Thursday, February 21, 2008

زويل يفتح النار علي الجامعات الخاصة

بقلم صبرى غنيم
أنا عاتب علي الزميل الكاتب الصحفي الأستاذ أسامة هيكل أنه استضاف العالم المصري، الدكتور أحمد زويل، في صالونه الثقافي بدار الأوبرا في غياب رئيس الحكومة، مادام سيتناول قضية خطيرة، وهي قضية العملية التعليمية الجامعية في مصر.. صحيح أن كلامه كان خطيراً.. ورسالته للحكومة كانت أخطر.. لأن الدكتور زويل، كعالم، عندما يبدي عدم اقتناعه بالتعليم الجامعي الخاص في مصر لابد أن نسمعه، لأنه يري أن التعليم عندنا يختلف عن التعليم في الدول الخارجية، حيث لا يملك الأفراد الجامعات ولا يسعون في الخارج إلي التربح وهو ما يجعل جامعاتهم في المقدمة.
والكلام الذي قاله الدكتور زويل لا يأتي إلا من محب.. فالرجل مصري مائة في المائة، رغم أنه يحمل الجواز الأمريكي.. وكلامه من واقع معايشته العملية التعليمية في أمريكا.. فهو يتمني أن تكون جامعات مصر سواء كانت حكومية أو خاصة، علي مستوي جامعات العالم.. وعندما أبدي مخاوفه من امتلاك أصحاب المال العملية التعليمية.. فإنه كان يخشي أن تصبح تجارية، وتكون النتيجة أن يتخرج في هذه الجامعات أنصاف المتعلمين.
والدكتور أحمد زويل، لأنه مصدوم في جامعاتنا، فقد أطلق هذا الطلق الناري، لأنه يعرف أن جامعة واحدة فقط وهي جامعة القاهرة اختيرت منذ عامين في قائمة أفضل ٥٠٠ جامعة في العالم، رغم أن ترتيبها كان في ذيل القائمة، حيث جاء ٤٠٣.
وقد كنا دائماً مستبعدين، لأنهم يعتبرون الجامعات المصرية من الجامعات الأقل جودة في التعليم، بسبب تدهور برامج التعليم فيها، وترتب علي ذلك أن أصبحت الشهادات الجامعية محلية غير معترف بها خارج مصر.. في حين أن جامعة شنغهاي الصينية تتصدر دائماً قائمة أفضل الجامعات في العالم.. وإسرائيل لها دائماً سبع جامعات في هذه القائمة.. لكن ماذا نقول للقوانين التي فتحت الباب لكل من هب ودب من تجار ورجال أعمال، جعلوا العملية التعليمية في بلادنا سوقاً جديدة لثرواتهم بامتلاكهم الجامعات الخاصة.
القانون لم يقصر امتلاك هذه الجامعات علي من لهم سابق خبرة في ممارسة العملية التعليمية من الحضانة حتي الثانوي.. وللأسف لا نجد من بين أصحاب هذه الجامعات إلا الدكتورة نوال الدجوي. وهي سيدة مصرية أعطت أحلي سِني عمرها للعملية التعليمية.. بدأتها بحضانة «دار الطفل» ثم مدارس «دار التربية» وعلي يديها تبوأ أولادها مراكز مرموقة في البنوك المصرية والطب والسلك الدبلوماسي.
ولها سابقة خبرة في بريطانيا، عندما أسست أول جامعة مصرية بريطانية في إنجلترا.. وفي ظل قانون الجامعات الخاصة تمتلك جامعة تمنح شهادتين إحداهما مصرية والأخري بريطانية.. ومع ذلك لم تحظ من الدولة بنفس الرعاية التي يحظي بها أصحاب جامعات أخري لا سابق خبرة لهم ولا يفهمون ما الرسالة التعليمية؟
ولذلك كان عالمنا الدكتور أحمد زويل محقاً وهو يشترط أن تكون الجامعات الخاصة مملوكة لهيئات أو جمعيات لا تهدف إلي الربح كما هو الحال في أمريكا.. وأنا معه لأن جامعة مثل جامعة هارفارد تعد واحدة من الجامعات القوية في أمريكا وتمتلكها هيئة خاصة.. والقبول فيها أصعب من القبول في الجامعات الحكومية الأمريكية.
علي أي حال، كلام الدكتور زويل في صالون الزميل أسامة هيكل لا يزعج وزيراً مثل وزير التعليم العالي عندنا، لأن مثل هذا الكلام يأتي علي هوي الوزير، الذي أعلن غضبه علي سياسة الجامعات الخاصة منذ دخوله الوزارة.. ولذلك يسعي إلي تصحيح مسار هذه العملية.. وأذكر له موقفاً في هذا الصدد، من خلال مقال نشرته في العام الماضي تحت عنوان «لا تذبحوا وزير التعليم»..
وكانت القضية يومها أن الدكتور هاني هلال استخدم حقه كوزير للتعليم ورفض قبول الطلاب في الكليات العملية، التي لم تصدر لها تراخيص لبدء الدراسة فيها.. واحتج أصحاب الجامعات الخاصة التي تمتلك هذه الكليات بعد أن تورطوا وقبلوا أعداداً هائلة من الطلاب.. وبالمخالفة جمعوا منهم المصاريف للالتحاق بهذه الكليات.. الوزير أصر علي موقفه.. لأن هذه الكليات تنقصها أجهزة ومعدات حتي تكون جاهزة للتعليم.. وانتهي الأمر إلي أنه تم تحويل الطلاب إلي كليات أخري.. وقضايا الجامعات الخاصة كثيرة.. ومستوي التعليم سيئ.. وأصبحنا نتاجر في التعليم.. وكل عام يتضاعف طابور البطالة بسبب أنصاف المتعلمين من الخريجين..
الحكومة تعرف أسباب ضعف مستوي التعليم في الجامعات الخاصة.. ومع ذلك ودن من طين.. وودن من عجين.. لقد تمنيت أن تأخذ بنصيحة واحد من أبناء مصر.. عاش الغربة.. وتعلم منها.. وأصبح عالماً فيها.. ولا يطلب شيئاً لنفسه... كل أمله أن ينصلح حالنا.. لأن مصر فيها العقول.. ودائماً هي الأفضل.. فهل يأتي اليوم الذي نسمع فيه أن حكومتنا علي استعداد أن تسمع عالمنا الدكتور أحمد زويل.. المهم أن يكون في القرية الذكية.. وليس في دار الأوبرا؟

No comments: