إبراهيم عيسي
ليس رئيس زيمبابوي روبرت موجابي الوحيد الذي يحكم منذ 28 عامًا بلدًا في أفريقيا ولدينا في مصر الرئيس مبارك يحكم منذ 27 عامًا، ثم في ليبيا يحكم القذافي منذ 39 عامًا فلماذا انقلب الغرب والأمريكان غضبًا ولعنا علي موجابي بينما يرعي الغرب ذاته والأمريكان أنفسهم نظام الرئيس مبارك، هل لأن موجابي يقوم بتزوير الانتخابات؟! يا سلام.. طيب ما كل انتخابات نظام الرئيس مبارك مزورة، شعب، شوري رئاسة، كله علي كله، هل الغرب غاضب من وعلي موجابي لأن حزبه يحتكر السلطة ويقمع المعارضين ويسجن المنافسين، يا سلام (يا سلامين) ما مصر بجلالة قدرها يحكمها حزب محتكر للسلطة وللحديد وللبشر وللفساد والاستبداد ويرمي بمعارضيه في السجن أو المنفي أيهما أقرب، لا فرق بين حزب موجابي وحزب مبارك فإنهما كالأخوين التوأم نفس الشبه والملامح، إذن لماذا يغضب الغرب من موجابي فقط ويلوح بالعقوبات ويهدد بالتدخل ويندد في البيانات ويحاصر وينذر بإنزال أقسي الإجراءات، بينما هو أليف لطيف خفيف مع نظام مبارك (والقذافي وبونجو وكل ديكتاتوريي أفريقيا وحكامها الأبديين)، الأمريكان غضبانيين قوي علي موجابي، لأنه قال إن الله وحده هو الذي يمكنه إزاحته عن منصب الرئاسة وأنه باق في الحكم حتي آخر نفس، ولكننا سمعنا نفس الكلام ربما بنفس الحروف من كل الرؤساء الأبديين الخالدين علي مقاعد السلطة الذين يمنعون أي منافس ويسحقون أي معارض ومع ذلك لم يغضب أو يتغاضب الأمريكان والغرب عندما قال مبارك شيئًا من هذا واضحًا تمامًا وأنه باق في الحكم حتي آخر نبضة، إذن لا فارق علي الإطلاق بين الرئيسين موجابي ومبارك من حيث:
1- الخلود في السلطة.
2- احتكار الرئاسة.
3- تزوير الانتخابات.
4- سحق المنافسين وسجن المعارضين.
5- احتكار حزبه للحكم ومنع أي احتمالية لتداول السلطة.
6- استخدام العنف الرسمي والبلطجة غير الرسمية ضد المظاهرات والمتظاهرين.
إذا كان هذا التشابه واضحًا تمامًا فلماذا تستنفر هيئات الغرب الرسمي والحكومي كل حمم الغضب والضغط علي موجابي لإجباره علي التخلي عن الرئاسة أو إتاحة الفرصة للمعارضة في المشاركة في الحكم بينما هي صامتة ساكتة راضية قانعة داعمة لنظام مبارك ولا تجد في مواجهة نظام مبارك واحدًا علي مليون مما يتعرض له موجابي ونظامه، فما السبب؟
إنهما سببان!
الأول: ابحث عن إسرائيل.. نعم إسرائيل فهي شريان حياة نظام مبارك في الغرب الأمريكي والأوروبي، حيث يحتاج الغرب والأمريكان بقوة لنظام الرئيس مبارك الصديق لإسرائيل لأداء مهام التهدئة والوساطة والاحتواء للفلسطينيين والضغط والحصار لغزة وحماس، هذا الدور الذي يلعبه النظام المصري هو الضمانة الكاملة لدعمه في أوروبا وأمريكا أو علي الأقل غض البصر والسكوت عن ممارسات الاستبداد المصري التي لا تقل عن ممارسات الاستبداد الزيمبابوي.
الثاني: الرأسمالية الغربية.. ففي الوقت الذي يفتح فيه نظام مبارك مصر علي البحري للشركات الغربية والأمريكية للتملك في مصر منشآت ومصانع وبنوك وأراضي فإن نظام موجابي يحارب الرأسمالية الغربية ورموزها ورؤوسها في زيمبابوي بل يصادر ملكياتها أو ملكيات وكلائها في زيمبابوي.. وبينما يتحول رجال الأعمال المصريون إلي توابع ومشاركين وممثلين ووسطاء ووكلاء للرأسمالية الغربية في علاقة مصالح مرعبة من حيث ارتباطها الوثيق بأجندة الغرب والبنك الدولي وصندوق النقد فإن موجابي في زيمبابوي يحارب رجال هذه الشركات والمؤسسات من أهالي البلد حتي إنه يصادر أملاكهم ويؤممها بل يسجنهم.
فالحقيقة إذن أن الغرب لا تهمه ديكتاتورية مبارك ولا استبداد موجابي، هو يهمه أمران، الأول إسرائيل وموجابي بعيد عنها ولا يلعب أي دور في الفيلم الصهيوني، الأمر الثاني هو المال «show me the money» يعني لايمني علي الفكة، ومن هنا فالنظام المستبد الذي يخدم بقاء إسرائيل وأمنها ويخدم مصالح الغرب وفلوسه لا أحد يقترب منه ولا يضغط عليه أما نظم مستبدة تعكر مزاج إسرائيل أو تمس طرف فستان الرأسمالية الغربية فليس لها سوي العصا.
كان الرئيس روبرت موجابي وهو يتجول بنظراته في قاعة مؤتمر الاتحاد الأفريقي في شرم الشيخ فيري مبارك وزملاءه من مستبدي أفريقيا مطمئنين مرتاحي البال يطبطب عليهم الغرب ويحنو علي أنظمتهم فيقول موجابي في سره: إشمعني أنا، والله عنده حق.. هيه جت عليه!
Saturday, July 5, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment