Sunday, February 3, 2008

فض مجالس

محمد السيد سعيد
أدهشني قرار الرئيس مبارك تشكيل المجلس الأعلي للعلوم والتكنولوجيا. فقد درجت الدولة علي تشكيل مجالس ولجان عندما ترغب في الإجهاز علي أي شيء وتحويله إلي موضوع للثرثرة في المكاتب المغلقة. ومصدر دهشتي أن العلوم
والتكنولوجيا في مصر لا تحتاج لمن يجْهز عليها. إذ تعاونت الحكومات المتعاقبة ووزارة البحث العلمي و"أكاديمية" كذا وكيت علي "تبطيط" العلوم والتكنولوجيا وإخماد أي حس أو نفس في هذا النشاط.

ومن المعروف أن مساهمة مصر في البحث العلمي في العالم تقترب من الصفر، ولا تكاد المجلات العلمية العالمية تنشر اسم مصري أبدا إلا إذا كان يعيش في أمريكا أو أوروبا. أما داخل مصر نفسها فأنشطة البحث العلمي والتطوير التكنولوجي محدودة ومتلاشية. ونادرا ما تصلح براءات الاختراع المسجلة لأي شيء فضلا عن ضآلتها أصلا. أما الجامعات فتصعب علي الكافر.وتشكو اللجان والأكاديميات والمجالس، التي تشكلت من قبل ولا تزال قائمة بقوة العادة من أن الميزانيات المتاحة تنفق علي الأجور، فلا يبقي شيء لتمويل الإنفاق الجاري علي البحث العلمي المكلف.
ولو أن الرئيس مبارك لديه أدني نية لتشجيع البحث العلمي فعلا لكان قد عالج ولو هذه المسألة البسيطة، التي لا تحتاج لمجلس إضافي.وقد تفتق ذهن الهيئات والشخصيات العاملة في هذا الحقل عن الحيلة التقليدية، وهي وضع البحث العلمي تحت إشراف الرئيس مبارك. ولكن هذه الحيلة التقليدية تنفع مع كرة القدم أو مع أي شيء آخر وليس مع البحث العلمي. فلم يظهر الرئيس مبارك أدني اهتمام بالقضية، ولا بالطبع أي معرفة بها. وانتصر الرئيس مبارك للمرة المليون. طبق الرئيس حيلة مضادة يعرفها جيدا جدا، وهي حشد الأسماء المعروفة وجميع الوزراء في المجلس الجديد، ووضع الجميع تحت إشراف رئيس الوزراء، وهو ما يضمن القضاء المبرم عليه، بعد أن يقوم بعقد اجتماع أو اثنين، وبعد أن يكون قد ثرثر بما يكفي.
وهذا ما يطلق عليه شعبنا "فض مجالس".فالوزراء مشغولون طوال الوقت، والأسماء الشهيرة مثل زويل ويعقوب والباز يمكنها أن تقوم برحلات منتظمة، تعبيرا عن حبها لمصر، ولكن الرحلات شيء والتخطيط والإشراف علي البحث العلمي والتطوير التكنولوجي شيء آخر تماما.
وبدلا من تشكيل مجالس إضافية كان من الضروري معالجة اليأس الشامل الذي يعانيه المشتغلون بالبحث العلمي والتطوير التكنولوجي في مصر، وتشغيل المؤسسات الموجودة بالفعل، ولو بـ 10% من طاقتها.

No comments: