Thursday, October 30, 2008

السوس وصل للعضم

بقلم خيري رمضان

لمن لا يعلم، ولا يريد أن يلتفت أو يتوقف أو يغضب، «السوس وصل للعضم».. السوس ينخر في أخلاق الوطن. وطن الشهامة والمروءة والفروسية والتدين.. وطن المآذن والكنائس وصلاتي الجمعة والأحد.. وطن المحجبات والمنتقبات والراهبات.

لا شيء أخطر مما يحدث الآن، أخطر من فساد الحزب الوطني.. غرق العبارات، احتراق القطارات ومجلسي الشعب والشوري والمسرح القومي.. كل شيء يمكن إصلاحه، حتي لو مرت قرون، إلا الأخلاق، إذا فسدت، فلا جدوي من الحديث عن ديمقراطية أو تغيير، فالفاسد لا يغير.

وأتمني ألا أجد من بعض المتفلسفين من يقول إن هذا بسبب الفساد السياسي، فنحن نعيش في هذا الفساد بصور مختلفة منذ أكثر من نصف قرن، فلا تغسلوا أيديكم بعد التهام الحقيقة.

«السوس وصل للعضم»، وصل لمحافظة قنا، بلد «الصعايدة اللي بجد»، بلد لم يكن يعرف النكات القبيحة، ولا الأجساد العارية.. بلد له قانون خاص لا يقبل العيب ولا يعفو عن هاتك العرض أو خادش الشرف.

في قنا، بلد الثأر، لا العار، ضبطوا مدير مدرسة يدير شقة للسهرات الحمراء.. شقة للدعارة بقيادة رجل تعليم، مسؤول عن أبناء وبنات أبرياء في مدرسة ابتدائية.. الذئب يرعي الشاة حتي تنضج. «شقة يعني ناس داخلة وناس طالعة.. ستات ورجالة عيني عينك، وكله بتمنه».. في أي مكان جائز، لكن في قنا، مستحيل! والمستحيل حدث.

قبلها بأيام، رجل وزوجته كونا شبكة لتبادل الأزواج، وجها الدعوة علي النت، تقدم لهما ٥٠٠ زوج وزوجة، أخضعاهم للاختبار، فنجح ٤٠ زوجاً، أقاموا حفلات المجون والتبادل في شهر رمضان الكريم، الحفلة تبدأ بعد أذان المغرب، بعد الفطار، فالكل صيام، هذه نقرة وتلك نقرة أخري!

منذ يومين، قام اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة، بقيادة حملة انضباط في شوارع القاهرة. في يوم واحد ضبطت الحملة ٣٠٠ حالة معاكسة في الطريق، عادي، كل ثانية توجد حالة معاكسة، كل امرأة أو فتاة أو حتي طفلة لها حصتها من المعاكسة، عدالة في التوزيع، و٣٠ حالة تحريض علي الفسق، يعني رجل يحاول إغواء فتاة ويعرض عليها مقابلاً مادياً.. «العيشة» صعبة وكل شيء له ثمن، والفقيرة لا تملك إلا الشرف وهناك دائماً من يشتري.

في يوم واحد، وأعتقد في مكان واحد، هناك أعلي هضبة المقطم، أعلي جبل الدويقة، حيث تنتشر رائحة الموت وبقايا الجثث، ضبطت الحملة ٨٠ فعلاً فاضحاً في الطريق العام، قبلات وأحضان وما يزيد علي ذلك، داخل السيارات وخارجها، شباب مكبوت، لم يستطع الصوم وهو له «وِجاء»، مثلهم آلاف علي كورنيش النيل وفي شقق مغلقة، كما الضمائر والإحساس بالذنب!

في يوم واحد، ٤١٠ حالات تحرش، وفعل فاضح، وتحريض علي الفسق، ماذا لو قمنا بحملة كل يوم علي ربوع مصر؟!

«السوس وصل للعضم» فهل يجدي الصراخ الآن؟!

No comments: