بقلم خيرى رمضان
لست أنت الخاسر، بل هم الخاسرون.. عشت ومت مكرما وهم المهانون.. فلا تغضب سيدي من مصر التي أحببت، فمصر مثلك تتألم كثيراً ولا يحبها المسؤولون.
«الدولة غابت عن جنازة عبدالوهاب المسيري».. الدولة مشغولة، تصطف علي أبواب سرادقات عزاء جيران وأقارب السادة المسؤولين، يكتبون فيهم القصائد وينشرون نعياً بالملايين.
لا تغضب سيدي، فمصر التي أحبتك غير «مصرهم» التي تخاف المفكرين.. لم تخطئ يوماً لأنك قلت لا، وهم يعشقون «نعم»، هل عاتبت نفسك سيدي، لأنك لم تضع رأسك موضع قدميك، لم تحرز هدفاً في مالاوي حتي يحملوك علي الأعناق.. ولم تهرب إلي «سيون» فيهتم الرئيس ويطلب حل مشكلتك فوراً.. لا تغضب فهم لا يعرفون أنك قضيت عمرك، أنفقت مالك وصحتك علي موسوعتك «اليهود واليهودية والصهيونية»، ٢٧ عاماً يا رجل تكتب ثمانية مجلدات هزت العالم، كانوا مشغولين بتزوير الانتخابات، ومتابعة المباراة النهائية، حتي يستعد الرئيس لتكريم الفائزين.
لا تغضب سيدي من مسؤولينا، لقد كانوا هناك في افتتاح «الكباريه» فدولتنا تحب الفن والفنانين.. هل تذكر يوم أن مرض الممثل والنصاب واللص الهارب، انتفضت الدولة بقرار فوري لعلاجه بالخارج؟.. كم كان ألمك قاسيا، ووحش السرطان يتوغل في دمك، دمك النازف حباً وتقديراً لهذا الوطن، وقت ألمك كان الوطن نائما في أحضان الفساد، تركوك تئن، ولم يقل أحد للسيدة سوزان مبارك إنك حزت جائزتها عن أدب الطفل، لو قالوا لها، ما حدث شيء!
رفضك صاخب سيدي، وألمك شامخ، وهم لا يحبون الرافضين، طاردوك في الشوارع، خطفوك وألقوك وحيداً في الصحراء.. فهل كنت تنتظر من هؤلاء أن يذهبوا إلي جنازتك؟ هل كنت تتوقع أن يشجعوا كل معارض يقول لا، فيذهبوا إلي جنازته ليتحدثوا عن عبقريته أمام كاميرات التليفزيون؟!
هم لا يحبونك سيدي، مثلما لا تحبك إسرائيل، كانوا ينتظرون موتك كما تمناه الصهاينة.. آه لو كنت مطبعاً، أو مولعاً بحبهم، مشيداً بأغاني الوطن، لكانوا حملوا نعشك وذرفوا دموعهم.
لا تحزن يا مسيري، فغيابهم تكريم، وكراهيتهم محبة، وقلوبهم شتي.. أنت لست منهم، كنت عليهم، وكنت معنا.. فصوتك كما سوطك باق، وهم زائلون، زائلون!
Sunday, July 6, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment