Thursday, October 30, 2008

السوس وصل للعضم

بقلم خيري رمضان

لمن لا يعلم، ولا يريد أن يلتفت أو يتوقف أو يغضب، «السوس وصل للعضم».. السوس ينخر في أخلاق الوطن. وطن الشهامة والمروءة والفروسية والتدين.. وطن المآذن والكنائس وصلاتي الجمعة والأحد.. وطن المحجبات والمنتقبات والراهبات.

لا شيء أخطر مما يحدث الآن، أخطر من فساد الحزب الوطني.. غرق العبارات، احتراق القطارات ومجلسي الشعب والشوري والمسرح القومي.. كل شيء يمكن إصلاحه، حتي لو مرت قرون، إلا الأخلاق، إذا فسدت، فلا جدوي من الحديث عن ديمقراطية أو تغيير، فالفاسد لا يغير.

وأتمني ألا أجد من بعض المتفلسفين من يقول إن هذا بسبب الفساد السياسي، فنحن نعيش في هذا الفساد بصور مختلفة منذ أكثر من نصف قرن، فلا تغسلوا أيديكم بعد التهام الحقيقة.

«السوس وصل للعضم»، وصل لمحافظة قنا، بلد «الصعايدة اللي بجد»، بلد لم يكن يعرف النكات القبيحة، ولا الأجساد العارية.. بلد له قانون خاص لا يقبل العيب ولا يعفو عن هاتك العرض أو خادش الشرف.

في قنا، بلد الثأر، لا العار، ضبطوا مدير مدرسة يدير شقة للسهرات الحمراء.. شقة للدعارة بقيادة رجل تعليم، مسؤول عن أبناء وبنات أبرياء في مدرسة ابتدائية.. الذئب يرعي الشاة حتي تنضج. «شقة يعني ناس داخلة وناس طالعة.. ستات ورجالة عيني عينك، وكله بتمنه».. في أي مكان جائز، لكن في قنا، مستحيل! والمستحيل حدث.

قبلها بأيام، رجل وزوجته كونا شبكة لتبادل الأزواج، وجها الدعوة علي النت، تقدم لهما ٥٠٠ زوج وزوجة، أخضعاهم للاختبار، فنجح ٤٠ زوجاً، أقاموا حفلات المجون والتبادل في شهر رمضان الكريم، الحفلة تبدأ بعد أذان المغرب، بعد الفطار، فالكل صيام، هذه نقرة وتلك نقرة أخري!

منذ يومين، قام اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة، بقيادة حملة انضباط في شوارع القاهرة. في يوم واحد ضبطت الحملة ٣٠٠ حالة معاكسة في الطريق، عادي، كل ثانية توجد حالة معاكسة، كل امرأة أو فتاة أو حتي طفلة لها حصتها من المعاكسة، عدالة في التوزيع، و٣٠ حالة تحريض علي الفسق، يعني رجل يحاول إغواء فتاة ويعرض عليها مقابلاً مادياً.. «العيشة» صعبة وكل شيء له ثمن، والفقيرة لا تملك إلا الشرف وهناك دائماً من يشتري.

في يوم واحد، وأعتقد في مكان واحد، هناك أعلي هضبة المقطم، أعلي جبل الدويقة، حيث تنتشر رائحة الموت وبقايا الجثث، ضبطت الحملة ٨٠ فعلاً فاضحاً في الطريق العام، قبلات وأحضان وما يزيد علي ذلك، داخل السيارات وخارجها، شباب مكبوت، لم يستطع الصوم وهو له «وِجاء»، مثلهم آلاف علي كورنيش النيل وفي شقق مغلقة، كما الضمائر والإحساس بالذنب!

في يوم واحد، ٤١٠ حالات تحرش، وفعل فاضح، وتحريض علي الفسق، ماذا لو قمنا بحملة كل يوم علي ربوع مصر؟!

«السوس وصل للعضم» فهل يجدي الصراخ الآن؟!

Monday, October 27, 2008

الهند

بقلم أحمد المسلماني

حين زار يوسف بطرس غالي الهند لم يجد فيها ما يلفت النظر إلا «التوك توك». انبهر الوزير بتلك العربة الساحرة انبهاراً شديداً، وقرر جلب آلاف «التكاتك» إلي أرض الكنانة ضمن رؤية حضارية جديدة!

***

أطلقت الهند، قبل أيام، أول مركبة فضاء إلي القمر.. والمركبة والصاروخ والمهام العلمية المنوطة بالمركبة كلها هندية مائة بالمائة. لم تذهب الهند إلي قاعدة «جيانا الفرنسية»، كما ذهبت مصر لإطلاق قمرها الصناعي، الذي يحمل المزيد من الكليبات.. لم يكن القمر قمرنا، ولا الصاروخ صاروخنا، ولا قاعدة الإطلاق قاعدتنا، ولا فريق العمل فريقنا.. كل ما أنجزنا هو قطع تذاكر السفر، ثم الجلوس كالأطفال في صالة المشاهدة لمتابعة ما يفعله الآخرون!

سوف تمكث مركبة الفضاء الهندية حولين كاملين، وسوف تجري تجارب علمية عديدة، وعمليات مراقبة حول القمر، وسوف تدرس طبقات سطح القمر، وستدرس أوضاع المياه.. أما الأخطر والأكثر إثارة.. فهو بحث طاقة بديلة للبترول، ومحاولة إحضار مادة «الهليوم-٢» من كواكب أخري إلي الهند.. إن «الهليوم-٢» يصعب استخراجه من كوكب الأرض، وتفكر الهند في استخراجه وجلبه من الفضاء!

***

في السنوات الخمس المقبلة ستبقي مصر منشغلة بتسريب امتحانات الثانوية العامة، ووضع ضوابط للدروس الخصوصية وكادر المعلمين، وسوف ننشغل أيضاً بانتخابات اتحاد الطلاب ونقابة المحامين وأحكام النقض في قضية سوزان تميم.

في السنوات الخمس ذاتها، ستكون الهند قد أطلقت «٦٠» رحلة فضائية، بمعدل «١٢» رحلة كل عام، وستكون الهند من كبريات الدول في تقديم خدمة «إطلاق الأقمار الصناعية»، بعد أن نجحت عام ٢٠٠٨ في إطلاق «١٠» أقمار صناعية بصاروخ واحد، منها قمران للهند، وثمانية أقمار لدول أخري!

وفي الوقت الذي انشغل فيه وزير البحث العلمي بكل شيء إلا البحث العلمي، ولم يحضر الوزير حفل تكريم العالم المصري د. مصطفي السيد في جامعة القاهرة أو عين شمس، وفيما ينشغل رئيس الوزراء بملفات كبري ومشرفة، من وزن السحابة السوداء وبالوعات العاصمة، وصناعة الخبز من خلط الذرة بالقمح، يقف رئيس وزراء الهند احتراماً في حفل مهيب ويقول: «إنها لحظة تاريخية.. نحيي علماءنا الذين رفعوا رؤوسنا.. إننا فخورون بما وصل إليه العلم والعلماء في بلادنا».

***

كان الساسة الهنود الذين تسلموا بلداً فقيراً مزدحماً جاهلاً لا أمل فيه، قد زاروا عواصم الحضارة، وعادوا ليجعلوا بلادهم في مقدمة العالم.. وفي مصر زار الساسة بلاد الهند، فعادوا بأسطول من «التوك توك»!

السجن لرجال الأعمال

بقلم على السيد

إذا كان رجال الأعمال فاسدين، فالسلطة تُقاسمهم الفساد، رغم أنها لا تشاركهم العقاب. تدس أنفها فى مالهم لأنها ترى نفسها شريكة فيه، وكذلك يحشر رجال الأعمال رؤوسهم وسط سيوف النظام طلبا للحماية وطمعا فى السلطة والجاه، لكن معظم الذين يقتربون من السلطة أكثر من اللازم يكتوون بنارها ما لم يكونوا شركاء معها كالحكومة الحالية.

تلقى، أى السلطة، بأموال البنوك تحت أقدامهم ثم تدخلهم السجون حين تنتهى اللعبة أو يخلص الدور. تفتح لهم حزبها وتهيئ لهم برلمانها، ثم تُشهّر بهم فى صحفها، لدرجة أننا لم نعد نعلم إن كان رجال الأعمال يمتطون السلطة ليصلوا لأهدافهم أسرع، أم أن السلطة هى التى تحولهم إلى حجارة تعبر عليها للضفة الأخرى ثم تتركهم للتيار يجرفهم فى أى اتجاه. لذلك فكثيرون يدخلون السجن وهم أبرياء.. وكثيرون يستحقون السجن ألف مرة ويعيشون حياتهم طلقاء لا تطالهم يد العدالة.

وكثير من رجال الأعمال دخلوا السجن، وكثير منهم ينتظر. وربما يكون سهلا، فى هذه الآونة، أن نستبدل المثل الشعبى (السجن للجدعان) بـ(السجن لرجال الأعمال)، رغم أن الفارق فى الحالتين كبير، إذ يقصد المثل أن الشهامة والشجاعة تقود أحيانا للسجن لكن، عند رجال الأعمال يختلف الأمر لأن منهم اللصوص والضحايا أيضا.

ومصر هى أكثر دول العالم حبساً لرجال الأعمال، ليس لأن السلطة تعمل بشفافية وتحارب الفساد، وليس لأن العدالة تأخذ مجراها، وليس لأن الذين يدخلون السجن فاسدون بالضرورة.

الواقع يقول إن بعض الذين دخلوا السجن لم يكونوا إلا كبش فداء للفاسدين واللصوص الكبار، فهناك من دخل السجن لأنه تجاسر على أحد النافذين فى النظام الحاكم أو لم يقم بدفع المعلوم كما ينبغى، أو تجاوز الخطوط الحمراء، أو انتهى دوره لصالح رجل أعمال جديد يدخل الحلبة بقوة وغباء.

هذا يجعلنا نسأل: ما التهمة التى استوجبت دخول حسام أبوالفتوح السجن وتدمير شركاته وتشريد مئات العاملين والموظفين عنده؟ هل كان السبب حيازة سلاح من دون ترخيص أم تصفية حسابات رخيصة؟ وهل كان الأفضل أن يدفع ما عليه من قروض وهو داخل السجن عن طريق بيع الأصول والشركات وتوقف أعماله وغلق شركاته، أم أن الرجل كان سيتهرب من دفع ما عليه من قروض لو لم يتم قطع أذنه؟

سدد حسام مليار جنيه للبنوك، وكذلك فعل عاطف سلام الذى دفع ملياراً ونصف المليار جنيه للبنوك، ولا أحد يعرف لماذا سجن ست سنوات ولماذا خرج بعد السداد، رغم أن البنوك لم تقدم ضده بلاغا واحد إلا بعد فترة من دخوله السجن؟ ولماذا لقب بـ «حوت السكر»؟..

ألم يكن الأجدر أن يسدد من دون تدمير الشركات وتشريد الموظفين والبقاء فى السجن. الواقع يكشف أن من يقدر على سداد مليار جنيه، أو أكثر، وهو خلف الأسوار، كان يمكن أن يسدد أضعاف هذا المبلغ وهو خارج السجن، إلا إذا كان فى الأمر شىء آخر. رجال الأعمال، الذين دخلوا السجون، سددوا ما عليهم من قروض بعد خصم جزء كبير من الفوائد، وبعد أن اضطرت البنوك للقبول بالأمر الواقع وتقييم الأصول بأكثر من قيمتها الفعلية،

أى أن مصر هى الخاسرة فى الحالتين، حين أقرضت وحين استردت جزءا من مالها، فضلا عن تدمير أسس التنمية والاستثمار وضياع الحقوق والثروات لصالح حفنة من المتدثرين بأردية الحكومة.

الآن ماذا عن الذين اشتروا أملاك الشعب المصرى من أراضوشركات ومصانع وموانئ برخص التراب؟ هؤلاء اشتروا بملاليم ثم باعوا بمليارات الجنيهات، وليتهم باعوا لجهات مصرية، بل كان البيع السخى لشركات ومجموعات أجنبية لا يعلم أحد أغراضها أو مساعيها تجاه هذا الوطن الذى تم بيع ممتلكاته وشركاته الرابحة كالخاسرة، دون أن يعاقب البائع القابع فى وزارته مستعداً لبيع ما تبقى من فتات وتراب لكى يزداد سمنة على سمنته،

فالرجل ذو الجبهة العريضة والوجه (المتبجح المترجرج) يمتلك قدرة عجيبة على كسر عنق الحقائق والترويج لبضاعة فاسدة وآراء خائبة عن حتمية بيع ممتلكات الوطن لننعم برفاهية اقتصاد السوق، وحين تم البيع ولم ننعم إلا بالفقر والخراب قال ابن التجربة الجديدة: (إنها الظروف العالمية).

هذا ليس اقتصادا، هذه عزبة لا يحكمها قانون ولا يحميها نظام.. يتملك فيها أصحاب الحنكة والقوة، ويخدم بداخلها الفقراء والبائسون ولا يطالون حتى الفتات. يأخذ خيراتها اللصوص، وينعم بعزها الفاسدون من رجال السلطة والمتصاهرين معهم.

Sunday, October 26, 2008

المنهج الإسلامي والصلاح الإنساني

د‏.‏ معتز بالله عبد الفتاح

لو كان لي أن أشارك برأي متواضع في الإجابة عن السؤال المطروح علي صفحات الأهرام حول لماذا تخلف المسلمون؟ لقلت إن التعارض بين ما هو إنساني وما هو إسلامي في عقل الإنسان المسلم جعل الكثيرين من فقهاء المسلمين بدءا من القرن الثالث عشر الميلادي يروجون لفكرة أن هناك طريقة إسلامية لعلاج مشاكل المجتمع وكأن المسلم ليس إنسانا يخضع لما يخضع له غيره من البشر من قواعد وقوانين‏;‏ فساهموا دون أن يدروا في لاهوتية ابتدعوها ما كتبها الله علينا‏.‏

ولقد استخدم فقهاء المسلمين تاريخيا لفظة إسلامي ليعنوا أمرا من ثلاثة‏.‏ فهو إما يعني إسلامي أي ابتدعه الإسلام علي غير مثال سابق‏,‏ وهي دائرة شديدة الضيق لا تنهض بمصالح العباد‏.‏ أو ثانيا إسلامي بمعني أنه من فضائل الأعمال التي وجدت قبل الإسلام وحض الإسلام عليها وجعلها منه بالتوظيف دون الابتكار‏,‏ وهي دائرة أوسع كثيرا من الدائرة الأولي‏.‏ أو ثالثا إسلامي بمعني أنه لا يتناقض مع ما هو قطعي الدلالة والثبوت من مبادئ الإسلام‏,‏ وهي دائرة أوسع من سابقتيها بل وينبغي أن تزداد اتساعا بحكم التطور الفكري والتكنولوجي الذي نعيشه‏.‏

المعني الأول لـ الإسلامي أي الذي ابتدعه الإسلام علي غير مثال سابق حسر الإسلام حسرا معيبا جعل من الإسلام دينا يرفض التطور ومنجزات الحضارة بحكم أن الإسلام هو ما نطق به الشرع صراحة وما دون ذلك خارج عن الإسلام متناقض معه‏.‏ والمسلم العاقل يعلم أن أغلب ما جاء به الإسلام ليس من ابتكاره وإنما هو استمرار لما كان سابقا‏,‏ فنحن نعلم مثلا أن الصيام كتب علينا كما كتب علي الذين من قبلنا وكذا الصلاة والجهاد وتعدد الزوجات بشرط العدل معهن إلي آخره‏.‏ حتي عقيدة التوحيد تنسب إلي آدم عليه السلام وتسمية الإسلام نفسها تنسب إلي أبينا ابراهيم الذي سمانا المسلمين من قبل لكن لاشك مثلا أن هيئة الصلاة التي يصلي عليها المسلم وتفاصيل الوضوء والحج وحدود العقوبات الشرعية هذه كلها تفصيلات ابتدعها الإسلام علي غير مثال سابق‏.‏

والغريب أن هذا الفهم يتناقض مع صريح ما قاله الرسول الكريم لأحد أصحابه‏:‏ واذا حاصرت اهل حصن فأرادوك أن تنزلهم علي حكم الله فلا تنزلهم علي حكم الله‏,‏ ولكن انزلهم علي حكمك‏,‏ فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا رواه مسلم‏.‏

إذن فأنت لا تدري حكم الله وحكم رسول الله في أمور الحكم والسياسة مثلا وإنما أنت تجتهد‏,‏ ويجوز أن يكون اجتهادك متفقا مع صحيح الإسلام أو يتناقض معه بحكم أن البشر لا يستطيعون‏,‏ إلا ظنا‏,‏ أن يفقهوا عن الله مراده‏,‏ فكيف يستطيع بشر أن ينسب لنفسه‏,‏ أنه يعرف الحل الإسلامي أو حدود الخروج عن الإسلام في أمور يغلب عليها الاجتهاد والمصلحة المرسلة؟

بيد أن الأغلبية الكاسحة من عقيدة الإسلام وأخلاقياته‏(‏ أوامره ونواهيه‏)‏ التي نصفها بأنها إسلامية هي واقع الأمر من الأخلاقيات التي وجدت قبلنا وحضنا الإسلام عليها وتكفي المقارنة بين الوصايا العشر اليهودية والآيات‏149‏ ـ‏151‏ من سورة المائدة للتدليل علي ذلك‏.‏

وعليه فإن مساحة ما ابتدعه الإسلام علي غير مثال سابق ضيقة للغاية حتي في أمور المعاملات ولنأخذ مثلا مفهوم الشوري الإسلامية الذي قدمه البعض كبديل عن الديمقراطية المستوردة‏,‏ فنحن نعلم بيقين أن قصي بن كلاب الجد الخامس للرسول محمد صلي الله عليه وسلم هو الذي أنشأ دار الندوة كي تتشاور قريش في شئونها‏.‏ ونحن نعلم بيقين أيضا ان الرسول جاء علي فترة من الرسل لقوم خلا فيهم نذير وبالتالي فلم تكن دار الندوة استجابة لتوجيه إيماني‏,‏ كما نعلم أن بلقيس ملكة سبأ قبل أن تسلم مع سليمان لرب العالمين قررت ألا تقطع أمرا حتي يشهد‏(‏ أي يشير عليها‏)‏ أهل الرأي في مملكتها‏.‏ أي أن الشوري الإسلامية هي إسلامية بالحض والاستيعاب وليس بالابتداع والانشاء‏.‏

وهذا ليس بغريب فكان المسلمون الأوائل يعلمون أنهم يهتدون بكتاب جامع ومنهج شامل يقول لهم ما فرطنا في الكتاب من شيء ويقول لهم أيضا فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فلا تفهم الآية الأولي إلا في إطار فهم الثانية‏.‏

إن من يكتفي بالآية الأولي يفترض أن كتاب الله سيكون عند الكيميائيين كتابا في الكيمياء‏,‏ وعند الرياضيين كتابا في الرياضة وهكذا وهذا ليس بصحيح فهو كتاب في العقيدة والأخلاقيات أساسا وخلا هذين المجالين‏,‏ فكل شيء يمكن أن يكون إسلاميا بسؤال أهل الذكر عن الفائدة والضرر من قبيل أحل لكم طعام الذين أوتوا الكتاب لذا سم الله وكل مما يليك لا فرق إن كنت تأكل ضأنا عربيا ممتلئا باللحم أو بيتزا إيطالية طالما أنها تخلو مما حرم الله كما قال الشيخ محمد الغزالي رحمة الله عليه‏.‏ فالطعام في الحالتين إسلامي لأنه لا يتناقض مع ما هو قطعي الدلالة وقطعي الثبوت من الإسلام‏.‏

ومن هذا لم يتساءل المسلمون عن طريقة إسلامية في حفر الخندق بدلا من الطريقة الفارسية التي رواها سلمان الفارسي‏.‏ ولم يرفض المسلمون الأوائل ركوب الجمال لأنها ليست إسلامية‏.‏ ولم يبحثوا عن منهج آخر غير منهج الشوري الذي مارسه غير المسلمين من قبل‏.‏ ذلك أن أي حل لأي مشكلة لا يتناقض مع العقيدة والأخلاق فهو من الإسلام‏.‏

وللأسف رفضت الديمقراطية مثلا لفترة طويلة لأنها غير مذكورة بلفظها وتفصيلاتها في القرآن‏,‏ وقد نسي هؤلاء أن أي خير يحقق العدل للناس هو من الإسلام حتي وإن لم يأت به رسول أو ينطق به وحي كما قال ابن القيم رحمه الله‏.‏

وعليه فإن الكون مفتوح لنا نحن المسلمين‏,‏ نؤسلم فيه ومنه ما جعله الله لا يتناقض مع ثوابت ديننا من عقيدة وأخلاق‏.‏

لقد ضيق علماء وفقهاء الإسلام في عصور التخلف من مفهوم الإسلامي لدرجة نالت من قدرة المسلمين علي الابتكار والاستفادة من منجزات غيرهم وهو ما نزال نعانيه من الرفع المعيب لشعارات من قبيل الإسلام هو الحل أو الحل الإسلامي فالحل‏,‏ أي حل لا يتناقض مع القرآن والسنة‏.‏ إسلامي‏;‏ أي أن ما يحل أي مشكلة نواجهها فهو من الإسلام‏,‏ وعليه فقد يجري الحل الإسلامي علي لسان شخص ليبرالي أو ماركسي أو ناصري‏.‏ ألم يقل الرسول الكريم علي قول لبيد‏(‏ ألا كل شيء ما خلا الله باطل‏)‏ إنه من خير ما نطق به الشعراء رغما عن أنه لم يكن مسلما‏..‏ فكل حل يكون معه الناس أقرب إلي الصلاح والعدل هو من الإسلام حتي وإن لم ينطق به الرسول العظيم أو جاء صراحة في القرآن الكريم‏.‏

Saturday, October 25, 2008

ببساطة

بقلم: ســيد عـلــي‏


*‏ الذين يخشون من الشفافية المطلقة هم اللصوص‏,‏ لأنها ستظهرهم عرايا‏.‏

*‏ أصبحت مهرجانات السينما العربية أكثر من الأفلام التي تنتجها هذه الدول مجتمعة‏,‏ كالعادة كلام كثير وفعل قليل‏.‏

*‏ برامج التوك ـ شو هي أهم مؤسسة تشكل الرأي العام في مصر الآن أكثر مليون مرة من كل الأحزاب مجتمعة‏.‏

*‏ الاحتفاء الإعلامي المبالغ فيه للعالم الدكتور مصطفي السيد هو اعتذار رسمي من الاعلام المصري لاحتفائه المبالغ بالأنصاف والاشباه الذين يملأون حياتنا ضجيجا وصخبا‏.‏

Tuesday, October 21, 2008

قضية هشام طلعت مصطفي

إبراهيم السايح

أهون موضوعات قضية هشام طلعت مصطفي هو قتل السيدة اللبنانية التي حبسوه وأحالوه للمحاكمة من أجلها.
قبل هذا الحادث لم يكن معظم المصريين يعرفون أن الأخ هشام واحد من أقارب الأسرة المالكة
في مصر، ولم يكن أغلب الناس يعلمون أن الأخ هشام حصل علي ثمانية آلاف فدان من الدولة مجاناً ودون أن يدفع مليماً واحداً وذلك حتي يؤسس عليها مشروع «مدينتي» ثم يمنح الدولة- أو السادة المسئولين- نسبة 7% من المباني مقابل الأرض المجانية التي حصل عليها!

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون كيف تحول الأخ هشام إلي ملياردير وعضو في مجلس الشوري وواحد من أكبر رجال المال والأعمال رغم أن والده- مؤسس الشركة والأسرة- توفي وهو مدين للبنوك بمبلغ يصل في بعض الأقاويل إلي 900 مليون جنيه.

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون أن نظام حسني مبارك وزع كل الأراضي المصرية علي الأصدقاء والمعارف والأعوان والأقارب وأوشك حالياً علي التوغل في أراضي ليبيا والسودان نظراً لنفاد الأراضي المصرية الصحراوية والزراعية والجبلية والتعدينية والبترولية.

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون طبيعة العلاقة بين المقاول المصري هشام طلعت مصطفي والملياردير الدولي السعودي الشهير الذي يحظي بالرعاية الشخصية من السيد رئيس الجمهورية.

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون أين يذهب السادة ضباط مباحث أمن الدولة وضباط الحراسات الخاصة وضباط مكافحة الإرهاب بعد الخروج من الخدمة في وزارة الداخلية. لم يكن الناس يعرفون كيف يتحول الضابط إلي قاتل محترف يحصل علي ملايين الدولارات من عمالقة الاقتصاد المصري مثل طلعت مصطفي وغيره.

قبل الحادث كان معظم المصريين لا يعرفون أن بلادهم تباع علي طريقة «وعد بلفور» حيث من لا يملك يعطي من لا يستحق، وحيث العصابات تتحول إلي دولة تحكم وتتحكم وتمنح وتمنع وتحيي وتميت!

لايهم إن كان السكري وهشام قد قتلا السيدة اللبنانية أم قتلها آخرون، المهم والأهم أنهما عضوان في كتيبة إعدام الشعب المصري المنكوب، ولن ينفعهما فريد الديب أو حسني مبارك يوم المثول أمام محكمة السماء!

التحرش

بقلم خيري رمضان

أشك أن اتجاهاً رسمياً يسعي لإغلاق ملف جريمة التحرش، التي ارتكبها عشرات الشباب ضد ثلاث فتيات في شارع جامعة الدول العربية، فلا نعرف هل تم تجديد الحبس للشباب أم لا، وهل عثر علي الفتيات المجني عليهن، أم أنهن «فص جنس وذاب»؟

لا أحد من مصلحته، تأليب المواجع «اكفوا علي التحرش ماجور» والبنات أنفسهن يرفضن الظهور أو الذهاب للنيابة أو التعرف علي الجناة، فهن مدانات قبل وبعد التحرش، «لا تلوموا القطط إذا التهمت قطعة اللحم المكشوفة»، هكذا قال مفتي استراليا منذ عام، وهكذا فعل الشباب وقال الإعلام، وأفتي كل متحرش أو كل ملتحف بالدين، متخذها فرصة عظيمة للدعوة إلي الحجاب، ولو نزل إلي الشارع لاكتشف أن المنتقبات يتعرضن مع المحجبات لأنواع شتي من التحرش.

«غض البصر».. نصيحة دينية للرجال، لكن خطابنا الديني معد وجاهز لمواجهة النساء، منهن رأس الأفعي وبيت الداء ورأس الخطيئة.

لا داعي للمبالغة، مصر بخير، ولا يمكن وصم شباب مصر المتدين، بسبب قلة متحرشة، شبابنا «مايتحرشّ أبداً»! قلة مندسة، مثل تلك القلة المنتشرة في فروع فساد الوطن.

«الأمن غايب لو كانت العيال حاسة إنه موجود، مجرد إحساس، ماكنوش قربوا من البنات»، الأمن سيئ..، طيب والناس الطيبة، أهل الشهامة والمروءة فين.. الذين وقفوا يشاهدون الجريمة، وكأنها فيلم جنسي علي قارعة الطريق؟ هل جبنوا عن نجدة البنات، أم رأوا أنهن يستأهلن ما يحدث لهن، أم قالوا: «إحنا مالنا، خليها تولع» ـ مع الاعتذار لزميلي العزيز محمود الكردوسي؟!

أخلاقنا تغيرت منذ زمن، من سنوات بعيدة، هل تذكرون حادثة اغتصاب فتاة العتبة علي مرأي ومسمع المئات.. أخلاقنا تتدهور، ولكننا لا نلتفت أو لا نهتم.

التحرش كل يوم: في الشارع، العمل، المكاتب المغلقة، وفي إعلانات الجرائد التي تستغل البطالة واليأس، وتدعو الفتيات للعمل مذيعات ومندوبات وسكرتارية، الحاجة مذلة، والفضيحة فضيحة لا تنال إلا البنات.

لم تعد الأزمة في القانون، ولا من يطبقه فقط.. الأزمة فينا، في الضمير والأخلاق، وادعاءات التدين.. نحن نحتاج إلي النظر في المرآة، لنتأمل نفوسنا المشوهة، وعيوبنا التي تضخمت، حتي لا نتفرغ لتبادل كرات الإدانة ونصبح جميعاً جناة، بعد أن عشنا قروناً مجنياً علينا.

Monday, October 20, 2008

ضبط عقارب الساعة

بقلم د. محمود عمارة

عبقرية المجتمعات المتقدمة والمتحضرة أنها «تقف مع نفسها» كلما استدعى الأمر لكى تضبط عقارب «ساعة الوطن» التى تهتز أو تختل أحيانا من الحركة السريعة، والنشيطة لأداء المجتمع، فتصبح إشارة عقاربها لا تطابق الواقع أو الحقيقة!!

فكلما طرأت «قضية»، أو ظهرت «مشكلة»، يحتاج حلها إلى تشريع جديد، أو تعديل قانون أو إلغاء قرار، أو حتى تغيير بند من بنود الدستور.. يبدأ «المفكرون» و«الكتاب» و«المثقفون» فى طرح «المشكلة»، وتشخيصها ليبدأ حوار موسع بكل وسائل الإعلام، ليصبح النقاش، والحوار مفتوحا لكل الآراء، قد يستغرق ساعات أو أياما أو حتى أسابيع ليصل فيها الرأى العام إلى قناعة بالمطلوب..

فإذا كان المطلوب هو تدخل السلطة التنفيذية أو حتى رئيس الدولة، فليس أمامه سوى التدخل احتراما للرأى العام، وإذا احتاج الأمر إلى قانون يتقدم نواب الشعب بـ«اقتراح» يناقشه المجلس التشريعى «ليقره» دون تأخير فليس عندهم «سيد قراره»، ولا «رئيس مجلس ينتظر تعليمات»، ولا «رئيس ديوان يضرب تليفون»، ولا «محتكر» يعشيهم فى فندق خمس نجوم لتستحى العين، وبإشارة من إصبعه تنحنى رؤوسهم، يمين - يمين.. شمال - شمال!!

انظر إلى ما حدث بالأمس فى أوروبا لمواجهة الأزمة المالية العالمية.. كانت «الشفافية» و«الإفصاح» وحرية «تداول المعلومات» هى التى كشفت حجم الأزمة بسرعة وبالأرقام المدققة خلال ساعات، وعلى الفور اجتمع «ساركوزي» كرئيس للاتحاد الأوروبى بالمتخصصين فى فرنسا أولا، ثم برؤساء الدول الأوروبية،

وظلت اجتماعاته فى الأيام الأولى حتى مطلع الفجر ليتعرف على الحجم الحقيقى للكارثة، ومثله فعلت باقى الدول المتحضرة من اليابان شرقا مرورا بالهند، وحتى دبى وإلى أستراليا.. الكل كان ومازال وسيظل مشغولا، بل مهموما حتى زوال الكارثة المقدر لها ١٢ شهرا من الآن!!

فى «أوروبا»، التى تكره شعوبها الرأسمالية الأمريكية المتوحشة، والتى أفرزت هذه الكارثة، واجهوا «الكارثة» التى كان يمكن أن «تشعل» حربا عالمية ثالثة بإجراءات سريعة وحاسمة وشجاعة كالتالى:

١- اتفقوا على ضخ فورى لـ٤٦٠ مليار يورو فى ألمانيا، و٣٨٠ مليارا بفرنسا، وهكذا فى كل دولة، وكل ذلك تم فى أيام معدودة دون تأخير أو مماطلة أو تردد.

٢- قررت الدولة أن تضمن بنفسها ودائع الناس بالبنوك بحد أدنى، حتى لا يحدث هلع يجهض الإجراء السابق.

٣- ضخت كل دولة عدة مليارات (فرنسا ٥٢ مليار يورو) لمساعدة المشروعات الصغيرة لدعم الشباب، وتشجيع المبتدئين لخلق فرص عمل، ولزيادة الإنتاج، وتجويد التصدير.

٤- إزالة أى قيود تعطل أو تؤخر ظهور مشروعات جديدة

٥- يجرى الآن «حوار» جاد حول النظرية الرأسمالية لإعادة النظر فى بعض الأسس، والمبادئ التى قامت عليها، أو تحكمها، وكيفية الرقابة الصارمة على آلياتها، ولم يعد الناس يتحدثون عن اقتصاد حر، وإنما عن السوق الحرة وإلى أى حد يجب أن يمتد دور الدولة، ودور المجتمع المدنى كرقيب فاعل وصاحب مصلحة.

صعبان على «ساركوزي» يا عينى خاسس النص، و«ّعجز» عشر سنين بسبب هذه «الكارثة» فهو لا ينام، يطلع من اجتماع إلى ندوة إلى لقاء رسمى إلى مؤتمر دولى.. ليل - نهار رايح جاى.. (مفيش حفلة كده، ولا سهرة حلوة، ولا استعراض غنائى)، ولهذا أقترح على السفير الفرنسى بالقاهرة أن يدعوه على حسابنا كجالية للترويح عنه والتخفيف عليه، والراجل كتر خيره، عمل اللى عليه ولم يتوان لحظة،

ولم يضيع دقيقة فى مواجهة الأزمة، ولهذا استحق أن نرفع له القبعة (على فكرة هذا ليس نفاقا لساركوزى، لأن النفاق هناك ليس له ثمن ولا معنى حتى لا يذهب البعض إلى بعيد..) ولكنى أردت أن أقول لكم كيف يواجهون الأزمات والمشاكل أولا بأول حتى لو كانت بسيطة!!

أتذكر من ٢٠ سنة حدثت مشكلة لإحدى «القطط» الضالة والتى تعرضت لـ«حريق» بإحدى ناطحات السحاب، التى لم يكتمل بناؤها بعد، وخرحت القطة إلى «البلكونة» تستنجد،

وتأخرت سيارات النجدة لإنقاذها، فماتت القطة المسكينة بعد أن أمسكت بها النيران وقفزت فى الهواء ليبكى عليها المشاهدون.. وترفع إحدى الجمعيات الأهلية قضية على وزارة الداخلية لمحاكمة المسؤولين وتعويض مالى ٢٠ مليون فرنك، وخسرت الجمعية القضية، بسبب قصور فى التشريع!!

وبعد أسبوعين من الحكم القضائى نظمت جمعيات الرفق بالحيوان، مع جمعيات حقوق الحيوان، مع جمعيات حماية البيئة، مع حزب الخضر، مظاهرات سدت الشانزليزيه، وجعلتها وسائل الإعلام قضية الساعة، وفى أقل من ٠٩ يوما كان هناك تشريع لتصبح القطط الضالة كالكلاب والحيوانات فى حماية الدولة، مثلها مثل الإنسان تماما!!

أسمعك تمصمص شفاهك، وبتتريق، وتقول: «يا عم دى ناس فاضية».. والحقيقة أنهم مشغولون أكثر منا ألف مرة، ولكن هناك من يسمع لهم ومن يجيب عليهم.. أما هنا فودن من طين وأخرى من عجين!!

«فلنا حق النباح.. ولهم حق الاستمتاع».

Sunday, October 19, 2008

كلام الدكتور نظيف!

بقلم خيري رمضان

استعرض الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، في حواره مع أسرة تحرير «الأهرام» أمس, إنجازات حكومته، وقال إنها أكثر حكومة عملت من أجل المواطن العادي. ولم يستطع الدكتور نظيف تحديد لماذا هذا المواطن العادي غاضب من الحكومة، متشكك فيها، ورافض لها، علي الرغم مما فعلته من أجله.

لا أستطيع - ولا يجوز لنا - تحميل نظيف وحكومته أسباب كل ما نعاني منه، فهي أخطاء متراكمة تسببت فيها حكومات متعاقبة حكومات دول أخري كانت أكثر فقرا منا، مثل ماليزيا وإندونيسيا واليابان والصين، ونجحت في التعامل مع المتغيرات العالمية علي مدي الـ٢٥ عاما الماضية، وقفزت ببلادها إلي المقدمة.

الدكتور نظيف يطرح أفكارا عظيمة، ولكنه في كل جملة يكشف عن صعوبة تحقيق هذه الأفكار، فعندما يتحدث عن تطوير التعليم والنقل يربط هذا التطوير بـ«نحتاج إلي مساعدتكم حتي نحرره»، وعندما يكون الكلام عن المحافظين وصلاحياتهم ومقدرة كل واحد علي توفير الموارد بطريقته، يضع المشكلة الحقيقية في المحليات: «وأنتم أدري بموضوع المحليات».

وعندما تسأل «الأهرام»، رئيس الوزراء، عن وصف الناس لحكومته بأنها «حكومة رجال أعمال»، وعن علاقة السلطة بالمال، يرد الدكتور نظيف بأنه «سألت نفسي عند تشكيل الحكومة ما هي الضوابط؟ الضابط الأول أن من يلتحق بالحكومة ينسي خالص نشاطه الخاص، الضابط الثاني أنه يعين وصيا علي مصالحه يديرها، ولابد أن يكون معروفاً لنا اسمه حتي نمنع التلاعب.. ومن لديه معلومات مختلفة يقول ».

وهذه الإجابة يا دكتور نظيف لن تقنعنا، ولن نصدق أن وزيرا من هؤلاء عين شقيقه وصيا علي شركات تابعة لوزارته، ولن يمد له يده بالمعلومات، ولن يحذره من قرارات ستتخذ قد تضر بوضع شركاته المادي، ولن يبخل عليه بمعلومات قد تدر عليه المليارات قبل غيره،

إنها طبيعة إنسانية، وكنا نتمني علي رئيس الوزراء، أن يعلن لنا رأسمال شركات الوزراء قبل انضمامهم للوزارة، وإلي ماذا صارت بعد الوزارة، ويفسر لنا أيضا سر التكتلات الاقتصادية التي حدثت بين شركات هؤلاء الوزراء، أم أنها أفكار الأوصياء الخالصة دون أي تدخل من الوزراء؟

ولعل رئيس الوزراء يلتفت إلي خطورة هذا الوضع، إذا لم يكن ملتفتا، اقتصاد مصر الآن في يد ١٠ أفراد، أغلبهم في وزارته، والباقي في الحزب الوطني وأمانة سياساته، فهل هي مصادفة هذا التزاوج الغريب والمستفز بين السلطة والمال؟

لقد أجلت النيابة العامة القبض علي هشام طلعت مصطفي - عضو أمانة السياسات - أياما، حتي يتم توفيق الأوضاع، وحماية البورصة من الانهيار، وإنقاذ مشروعات استثمارية دعمتها الحكومة حماية لمليارات دفعها مواطنون.. فماذا سيحدث إذا اكتشفنا فساد بعض الوزراء أو المسؤولين، الذين تمثل شركاتهم، أو بتعبير أدق إمبراطورياتهم الاقتصادية، عصب الاقتصاد المصري ورأسماله، هل ستنهار كل خططكم للمستقبل؟

ومن وقتها سيدفع الثمن؟ لقد فعلها من قبلك رؤساء حكومات وهبطوا بالبلد إلي الجحيم، وهم يرفلون في النعيم، والمواطن «الغلبان» هو الذي يدفع الثمن.

الدكتور نظيف، قلت في حوارك: «نحتاج إلي مصالحة مع أنفسنا» وأقول لك إننا نحتاج أولا إلي مصارحة، وبعدها عليكم أن تسعوا كحكومة إلي مصالحة هذا الشعب الذي لم يكن له رأي أبدا في اختياركم، ومع ذلك هو الذي يدفع دائما ثمن أخطائكم!!

للتحرش الجنسي.. أسباب أخري

قرأت في «المصري اليوم» موضوعاً من صفحتين عن التحرش الجنسي، ذكروا من الأسباب الكثير، ويبقي الكثير من الأسباب التي لم تذكر في هذا التحقيق المطول!!

هؤلاء الشباب نتاج بيوت متصدعة، مفككة الأوصال واهية، فهي أوهي من بيت العنكبوت، لم يعد اختيار الزوج والزوجة بمعيار القيم الأخلاقية، ولم يعد السؤال عن البيئة والوسط الذي نشأت فيه الفتاة وتربت بين جنباته، بل أصبح اختيار الزوجة علي أساس المستوي المادي لوالدها، وكذلك الخاطب أصبح المعيار الحديث هل عنده شقة جاهزة أم لا؟! ما مقدار المهر والشبكة.. والفرح في أي قاعة؟ شهر العسل في الساحل الشمالي ولا الجنوبي؟.

الإسلام وضع الأساس السليم لبناء الأسرة في قول سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وإلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» ويقول في المرأة «تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» .

فإذا وضع الخاطب نصب عينيه أن أهم هذه المعايير هو معيار الدين، وأنه بقدر حرصه علي ذلك بقدر ما يكون استقراره وسعادة أسرته، كذلك خروج الأم للعمل وترك الأطفال بين الخدم المأجورين والشارع، وسفر الأب للعمل تاركاً مسؤولياته.. الشاب عند سن المراهقة يكون محتاجاً للأب الصديق.

وعند فقدان الأب يجد الشاب ضالته في رفاق السوء.. لما لا يكون في مصر نظام راتب كامل للأم المحتاجة للعمل لفترة محددة وتتفرغ فيها لرعاية أطفالها؟.. لا يوجد أي اهتمام ببناء الإنسان.

فطفل اليوم هو رجل الغد، ضعف الرواتب يجعل الأب يعمل صباحاً ومساء، فينفصل عن أسرته.. لا رعاية ولا قدوة أمام الشاب سوي القنوات الفضائية المربحة لأصحابها.. المدمرة للمجتمعات المؤثرة أكثر من تعاطي المخدرات!!

Friday, October 17, 2008

ببساطة

بقلم : ســيد عـلــي


*‏ واضح أن الوفرة التي أنتجتها الرأسمالية‏,‏ كانت في حاجة الي الريجيم الأمريكي لإصلاح دهون العولمة‏.‏

*‏ من يتابع كتابات د‏.‏ أحمد أبوالمجد ود‏.‏ علي الدين هلال ويسمع كلامهما يعرف الفرق بين العلم والسياسة‏.‏

*‏ واضح أن حل مشكلة أبوفانا تحتاج إما لتدخل مجلس الأمن أو وساطة قطر‏.

*‏ لأول مرة في التاريخ الإنساني تحتفل أمة بذكري احتلالها‏..‏ فعلها فاروق حسني في باريس احتفاء بغزو نابليون لمصر‏!!‏

*‏ لا توجد جامعة عربية واحدة بين أفضل‏200‏ جامعة بينما توجد‏3‏ جامعات إسرائيلية‏..‏ لهذا السبب ينتصرون ويحترمهم الكبار‏..‏ بينما العرب كغثاء السيل‏.‏

Wednesday, October 15, 2008

«الإخوان» وإبراهيم سليمان.. محاولة للفهم!

بقلم مجدي الجلاد

حاولت كثيراً أن أفهم تنظيم الإخوان المسلمين.. تمنيت كثيراً أن أضع سياقاً واحداً لتصريحات قياداته، وتحركات قواعده، لاسيما أنني لا أقف في مساحة دعم أو عداء لهذا التنظيم. أختلف معهم أحياناً، وأتفق أحياناً أخري، ولكن الدهشة تصيبني مرات ومرات، حين يكشف الإخوان عن الوجه الموالي للنظام الحاكم، أو الوجه «الخفي» للعبة السياسة، دون النظر إلي مصلحة الوطن الكبير.

تحولت الدهشة إلي صدمة، أمس الأول، وأنا أطالع الخبر الذي نشرته «المصري اليوم» للزميل محمود محمد تحت عنوان «كتلة الإخوان في مجلس الشعب ترفض التوقيع علي مذكرة إسقاط عضوية د. محمد إبراهيم سليمان وزير الإسكان السابق»..

والقصة أن عدداً من النواب المستقلين أعدوا المذكرة لأسباب منطقية، وتتوافق مع لائحة المجلس، وقالوا فيها - وفقاً لتصريحات النائب النشيط علاء عبدالمنعم - إن «سليمان» نائب الجمالية أخلّ بواجباته البرلمانية بتغيبه عن جلسات المجلس، ووصل الأمر به إلي التغيب عن اجتماعات اللجان التي ناقشت كارثة «الدويقة»، رغم أنه نائب الدائرة نفسها «الجمالية ومنشأة ناصر»..

فكيف لنائب انتخبه أهالي الدائرة أن «يغيب» عن جلسات تم تخصيصها لكارثة ألمت بنفس المواطنين الذين ذهبوا - أو يفترض - إلي صناديق الاقتراع ومنحوه أصواتهم؟!

واستندت المذكرة، التي أعدها النواب علاء عبدالمنعم وسعد عبود ود. جمال زهران، إلي المادة ٩٦ من الدستور، التي تنص علي إسقاط عضوية النائب إذا أخل بواجبات العضوية، ودللوا علي ذلك بغياب إبراهيم سليمان عن حضور جلسات المجلس لمدد طويلة، وتواجده بصفة شبه دائمة خارج البلاد، وطالبوا بمراجعة جواز سفره، للتأكد من ذلك.

وكان منطقياً أن يلجأ النواب الثلاثة لكتلة «الإخوان» المعارضة داخل مجلس الشعب، للتوقيع علي المذكرة، لأن لائحة المجلس تشترط موافقة خُمس الأعضاء، أي نحو ٩٢ نائباً.. رفض نواب الإخوان،

وساقوا مبرراً واهياً ومكشوفاً «قال د. حمدي حسن عضو المجلس عن الإخوان المسلمين: إن سبب رفضنا يرجع إلي عدم تشتيت جهود محاربة الفساد وفشل الحكومة في مواجهة أزمة الدويقة».. وكانت المحصلة «إجهاض واحدة من أهم المواجهات داخل البرلمان، أو حماية أحد أعمدة النظام الحاكم والحكومة والحزب الوطني من المساءلة والحساب»!

أمعنوا التفكير معي في محاولة تحليل هذا الموقف العجيب.. لن تصلوا إلي نتيجة إلا إذا وضعناه في سياقه التاريخي الطبيعي، وفي قلب وعقل السياسة «الإخوانية» في التعامل مع النظام الحاكم من جهة، والشارع من جهة أخري.

دأب الإخوان - رغم القاعدة الجماهيرية التي يمتلكونها، وقدرتهم التنظيمية الكبيرة - علي مداهنة النظام والحكومة في فترات كثيرة، ومع رموز محددة، ووفقاً لحسابات غير معلنة.. فإذا كان المواطن المصري قد انتخب ٨٨ عضواً إخوانياً في مجلس الشعب تحت شعارات «إخوانية» واضحة، فإن هذا الاختيار يفرض عليهم أن يمارسوا الدور التشريعي والرقابي الكامل تحت قبة البرلمان.. هذا الدور وتلك الأمانة متي ستتم ممارستهما،

ونواب الجماعة يفرضون سياجاً من الحماية والتستر علي أحد رموز النظام، الذين تحيطهم اتهامات مختلفة، وقطعاً لن تسنح فرصة أفضل من تغيب إبراهيم سليمان عن جلسات المجلس عموماً، واجتماعات «الدويقة» خصوصاً.

ولمن يريدون أن يفهموا أكثر.. دعونا نرجع إلي أرشيف الانتخابات البرلمانية والمواقف «الإخوانية» في أحداث وملفات كثيرة.. مبدئياً سنجد أن سياسة «الجماعة»، في مواجهة النظام الحاكم والحكومة والحزب الوطني، تستند إلي «فهم عميق» وبراجماتي لطبيعة الحكم في مصر..

فقيادات «الإخوان» يركزون هجومهم دائماً علي النظام والحكومة والحزب، ككيانات عامة، دون انتقاد أو كشف أو ملاحقة الأشخاص أو الرموز بأعينهم، أما المعارك الانتخابية فهي أكثر وأعمق كشفاً لذلك.. إذ لم يسبق لجماعة الإخوان ترشيح أحد أعضاء الجماعة في دوائر بعينها، هذه الدوائر هي التي يترشح فيها وزراء أو مسؤولون بارزون..

ففي الانتخابات الأخيرة عام ٢٠٠٥ حرصوا علي عدم منافسة: فتحي سرور، كمال الشاذلي، زكريا عزمي، أحمد عز، محمد إبراهيم سليمان، يوسف بطرس غالي، بل تركوا الساحة خالية لرجال الأعمال من الحزب الوطني، أمثال هاني سرور، ومحمد أبوالعينين، ومن قبل رامي لكح.. بينما وضعوا منافساً قوياً في الانتخابات الماضية للزعيم الكبير خالد محيي الدين، زعيم حزب التجمع، وأحد رجال ثورة يوليو!!

راجعوا هذه الوقائع، لنصل إلي تحليل واقعي لرفض «الإخوان» شطب عضوية محمد إبراهيم سليمان في مجلس الشعب.. راجعوها بإمعان، لنعرف كيف تدار لعبة السياسة في مصر!!

Tuesday, October 7, 2008

الترجمة واللحاق بالتقدم

بقلم : جمال الشاعر

الهرولة هي حالة وسطية بين المشي والجري تزداد سرعة في عصر الإنسان الرقمي‏..‏ نهرول دائما للحصول علي رقم أعلي في الحساب البنكي‏..‏ أو للحصول علي سلعة أرخص في الأوكازيون‏.‏ أو نهرول في ركاب السادة المدراء نفاقا وتزلفا‏..‏ هل كان الأقدمون يهرولون لهذه الأشياء؟‏!..‏ ربما‏..‏ ولكن المؤكد أن ابن رشد لم يكن منهم‏..‏ كان يهرول فقط للحصول علي معلومة جديدة‏..‏ ويهرول للفوز بمعرفة أكثر عمقا لعلوم ومعارف أنتجتها الأمم السابقة‏..‏ قضي جل عمره قارئا ومتأملا ومترجما ومؤلفا مبدعا‏..‏ احتار الفيلسوف العربي ابن رشد في فهم كلمة تراجيديا‏..‏ وهما الكلمتان المشتقتان من كلمة دراما‏..‏ والدراما لم تكن معروفة عند العرب‏..‏ أرسل له الله رسالة توضيحية وبيانا عمليا للمعني‏..‏ لكنه لم ينتبه‏..‏ كان الشارع يموج بأصوات أطفال تلعب‏..‏ نظر ابن رشد من النافذة‏..‏ فوجد طفلا يؤذن من فوق كتفي طفل طويل مثل دور المئذنة‏..‏ بينما طفل ثالث يصلي مقلدا المصلين الكبار‏..‏ لم ينتبه ابن رشد لأن هذا المشهد هو دراما‏..‏ وظل يبحث في أمهات الكتب حتي ذاب نور عينيه ونظر في المرآة فلم ير صورته‏..‏ كان يري شبح شيخ بذقن بيضاء طويلة تتلاشي في المرايا بعيدا ويغيب‏.
.‏ استراح قليلا ثم واصل البحث طويلا حتي وصل إلي المعني‏..‏ الكوميديا هي فرع الدراما الضاحك‏..‏ والتراجيديا هي فرع الدراما المأساوي‏..‏ ابن رشد بحكاياته وإبداعاته مثار إعجاب علماء وفلاسفة الغرب‏..‏ فهو همزة الوصل بينهم وبين أرسطو والفلسفة اليونانية والاغريقية‏..‏ وهو صاحب المعركة الكبري مع الإمام أبي حامد الغزالي الذي انتقده في كتابه الشهير تهافت الفلاسفة‏..‏ فاجتهد ابن رشد ليرد عليه في كتاب تهافت التهافت‏..‏ أبن رشد أحد علماء العصر العباسي عصر النهضة الإسلامية هذا العصر الذي عاش فيه نوابغ العرب‏..‏ ابن باجة نبغ في تراجم علوم ما وراء الطبيعة‏..‏ وجالينوس في الطب‏..‏ والكندي‏..‏ في التراجم في علم المنطق وإجادته للغات الأغريقية والفارسية والهندية‏..‏ أين نحن من هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين قاموا بأوسع حركة ترجمة وإبداع علمي ومعرفي في التاريخ الإسلامي‏..‏ نتعلم من الأمم المتقدمة أن الطريق إلي التقدم هو في البدء بالخطوة الأولي وهي حركة ترجمة واسعة وعميقة‏..‏ والخطوة الثانية‏..‏ تقليد المتقدم في إبداعاته‏..‏ والخطوة الثالثة‏..‏ إنتاج إبداع جديد فيه ملامح الهوية‏..‏ كل هذه المليارات في العالم العربي والإسلامي وكل هذه
الثروات ثم نبخل بإنشاء مؤسسات ومراكز ترجمة تنقذنا من حالة التخلف التي نعيشها‏..‏ بدون ترجمة للمعارف الإنسانية والعلوم‏..‏ لن يكون لدينا إنتاج معرفي‏..‏ وسوف نتأخر كثيرا عن اللحاق بآخر مقعد في آخر عربة في قطار التقدم الطويل جدا‏..‏ المسافة شاسعة‏..‏ وانتهاض الهمة قضية حياة أو موت‏..‏

اللحاق أو الانسحاق

Friday, October 3, 2008

ببساطة

بقلم: ســيد عـلــي


*‏ الـ‏700‏ مليار دولار التي تريدها إدارة بوش لإنقاذ الاقتصاد هي نفسها ذات المبلغ الذي أنفقته علي الحرب في العراق‏.‏

*‏ حتي لا ننسي كوارثنا أقترح إقامة نصب تذكاري للإهمال في كل موقع يتم إصلاحه‏.‏

*‏ يفترض أن تكون مصر هي بطل العالم في الجولف إذا صدقنا اعلانات منتجعات الجولف أو الصومال إذا صدقنا اعلانات بنك الطعام‏.‏