Monday, October 27, 2008

الهند

بقلم أحمد المسلماني

حين زار يوسف بطرس غالي الهند لم يجد فيها ما يلفت النظر إلا «التوك توك». انبهر الوزير بتلك العربة الساحرة انبهاراً شديداً، وقرر جلب آلاف «التكاتك» إلي أرض الكنانة ضمن رؤية حضارية جديدة!

***

أطلقت الهند، قبل أيام، أول مركبة فضاء إلي القمر.. والمركبة والصاروخ والمهام العلمية المنوطة بالمركبة كلها هندية مائة بالمائة. لم تذهب الهند إلي قاعدة «جيانا الفرنسية»، كما ذهبت مصر لإطلاق قمرها الصناعي، الذي يحمل المزيد من الكليبات.. لم يكن القمر قمرنا، ولا الصاروخ صاروخنا، ولا قاعدة الإطلاق قاعدتنا، ولا فريق العمل فريقنا.. كل ما أنجزنا هو قطع تذاكر السفر، ثم الجلوس كالأطفال في صالة المشاهدة لمتابعة ما يفعله الآخرون!

سوف تمكث مركبة الفضاء الهندية حولين كاملين، وسوف تجري تجارب علمية عديدة، وعمليات مراقبة حول القمر، وسوف تدرس طبقات سطح القمر، وستدرس أوضاع المياه.. أما الأخطر والأكثر إثارة.. فهو بحث طاقة بديلة للبترول، ومحاولة إحضار مادة «الهليوم-٢» من كواكب أخري إلي الهند.. إن «الهليوم-٢» يصعب استخراجه من كوكب الأرض، وتفكر الهند في استخراجه وجلبه من الفضاء!

***

في السنوات الخمس المقبلة ستبقي مصر منشغلة بتسريب امتحانات الثانوية العامة، ووضع ضوابط للدروس الخصوصية وكادر المعلمين، وسوف ننشغل أيضاً بانتخابات اتحاد الطلاب ونقابة المحامين وأحكام النقض في قضية سوزان تميم.

في السنوات الخمس ذاتها، ستكون الهند قد أطلقت «٦٠» رحلة فضائية، بمعدل «١٢» رحلة كل عام، وستكون الهند من كبريات الدول في تقديم خدمة «إطلاق الأقمار الصناعية»، بعد أن نجحت عام ٢٠٠٨ في إطلاق «١٠» أقمار صناعية بصاروخ واحد، منها قمران للهند، وثمانية أقمار لدول أخري!

وفي الوقت الذي انشغل فيه وزير البحث العلمي بكل شيء إلا البحث العلمي، ولم يحضر الوزير حفل تكريم العالم المصري د. مصطفي السيد في جامعة القاهرة أو عين شمس، وفيما ينشغل رئيس الوزراء بملفات كبري ومشرفة، من وزن السحابة السوداء وبالوعات العاصمة، وصناعة الخبز من خلط الذرة بالقمح، يقف رئيس وزراء الهند احتراماً في حفل مهيب ويقول: «إنها لحظة تاريخية.. نحيي علماءنا الذين رفعوا رؤوسنا.. إننا فخورون بما وصل إليه العلم والعلماء في بلادنا».

***

كان الساسة الهنود الذين تسلموا بلداً فقيراً مزدحماً جاهلاً لا أمل فيه، قد زاروا عواصم الحضارة، وعادوا ليجعلوا بلادهم في مقدمة العالم.. وفي مصر زار الساسة بلاد الهند، فعادوا بأسطول من «التوك توك»!

No comments: