات التليفزيون؟!
هم لا يحبونك سيدي، مثلما لا تحبك إسرائيل، كانوا ينتظرون موتك كما تمناه الصهاينة.. آه لو كنت مطبعاً، أو مولعاً بحبهم، مشيداً بأغاني الوطن، لكانوا حملوا نعشك وذرفوا دموعهم.
لا تحزن يا مسيري، فغيابهم تكريم، وكراهيتهم محبة، وقلوبهم شتي.. أنت لست منهم، كنت عليهم، وكنت معنا.. فصوتك كما سوطك باق، وهم زائلون، زائلون!

Saturday, July 5, 2008

ما أرخص الإنسان وما أغلى البضائع!

فيصل القاسم
من مفارقات النظام الرأسمالي العولمي وتناقضاته الصارخة أنه يؤثر، منذ نشأته، المادة على الإنسان، خاصة إذا كان ذلك الإنسان من العالم الثالث، فتصبح قيمته برخص التراب. وقد ظهرت العقلية الغربية الرأسمالية في أجلى صورها على لسان شاعر الامبراطورية البريطانية الشهير روديارد كبلنغ الذي قال ذات يوم: "إن كلبي أهم من أي أفريقي أسود". ولا داعي لسرد جرائم المستعمر الغربي بحق مستعمراته القديمة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، فهي معروفة للقاصي والداني. لكن هل توقفت جرائم أرباب الرأسمالية الاستعمارية بحق المعذبين في الأرض، أم إنها تتجلى في صور أخرى أشد بشاعة واستغلالاً ووحشية في عصر العولمة؟ وأقصد هنا الاستغلال الرأسمالي العولمي لجهد الملايين من عمال العالم الثالث مقابل مردود مادي أهزل من الــُهزال ذاته.
لقد نقلت كبريات الشركات الغربية مصانعها ومراكز انتاجها إلى العالم الثالث مثل إندونيسيا والصين وفيتنام وتونس والمغرب وهاييتي والهند وهونج كونغ ومكاو وبنغلادش والمكسيك والفيلبين وتايلاند وتايوان وغيرها. وهي تريد من وراء ذلك تخفيض تكاليف الانتاج، والبحث عن الأيدي العاملة الرخيصة. ولا شك أنها وجدت ضالتها في البلدان المذكورة، وهذا من حقها. لكن الأمر لم يبق عند حدود خفض التكاليف، بل أصبح عملية استغلال بشعة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، فلو عرف الناس مستوى الأجور التي تدفعها الشركات الغربية للعاملات والعمال الذين يصلون ليلهم بنهارهم في إندونيسيا والصين وبنغلادش مثلاً لانفطرت قلوبهم حزناً وأسى على ملايين الكادحين الذين يذهبون وقوداً رخيصاً للشركات المتعولمة العابرة للقارات.
كلنا يدخل المحلات والمجمعات التجارية الكبرى في هذه المدينة أو تلك، ومعظم السلع المعروضة فيها تقريباً من إنتاج شركات غربية بدءاً بالملابس، مروراً بالأثاث والألعاب والمأكولات، وانتهاء بالأحذية العادية والرياضية. ولعل أكثر ما يثير حنقي وألمي عندما أرى مثلاً زوجاً من الأحذية الرياضية مصنوعاً في فيتنام وقد وصل ثمنه إلى أكثر من مائة دولار، أو بدلة "ديزاينر" مصنوعة في بنغلادش وقد وصل سعرها إلى أكثر من ألف دولار، أو ربطة عنق ماركة غربية فاخرة مصنوعة في الصين يزيد ثمنها على مائتي دولار، أو طقم نسائي مصنوع في هونج كونغ وقد وصل ثمنه إلى مئات الدولارات. للوهلة الأولى قد يبدو ذلك شيئاً إيجابياً، إذ قد يقول البعض إن ذلك يدل على الثقة التي توليها الشركات الغربية الكبرى لتلك البلدان العالم ثالثية، بحيث اختارتها لإنتاج بضائعها وسلعها الراقية والمتقدمة، لكن الأكيد أن ملايين العاملات والعمال في تلك البلدان ليسوا أكثر من عبيد مسحوقين يعملون في ظروف إنسانية غاية في البشاعة، أو بالأحرى في ظروف لاإنسانية أبداً مقابل فتات لا يسمن أو يغني من جوع.
ولعل وصف الكاتب الاسترالي الرائع جون بيلجر في كتابه "حكام العالم الجدد" لواقع العمالة الإندونيسية أبلغ إدانة للشركات الكبرى التي تزين بضائعها واجهات المحلات الكبرى في مجمعاتنا التجارية ومجمعات أمريكا وأوروبا. يقول بيلجر: "لو نظرت داخل المصانع التابعة للشركات الغربية في ضواحي جاكرتا لوجدت ألوف الفتيات اللواتي يعملن في أجواء مخيفة تحت درجة حرارة تزيد على أربعين درجة، ولا يوجد مكيف إلاَّ في مكتب المدير. ولو نظرت إلى وجوههن لرأيت أطناناً من الحزن والبؤس والأسى ترتسم على تلك الوجوه الشاحبة والأعين المحدقة في الأرض التي يعمل أصحابها لأكثر من ست وثلاثين ساعة دون انقطاع. ولو أراد صاحب المصنع فيستطيع أن يزيد الفترة. أما العمال فلا يستطيعون أحياناً الذهاب إلى الحمام إلا بإذن من المراقب. ولو منعهم الأخير من الذهاب إلى دورات المياه لاضطر بعضهم لأن يلبي نداء الطبيعة داخل ملابسه." ويسرّ أحد العمال للكاتب بأنهم يُعاملون كالحيوانات تماماً دون أن يُسمح لهم بفتح أفواههم لقول كلمة واحدة للاحتجاج على ظروف عملهم المأساوية. وينسحب الأمر ذاته على معسكرات التصنيع الغربية في معظم البلدان الفقيرة.
إن الذين يصنعون الأحذية والملابس والأثاث الغربية التي تعج بها محلاتنا العربية هم "اللاناس"، كما يصفهم بيلجر، نظراً لأنهم لا يتمتعون بأية حقوق إنسانية تــُذكر. فهم يعيشون في ظروف بائسة للغاية بالقرب من مجاري الصرف الصحي المفتوحة التي تزكم الأنوف بروائحها على مدار الساعة، ويشربون المياه الملوثة، ويجاورون البعوض الذي يقضي على أرواح أطفالهم. وإذا أراد أحدهم أن يشرب ماء نظيفاً فعليه أن يدفع جل راتبه للحصول على ذلك. تصوروا أن الأجور التي تدفعها الشركات الغربية للعاملات والعمال في إندونيسيا لا يمكن أن تغطي ثمن الماء النقي، فما بالك بالطعام. فإحدى شركات صنع الأحذية الرياضية مثلاً تدفع للعامل أقل من واحد بالمائة من قيمة الحذاء، بحيث تبيع الشركة الزوج مثلاً في المحلات العالمية بمائة دولار بينما تدفع للعامل أقل من دولار.
ومما يبعث على الأسى أكثر فأكثر أن الصين حاولت أن تنافس إندونيسيا على اجتذاب الشركات والمصانع الغربية ذات يوم، فقالت لإحدى شركات تصنيع الملابس والأحذية الرياضية الغربية: "ما رأيك أن تأتي إلى الصين، ونؤمن لك عمالاً بأقل من الأجر الذي تدفعينه للعامل الإندونيسي، فبينما يحصل الأخير مثلاً على دولارين يتيمين في اليوم، يمكن للعامل الصيني أن يعمل مقابل دولار ونصف". إنه التنافس على فتات الفتات، وهو أمر لا يدركه الكثير منا الذين يبتاعون سعر زوج أحذية "أديداس" أو "نايكي" بخمسين دولاراً في موسم التنزيلات وهم يضحكون، ظناً منهم أنهم حصلوا على صفقة ممتازة، دون أن يعلموا أن الزوج لم يكلف الشركة عشرة دولارات أو أقل بكثير، إذا ما أخذنا بالاعتبار الأجور الزهيدة التي تدفعها للمساكين الذين يصنعون الأحذية في جنوب شرق آسيا.
وكم يندهش المرء عندما يعلم أيضاً أن شركات صنع الهواتف الجوالة "الموبايل" لا تكلفها صناعة الجهاز الواحد بضعة دولارات، بينما تبيعه في الأسواق العالمية بمئات الدولارات. وقد أسرّ لي أحدهم بأن تكلفة الجهاز لا تتجاوز أحياناً عشرة دولارات فقط. بينما تذهب الأرباح المهولة إلى جيوب أصحاب الشركات في وقت يموت فيه العمال من الفاقه والتعاسة في مجمّعات التصنيع في هذا البلد العالم ثالثي أو ذاك.
وكم يتألم الإنسان عندما يسمع أن راتب مدير أحد مصانع "ديزني" لملابس الأطفال في هاييتي مثلاً يصل إلى مائة ألف دولار في الشهر، بينما يحصل العمال والعاملات في المصنع على أقل من خمسين دولاراً فقط لا غير شهرياً. يا الله كم أنه عالم حقير وجشع! يا الله لماذا ترتفع أسعار كل البضائع، بينما ينخفض سعر الإنسان في كل مكان؟ لقد كرّم الله عز وجل بني آدم، وها هي العولمة المتوحشة تستغله أبشع استغلال، وتميته جوعاً، وتجعل الأرز والخبز حلماً بعيد المنال لأكثر من مليار مُعدم!! آه ما أغلى السلع في العالم الجديد، وما أرخص الإنسان؟

ارفعوا أيديكم عن أحمد عز

ابراهيم عيسى

فجأة صرنا جميعا أبطالا على أحمد عزنهاجمه ونهجم عليه ونحمله مسئولية ما آل إليه وضع الوطن فى موضع الإنحدار !كأن أحمد عز مسئول بجد ، كأن أحمد عز له فى الطور والطحين ، نعم له فى الحديد لكن ليس له فى الطحين ، الطحين احتكار لرجال أعمال وعمل رجال آخرين ، الذين يعارضون أحمد عز ويتعبرون مناهضته ومواجهته دورا وطنيا يتناسون أن الرجل رجل تانى أو ثالث أو ثالث مكرر ، لا هو وحده المسئول ولا هو أصلا مسئول ،
هو شخص يستفيد لكنه ليس المفيد ، هو رجل أعمال ممن خلطوا السياسة بالبزنس وصهروا الحديد بالسياسة ، لا نستطيع حتى أن نعرف هل هو رجل أعمال ناجح أم فاشل فلا تنطبق أية معايير عليه ، فالمليونير الناجح هو من يعمل وفق قواعد السوق ويؤسس طبقا لمعايير يتساوى فيها الجميع شركات ومصانع ويتاجر بناء على ضوابط تمشى على المنافسين بالتساوى ، ساعتها إن كان صاحب عقلية إقتصادية وإذا كان ذكيا فطنا محنكا لأصبحت مشروعاته ناجحة وصار رجل أعمال ناجحا ،
لكن فى مصر تسعة وتسعون فى المائة (وهى نسبة مصر متعودة دايما ....عليها ) لا تستطيع أن تقول عنهم ناجحين فتعريف النجاح مختلف تماما عن تعريفه فى البلاد المحترمة ، النجاح هنا يعنى التربيط مع أحد رجال الدولة وزير أو كبيرا من الكبراء ، أو شراء مقعد فى البرلمان يمنحك الحصانة والمكانة وتمرير القوانين والموافقة عليها أو تعديها أو رفضها ، الانضمام إلى الحزب الحاكم وتمويل انتخاباته وحملاته والصرف على مهماته وعزومة أعضائه من غير اليسر أو سعة الانفاق وتولى عضوية بجانب صانع القرار يؤهلك إلى المشاركة فى قرار الصناعة والتجارة والذى منه ، وهذا كله يسمح لك بالتجارة مع الوزارت ومؤسسات الحكومة حيث تكون موضع الترحيب والحفاوة والاستثناء ورسو العطاء والفوز فى المناقصة ، هذا هو رجل الأعمال الناجح فى مصر وإن تأملت قائمة رجال الأعمال ملء السمع والبصر وأصحاب الإعلانات التليفزيونية الشهيرة وملاك معظم الأراضى والمشروعات الكبرى والمتحكمين فى صناعات وتجارات بعينها سوف تكتشف أنهم كلهم من قيادات الحزب الحاكم ومن أصحاب الحصانة فى مجلسى الشعب والشورى ومن أصحاب ابن الرئيس ومن أعضاء أمانة السياسات ومن عائلات الوزراء ومن الوزراء أنفسهم !
أحمد عز هو واحد من كل هؤلاء لكنه فوق هؤلاء كلهم ليس ليس لأنه مهم أو أهم بل لأنه رجل الأعمال المختار بالرعاية والعناية والدعم والمدد والحماية فهل هذا ذنبه كى نهاجمه أم أننا نكتب ونتكلم طبقا لقانون ساكسونيا ، نترك الأصل ونعاقب الظل !لقد هب الكل وشب الكل فوق كتفيه وهات يا تقطيع وتفنيد وتحذير من دوره ونفوذه وتلميح وتصريح بتضخم ثروته وبالتحكم فى مقاليد مجلس الشعب وقيادة نواب الوطنى إلى ما فيه خير عز ورضاه !وأخذ بعضنا الطيب وبعضنا المعتدل وبعضنا لا الطيب ولا المعتدل فى تذكيرنا بأن عز أطاح فى رجل أعمال من المقربين لقلب النظام ومن النافذين فيه وله ثم هاهو يتحدى وينتصر على رجل أعمال آخر فى موقع وزير مرشح لرئاسة الوزراء فى أكثر الروايات تداولا فى شهور مضت (ولعل الرواية تخفت الآن ) ورمى بكل ما يريد الوزير لسلة قمامة البرلمان ، وهو ما ينذر لدى البعض بأن سلطاته وسلطانه قد توحش والحقيقة أنه لا يعنى ذلك بقدر ما يعنى أن من بيده الأمر أعطى الأمر لأحمد عز لا لغيره ، فالنظام يفضل بعض الأماكن على بعض وبعض الشخصيات على بعض ، وبعض رجال الأعمال على بعض !
لكننا قررنا أن يشيل أحمد عز الليلة كى نهدأ نحن ونزعم اننا عملنا اللى علينا وهاجمنا عز وكشفناه ، أهذا غاية الدين أن نحف شواربنا ونتهم أحمد عز بموبقات السياسة والإقتصاد ! كده ارتحنا وهدأنا !!إسمحوا لى إذن ان أدعوكم جميعا لأن ترفعوا أيديكم عن أحمد عزلا تظلموا أحمد عز فليس هو المسئول لا الأول ولا الوحيد عما يحدث بل هو ليس مسئولا إطلاقا عما يحدث !نعم إرفعوا أيديكم عن أحمد عز ولا تظلموه فتظلمون الوطن !ماله أحمد عز ، وما ذنبه ؟هل أحمد عز نزل من الفضاء فى ليلة قمرية وفعل ما فعله من احتكار للحديد وإنماء للثروة وحصد مكاسب هائلة فى البورصةأبدا ، الرجل هو نفسه أمين تنظيم حزب حاكم فأسألوا حزبه وقيادته ، وهو عضو مجلس شعب فأسألوا رئيسه الجالس على مقعده عمرا تشريعيا لم يصل إليه من قبله إنس ولا جان ، ما نراه ونعيشه هو تربح سياسى أحمد عز بما لا يدع مجالا للشك لكن هل الجانى هو المتربح الرابح أم من يسانده ويساعده وسكت عليه ويحميه ويعفيه ويعفو عنه ، عز المعتز بالحزب هو الذى يضع قوانين عن بضاعة وتجارة هو مسئول عنها ويحدد ضوابط ومواد قانونية لصناعة هو أحد ملاكها وأصحابها فيستثنى ما يريد كيفما أراد ، هل هذا تضارب مصالح ، هل هذا تربح سياسى ، هل هذا تشوه سياسى وتشريعى لا مثيل له فى بلاد تركب الأفيال ؟ نعم هو كل ذلك وأكثر ، ولكن ما ذنب عز فهو مظلوم وبرئ من هذا براءة الذئب من دم ابن يعقوب !
أولا اللى يلاقى دلع وميدلعش يبقى حرام عليه ، وعز رأى نفسه بلا حاسب ولا حسيب ، بلا رقابة ولا رقيب ، فلماذا لا يفعل ما يشاء وقتما شاء كيفما شاء ، شاء من شاء وأبى من أبى !ثانيا ماذنبه أنه صحا من النوم فوجد حزبا تحت قدميه ، يموله وينفق عليه ويصرف على أعضائه ومرشحيه وشارك فى تمويل حملات الرئيس نفسه الانتخابية ، ستقول لى أنها ليست فلوسه ولكنها فلوس تحصل عليها من علاقاته السياسية وقربه من ذوى القربى ، طيب نعمل لك إيه ؟ نعاتب عز ونوجعه ونتهمه أم نشير بالاتهام والحساب للى مشغلينه ومقربينه ومدعمينه ، أم أننا أساتذة لف ودوران ونخاف أن نقول وإذا قلنا تمايعنا وتلاعبنا وزوقنا ومكيجنا كلامنا حتى لا يصيب بل فقط ليدوش ، أهو أحمد عز الذى صنع لنفسه هذا النفوذ وتلك الفلوس ، هكذا وحده ، أهذا ياربى الرجل الأخضر أو سبايدرمان المصرى أم سوبرمان المنوفى ،
أليس لدينا ذرة من عقل أو قطعة من الضمير كى نقول أن المكان الذى يتمجلس عليه عز مسئولية الرئيس محمد حسنى مبارك شخصيا فهو الذى وضع أحمد عز فى مكانه الحزبى والتشريعى وهو الذى يمكنه أن يعطل كل قدرات ومقدرات احمد عز وهو الذى يمكنه أن يوقف كل مشاريع الاحتكار المتهم فيها الرجل وهو الذى يستطيع الحد من نفوذ عز ومحاسبته، لكنه لا يفعل ولا يريد أن يفعل ويسمع الاتهامات التى تنهال ضد عز ومع ذلك فهو عنه راض وله ساند وداعم وبه يدير حزبه ويموله فلماذا إذن نقول عن عز ولا نكمل السطر ،
ثم أليس عز هذا هو رجل وصديق وشريك جمال مبارك السياسى والحزبى فإذا كان عز مخطئا مثلما تدعون وتزعمون فهل تسألون عز وتسائلونه أم تتجهوا بالسؤال والمسائلة لرجل يقف معه فى نفس الوقفة ويسانده ويدعمه ويقويه ويتقوى به ويستخدمه فى الحزب والبرلمان ، إذا كان أحمد عز محتكرا كما نقول فهيا نسأل جمال مبارك ، إذا كان أحمد عز يتلاعب بأسعار الحديد ويكون ثروات هائلة على حساب الشعب المصرى فلا تظلموا أحمد عز وتضعونه فى قفص اتهام الرأى العام بل إسألوا صاحبه وصديقه وشريكه وحليفه وكفيله السياسى أم أننا نريد أن ننزع مسئولية جمال مبارك عما يفعله أحمد عز كما ننزع الشعرة من العجين فهذا فضلا عن أنه إفتئات على الحق فهو ظلم بين وبائن لأحمد عز ، على اعتبار أن أحمد عز تتقطع رقبته ولا يجرؤ يوما على فضح مهاجميه بأن يقول لهم انتوا بتتشطروا على طيب لو رجالة تكلموا عن جمال ، هو لن يقولها لأنها ستكون جملته الأخيرة فى عالم السياسة وهم لن يتورطوا فى الهجوم على الأصل بينما أمامهم الصورة !
ثالثا هل وجد أحمد عز نفسه وريثا لدور ومهمة ولعبة كمال الشاذلى فى جر نواب الحزب الوطنى للتصفيق والتأييد والموافقة لما تريده الدولة أم أن اختياره فى هذا المنصب الحزبى كان بقرار حزبى من السيد رئيس الحزب الذى هو رئيس جمهورية مصر العربية ، فعندما يمارس هذا الشخص الذى اختاره الرئيس وعينه ممارسة مرفوضة أو متهمة أو مطعون فيها او تغرض لخدمة أهدافه والتخديم على مصالحه فهل نسأل الرجل وحده أم من عينه ومن يكون مسئولا يا شجعان يا أقوياء ياصرحاء ، عز أم رئيس عز ، عز لم يصنع نفسه فجأة ملكا للبرلمان ولا مالكا للتشريع ومحركا للنواب بالمئات بإشارة من الخنصر او البنصر أو الوسطى فيجرون وراءه ويلهثون خلفه ويأتمرون بأمره ويهتفون بأسمه ويطلبون منه الرضا يرضى ، ليس هو من فعل ذلك وهو شخصيا لا يقدر على أن يستمر ذلك دقيقة واحدة من غير رضا وموافقة ودعم قصر الرئاسة فإن رفع القصر عنه الرعاية والدعم فلن يجد أحمد عز مواطنا يقول له صباح الخير ، فى هذه الحالة مرة أخرى لمن تتوجهون بالسؤال والمسائلة ، ومن يستحق أن نواجهه بالمسئولية المباشرة عما يحدث ويجرى !لكن ماذا تقول وهذه هى مصر التى فى خاطرى وفى فمى... صارت فى جيبهم !

نصف ساعة فقط!

إبراهيم عيسي

ماذا ستقول لو أخبرتك أن هناك أكثر من أربعين طائرة خاصة يملكها رجال أعمال وسياسيون موجودة في مطاري شرم الشيخ والغردقة طيلة شهور الصيف تقريبًا، عدد أربعين طائرة ليس دقيقًا تمامًا فهو أكثر من ذلك لكنه ليس أقل علي الإطلاق؟!
ها ماذا ستقول؟
أغلب الظن أنك ستقول ما نقوله جميعًا إن هناك درجة من توحش الثراء ووحشية الرفاهية باتت سائدة لدي طبقة مصرية تملك تقريبًا كل شيء في الوقت الذي لا يملك فيه أكثر من نصف المصريين ثلاثمائة جنيه شهريًا تنقذهم من النوم معدمين تحت خط الفقر!
حسنًا هذا صحيح وأكثر، فالحقيقة أن حوالي خمسة آلاف فرد يملكون مصر تقريبًا، سواء شركات ومصانع أو أراضي وعقارات ومدنًا وبنوكًا وموانئ، وباقي الستة وسبعين مليون نسمة «زي النسمة» يعملون لدي هؤلاء موظفين وعبيدًا ومماليك وحاشية وأفراد أمن!
خمسة آلاف شخص ينتمون تقريبًا إلي خمسين عائلة (كل عائلة بأكثر من جد وفرع وأب وعم وأحفاد وأصهار) تتحكم في الاقتصاد ولما رأت أنه لابد من حمايته بالسياسة دخلت السياسة واحتكرت الاثنين ووضعت يدها علي الاقتصاد والتشريع له، وعلي سن القوانين وعلي رقابة تنفيذها، وعلي عمل المناقصات وعلي قرار إرسائها، وعلي فتح المزادات وعلي آلادونا ألاتري، وامتلكت معظم ما نظن وأغلب ما لا نظن وهي عائلات تتصاهر وتتناسل مع بعضها البعض ولديها عشرات الأطفال القصر المكتوب بأسمائهم مشاريع بمئات الملايين ويكاد أفراد الخمسين عائلة يعرفون بعضهم البعض بالاسم ولهم نواديهم الخاصة ومنتدياتهم وعالمهم المغلق والدخول إليهم بالمصاهرة وبالسياسة والخروج منهم بالموت أو الهجرة.
هؤلاء هم خلفاء طبقة النصف في المائة التي خوت إعلام يوليو 52 دماغنا بهم حيث تربينا علي أن نصفًا في المائة من سكان مصر كانوا يملكون البلد وهم باشاواتها وأمراء أسرتها المالكة، الآن وفي عصر الأسرة الحاكمة صارت مصر مملوكة لخمسين عائلة لا تصل حتي لنصف في المائة من الشعب المصري مع فروق التربية والأصل والثقافة وتقاليد البيوتات العريقة، وهذه هي الطبقة وحشية الثراء المعزولة عن قوانين المجتمع والتي يوضع لها قوانين خاصة أو يطبق عليها قانون داخلي وليس القانون المخصص للغلابة من أمثالنا، وهذه الطبقة المعزولة نجحت في خلق طبقة عازلة بينها وبين المجتمع وتتكون هذه الطبقة العازلة من المحيطين والمستفيدين سواء من كبار وكبار صغار رجال جهاز الدولة أو من المثقفين والإعلاميين في الصحافة حكومية وخاصة وفي التليفزيون حكومي وخاص أو من أصحاب مهن المحاماة والقانون والطب ورجال الدين والدعاة قدامي وجدد ومن السياسيين المستفيدين سواء في الحزب الوطني أو أحزاب المعارضة، هذه الطبقة المعزولة التي صنعت الطبقة العازلة أدت إلي طبقة ثالثة هي الطبقة العزلاء، هي طبقة محدودي الدخل والأغنياء من التعفف والواقفين علي حدود الستر والفقر والفقراء وهي طبقة عزلاء من أي سلاح لمواجهة السياسة، المتعلم فيها كالجاهل أعزل في مواجهة هجمة الحاجة والفاقة ومصاريف المدارس والدروس الخصوصية وتجهيز البنات، ومع ذلك فوجود أربعين طائرة خاصة أو أكثر لمليارديرات مصر في مطاري شرم الشيخ والغردقة لا يعني ما تصورت أنه يعنيه بل هو عندي بمثابة جرس إنذار بأن اقتصاد مصر كله مستعد لأن يركب الطائرة ويسافر أو يهرب إذ فجأة، فهؤلاء مليارديرات يضعون أموالهم وثرواتهم خارج مصر عن طريقين الأول حسابات مباشرة شخصية (سرية أو غير سرية) في البنوك الأجنبية، والطريق الثاني عبر وجودهم كشركاء ووكلاء لشركات أجنبية ومن ثم فأموالهم مختبئة ومحتمية ومحصنة داخل الرأسمال الأجنبي ولذلك إذا حدث في مصر حادث فإن الاقتصاد القائم علي مجموعة العائلات الخمسين و90%من رجالهم أعضاء قياديون في الحزب الوطني يمكن أن ينهار، وكل ما يحتاجه هؤلاء هو مجرد نصف ساعة فقط يجتمع فيها أفراد العائلة بسرعة في المطار ويركبون طائراتهم إلي الخارج، آه نسيت أن أقول لك إن معظم هؤلاء يملكون جنسيات أجنبية متعددة حتي أفريقية وعدد كبير من الأولاد والأحفاد لديهم بطاقات إقامة في الولايات المتحدة الأمريكية (بعضهم تمت ولادته خصيصا في أمريكا لهذا الغرض وهو الحصول علي الجنسية) وطبعًا لهم إقامات دائمة في كثير من دول العالم نتيجة البيزنس أو الجنسية غير المصرية التي تمكن صاحبها من التمتع بما لا يتمتع به أبناء العالم الثالث ولو اغتنوا!
الأمر إذن لا يحتاج أكثر من نصف ساعة وهو النصف ساعة الفاصل بين بلد في حالة تغيير وبين وطن في حالة فوضي.. نصف ساعة يعني تلاتين دقيقة يا محترم وهوبا طار في الهوا شاشي!!

نشاطركم الثروات!

إبراهيم عيسي
أحترم مثل غيري لحظات الموت والعزاء، وأعرف مثل غيري قيمة الوقوف في ساعات الحزن هشًا ومهزومًا أمام الموت نتشبث بالأكف المتضامنة ضد عتمة الفقد الجاثمة، لكن هذا لا يمنع من التنبه إلي الخطورة السياسية والاجتماعية فيما يجري من نشر إعلانات التعازي والمواساة ومشاطرة الأحزان التي تتتابع منذ أيام في صفحات الوفيات تنعي والدة أحد المسئولين الكبار، وحماة مسئول كبير آخر، لقد أحصيت مبدئيا ما تم نشره علي مدي أيام بطول وعرض صفحات، وقدرت أن قيمة ثمن هذه التعازي طبقًا لأسعار السنتيمتر في صفحات الوفيات قد وصلت إلي أكثر من عشرة ملايين جنيه!
نعم هذه الملايين لتعزية مسئولين ورجلي أعمال في وفاة قريبة لهما، ومازلت أؤكد كل احتراماتي لذكري العزيزة الفاضلة تغمدها الله برحمته وأدخلها فسيح جناته، لكن ليس بعشرة ملايين جنيه يشعر الأهل بالتسرية وبالطمأنينة، كما أنه لا يدخل المرء الجنة لأن عزاءه تكلف عشرة ملايين جنيه!أفهم حجم وأهمية المجاملات في حياتنا القائمة علي النفاق المتبادل ومسح الجوخ وادعاءات المحبة، لكن عندما تصل المجاملات إلي حد هذا البذخ الهائل في الإنفاق علي مجرد سطور تعزية وعندما تكون موجهة لمسئولين في الدولة لها مواقعها ونفوذها ومن شخصيات وشركات وهيئات تحتفظ بعلاقات عمل ومصلحة وتعامل مع هذين المسئولين ومناصبهما المهمة والحساسة (فلم يعد أحد حساسًا علي الإطلاق، ولم تعد هناك حساسية من أي شيء) عمومًا فيضان التعازي المكلف والفج أمر يثير التساؤل، ولا أقول حاشا لله يثير الريبة، لكن كان واجبًا علي هذين المسئولين أن يطلبا وقف هذا السيل من التعازي حيث يختلط فيها من يحب شخص المسئول بمن يحب مقعد المسئول، ومن يسعي لمشاطرة الأحزان، ومن يسعي لمشاركة الأعمال. هذا مظهر من مظاهر النفاق كما قد يفسره البعض،
ومن ملامح الترف ومن علامات الجنوح الشديد للعلاقة بين الثروة والسلطة في مصر، وأحسب أن هذا هو الوجه الآخر للترف المبذر في الإنفاق علي الأفراح، وحفلات الزواج التي تكلف الملايين من الجنيهات (وربما الدولارات...) لليلة فرح واحدة، وتعكس هوس الثروة في البلد حين تنفق أسرة لأجل ليلة عرس إنفاقًا عبثيا سواء علي كوشة بالزمرد والماس أو إلقاء عشرات الألوف من الجنيهات علي شكل جنيهات ذهب وهدايا عينية علي رؤوس المدعوين، فضلاً عن حجم ونوعية البوفيه المحتشد بأصناف من الطعام لم تكن موجودة يومًا علي مائدة هارون الرشيد شخصيا، ولا أظن أن ملكة انجلترا تعرف تلك الأصناف من الطعام التي توضع أمام مدعوين ومعازيم حضروا بالطائرات الخاصة لقاعة الأفراح وغير ذلك من تفاصيل خيالية تجعلنا نتساءل عن المسئولية الأخلاقية لهؤلاء المليونيرات ،سواء في لحظات الفرح أو ساعات الحزن تجاه مجتمع مش لاقي ياكل!
وبمناسبة ساعات الحزن والفرح، فقد دخلت ذات مرة أحد المحال في مول تجاري شهير وقد بدت في واجهته ساعات جميلة وأنيقة، وقد قررت أن أشتري ساعة لزوجتي في عيد ميلادها، رحب بي موظفو المحل، وقدموا لي عدة ساعات لأختار من بينها، أعجبت بساعة لطيفة، وقدرت أن سعرها سيكون في المتناول، فقد بدأت أرتاب من موظفي المحل الذين يشبهون مدراء البنوك، وقلت وأنا عامل فيها غير مهتم: ودي سعرها كام.فقال الرجل رقمًا لم أتبينه، ولعلي لم أصدقه، فتجاهلته طبلة أذني الوسطي، وأعدت السؤال: بكام، فرد بحروف أوضح: خمسين الف جنيه!حاولت أن أتماسك حفاظًا علي منظري، وأخذت أداري أستيك ساعتي المقطوع، وأشرت لأخري: طيب ودي، فأجاب بقوة: ربع مليون.رددت: ربع مليون إيه.فقال: يا أستاذ إبراهيم إيه اللي جابك هنا.. أنت راجل زينا، عايز أقولك يا بيه إن امبارح فقط بعنا عشرين ساعة يد حريمي، كل واحدة فيها بستين ألف جنيه، يعني احسب بقي.. وعارف ليه، عشان هدايا تترمي في فرح بنت فلان.
وقال اسمًا فأجبته: تعرف أنا نفسي في أي ساعة، رد: إيه، قلت: ساعة الصفر!!

أكثر ما تحتاجه مصر الآن هو التطرف

إبراهيم عيسي
أكثر ما تحتاجه مصر الآن هو التطرف.. ليس التطرف الديني الأحمق الذي يعبر عن تعصب جهول وعن جهل متعصب.
لكن مصر تحتاج بشكل عاجل وعميق لبعض التطرف، نعم تطرف أولادها من المثقفين والسياسيين أصحاب الضمائر، تطرفهم في التمرد علي الأفكار البالية، علي التمسح في السلطة، علي الرضوخ لقمع الحكم وقهر السلطة
سواء هذا القمع الخشن أو الناعم، القهر الصاخب أو الهادئ الذي يتغلغل في وجدان المصريين فيجعل بعضهم مخبرين ومرشدين عند الحكام أو أذرعًا لهم تبطش وتطيش أو عونا لهم علي إخوانهم، أو مسالمين مستسلمين معاكم معاكم، عليكم عليكم، ولذلك عندما تتأمل المحيط المصري من مجتمع ينسي كرامته وكبرياءه تحت دعوي رغبته في أكل العيش وتربية العيال فينتهي به الأمر لا عارف ياكل عيش ولا العيال اتربت، تجد بيئة مشجعة علي النفاق الرخيص والمبتذل تذللا لطلب الرزق وتمسحا بالسلطة بحثا عن الرضا والصعود الوظيفي أو الطبقي، ثم تجد مجموعا هائلا من الناس ينحرف علي طريقته سواءً بالرشوة والفساد الصغير أو بالسرقة العلنية الفجة والفاجرة أو بالغش بالنصب وبإطعام الناس لحم الحمير أو تسريب أسئلة امتحانات الثانوية مثلا، ثم تجدنا جميعًا الرافض والمعارض والموافق والمتوافق كلنا متورطون في قبول الأمر الواقع، صامتون ومتعايشون مع القبح والمرض والفساد والاستبداد، ونقنع أنفسنا بأن الكل كده ،وح تعمل إيه يعني ،وما يقدر علي القدرة إلا ربنا، مصر في هذه الفترة جامدة جدا كأنها في ثلاجة مستسلمة للثبات والركود ماشية جنب الحيط ترتجف من المستقبل، حائرة بليدة لا هي تواجه ضعفها ولا هي تحاول تغيير وضعها ولا هي تتصادم مع حكامها، مصر تحترف التنكيت الخفي علي السلطة الذي هو مظهر من مظاهر التنفيس والجبن معا، يلسن ويلقح ويتشكي من رموز الفساد لكن ساعة الجد يلف ويدور ويتراجع ويتمحلس ويفوت ويتمسكن ويقبل ويتقبل ويسالم ويستسلم، هذا من أكبر معارض حتي أصغر مواطن تسمع منهم غضبا متفاوت القوة وانزعاجا من الوضع متباين الدرجة ونقمة وقرفا من الفساد والناس اللي واكلة البلد وناهبة خيرها، لكن هؤلاء جميعا بمجرد ما يناديه وزير أو يسعي له مسئول أو يكلمه ضابط في التليفون يتحول ويتلون ويهدئ من لهجته ويخفف من حدته حتي إننا لا نكاد نري بأعيننا سوي حربائيين في واقعنا قادرين علي الصمت لحظة وجوب الكلام وعلي المهادنة ساعة حتمية المصادمة ومن هنا لا يفلح أي شيء في حياتنا وتخبو جذوة المطالبة بالتغيير وتتفتت كل حركة مطالبة بالحقوق وتنفض صفوف المظاهرات وتتآكل المواثيق والعرائض، ولكن هذا التراجع المخجل يصنع لنفسه مبررا عقيما وهو الاعتدال
يعني إيه اعتدال؟
الحاكم في مصر يمتدح الاعتدال جدا، لا غرابة إذن في أن تكون السلطة والحكم والنظام في مصر دائماً وأبدا هي أكبر دعاة الاعتدال المصري المزعوم وأشد المهللين المحبذين المزينين له ومحترفي التغني المخادع الماكر به، ذلك لأن هذا الاعتدال المرضي كما يشرح دكتور جمال حمدان في كتابه «شخصية مصر» ليس فقط ضمان البقاء المطلق لهم. ولكن أيضاً ضمان التسلط والسيطرة المطلقة، فمجتمع هذا النوع من الاعتدال العاجز مجتمع بلا صراع، ومجتمع بلا صراع مجتمع من العبيد أو قطيع من الأقنان.. ويضيف حمدان: وإذا كان النظام الحاكم يباهي دائماً بما يسميه «الاستقرار» في المجتمع المصري، لاسيما في مقابل عدم الاستقرار الذي يميز معظم الدول العربية الشقيقة، فإن الحقيقة والواقع أن ذلك إنما هو استقرار الجسد الميت والجثة الهامدة، وإذا كان صحيحاً أن بعض الدول العربية وغير العربية في المنطقة تعاني فعلاً من عدم الاستقرار، فإن ما تعاني منه مصر حقيقة إنما هو فرط الاستقرار.
وها هو نظام الحكم يتغني بالمعارضين المعتدلين ويصف من يرضي عنهم من معارضين حلوين وطيبين بالاعتدال بما يملكونه من ملفوف الكلام وتمرير النفاق للرئيس مقابل ادعاء المعارضة لمن تحت يد الرئيس والتوسل للرئيس بالتدخل كالمنقذ الإلهي من فساد من حوله، يتغني النظام بمعارضي تحت السيطرة أو بالمعارضين الموتي، بوصف المعارض الجيد المعتدل هو المعارض الميت، والغريب أن النظام يعتقد أنه يجب أن يرضي عن معارضيه بل ويحدد لهم كيفية معارضته كأنها المعارضة بالاستئذان وبالأختام فمن يحصل علي إذن الحاكم وختم الحكومة فهو معارض طيب مسموح له بالمعارضة مننا وعلينا، أما الذي يمارس المعارضة كمعارض فهو هدام وغير موضوعي وغير معتدل ومتطرف يجب أن يتبرأ منه المعارضون الطيبون حتي يحصلوا علي تمام الرضا والسير في صف الاعتدال!
والمعتدلون طبعا يدعون أنهم القادرون علي الحوار مع الطغاة وانتزاع الحقوق بالملاينة والمحايلة من رموز الحكم، فالاعتدال حجة المنافقين حين يمتدحون وحجة الصحف حين تتمايع وحجة المثقف حين يتنازل وحجة المعارضة حين تتحاور وحجة الإخوان المسلمين حين ينكمشون في تنظيمهم وحجة الشعب المصري المسروق المنهوب المقموع المضروب علي دماغه فيقول إنه شعب معتدل غير دموي لديه روح السماحة والوسطية!
وهذا كله محض ادعاء وكذب طويل الأمد، عميق الحضور في الجينات المصرية، نعم يري كثيرون أن هذه البلادة التي يعيشها المجتمع المصري إنما هي روح الاعتدال عند الشعب والتي تميزه طيلة عمره التاريخي وتجعل منه شعبا صانعا للحضارة.. والحقيقة كما أتصورها أن هذا الاعتدال الوهمي هو سبب أن مصر تغرق في الذل دون أن تثور لكرامتها وتنحدر في الضعف دون أن تأباه علي كبريائها، حتي بات اعتدال المصريين هو باب التنازل عن الحقوق والتخلي عن الواجبات، وربما تجد تفسير هذا كله في النظرية التي تحدث عنها دكتور جمال حمدان في كتابه المؤسس «شخصية مصر» وهو يجيب عن سؤال كيف كان الاعتدال آفة الشخصية المصرية في الصميم وعلي وجه التعميم؟ «فذلك أن المصري فعلاً صبور ولكنه قنوع أكثر مما ينبغي، دءوب مثابر إلا أنه إيجابي أقل مما يجب، واقعي جداً بدرجة تجعله مثالياً أقل من اللازم جداً، مستقر إلي حد بعيد لكنه غير حركي بما فيه الكفاية، محافظ بالتأكيد إلا أنه غير ثوري علي الإطلاق، طيب سمح الأخلاق حقا ودمث فعلاً غير أنه بسيط غير طليعي محدود الأفق نوعاً، صلب إلي حد معلوم ولكنه غير طموح، جريء مغامر بما فيه الكفاية، بعيد بالفعل عن التعصب بيد أنه ليس قريباً بالقدر الصحيح من العصبية وقوة الشكيمة التي هي أساس الصلابة الوطنية، وفي النتيجة النهائية أميل إلي الكم منه إلي الكيف، يفضل الحياة علي الحرية، والبقاء علي القيادة، باختصار شخصية غير مقتحمة غير متحدية أو متوثبة متفجرة وإن كانت معتدلة، شخصية متوسطة ولكنها غير طليعية غير قيادية» .
إذن الاعتدال خصوصا في مصر هو القيمة سيئة السمعة لتبرير التعايش مع الظلم والرضا بالواقع الاكتئابي والسكوت عن المواجهة، وهذا الاعتدال الممتدح في مصر حكومة وشعبا إنما هو التحريض علي التواطؤ ضد الحلول الحقيقية وضد المطالبة بالتغيير الجذري والحقيقي والعميق، تغيير يصل إلي جذور شجرة الفساد والاستبداد ولا يكتفي باعتدال وتشذيب فروع وغصون، تطرف في الحلم لأن تكون مصر بلدا في صدارة الدنيا وعلي قمة الحضارة وليس اعتدال الاكتفاء بالأكل والشرب والرشوة والنهب، يصف دكتور جمال حمدان الشعب المصري « طيب لا بأس به أصلاً كخامة، إلا أنه طيب أكثر من اللازم، طيب بدرجة ساذج أحياناً، وساذج بدرجة عاجز نوعاً، وعاجز بدرجة مسالم نسبياً، ومسالم بدرجة خاضع إلي حد ما.من ثم، وعلي الجملة، نجد دور مصر في الحضارة أكبر بالقطع من دورها في القوة والإمبراطورية، ومن هنا، وليس من هناك، كانت أول حضارة، ولكن للأسف كانت أيضاً أطول مستعمرة، ومصر بهذا ما عاشت ولا بقيت آلاف السنين إلا لأنها قبلت بالحلول الوسطي مع السادة الغزاة مؤثرة البقاء علي الصدام ولكن بثمن الخضوع ولا نقول العبودية.» هنا بالضبط خطورة ما نحياه ونعيش فيه «إذا كنا نعيش فعلا» من اعتدال وهمي ومن قبول لحلول مؤقتة خايبة فنحن في حاجة ماسة إلي قوة خيال متطرف في اتخاذ المواقف، في طرح الأفكار، في وضع المشروعات، في رسم الخطط، في تغيير الواقع، في رفض الحال الراهن، في البحث عن حلول جذرية، في الإيمان بإمكانية إزاحة القديم لجديد متجدد لأن الاعتدال المصري هو أساساً «تطرف في الاعتدال»، كما تذهب نظرية جمال حمدان، وهو من ثم مرض خبيث، بل ومن أخبث أمراض مصر، وربما مقتلها البطيء المزمن علي مر الزمن، فإذا كان التطرف في التطرف تدميراً وهدماً وعدمية، فإن التطرف في الاعتدال إفراط في السلبية، ومن هنا فإن بعض التطرف خير من بعض الاعتدال، فقد يكون الاعتدال فضيلة، ولكنه قد يكون أحياناً الفضيلة التي هي عجز، والمطلوب لمصر الآن -لاحظ أنه مطلوب جمال حمدان قبل ما نطلبه بـ 26 عاماً- هو «الاعتدال في الاعتدال»، ولا علاج لها سوي جرعة محسوسة ولكنها محسوبة من التطرف المعتدل كمصل مضاد لاعتدالها المتطرف.ما ينقص مصر إذن بالتحديد في هذه النظرية قدر معتدل من العنف وأكثر منه من العنفوان، قدر من القوة وإرادة القوة
حقيقة لم نسمع أبدا عن معتدلين غيّروا التاريخ، لم نشهد أبدا أفكارا معتدلة صنعت تغييراً للناس وللمواطنين وللشعوب، كل الأفكار والآراء والشخصيات التي غيّرت مجري التاريخ بل وصنعت التاريخ هي المتطرفة التي رفضت الاعتدال المستسلم والمحافظة الرجعية والسكوت الساكن، الذي يحرك الأمم ويقيم الحضارة هم المتطرفون في خيالهم فيكتشفون ويخترعون، هم فاتحو البلاد وغزاة المجهول والقارات، هم واضعو النظريات ومؤسسو الأمم، هم مفجرو الثورات العلمية والسياسية والصناعية، حتي الأنبياء وحتي الأديان كلها بدأت بدعوة من شخص اتهم بالتطرف بل وبالجنون كذلك وتأسست بالثورة، ثورة الدعوات الجديدة ضد القديم البالي وضد عبادة أصنام العقائد والأفكار، لكن أن يتحول المواطن المصري ثم الوطن المصري إلي هذا الاعتدال المزيف لتمديد عمر الطغاة فهذا هو مرض البلد العضال وهو ما يصف حمدان المواطن المعتدل بأنه «يفرط الاعتدال حتي يتحول إلي مواطن سلس ذلول، بل رعية ومطية لينة، لا يحسن إلا الرضوخ للحكم والحاكم ولا يجيد سوي نفاق السلطة والعبودية للقوة وما أسهل حينئذ أن يتحول من مواطن ذلول إلي عيل ذليل...... بعبارة أخري، مأساة مصر في هذه النظرية هي الاعتدال، فلا هي تنهار قط ولا هي تثور أبداً، ولا هي تموت أبداً، ولا هي تعيش تماماً ».
هذه هي مصر إذن، في حين تحتاج تطرفاً في الحب والخيال والسياسة لا تجد سوي مجتمع «معتدل مارش»!

هيه جت عليه!

إبراهيم عيسي

ليس رئيس زيمبابوي روبرت موجابي الوحيد الذي يحكم منذ 28 عامًا بلدًا في أفريقيا ولدينا في مصر الرئيس مبارك يحكم منذ 27 عامًا، ثم في ليبيا يحكم القذافي منذ 39 عامًا فلماذا انقلب الغرب والأمريكان غضبًا ولعنا علي موجابي بينما يرعي الغرب ذاته والأمريكان أنفسهم نظام الرئيس مبارك، هل لأن موجابي يقوم بتزوير الانتخابات؟! يا سلام.. طيب ما كل انتخابات نظام الرئيس مبارك مزورة، شعب، شوري رئاسة، كله علي كله، هل الغرب غاضب من وعلي موجابي لأن حزبه يحتكر السلطة ويقمع المعارضين ويسجن المنافسين، يا سلام (يا سلامين) ما مصر بجلالة قدرها يحكمها حزب محتكر للسلطة وللحديد وللبشر وللفساد والاستبداد ويرمي بمعارضيه في السجن أو المنفي أيهما أقرب، لا فرق بين حزب موجابي وحزب مبارك فإنهما كالأخوين التوأم نفس الشبه والملامح، إذن لماذا يغضب الغرب من موجابي فقط ويلوح بالعقوبات ويهدد بالتدخل ويندد في البيانات ويحاصر وينذر بإنزال أقسي الإجراءات، بينما هو أليف لطيف خفيف مع نظام مبارك (والقذافي وبونجو وكل ديكتاتوريي أفريقيا وحكامها الأبديين)، الأمريكان غضبانيين قوي علي موجابي، لأنه قال إن الله وحده هو الذي يمكنه إزاحته عن منصب الرئاسة وأنه باق في الحكم حتي آخر نفس، ولكننا سمعنا نفس الكلام ربما بنفس الحروف من كل الرؤساء الأبديين الخالدين علي مقاعد السلطة الذين يمنعون أي منافس ويسحقون أي معارض ومع ذلك لم يغضب أو يتغاضب الأمريكان والغرب عندما قال مبارك شيئًا من هذا واضحًا تمامًا وأنه باق في الحكم حتي آخر نبضة، إذن لا فارق علي الإطلاق بين الرئيسين موجابي ومبارك من حيث:
1- الخلود في السلطة.
2- احتكار الرئاسة.
3- تزوير الانتخابات.
4- سحق المنافسين وسجن المعارضين.
5- احتكار حزبه للحكم ومنع أي احتمالية لتداول السلطة.
6- استخدام العنف الرسمي والبلطجة غير الرسمية ضد المظاهرات والمتظاهرين.
إذا كان هذا التشابه واضحًا تمامًا فلماذا تستنفر هيئات الغرب الرسمي والحكومي كل حمم الغضب والضغط علي موجابي لإجباره علي التخلي عن الرئاسة أو إتاحة الفرصة للمعارضة في المشاركة في الحكم بينما هي صامتة ساكتة راضية قانعة داعمة لنظام مبارك ولا تجد في مواجهة نظام مبارك واحدًا علي مليون مما يتعرض له موجابي ونظامه، فما السبب؟
إنهما سببان!
الأول: ابحث عن إسرائيل.. نعم إسرائيل فهي شريان حياة نظام مبارك في الغرب الأمريكي والأوروبي، حيث يحتاج الغرب والأمريكان بقوة لنظام الرئيس مبارك الصديق لإسرائيل لأداء مهام التهدئة والوساطة والاحتواء للفلسطينيين والضغط والحصار لغزة وحماس، هذا الدور الذي يلعبه النظام المصري هو الضمانة الكاملة لدعمه في أوروبا وأمريكا أو علي الأقل غض البصر والسكوت عن ممارسات الاستبداد المصري التي لا تقل عن ممارسات الاستبداد الزيمبابوي.
الثاني: الرأسمالية الغربية.. ففي الوقت الذي يفتح فيه نظام مبارك مصر علي البحري للشركات الغربية والأمريكية للتملك في مصر منشآت ومصانع وبنوك وأراضي فإن نظام موجابي يحارب الرأسمالية الغربية ورموزها ورؤوسها في زيمبابوي بل يصادر ملكياتها أو ملكيات وكلائها في زيمبابوي.. وبينما يتحول رجال الأعمال المصريون إلي توابع ومشاركين وممثلين ووسطاء ووكلاء للرأسمالية الغربية في علاقة مصالح مرعبة من حيث ارتباطها الوثيق بأجندة الغرب والبنك الدولي وصندوق النقد فإن موجابي في زيمبابوي يحارب رجال هذه الشركات والمؤسسات من أهالي البلد حتي إنه يصادر أملاكهم ويؤممها بل يسجنهم.
فالحقيقة إذن أن الغرب لا تهمه ديكتاتورية مبارك ولا استبداد موجابي، هو يهمه أمران، الأول إسرائيل وموجابي بعيد عنها ولا يلعب أي دور في الفيلم الصهيوني، الأمر الثاني هو المال «show me the money» يعني لايمني علي الفكة، ومن هنا فالنظام المستبد الذي يخدم بقاء إسرائيل وأمنها ويخدم مصالح الغرب وفلوسه لا أحد يقترب منه ولا يضغط عليه أما نظم مستبدة تعكر مزاج إسرائيل أو تمس طرف فستان الرأسمالية الغربية فليس لها سوي العصا.
كان الرئيس روبرت موجابي وهو يتجول بنظراته في قاعة مؤتمر الاتحاد الأفريقي في شرم الشيخ فيري مبارك وزملاءه من مستبدي أفريقيا مطمئنين مرتاحي البال يطبطب عليهم الغرب ويحنو علي أنظمتهم فيقول موجابي في سره: إشمعني أنا، والله عنده حق.. هيه جت عليه!