استعرض الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، في حواره مع أسرة تحرير «الأهرام» أمس, إنجازات حكومته، وقال إنها أكثر حكومة عملت من أجل المواطن العادي. ولم يستطع الدكتور نظيف تحديد لماذا هذا المواطن العادي غاضب من الحكومة، متشكك فيها، ورافض لها، علي الرغم مما فعلته من أجله.
لا أستطيع - ولا يجوز لنا - تحميل نظيف وحكومته أسباب كل ما نعاني منه، فهي أخطاء متراكمة تسببت فيها حكومات متعاقبة حكومات دول أخري كانت أكثر فقرا منا، مثل ماليزيا وإندونيسيا واليابان والصين، ونجحت في التعامل مع المتغيرات العالمية علي مدي الـ٢٥ عاما الماضية، وقفزت ببلادها إلي المقدمة.
الدكتور نظيف يطرح أفكارا عظيمة، ولكنه في كل جملة يكشف عن صعوبة تحقيق هذه الأفكار، فعندما يتحدث عن تطوير التعليم والنقل يربط هذا التطوير بـ«نحتاج إلي مساعدتكم حتي نحرره»، وعندما يكون الكلام عن المحافظين وصلاحياتهم ومقدرة كل واحد علي توفير الموارد بطريقته، يضع المشكلة الحقيقية في المحليات: «وأنتم أدري بموضوع المحليات».
وعندما تسأل «الأهرام»، رئيس الوزراء، عن وصف الناس لحكومته بأنها «حكومة رجال أعمال»، وعن علاقة السلطة بالمال، يرد الدكتور نظيف بأنه «سألت نفسي عند تشكيل الحكومة ما هي الضوابط؟ الضابط الأول أن من يلتحق بالحكومة ينسي خالص نشاطه الخاص، الضابط الثاني أنه يعين وصيا علي مصالحه يديرها، ولابد أن يكون معروفاً لنا اسمه حتي نمنع التلاعب.. ومن لديه معلومات مختلفة يقول ».
وهذه الإجابة يا دكتور نظيف لن تقنعنا، ولن نصدق أن وزيرا من هؤلاء عين شقيقه وصيا علي شركات تابعة لوزارته، ولن يمد له يده بالمعلومات، ولن يحذره من قرارات ستتخذ قد تضر بوضع شركاته المادي، ولن يبخل عليه بمعلومات قد تدر عليه المليارات قبل غيره،
إنها طبيعة إنسانية، وكنا نتمني علي رئيس الوزراء، أن يعلن لنا رأسمال شركات الوزراء قبل انضمامهم للوزارة، وإلي ماذا صارت بعد الوزارة، ويفسر لنا أيضا سر التكتلات الاقتصادية التي حدثت بين شركات هؤلاء الوزراء، أم أنها أفكار الأوصياء الخالصة دون أي تدخل من الوزراء؟
ولعل رئيس الوزراء يلتفت إلي خطورة هذا الوضع، إذا لم يكن ملتفتا، اقتصاد مصر الآن في يد ١٠ أفراد، أغلبهم في وزارته، والباقي في الحزب الوطني وأمانة سياساته، فهل هي مصادفة هذا التزاوج الغريب والمستفز بين السلطة والمال؟
لقد أجلت النيابة العامة القبض علي هشام طلعت مصطفي - عضو أمانة السياسات - أياما، حتي يتم توفيق الأوضاع، وحماية البورصة من الانهيار، وإنقاذ مشروعات استثمارية دعمتها الحكومة حماية لمليارات دفعها مواطنون.. فماذا سيحدث إذا اكتشفنا فساد بعض الوزراء أو المسؤولين، الذين تمثل شركاتهم، أو بتعبير أدق إمبراطورياتهم الاقتصادية، عصب الاقتصاد المصري ورأسماله، هل ستنهار كل خططكم للمستقبل؟
ومن وقتها سيدفع الثمن؟ لقد فعلها من قبلك رؤساء حكومات وهبطوا بالبلد إلي الجحيم، وهم يرفلون في النعيم، والمواطن «الغلبان» هو الذي يدفع الثمن.
الدكتور نظيف، قلت في حوارك: «نحتاج إلي مصالحة مع أنفسنا» وأقول لك إننا نحتاج أولا إلي مصارحة، وبعدها عليكم أن تسعوا كحكومة إلي مصالحة هذا الشعب الذي لم يكن له رأي أبدا في اختياركم، ومع ذلك هو الذي يدفع دائما ثمن أخطائكم!!
No comments:
Post a Comment