جمال أسعد عبد الملاك
يقول المثل المصري (الصيت لطوبة والفعل لأمشير) أي أن الشهرة الموروثة تاريخيا والخاصة بالمناخ المصري على مدى التاريخ تقول أن البرد القارص يكون في شهر طوبة ولكن الفعل في الحقيقة أن برد أمشير هو أقسى من طوبة. وعلى هذا القياس هل الإشكالية الحادثة الآن والاستفزاز الغير مسبوق والاحتكار الذي تخطى كل الحدود. وتضيع شخصيته من عازف موسيقى إلى رجل من كبار المليارديرات وتنطيط شاب لا علاقة له بالسياسة إلى رجل يظهر أنه صانع السياسات.
هل هذه الأفعال الشاذة والمستفزة جماهيريا والضارة للجماهير اقتصاديا والمحبطة للجميع نفسيا هل هي من صنع تلك الشخصية الهابطة لعمل العام بالبراشوت المسماة بأحمد عز الشهير بعزو؟.
أم أن هذه الشخصية بتلك المواصفات المكروهة والمرفوضة من طوب الأرض هي نتاج لمناخ فاسد ولنظام ضعيف ولدولة غائبة ولقانون قد سقط تحت الأقدام، أعتقد أنه كذلك لأنه مهما كانت قوة هذا العز ومهما كانت سطوة أمواله التي جمعها من الاحتكار ومص دم الجماهير بكل الطرق الغير مشروعة. ومهما كانت امكاناته الفذة الغير موجودة من الأساس فلا يملك عز ولا مائة عز أن يفعل أي شيء من الذي يفعله ولكن عز يستمد القوة الأساسية من ذلك الدور المرسوم له بدقة ليس من لجنة السياسات حيث أنه لا يوجد لجنة للسياسات مثل ما يروج ويعلن كنوع من التأكيد لدور جمال مبارك ابن الرئيس، فهو يستمد تلك القوة أو هذه السطوة من جمال مبارك شخصيا. وذلك لأن جمال مبارك قد جاء إلى الحياة السياسية بنفس الطريقة التي شرفنا بها أحمد عز.
فجمال مبارك تحول من رجل يعمل ببنك بأوروبا وليس له أي علاقة بأي عمل سياسي أو حزبي ليظهر إلى الحياة العامة من خلال ما يسمى بجمعية شباب المستقبل وكان كل زخم تم لهذه الجمعية ليس بصفتها جمعية أهلية مثل آلاف من الجمعيات المشهرة في مصر ولكن كانت البداية ومازالت باعتبار أنها جمعية ابن الرئيس، واعتمادا على هذه الصفة (ابن الرئيس) التي كانت هي مفتاح السر إلى الآن وما بعد الآن. فهذه الصفة كانت بديلا لكل ما يريده جمال الابن مهما كان ذلك فيه من إهدار للدستور أو إسقاط للقانون وتجاهل لكل البروتوكولات السياسية في العالم. فلا الدستور ولا القانون ولا أي بروتوكول يعطي لإبن الرئيس ولا لعائلة الرئيس أي صلاحيات تجعلهم مثلا يسبقون رئيس الوزراء والوزراء، أي أن يكونوا في عداد رئيس الجمهورية.
أي أن دستورهم الخاص وقانونهم الملاكي وبروتوكولهم الوراثي قد أعطى للعائلة ما هو للرئيس دستوريا. ولذا نرى جمال وهو رئيس لجنة في الحزب الوطني من عشرات اللجان وقد أصبح أحد الأمناء المساعدين يسبق بروتوكوليا وإعلاميا الجميع. فهو بعد مبارك الأب في وجوده في الصورة وهو الأول وحده عند غياب الأب، ولذا فمن الواضح عرفيا وفرضا على الجميع أن يكون الابن على هذا الوضع، الشيء الذي جعل كل بني مشتاق من المصريين ذات الطموح الغير مشروع وحدهم يحبون الوصول على حساب الآخرين بالنفاق والخضوع والتزلف. أقول التف هؤلاء حول جمال مبارك أملا في عضوية لجنة أو في عمادة كلية أو موقع أو وزارة أو على أقل تقدير أن يكون الشخص منهم قريبا من ابن الرئيس والاهم عندما يصبح الابن رئيسا. حسب خطة التسويق الرئاسية التي يشارك فيها هؤلاء.
ذلك المناخ الوراثي الفاسد الذي سمم الأجواء السياسية ونشر الفساد وجعل الولاء للأشخاص أيا كانت قدرتهم وصلاحيتهم أهم من الولاء للوطن وللعمل وللقيمة، هذا الفساد في الاختيار والولاء وقد أصبح سمة هذا الحاضر السياسي جعل شخص مثل الأنبا بيشوي والمتطلع أن يكون بديلا للبابا شنودة في رئاسة الكنيسة القبطية جعله ينافق النظام وينافق جمال ويدعو لاختيار جمال رئيسا بل وصل الحال بهذا الأسقف الراهب الزاهد الذي مات عن العالم وفي نفس الوقت متطلع للعالم أن يدعو الأقباط إلى اختيار جمال وكأن الأقباط مربوطون في العزبة التي ورثها عن جدوده. في هذا الإطار ومن خلال هذا المناخ ظهر احمد عز بجوار جمال مبارك وذلك لكي يكون الذراع المالية لجمال ولمخططاته سواء الحزبية أو غير الحزبية، وحتى يكون أيضا عز هو الصورة والشخصية التي تنفذ السياسات المطلوبة تنفيذها خاصة في مجلس الشعب حيث أن هذا العز الذي استمد علاقته السياسية من الآلات الموسيقية والذي اكتسب قدرته الاقتصادية من خبرته في الاحتكار. يصبح هذا العز رئيسا للجنة الخطة والموازنة والاهم من خلال الارتباط الشخصي الذي يعرفه ويلمسه أعضاء الهيئة البرلمانية لحزب الوطني بشخص جمال مبارك يصبح عز أهم شخصية في مجلس الشعب، ليس أهم من رئيس الهيئة البرلمانية ولكن للأسف الشديد فهذا أهم من رئيس مجلس الشعب ذاته فهو الذي قال أن ما يهم الحزب الوطني ليس الجماهير فالحزب ليس من أعماله حل مشاكل الناس. ولكن الحزب ما يهمه هو كيف يظل في السلطة.عز هو الذي بدأ من خلال إعداد الموازنة العامة للدولة بلجنة الخطة والموازنة. بدأ في القضاء على الدعم بشك فعلي، وهو الذي يمر كل القوانين التي هي في صالح الأغنياء وضد كل الفقراء بتنفيذ سياسة البنك الدولي الذي يقوم بتبني سياساته ووضعها موضع التنفيذ.
جمال مبارك شخصيا بداية من رفع الدعم وفرض الضرائب على الفقراء وآخرها قانون الضرائب العقارية وليس آخرها قانون الاحتكار الذي ضمن لكبار الرأسماليين إمكانية الاحتكار كيفما يريدون وكله مقابل ثلاثمائة مليون جنيه عامية، فهل هذا العز هو من يملك أن يفعل هذا أو يتصدى للرأي العام المصري. أم أن الصانع الفعلي لتلك السياسات المؤسس لكل هذه الاحتكارات والناشر لكل هذه الاستفزازات هو جمال مبارك شخصيا الذي يحمي ويوجه ويضحي بهذا العز عند اللزوم؟ فلمن الفعل يا سادة .. لعز (الطوبة) أم لجمال أقصد (لأمشير)..
Tuesday, July 8, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment