Monday, June 30, 2008

No Comment !


عز.. وخلط الأوراق

بقلم د. محمود عمارة

من حق المجتمع -أي مجتمع- بل من «واجبه» أن يسأل أي شخصية «تتعاطي» السياسة عن مصدر ثروتها، وعما تدفعه من ضرائب سنوياً، وحتي عن «بعض» سلوكياتها الخاصة - وهذه ليست بدعة، ولكنها أعراف مستقرة في كل الدول المتحضرة، وهي جزء أصيل من النظام الديمقراطي الحقيقي.
(في فرنسا رئيس الجمهورية يعلن سنوياً للشعب إقراره الضريبي، مفصلاً ممتلكاته.. ومازاد عليها من قيمة بسبب التضخم خلال العام المنصرم.. وما اشتراه من منقولات.. سيارة، موتوسيكل جديد.. وما سدده من ضرائب كل عام، وعند خروجه من «الوظيفة» يعاد نشر وإعلان الإقرار الضريبي من السنة الأولي لتوليه المسؤولية، وحتي اليوم الأخير قبل خروجه)..
وكل عام في شهر أبريل تنشر الجرائد «صور» الإقرارات الضريبية لأي مسؤول سياسي، أو أي شخصية شهيرة.. وآه لو كان للمسؤول عمل خاص قبل الوظيفة، ورغم تفرغه للعمل السياسي وتركه الكامل لأعماله، يظل تحت المجهر، وأي «غلطة» أو تجاوز أو تداخل، أو حتي «شبهة» لخلط العام بالخاص، نهاره أسود، ومستقبله السياسي * الباي باي، وتتولي المحاكم أمره..
وكم من وزير دخل السجن بسبب «تعارض المصالح»، أو استغلال النفوذ، أو لمجرد مخالفة القوانين، ومنهم رئيس للوزراء في عهد «ميتران»، وكان صديقاً شخصياً له، ولمجرد أنه حصل علي «قرض» بدون فائدة من رجل أعمال صديقه ليشتري منزلاً، ولم يخطر مصلحة الضرائب بصورة من العقد، ولم يسجله بإقراره الضريبي، وصباح الكشف عن الموضوع بجريدة Le Canardص Anchenai، كان رئيس الوزراء «منتحراً» قبل الظهر، هرباً من الفضيحة الأخلاقية، وخوفاً من مواجهة الرأي العام!
والمهندس أحمد عز في حواره بالعاشرة مساء، أسهب، واستطرد، وزاد، وعاد، وكرر محاولاً أن يثبت لنفسه وللجماهير «مشروعية» ثروته، وأن تضخمها المثير شيء طبيعي، باعتباره الجيل الثالث من عالم «الخردة» إلي صناعة الحديد، وأن «دورة» الحديد اليوم في إيده.. وأن «والده» كان دفعة الرئيس جمال عبدالناصر.. (ولم يفهم أحد ما هي العلاقة بما نتحدث فيه).. وكان يكفيه أن يقدم إقراره الضريبي بممتلكاته، ولو للعشر سنوات الأخيرة، كانت كام في ٩٨، وأصبحت كام في ٢٠٠٨، وكم سدد من الضرائب سنوياً خلال هذه السنوات!!
وبعدها ليس من حق أحد أن يسأل أو يتساءل أو حتي «يلمح» بكلمة.. بل بالعكس يصبح لزاماً علي كل مواطن محترم، وكل صاحب قلم أن «يرفع القبعة» لهذا الرجل الذي نجح فيما فشلت فيه الدولة، وهو إقامة صناعة ثقيلة تخدم الاقتصاد القومي، وترفع اسم مصر عالياً.. وهذا ما لم يفعله أحمد عز حتي الآن.. ومازال مطلوباً منه أن يتقدم إلي الرأي العام بهذه الوثائق، وليس بالكلام والإعلانات المدفوعة الأجر، وهذا المطلب الشعبي ليس لأحمد عز وحده، ولكن لكل المسؤولين، ولأصدقاء الدوائر العليا، وإن لم يفعلوا فيظل هذا الملف مفتوحاً، ومن واجب المجتمع ملاحقتهم، ومطاردتهم بلا يأس أو ملل.. ويظلوا هم المسؤولين عن الشائعات، والقيل والقال..
وعلي الحزب الحاكم أن يتحمل مسؤوليته فيما جري «لصورته» من تشويه في الفترة الأخيرة.. وإذا كان صحيحاً أننا أصبحنا نحترم الرأي العام، كما حدث في دمياط، و«أجريوم» التي حصلت علي جميع الموافقات، ولكن لعدم قبول الرأي العام لوجود هذا المصنع، تم نقله من دمياط.. وترسيخاً لهذا المبدأ فمن واجب رئيس الحزب، وأمينه العام، وجمال مبارك احترام إرادة شعب مصر بأكمله، والذي يري أن أحمد عز بما ارتكبه من مخالفات قانونية، ولتضارب المصالح الواضح والزاعق، ولأسلوبه المتسلط، وباستعلائه المستفز، يجب إبعاده تماماً من كل موقع تم تعيينه فيه، وعليه أن يختار بين السياسة والعمل الخاص.
فبأي «أمارة» يصبح الرجل الرابع في الحزب الحاكم بعد الرئيس، والأمين العام، وأمين السياسات؟.. ولماذا يترأس لجنة الخطة والموازنة؟
فهل يا تري كان أستاذاً في «هارفارد» ونحن لاندري؟.. أم كان خبيراً محاسبياً وضرائبياً لديه خبرة نادرة؟
ولماذا «التكويش» علي المناصب، وهو في الوقت نفسه رئيس لمجالس إدارات مجموعة شركاته الخاصة؟
«ياراجل دا» لو سيادتك «محامي» وأسست شركة بعشرين ألف جنيه، نقابة المحامين تجبرك علي الفور بوقف قيدك، ولا يجوز لك ممارسة المحاماة منعاً لتضارب المصالح!!.. فكيف يسمح لنفسه، وتسمحون له أن يكون في كل هذه المواقع متحكماً في التشريعات والقوانين، ومطلعاً علي أدق أسرار التوجهات والقرارات المستقبلية؟.. «ياراجل دا» زويل بجلالة قدره، وأمثاله من العلماء مجدي يعقوب.. فاروق الباز.. ممنوعون في مصر من الترشح لمجلس الشعب، أو حتي للمجالس المحلية بحجة أنهم يحملون جنسية ثانية، خوفاً من اطلاعهم علي الأسرار!!

الرأي العام غاضب.. ثائر.. بعد التحدي، والاستفزاز، و«خنوع» مجلس الشعب لإرادة «فرد» واحد يتصور الجميع أنه «مسنود» لأسباب خفية.. وما جري ليس «زوبعة في فنجان».. أو نرجو ألا يكون «زوبعة» يتغلب عليها «صوت الفلوس» Mony Talk بعد أن أصبح زاعقاً، وعالياً جداً، وألا تحدث «رشة» جريئة «تُخرس» كل الأصوات، ليبقي الحال علي ما هو عليه.

كل شيء في مصر هبط

د. إبراهيم السايح

افرض أن الله قد فتح علي سيادتك بوظيفة مذيع في التليفزيون، ثم اختاروك لتقديم برنامج يتضمن حوارات مع شخصيات عامة، فهل الأسهل لك استضافة ممتاز القط، ومحمد علي إبراهيم، وعبد الله كمال، وكرم جبر، ومرسي عطا الله أم أنك سوف تفضل الحوار مع إبراهيم عيسي، وعبد الحليم قنديل، وبلال فضل، وفهمي هويدي، ونهي الزيني؟
الفريق الأول لا يحتاج منك إعداداً، ولا استعداداً، ولا قراءة، ولا ثقافة، كل ما عليك هو أن تترك لهم الميكروفون ليقول كل منهم ما يشاء، ولا يهم أن تفهم ما يقولون لأنهم هم أنفسهم لا يفهمون ما يطرحونه علي الناس من مقالات، ونظريات، وتوليفات.أما الفريق الثاني فربما تخرج من الحلقة مع أحدهم إلي السجن! فضلاً عن حاجتك لشيء من الثقافة السياسية والمعلومات العامة قبل حوارك معهم.هذه القصة واجهت الرئيس مبارك عندما صار خليفة السادات في رئاسة الدولة كان أمامه طريقان، إما أن يجهد نفسه للصعود إلي المهام المفترضة لهذا المنصب، وإما أن يستريح من البداية ويهبط بالمنصب إلي مستوي الكفاءة والخبرة والقدرات الشخصية التي يملكها سيادته.
واختار الرئيس الحل الثاني الأسهل والأسرع والأضمن، وصارت مصر منذ أكتوبر 1981 حتي الآن دولة لا تزيد امكانياتها السياسية والاقتصادية والثقافية علي حدود ما يعرفه طيار حربي متقاعد وصل أثناء الخدمة إلي رتبة الفريق!! نفس هذه النظرية تم تطبيقها وتعميمها علي كل جوانب الحياة في مصر طوال عهد الرئيس حسني مبارك.
مؤسسة «الأهرام» مثلاً- هبطوا بها إلي مستوي إبراهيم نافع، «والجمهورية» هبطت إلي مستوي سمير رجب، والحكومة هبطت إلي مستوي عاطف عبيد، والتعليم هبط من مستوي طه حسين إلي مستوي يسري الجمل، والإعلام هبط من مستوي ليلي رستم إلي مستوي تامر أمين، والغناء هبط من مستوي أم كلثوم إلي مستوي شيرين ونسرين، وأم الباتعة!!
كل شيء في مصر هبط إلي أدني المستويات، وأكثرها انحطاطاً، وخلال ربع القرن الماضي اعتاد الشعب المصري الكريم «طبطبة» الحكومة عليه في كل الشئون الجوهرية التي تم تدميرها، وتحويلها إلي شكل خائب عديم المضمون.وعلي رأس هذه الشئون يأتي التعليم الذي هبطت به الدولة إلي مستوي الطالب البصمجي البغبغان، وصار هؤلاء البغبغانات يصرخون الآن من أي سؤال لم يسمعوه بالنص من أصحاب البيت أو أصحاب القفص أو أصحاب جنينة الحيوانات!

شهداء نظام مبارك

مدحت الزاهد

لا أعرف ماذا يريد الأديب والصديق علاء الأسواني من تشكيل جمعية أهلية لشهداء ومنكوبي النظام المصري؟ هل يريد أن يعود بنا إلي النظام الشمولي، ونظام الحزب الواحد، وهو يعرف أن أغلبية الشعب المصري، من شهداء ومنكوبي نظام مبارك، ستنضم إلي هذه الجمعية؟!
هل يريد أن يجمع شهداء عبارات الموت، ومراكب الهجرة، وطوابير العيش والعمارات المتهاوية علي رءوس سكانها وضحايا المعاش المبكر والفلاحين المطرودين من الأرض بعد عودة الإقطاع الجديد والعاطلين عن العمل ومنكوبي العشوائيات مع منكوبي علاوة مبارك، وضحايا نظام التعليم في الجامعات والمدارس والتعذيب في السجون والمبيدات المسرطنة في الغذاء، ومياه الشرب الملوثة في القري، والنجوع، والضحايا المحتملين لمصنع «أجريوم»، وكل الصناعات الملوثة للبيئة التي تطردها أمريكا وأوروبا للأراضي المصرية بسياسةdamping أي تحويل الأراضي المصرية لصندوق قمامة لصناعات الموت بينما يتباهي حكامنا بالطفرة التي حققناها في جذب الاستثمارات الأجنبية والمضاربين من شتي بقاع الأرض؟!هل يريد ضرب تجربة التعددية، فلا يبقي مكان للجمعيات والأحزاب الأخري؟!
وأي فضاء يمكن أن يتسع لهذه الجمعية مع القيود المشددة علي حرية الاجتماع؟ وكيف تسمح وزارة التضامن الاجتماعي وأجهزة الأمن بإشهار هذه الجمعية إلا إذا تقنعت باسم جمعية دفن الموتي! من النائمين علي بطون خاوية أو غرقي مراكب الهجرة أو المتوفين علي أبواب المستشفيات العامة والخاصة لانهم لايملكون "مقدم دخول" أو العاجزين عن حق العمل أو السكن أو المنتحرين صراحة هربا من الغلاء وذل الفقر ونظرات أطفالهم.
ومن سوف يرفض الانضمام إلي جمعية الشهداء، والمنكوبين هذه سوي تجار الحديد، وتجار الأسمدة وتجار الأراضي وتجار الأغذية الفاسدة وتجار الامتحانات وتجار الغاز الذين يفضلون دعم الشعب الإسرائيلي علي دعم الشعب المصري بينما تسمم بدن الشعب علي فتات الدعم؟ من سوف يرفض الانضمام سوي كتبة السلطان، و"كدابين الزفة"، والمنافقين والفاسدين من كل نوع والجلادين وكبار المستثمرين الذين حققوا ثروتهم نهبا من موارد مصر وحقوق الشعب؟دعوة علاء الاسواني خطيرة لأنه إما يستهدف توجيه ضربة في الصميم لنظام التعددية والعودة بنا الي الحزب الواحد.. وإما يستهدف هدم الديكور وتعرية البطل والكومبارس والجمهور

Sunday, June 29, 2008

سؤال برئ

أريد أن أعرف مهمة واحدة لرئيس الجمهورية، غير الوجود الدائم فى شرم الشيخ، أو على طائرة سفر، أريد أن أصرخ مثل ملايين المصريين: هل صحيح مصر لها رئاسة مسئولة عن البلد، ولها رئيس وزراء يقوم بالحد الأدنى من مهمات رئاسة الوزراء، وهل فيها وزراء يقومون بأدوار الوزراء التى نعرفها لدى كل بلاد العالم، أم أن مصر لم يعد فيها دولة من أساسه، وأن كل ما يراه المصريون، ليس إلا خداع نظر، لا يشى بحقيقة الأمر الواقع فى مصر؟.
أسئلة تفلق الحجر إذا كان كتب عليه أن يتابع ما يجرى، ويرى مثل ما نرى أن كل يوم تطلع شمسه على بر مصر يثبت أن الدولة فى إجازة مفتوحة منذ زمن طويل، وأن المناصب التى نعرفها، والأشخاص الذين يفترض أنهم يشغلونها، كل ذلك لم يعد إلا صورة ديكور متهدم لم يعد صالحاً لتزوير الواقع أو إخفائه وراء مظاهر كاذبة. أية دولة، وأى نظام، وأية رئاسة، وأى وزارة، وأى حاجة، ممكن تشرح لنا ما يحدث فى مصر على أنه طبيعى، وأنه ممكن الحدوث فى أى بلد فى العالم.
هل هناك بلد يتحكم فيها فرد واحد فى مجلس الشعب، الذى يشرع باسم الشعب، فيأمر بإقرار قانون الاحتكار على الوجه الذى لا يضر بمصالحه، ثم يعود فيكتشف أن هناك مادة تحتاج إلى تعديل بعد يومين من إقرار القانون بصفة نهائية؟. هل ما نراه تحت القبة فى شارع قصر العينى هو مجلس للشعب فعلاً، أم أنه مجلس أحمد عز ورجال الأعمال الذين وقفوا ضد قانون وضعته الحكومة التى يشكلون غالبيتها؟
هل فى مصر دولة كل المواطنين، أم سقطت الدولة فى يد حفنة من سارقى أقوات الناس وأموالهم؟ هل تحول دور مجلس الشعب من تشريع القوانين التى تخدم مصالح المصريين، إلى إقرار القوانين على مزاج المحتكرين، وعلى مقاس مصالحهم، وهل أصبح الجالسون على كراسى المجلس مجرد صور ديكور مهمتها تمرير قرارات عز وقوانينه؟
ألف ألف سؤال تقف فى الحلق: هل هناك بلد فيه مسئول واحد، يمكن أن يصل فيه التسيب والإهمال والفوضى واللامسئولية إلى الدرجة التى جرت فى وقائع امتحانات الثانوية العامة؟ هل هناك بلد واحد فى العالم يمكن أن تبيت فيه وزارة مسئولة، ولا تستقيل جراء ما جرى فى محافظة المنيا، الأسبوع الماضى، حيث عقدت لجان خاصة لأبناء المسئولين فى وزارات الداخلية والصحة والتعليم؟ هل يعقل فى بلد فيه دولة، وفيه نظام، وفيه ناس محترمون، أن يسرق كابلات السد العالى، ثلاث مرات تحت سمع وبصر الكاميرات التى تصور ولكنها لا ترى حرامية السد؟، لماذا لا يقدم المسئولون عن التلاعب بجسم السد العالى إلى محكمة ميدان فورية تنظر الأسباب التى جعلت السد ملطشة لكل من هب ودب؟ هل هناك أى أحد فى هذا البلد يعرف ماذا يعنى السد العالى لمصر؟ هل الذين يحكمون مصر من مصر، أم تراهم اشتروا جنسيات أخرى جعلتهم ينسون أن السد العالى قضية أمن قومى لا يجوز التهاون والتلاعب فيها؟ هل يقول أحد، ولو من مستشفى المجانين الرسمى الذى يحكمنا، أن ما يجرى فى مصر حالياً يمكن حسابه فى خانة العادى والمقبول والمعقول؟
بلد تصل مشاكله إلى حد تسريب مواد الامتحانات فى الثانوية العامة جهارا نهاراً، بدلاً من أن يكون الحديث عن تسرب إشعاعى من محطات الطاقة النووية، كيف يكون مستقبله؟ بلد يصدر فيه وزير مسئول قراراً بحل مجلس إدارة ناد رياضى، ويتصدى له محافظ الإقليم، ويحرض على عدم تنفيذ القرار، والاثنان تابعان لجهة رئاسية واحدة، ويحكمهما قانون واحد، وتستظلهما مظلة دولة واحدة، هل هذا معقول أو مقبول أو عادي؟
هل أحمد عز يحكم مصر؟، أم هى فوضى ما قبل صافرة النهاية، نهاية عصر أضاع مصر؟
الله يرحمك يا مصر، قصدى يا دولة مصر، يا أم سبعة آلاف سنة، الله يرحم أيامك. قد تحتاج مصر بعد أن تنهى الفترة الرئاسية الحالية إلى من يعيد الدولة إلى مصر من جديد، وأرجو ألا يبقى الحال على ما هو عليه حتى تصبح مصر فى حاجة إلى مينا موحد القطرين!!

يا واهب الرزق بزيادة ،حمادة بيلعب.. مين اللى بيلعَّب حمادة؟!

جمال فهمي

كنت أغالب الملل والزهق بالصمت والسرحان وأحاول أن أتسلى بالعبث فى أظافر أصابعى تارة وفى المحمول تارة أخرى، وبنصف أذن أو أقل كنت بالكاد أسمع نتفاً من الثرثرات وقهقهات النفاق المفتعلة التى تفرقع حولى، لكنى فجأة، وجدت الرجل الفخم المطلع على ما يجرى فى دهاليز مغارة الأستاذ على بابا حيث يسكن حكامنا الحاليون، وقد اصطفانى أنا بالذات من بين الحضور جميعاً وصوب لى مباشرة كلماته التالية:
يا اخوانا ده أنتم، ما شاء الله، ناس مثقفين وفاهمين.. معقولة مصدقين فعلاً أن أحمد عز يملك وحده كل هذه القوة الأسطورية التى تجعله يلطش ويبرطع على راحته شمال ويمين.. ياخد مصانع مجاناً تقريباً، ويحتكر زى ما هو عايز ويشرع لنفسه بنفسه ويعمل قوانين على مقاسه وينزح مليارات ما لهاش عدد.. ليه هى الدنيا سابت كده خالص ومبقاش فيه كبير فى البلد؟!.. يا اخوانا أرجوكم صدقونى لا يوجد شيء اسمه أحمد عز.. ما تضيعوش وقتكم!!
نجح الرجل الفخم فى استفزازى وانتشلنى بمهارة من مستنقع الملل والصمت، وبما أنه كان مايزال يطلق نظراته على فقد وجدت أنه من المناسب أن انطق وأرد عليه فقلت له.. إزاى مفيش حاجة اسمها أحمد عز.. صحيح الراجل قصير وضئيل، وربما هذا ما ساعده فى القفز بخفة علينا من المجهول إلى "سياسات" مبارك الابن رأساً، لكن الموضوع مش بالحجم ولا بالكيلو وإنما بالشطارة والنباهة التى تبدو أماراتها واضحة أشد الوضوح على سحنة الأخ "حماده" بدليل نجمه الذى صعد وتلألأ بسرعة فى سماوات عصركم المظلم. شعرت بلذة بهيمية إذ وجدت الفخم مستثاراً حتى أنه اضطر للتخلى عن وقاره وهتف بنفاد صبر.
ـ بقولك مرة تانية مفيش حاجة اسمها أحمد عز.. عايز تفهم إفهم.. مش عايز أنت حر. ـ يعنى حضرتك تقصد أن الأخ عز مجرد حماده مصروف لنا يشاغلنا ويلعب قدامنا كده ع المسرح وخلاص؟.. طيب إذا كان مفيش حاجة اسمها أحمد عز ياريت سيادتك تعمل فينا معروف وتقولنا اسم الحاجة اللى وراه. هز الرجل المطلع رأسه مستنكراً وترك ابتسامة ذات مغذى تلون ملامحه وهو يقول: ـ بقى بالذمة ده كلام.. يا ناس ده أنتم كلكم ناس كبار وفاهمين. ـ أيوه.. وكلنا تقريباً متجوزين وعارفين.. انفجر شلال ضحك صادق وانتهى المشهد الذى استعدته بينما أنا احتشد لكتابة هذه السطور وفى نيتى التعليق على آخر نوادر ومعجزات الأخ حماده فى البرلمان، إذ ساق الأسبوع الماضى قطيع أغلبية حزب الحكومة للتصويت ضد نفسه (نفس القطيع) مرتين اثنتين، أولاهما حين وافق هؤلاء على اقتراح نواب المعارضة بإعفاء السكن الخاص من الضريبة العقارية، فلما زجر فيهم حماده وصرخ غاضباً "إيه ده.. إيه ده" أعاد الدكتور أحمد فتحى التصويت من جديد ليمكنهم من التراجع فتراجعوا.
وأما الثانية فكانت بمناسبة عملية الإجهاض والإخصاء التى أجراها على مشروع تعديلات قانون الاحتكار، وقد رأينا جميعا كيف استعان جنابه بالقطيع الذى أصبح طوع إشارة من بنانه لدرجة عصيان الحكومة نفسها التى ترعاه وتسمنه (تسمنه ولا تسممه لأن هذا النوع من النواب يستعصى حتى على السم الهارى شخصيا). أقول قولى هذا ولا يفوتنى أن أذكّر حضرتك بأنه يبقى دائماً ـ وفى ظل أوسخ الظروف ـ
متسع لرحمة ربنا، آية ذلك يا عزيزى، أنك لابد لاحظت حفنة قليلة من الأخبار الجيدة تطل وتظهر وسط فيض أخبار السوء والخراب التى راحت تترى وتتكدس على أم رأس المصريين فى الأسابيع الأخيرة. مثلاً.. بشرتنى السيدة حرمنا المصون وكانت أول من هنأنى بعد ظهر الخميس الماضى بقرار الرئيس حسنى مبارك فض دورة الأعمال السوداء لمجلس شارع قصر العينى الموقر، (مؤقتاً للأسف)، ولشدة فرحتى بالخبر صعدت إلى قمة النشوة والانفعال فتعطلت لغة الكلام، وفوجئت زوجتى المسكينة بأن نطقى يتعثر وأن ما يخرج منى هو محض لعثمات وأصوات ملخبطة لا يمكن أن يفهم منها أحد ما كنت أريد أن أقوله ساعتها وهو: الحمد لله على رحمته التى هبطت على عباده فى الوقت المناسب، فالشعب المصرى لم يكن ليحتمل أن تطول دورة الأعمال السودا البرلمانية ولا ساعة زيادة، وإلا كان خرج كله عن بكرة أبيه قاصداً نعمة الموت غرقاً أمام السواحل الليبية بالذات!
أبقى مع الأخبار الجيدة، وألفت نظر سيادتك إلى واحد منها أبرزته صحيفة "الأهرام" يوم الأربعاء الماضى فى عنوانها الرئيسى مؤكدة ما لا يحتاج إلى تأكيد وهو أن "مبارك أكثر زعيم يثق به شعبه فى العالم"!! طبعاً غنى عن البيان أن علامتى التعجب السابقتين من عند العبد لله ولا علاقة للأهرام (الصحيفة) بهما، لكننى أرجوك أن تصبر ولا تفهمنى خطأ فأنا لا أقصد العجب من مضمون الخبر ولا أشكك بالمرة فى حقيقة أن الرئيس هو فعلاًَ أكثر زعيم "فى العالم" وفى الدنيا كلها يحظى بثقة شعبه، بل بالعكس فإن دهشتى تعود إلى كون الخبر المذكور لا يضيف جديداً سوى الإشارة إلى حقيقة بديهية يعرفها القاصى والدانى والشارد والوارد، ما يزيل عنه أهم شروط الخبر الذى يصلح للنشر فى الصحف، وهو أن يكشف معلومة صحيحة لا يعرفها الناس، فإذا كانت هذه المعلومة "معلومة بالضرورة" مثل أن "الشمس تشرق من الشرق" فهى ليست خبراً ولا يحزنون.
وما دمنا نتحدث فى مهنة الصحافة فلا ضير من الإشارة إلى ذلك المثال الشائع المبتذل الذى يسوقه بعضهم لتوضيح نوع الأخبار الجديرة باهتمام الصحفى، فيقول هؤلاء إنه لا شيء يغرى ولا يثير فى خبر يزف إلى القراء أن رجلاً عضه كلب، لكن إذا كان الرجل هو الذى عض الكلب فنحن فى هذه الحالة أمام خبر من شأنه أن يكسر الدنيا!! إذن.. كفاية كده وكل عام وأنتم بخير!!

Saturday, June 28, 2008

ببساطة

بقلم : ســيد عـلــي‏

*‏ دخلت مصر موسوعة جينس للارقام القياسية في عدد شهداء التعليم عبر الثانوية العامة‏.‏

*‏ ليست مصادفة ان تكون كل الدول المتقدمة هي التي يتم تداول سلمي للسلطة فيها‏.

*‏ عندما يأتي رؤساء الدول الكبري للبلاد العربية يذهبون للقاء القادة‏,‏ وعندما يزورون إسرائيل يذهبون للكنيست‏.‏

*‏ أي مادة خام يتم تصديرها لكي يصنعها الاخرون هي شهادة فشل رسمية واهدار للقيمة المضافة لهذه المادة‏.‏

*‏ ارسل لي الكاتب المحترم راجي عنايت يقول ان سر كثير من مشاكلنا هو ان المفاتيح القديمة لاتستطيع فتح الابواب الجديدة‏.

*‏ لسنا فقراء بسبب نقص الموارد‏,‏ ولكن بسبب سوء التصرف فيما لدينا‏,‏ فسويسرا لا تزرع الكاكاو ولكنها تنتج افضل شيكولاته في العالم‏.‏

*‏ حجب بعض جوائز الدولة في العلوم هو إشهار افلاس رسمي للبحث العلمي‏.

العيش في وطن.. لكل رجل فيه ثمن!

بقلم د. طارق الغزالي حرب
لست أدري لماذا تذكرت هذه الأيام، بيتاً من الشعر لا أعرف من صاحبه كان والدي - رحمه الله - يضرب به المثل في التشاؤم وقلة الحيلة؟.. والبيت يقول: لا موت يباع فأشتريه.. فهذا العيش لا خير فيه.
وكان يمزح معنا عند تفسير هذا البيت الشعري ويقول إن المقصود بالعيش هنا هو المعيشة الكاملة وليس العيش بمعني «الخبز» كما هو في اللهجة المصرية، الدارجة، بالطبع لأنه في ذلك الوقت لم يكن يسمع الناس فيه عن أنواع عجيبة مستحدثة من «العيش» ظهرت فيما يلي من عقود من الرغيف «الطباقي» وحتي «رغيف مصيلحي»! والذي ذكرني «بالعيش» الذي لاخير فيه هو ما أراه وأسمعه وأطالعه في وسائل الإعلام المختلفة، ما يصل إلي أذني من حكايات أقرب إلي الخيال، عن المدي الذي وصلت إليه درجة الانحدار الخلقي والقيمي في المجتمع المصري.
إن ما شهدته مصر في الأيام الأخيرة من أحداث تسرب امتحانات الثانوية العامة وما صاحبها من اعترافات وما كشفت عنه التحقيقات وما صدر حول الموضوع من بيانات، ما هو إلا مثال حي ينطق بكل ما ذكرته من موبقات يعاني منها المجتمع المصري الآن ومدي الخراب الذي أصاب نفوس الناس.. وللأسف فإن المجتمع كله متقبل لمقولة شائعة أسمعها من معظم الناس ويقولونها بلا مبالاة ألا وهي: وما الجديد؟ ولماذا هذه الضجة.. ألا يحدث ذلك كل عام؟ ألا تعقد لجان خاصة بالمستشفيات لأبناء كبار المسؤولين وذوي السلطة والنفوذ خاصة في المحافظات البعيدة تحت سمع وبصر مسؤولي التعليم؟!
هل يذهب مصري واحد لقضاء حاجة هي حق له في أي جهة كانت دون أن يبحث عن واسطة أو معين له علي قضاء حاجته مهما كان حقه في هذه الحاجة أو المصلحة واضحاً وجلياً؟! حتي بعض السياسيين تتحدد آراؤهم وتتبلور مواقفهم تبعاً لمصالحهم. أصوات عالية صاخبة تكتب بالصحف المستقلة والمعارضة، تطلق عليهم ألقاب زائفة كالمفكر القومي البارز أو الكاتب الوطني الغيور أو.. أو.. تعرف من وراء الكواليس أنهم كانوا في صحبة من يهاجمونهم أمام الناس وأن مصالح عديدة لهم قد تم التعاقد عليها، وأن الصوت العالي سوف يخبو رويداً رويداً. ماذا أقول والأمثلة لا تنتهي.

. والشعور بالمرارة والأسي يغمر النفس.. فقد عشت إلي زمن رأيت فيه في وطني كل شيء يباع ويشتري.. إنه للأسف وطن لكل رجل فيه ثمن.. إلا من رحم ربي.

رجال أعمال.. ورجال أموال

بقلم أسامة هيكل
منذ شهور تبرع بيل جيتس، صاحب «ميكروسوفت» العملاقة، بثروته كلها للعمل الخيري.. ترك ٥٠٠ مليون دولار لأبنائه، وتبرع بالباقي كله للعمل الخيري.. وبيل جيتس يربح ٢٠ مليون دولار يوميا، أي ٨ مليارات دولار سنويا.
وبعده بأيام أعلن وارين بافيت، صاحب شركة «بيركشاير هاثاواي» العملاقة، وهو أحد أغني أغنياء العالم، عن تبرعه بنسبة ٨٠ % من ثروته للمؤسسة الخيرية التي أسسها صديقه بيل جيتس، وهذه النسبة تزيد علي ٣٧ مليار دولار.. وحينما سئل بافيت عن سبب عدم تركه هذه الثروة لأبنائه رد قائلا إنه ترك لهم تربية جيدة وتعليماً ممتازاً، وأنها امتيازات حقيقية تجعل إغراقهم بالأموال أمراً غير حكيم.
لم يحتج جيتس يوما أن يدفع الملايين من أمواله لتجميل صورته في وسائل الإعلام.. ولم يستخدم ثروته في كسب نفوذ سياسي.. فلم يكن أمينا لتنظيم الحزب الديمقراطي، ولم يكن بافيت عضوا في أمانة سياسات الحزب الجمهوري.. هما فقط نموذجان لرجال الأعمال الشرفاء الوطنيين .. لم تتلوث سمعتهما يوما .. فالكل يعلم كيف أسس بيل جيتس إمبراطورية ميكروسوفت.. كما أن الكل يعلم كيف بدأ بافيت بالعمل في البورصة بأول ١٠٠ دولار امتلكها.. ولأن العمل هو القيمة، والمال هو النتيجة، كان القرار شديد السهولة عليهما وعلي المجتمع الأمريكي، وقابلناه نحن هنا باستغراب وذهول.
وفي مصر والعالم العربي رجال أعمال شرفاء ولاشك.. ولكنهم يعملون بهدوء، وربما لا يعرف أحد أسماءهم.. ولكن المحزن أن نسمع عن ١١٠٠ مليار دولار من الأموال العربية مكدسة في البنوك الأوروبية والأمريكية دون توظيف.. والمؤسف أن نسمع قصصا لبعض المليارديرات العرب في نوادي لاس فيجاس الشهيرة، دون أن نسمع عن مساهماتهم في العمل الخيري بالعالم العربي. وفي مصر بعض رجال الأعمال الاستفزازيين.. بعضهم محتكرون.. وبعضهم يهوون الزواج من الفنانات والراقصات، وبعضهم شبعوا من المال فأرادوا السلطة والنفوذ، وبعضهم وجدوا السلطة تأمينا للثروة، وبعضهم خانوا الوطن وباعوا ثرواته لإسرائيل، وبعضهم دخلوا السجون، وبعضهم هربوا بأموالهم خارج البلاد بعدما ارتكبوا جرائم.
هذه النماذج لرجال الأعمال هي التي نحتاجها فعلا في مصر.. فرجل الأعمال يدير مؤسسته، ويعظم أرباحها بعمله وطريقة اختياره لمعاونيه وأسلوب إدارته للعمل.. ولكن هناك واجبات مفروضة عليه تجاه مجتمعه.. فالمجتمع الذي يعيش فيه له حقوق عليه، ويجب أن يسهم في العمل الخيري، ويساعد ويساند غير القادرين من أبناء وطنه، ويحاول أن يحل مشاكل هذا الوطن.. فإذا كان ذلك يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية القوة العظمي الوحيدة والأغني والأقوي، فمن باب أولي أن يحدث ذلك في مصر التي تعاني الفقر والغلاء وانهيار الخدمات.
رجل الأعمال الحقيقي يعرف الجميع كيف جمع ماله، ولكن لا أحد في مصر يفصح عن نشأة أمواله وتطورها.. ففجأة يظهر لنا ملياردير يصف نفسه بأنه رجل أعمال، ولا نعرف عنه إلا أنه ملياردير، ولايخبرنا أحد عن تاريخه، ولا كيفية إدارته لمؤسساته.. والحقيقة أن أمثال بيل جيتس ووارين بافيت هم ما يمكن أن يطلق عليهم رجال الأعمال.. ولكن النماذج المصرية التي نختصها ويعرفها الجميع هي رجال أموال.. فجمع المال هو الهدف الأول والأخير، وليس العمل، وليس تقديم العون للوطن.. الوطن بالنسبة للبعض من هؤلاء في مصر هو مجرد قطعة أرض يمكن أن تباع لأي شخص يدفع أكثر.. والمهم فقط أن نجمع أموالا أكثر وبأسرع وقت ممكن.. وللأسف، حينما تم اختيار بعض رجال الأعمال لتولي حقائب وزارية في مصر خلال السنوات الأربع الماضية كانت النتيجة محزنة..
فالمشاكل التي يعاني منها المواطن زادت، بل إن الشعور العام لدي العامة أن أعضاء هذه الحكومة الغنية يحتقرون الفقراء ويستهينون بهم ولا يقيمون لهم وزنا في سياساتها، وزاد علي ذلك مايتردد عن استفادة هؤلاء من مناصبهم في توسيع أعمالهم الخاصة، وهو أمر طبيعي.. فحينما بدأت تجربة الاستعانة بهم، لم يكن هناك نص قانوني صريح يمنعهم من ممارسة أعمالهم الخاصة، ولا توجد آلية دقيقة لمتابعة ثروة كل منهم قبل دخوله الوزارة وبعد خروجه منها.
تبرع رجلي الأعمال بيل جيتس ووارين بافيت بأموالهما كلها تقريبا للعمل الخيري هو خبر عادي خارج مصر، ولكن المناخ الذي نعيشه حاليا في مصر يوجب علينا المقارنة.. وهي مقارنة كئيبة.. فأعمال جيتس وبافيت ستبقي دالة عليهما، بينما أموال رجال الأموال في مصر زائلة.. تحية واجبة لكل رجل أعمال حر شريف، ولعنة الله علي كل جامع أموال من دماء الغلابة.

دعاية كثيرة وحديد غائب

بقلم د.طارق عباس
لا أعرف بالضبط ما هو سر هذه الثورة العارمة، علي رجل الأعمال المحترم، وقيصر مصر، والرجل الثاني في الحرس الجديد، وصاحب الكلمة الأولي والأخيرة علي نواب الأغلبية وإمبراطور الحديد، الملياردير أحمد عز؟
ولا أعرف ما الذي فعله الرجل ليصبح أكثر الناس تقريبا عرضة لسهام الكراهية التي تنهال عليه من كل صوب وحدب؟ جمع بين حسنيين وربما حسنيات كثيرة: جمع بين المال والسلطة، السياسة والبزنس، جمع بين أشكال النفوذ كافة، السياسي والحزبي والبرلماني والصناعي سلطته فوق الجميع، لا يخاف من أحد، ولا يخيفه أحد، ولا يتردد في أن يعلن صراحة أن علاقته بجمال مبارك ابن رئيس الجمهورية ووريثه في الحكم هي مجرد زمالة لا أكثر، يفسر القوانين علي مزاجه ومقاسه، لا يضيع وقته في الاستماع لنصائح الآخرين، ولا يشغل نفسه كثيرا بأشياء غير مهمة كالرأي العام أو الإعلام أو المعارضة بقدر ما يشغل نفسه بتوطيد أواصر العلاقة بينه وبين عالم المال والأعمال.
وفي أقل من ثمن قرن، يصبح مصير السوق العقارية المصرية كلها متوقفا علي مصالح أحمد عز ومرهونا بمشيئته، وفي أقل من ٧ سنوات ترتفع أسعار الحديد من ١٢٠٠ جنيه للطن عام ٢٠٠١ إلي ٣٢٠٠ جنيه في نهاية عام ٢٠٠٧ ثم يتجاوز سعر الطن منذ تاريخه وحتي هذه اللحظة ٨ آلاف جنيه في السوق السوداء، ويصبح البحث عنه أو الحصول عليه أصعب من المخدرات.
لكن عتابي الوحيد له وهو عتاب المحب المريد طبعا، في إصرار سيادته علي أنه يبيع الحديد بسعر أقل ١٠٠٠جنيه عن شركات الحديد الأخري ، ويعلن ذلك في وسائل الإعلام كافة، وأري هذا الإعلان - مع الاعتذار الشديد - هو أكبر دليل للإدانة، لاعتبارين:
الأول، أن عز لا يقدم الحديد لعملائه مجانا أو لوجه الله ، ومبلغ الألف جنيه الفارق بينه وبين أسعار الآخرين، هو من جملة ما يحققه من أرباح، وإذا تنازل سيادته عن ١٠٠٠ جنيه من أرباحه في كل طن، إذن فكم ١٠٠٠ يكسبها في الفرق بين سعر التكلفة وسعر البيع للوكلاء؟ وأين ارتفاع الأسعار العالمي الذي يتحدث عنه سيادته عمال علي بطال؟
الثاني، أن الحديد المعلن عنه غير موجود في الأسواق أصلا، وتجربتي في البحث عنه خير أدلتي علي ذلك، وكانت بداية التجربة عندما اتخذت قرارا ببناء قطعة أرض هي كل ميراثي عن أبي - رحمه الله - وذلك خوفا عليها من عصابات الأراضي المنتشرة في هذه الأيام وأغراني الفرق المعلن بين أسعار حديد عز وغيره من الشركات، بالتوجه مباشرة للفرع الرئيسي للشركة بالمهندسين، وبعد حديث مطول مع موظف الاستعلامات أكد لي سيادته أن فرع الشركة هذا يعطي إما لوكلائه المعتمدين، أو للأفراد الذين يحملون تأشيرات من أعضاء مجلس الشعب، ورغم معرفتي بالكثير من هؤلاء، إلا أنني أعرف كذلك أن تأشيراتهم ملونة مثلهم وغير قابلة للتفعيل تقريبا.
خرجت وأنا آسف علي الوقت الذي أضعته، وعملت بنصيحة أحد الموظفين الذي حثني علي الذهاب إلي أحد أكبر مخازن حديد عز بقرية سنديون محافظة القليوبية وهناك فوجئت بزحام هائل، وطوابير أطول من الطوابير أمام أفران العيش، لم أفكر برهة في الاختراق وعدت كما أتيت، واتصلت بالخط الساخن للشركة وتلقيت النصيحة بالتوجه إلي منافذ البيع القريبة مني، وأفشل للمرة الثالثة ويقتلني الإحباط، خاصة بعد أن همست في أذني إحدي موظفات هذه المنافذ ساخرة: (اسمع يا استاذ، حديد عز مثل لبن العصفور، فإذا وجدت العصفور الذي سوف تحلبه ، فستظهر لك الحمامة التي ستوفر لك الحديد بكل المقاسات).
لهذين الاعتبارين وحرصا علي آخر معدلات الشفافية أحلف السيد عز بشرفه الذي أوصله لما هو فيه الآن، أن يوقف مهزلة الدعاية التي تهدر فيها الملايين المستفزة علي وهم غير موجود اسمه حديد عز فالدعاية لسلعة غير موجودة خطيئة اقتصادية عظمي، ربما ترفع رصيد صاحبها ماليا في المستقبل، لكنها ترفع كذلك رصيده من كراهية الناس وتصنع بينه وبينهم حواجز لن تهدمها سنوات الدهر وإن عشناها، يا سيد عز سوف ندعو لك بعد كل صلاة بالرفاء والبنين والعز والوز، إذا وعيت ما تصنعه بنفسك وبنا.

Wednesday, June 25, 2008

انتقام من الثقافة

بقلم مجدي الجلاد

يستطيع الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، أن يجلس صباحاً في مكتبه الوثير بشارع «قصر العيني»، ويمد قدميه إلي «القرية الذكية» في الطريق الصحراوي،
وفي المساء يستطيع أن يتكئ علي «شيزلونج» فخيم في حديقة قصره المنيف بـ«٦ أكتوبر»، ويمد قدميه إلي شقته الفخيمة علي شاطئ الإسكندرية،
ولكنه لا يستطيع تقدير القيمة الفكرية والأدبية للكاتب الكبير فاروق جويدة، لأنه وإن كان «محترفاً» في «السوفت وير» فإنه لم يقرأ يوماً كتاباً واحداً من ٤٣ كتاباً لـ«جويدة» ولم يحلق في الأفق ذات مساء مع قصيدة معجونة بالإحساس المرهف للشاعر القدير.
فقط.. قرأ نظيف أو قرأوا له مقالات فاروق جويدة في الزميلة «الأهرام» حول خطايا الحكومة في الإغداق علي مافيا الأراضي بآلاف الأفدنة وملايين الأمتار «مجاناً».. قرأ نظيف أو قرأوا له، وقرر معاقبة الكاتب والشاعر الكبير بشطب اسمه مرتين، واستبعاده من عضوية المجلس الأعلي للثقافة، رغم ترشيح فاروق حسني، وزير الثقافة له في خطاب رسمي لرئيس الوزراء.
كلاهما ـ جويدة ونظيف ـ فعل ما يمليه عليه ضميره، جويدة أمسك بقلم الكاتب الوطني، وشن حملة علي المتاجرين بأرض و«عرض» البلد، ونظيف أمسك بالقلم، ووضع علامة «X» علي اسم جويدة، عقابا له علي «خطيئة» الكتابة والدفاع عن أرض مصر.. كلاهما فعل ما يجيد، الكاتب يكشف و«المسؤول» يعاقب وينكل و«يقصف» القلم و«يغتال» صاحبه.
كشف فاروق جويدة الزواج الباطل بين السلطة والمال، فاقتص منه رئيس الوزراء، وتجاوز في استخدام صلاحياته، وألغي قرارا أصيلا لوزير الثقافة صاحب الاختصاص،
ولكن السؤال الذي يحيرني: ما علاقة د. أحمد نظيف بالفكر والأدب والإبداع؟!.. وهل يعرف في الثقافة أكثر من وزيرها.. وكيف طاوعه «قلم القرارات والفرمانات» وهو يوقع علي «فرمان» معاقبة كاتب وشاعر كبير أثري المكتبة العربية بعشرات الكتب،
وله في «الذائقة» المصرية قصائد ودواوين لا تنسي، والمفارقة أن الاستبعاد من المجلس الأعلي للثقافة، وليس من «المجلس الأعلي للذرة»، أو «المجلس الأعلي للحكومة الذكية الإلكترونية السوفت ويرية».

تطلب الحكومة من الجميع دائما التحاور معها بإيجابية وشفافية بعيدا عن «شخصنة الأمور» واستهداف الأشخاص ومحاولة اغتيالهم معنوياً وأدبياً، وها هي الحكومة تضرب نموذجاً فجاً في «شخصنة» الاختلاف في وجهات النظر تجاه كاتب حاول التحاور معها حول واحدة من أخطر القضايا في مصر،
وها هي أيضا تحاول «اغتيال ونفي» رجل بحجم وقامة فاروق جويدة، لأنه قال رأيه بصراحة وشفافية.. والكارثة أن القرار ـ هذه المرة ـ من رئيس الوزراء، فماذا عسي وزراؤه أن يفعلوا و«كبيرهم» يقترف هذه الخطيئة؟!
خسرت الثقافة المصرية باستبعاد فاروق جويدة.. وكسب جويدة احترام الملايين.. ولم يخسر أحمد نظيف.. لأنه ـ ببساطة ـ لم يعد لديه رصيد يخسره!

Sunday, June 22, 2008

من يملك مصر؟

كريمة كمال

يقول «محمد حسنين هيكل» في كتابه «خريف الغضب» «إن المال أكبر مولدات القوة.. والقوة أيضا أكبر أسباب النفوذ، وفي أحيان كثيرة فإن النفوذ نفسه استثمار رابح»!! هناك دائما علاقة بين نمو أي رأسمالية وسعيها للحصول علي النفوذ السياسي، والعكس هناك دائماً اتجاه لدي أصحاب النفوذ السياسي للاستفادة منه في الحصول علي الثروة.

وبشكل آخر هناك دائماً علاقة بين القمة السياسية والقمة الاقتصادية تفضي دائماً إلي مزيد من الارتباط بينهما.. إنها العلاقة الخالدة بين المال والسلطة.من اللافت كيف تطورت هذه العلاقة في مصر فقبل الثورة كانت الثروة تؤدي إلي السلطة وكانت ممارسة العمل السياسي نوعاً من الوجاهة الاجتماعية.

وإذا تأملنا الوضع في ذلك الوقت سنجد أن الرأسمالية المصرية كانت مسيطرة علي الحياة السياسية والاقتصادية لأنها استحوذت علي الثروة والسلطة والنفوذ معاً.. وهكذا سيطرت الرأسمالية علي التشكيلات الوزارية وقد شهدت تلك الفترة تداخلاً واضحاً بين عالم الاقتصاد وعالم السياسة وعالم الثروة وعالم السلطة.أما بعد الثورة فقد أصبحت السلطة تستخدم لجمع الثروة وصار تقلد المناصب السياسية الكبري وسيلة لجمع الثروة.

وفي الدراسة التي قدمتها سامية سعيد إمام بعنوان «من يملك مصر » تقول «إن من المفارقات التاريخية وبعد ما يقرب من خمسة وثلاثين عاماً علي قيام الثورة- وقت صدور الدراسة- إذا بالمجتمع المصري يعود مرة أخري لتصبح فيه الرأسمالية المصرية وجهاز الدول وكبار رجالها يشكلون تكوينة اجتماعية تكاد تكون واحدة».ويمكننا الآن أن نقول إن من المفارقات التاريخية أنه وبعد ما يقرب من ستة وخمسين عاماً علي قيام الثورة إذا بالمجتمع المصري يشهد ليس تحالف رجل المال ورجل السلطة ولا انتماءهما لطبقة واحدة بل كيف صار رجل المال ورجل السلطة شخصاً واحداً يشرع باسم الشعب ما هو في صالحه هو شخصياً وضد مصالح هذا الشعب!!

كباريه

بقلم خيرى رمضان

هل هناك فارق كبير أو صغير، بين ما يحدث في حياتنا اليومية، وما يدور داخل الكباريه؟
الكباريه، وطن للفاسدين، للسكاري، للساقطات والباحثين عن المتعة.. الكباريه هو المكان المناسب للرقص بكل أنواعه، للصفقات الملوثة، للغناء الهابط، والبلطجة المشروعة!
الكباريه، هو المكان الذي تجد فيه احترامك كلما أهنت نقودك.. وهو المقر الذي تري فيه أثرياء الخليج يشترون كل شيء بأموالهم، بدءا من الخمور وانتهاء بالنساء.
في الكباريه تسقط أقنعة البعض، فيما يلبس البعض الآخر أقنعة لعدة ساعات تسقط أقنعة الرواد وهم يكشفون عن أسوأ ما فيهم ويطلقون العنان لشياطينهم. ويرتدي العاملون فيه أقنعة العهر، يمتهنون نفوسهم وأجسادهم من أجل جنيهات يواجهون بها صعوبات الصباح الصاخب القاسي.
كل هذا يحدث في الكباريه، وكله مفهوم ومقبول، فماذا إذن عما يحدث لنا، ونعيشه يومياً خارج الكباريه؟!
ألا نعايش الفساد كل يوم، نلمسه بأيدينا، قوانين فاسدة لحماية الاحتكار، سرقة الامتحانات، لجان خاصة لأبناء المسؤولين، سرقة البنوك، الرشوة في كل مكان، ومجموعات المصالح في الحكم التي تعقد الصفقات الملوثة، فنري الحكومة تبيع المتر الواحد في الغردقة بدولار ليباع المتر نفسه بعد أيام بأكثر من ألف جنيه، فيما تعذب الشباب للحصول علي ٦٠ مترا ليبدأوا حياتهم دون أن يكون لديهم أمل في الحصول علي مقبرة.
هل الغناء الذي يطاردنا في محطات التليفزيون، في الإذاعة والشوارع، أكثر هبوطاً مما يغني في الكباريهات؟... هل يمكن إنكار أن البلطجة هي اللغة السائدة في الشارع، وأن قانونها أقوي وأكثر نفعاً من قانون الدولة؟ ألا تمارس الحكومة نفسها البلطجة بصيغ مختلفة؟
الساقطات لا يظهرن فقط في الكباريه، انظر حولك في الشوارع والمقاهي، لتتأكد أنه لا فرق.. السقوط في الحياة يكون زهيد الثمن، وقد يكون اضطرارياً لكنه في الكباريه يخضع لقانون العرض والطلب. كثيرات يهربن من جحيم الشارع إلي جحيم الكباريه لأن الثمن مضمون!
الفرق ليس كبيراً بين ما يحدث في حياتنا وما يحدث داخل الكباريه، وربما يكون أكثر شرفاً ووضوحاً داخل هذا الكباريه. هذا باختصار ما يقوله الفيلم الرائع «كباريه».. فيلم يضعك في حيرة ومواجهة مع نفسك.. لا تعرف هل تتعاطف مع من هم داخل الكباريه أم تقسو عليهم؟.. هل تلوم الإرهابيين الذين دمروه ونسفوه في عملية انتحارية، وأنت في قمة تعاطفك مع العاملين فيه الذين يعيشون ازدواجيات فرضت علي بعضهم، أم تري أنها عدالة السماء؟.. الفيلم في نهايته يتبني الخطاب الإسلامي الذي يدعو إلي الحوار لا القتل، الحل إسلامي، بالحوار مع رواد الكباريه «ممكن يستجيبوا»، ولكن لو لم يستجيبوا هل الحل هو الإرهاب؟.. فكرة شديدة الخطورة ليت المخرج ترك النهاية مفتوحة، لكنه انحاز إلي الموت والخراب.
إذا كان الحل هو الحوار مع ساكني الكباريه الفاسدين، فما الحل مع فاسدي الحياة التي نعيشها.. الحوار أم القتل؟!
«كباريه» نموذج للسينما الجيدة، التي تثري النفس، وتدفع العقل للتأمل والتفكير.. فتحية للمؤلف والمنتج والمخرج وكل أبطال الفيلم من ممثلين وضحايا!!

Friday, June 20, 2008

ببساطة

بقلم : ســيد عـلــي‏

*‏ الاسم الصحيح للقانون الذي صدر أخيرا لحماية المستهلك من الحيتان هو منع المنافسة وتشجيع الاحتكار‏.

*‏ يوم سكت المجتمع عن تزوير الانتخابات ومكافأة المزورين في المحليات فتح الأبواب لتزوير وتسريب الثانوية العامة والخاصة‏.‏

*‏ الثانوية العامة ومكتب التنسيق هما آخر طاقة نور للعدل الاجتماعي‏,‏ فإذا تم جرح أحدهما اختل التوازن وضاع الأمل في أي أمل‏.

*‏ هناك‏12%‏ خرجوا فعلا من دائرة الفقر والحياة أيضا‏.‏

*‏ لا أصدق أن وظيفة النائب هي مجرد رفع اليد وخفضها بالإشارة‏.

*‏ أخشي من هروب هاني سرور بعد الاستئناف في براءته‏,‏ وذلك وفقا لتصريحاته بأنه كان يخطط للهرب قبل سجنه‏.‏

*‏ الدعم والتسعير والفساد ثالوث التدمير لأي اقتصاد في أي دولة‏.‏

Wednesday, June 18, 2008

هزيمة وزير .. وسقوط «دولة»..!

بقلم مجدي الجلاد
أن يفشل وزير في إصلاح أمر ما في هذا البلد، فذلك يحدث أحياناً.. وأن يرضخ مسؤول لضغوط جماعات مصالح وأصحاب مكاسب شخصية، فذلك يحدث كثيراً..
ولكن أن «ينهزم» وزير بارز في الحكومة، في مواجهة شبه علنية مع قيادات في الحزب الوطني من رجال الأعمال، فهذا يمثل سابقة تنذر بسيطرة «حفنة» قليلة من أصحاب المصالح والمليارات علي القرارين السياسي والاقتصادي في مصر، ويهدد بزوال «الدولة» أمام سطوة الأفراد ونفوذهم.
مبدئياً.. ما أكتبه هنا يدخل في نطاق المعلومات، وليس التحليل.. الوقائع الثابتة في كواليس الحكومة، والبرلمان، وليس الشائعات أو التكهنات.. وقطعاً فأنا مسؤول عن كل كلمة، وأدعو إلي فتح تحقيق حولها..
والحكاية من بدايتها أن صراعاً طاحناً وخفياً يدور منذ فترة طويلة بين المهندس رشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة، من جانب، والمهندس أحمد عز، وعدد من قيادات الحزب الوطني «أمانة السياسات» من رجال الأعمال،
من جانب آخر.. فالحزب، كما تعلمون، «جمع» خلال السنوات الأخيرة عدداً من رجال الأعمال، الذين يمتلكون ويديرون «إمبراطوريات» ضخمة من «البيزنس»، والطبيعي أن يحدث تضارب مصالح بين العملين الحزبي والسياسي لهؤلاء، و«البيزنس» الذي دخل منطقة الاحتكار.
وطبيعي أيضاً أن يحاول رشيد، ووزارته، مكافحة هذا الاحتكار، وإصلاح أوضاع السوق، لذا كان منطقياً إحالة ملفي الحديد والأسمنت إلي جهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكار بوزارة التجارة والصناعة، منذ عام وعدة أشهر، وأحال الجهاز بالفعل شركات الأسمنت إلي النائب العام،
الذي أحالها بدوره إلي محكمة الجنايات، ولكن ملف الحديد لايزال داخل الجهاز، رغم علمي التام بأن الجهاز انتهي منه بالفعل منذ عدة أشهر، ولكن لماذا تأخر الإعلان عن القرار حتي الآن؟!
المعلومات المؤكدة، التي بحوزتي، تؤكد أن وزارة التجارة والصناعة توصلت إلي ما يثبت وجود احتكار في صناعة الحديد، وأن الأمر كان بحاجة إلي تغيير «قانون الاحتكار» القديم، لتتناسب عقوبة الممارسة الاحتكارية مع ضخامة عائدات صناعة الحديد الحالية، لذا فقد تقدمت الحكومة بمشروع قانون حماية المنافسة ومنع الاحتكار للبرلمان، الذي ينص علي تغريم الشركات المحتكرة ١٠% من عائداتها سنوياً،
وإذا عرفنا أن بعض الكيانات الصناعية الضخمة سوف تصل فيها الغرامة إلي ما بين مليار وملياري جنيه سنوياً، فسنعرف حتماً خطورة هذه المادة في القانون الجديد.. وسنعرف أيضاً لماذا دارت واحدة من أشرس المعارك داخل البرلمان لإلغاء هذه العقوبة أو المادة.
انهزم رشيد محمد رشيد في المعركة، رغم شراسة الحرب، فحين دخل القانون مجلس الشوري رفع الأعضاء عقوبة الاحتكار إلي ١٥%.. ففرح الوزير، ومعه الحكومة، ومعهما الرأي العام بالكامل.. ثم دخل القانون مجلس الشعب، وبدأت المواجهة العلنية، وبفعل سطوة رجال الأعمال من الحزب الوطني، وضغوطهم، احتشدت الأصوات للمطالبة بإلغاء هذه العقوبة، وتحديدها بمبلغ ثابت دون نسبة من العائدات..
ولم يكن أمام رشيد محمد رشيد سوي إطلاق مقولته الشهيرة بمزيج من الألم والتهديد والتوسل: «إذا ألغيت هذه المادة فلا داعي للقانون كله»، كان رشيد يعني ما يقول.. فالهدف من التعديل هو ضرب الاحتكار، وإلغاء المادة أو تعديلها يعني انتصار «الاحتكار والمحتكرين».
٤٨ ساعة من الصراع المرير: الحكومة تضغط، ورشيد يطلب التدخل لإنقاذ القانون، وأباطرة «البيزنس» والاحتكار يحشدون الأصوات والأسلحة لوأد القانون، وفتحي سرور، رئيس مجلس الشعب، يقذف بالمواد بين اللجنة الاقتصادية والجلسة العامة، انتظاراً لحسم المعركة لصالح أحد الطرفين.
انتصر رجال أمانة السياسات في الحزب الوطني، وتم إلغاء نسبة الـ١٥%، بل والـ١٠%، وأقر المجلس تغريم المحتكر ٣٠٠ مليون جنيه، وهي غرامة لمن يعلم بـ «رخص التراب»، مقارنة بالمليارات التي يحصدونها..!
انهزم رشيد.. وأصيب بالاكتئاب والإحباط.. واندحرت الحكومة، وجرجرت ذيول «الخيبة».. وانتصر رجال «أمانة السياسات».. ومع المنهزم والمندحر والمنتصر.. سقطت الدولة..!

Tuesday, June 17, 2008

من يرعي الفساد؟

بقلم خيرى رمضان

أكاد أفقد عقلي وأتشكك في مقدرتي علي الاستيعاب.. ليس فقط لما كشفت عنه امتحانات الثانوية العامة وشركة «أجريوم» من فساد علي مستوي عال، ولكنها حالة الصمت المريب تجاه هذا الفساد الرسمي.
لو قرأت ما قرأته في صحيفة حزبية أو خاصة، لتشككت قليلاً، وانتظرت أياماً حتي تنجلي الحقيقة، وتتجلي في أسوأ صورها، ولكن الفضائح منشورة علي صدر وبطن وقاع الصفحة الأولي في صحيفة «الأهرام»، الصحيفة الرسمية العريقة.
تقول الصحيفة يوم الأحد الماضي، «إن وكيل وزارة التربية والتعليم بمحافظة المنيا اكتشف وجود ثماني لجان خاصة تم تشكيلها لأداء الامتحان بمستشفي مغاغة، وتبين أن كل الطلاب الذين يؤدون الامتحان بها من أبناء المسؤولين بوزارات الداخلية والعدل والصحة في المحافظة، وتم إلغاء هذه اللجان، وتشكيل لجنة خاصة لمراجعة أوراق الإجابة الخاصة بهؤلاء الطلاب».
أرجوكم تأملوا جيداً أبناء من، لتكتشفوا حجم الكارثة، أبناء مسؤولين في وزارة الداخلية، المسؤولة عن حفظ الأمن وضبط الخارجين علي القانون، مع أبناء مسؤولين في وزارة العدل، السلطة التي تواجه أي اعوجاج أو اختلال في ميزان العدالة أو قصور في وزارة الداخلية وغيرها. وفي مثل هذه الحالة لابد أن يستفيد أبناء المسؤولين في وزارة الصحة، لأن هؤلاء المسؤولين هم الذين يعدون التقارير الطبية للتأكيد علي أن هؤلاء الطلاب بحالة صحية - وليست دراسية - متعثرة، ولا يمكنهم الامتحان إلا في لجان خاصة.
فإذا وضعنا هذا الفساد بجوار تسرب الامتحانات في هذه المحافظة لفهمنا حجم الفساد.
الكارثة أن هؤلاء الطلاب أبناء مسؤولين غير مسؤولين، حماة الحق والعدل والصحة فاسدون، ومن يفعل هذه الجريمة ذو ضمير ميت يفعل أي شيء، فماذا فعلوا قبل ذلك.. أما الكارثة الأكبر فهي أننا لم نسمع أي رد فعل علي مستويات رسمية أعلي، لم نعرف أن وزير الداخلية استدعي مسؤوليه من المنيا للتحقيق معهم واتخاذ الإجراءات القانونية تجاههم، كذلك لم نعرف أن وزارتي العدل أو الصحة فعلتا ذلك، فماذا يعني هذا؟.. لماذا لم نسمع أن الحزب الوطني الحاكم لم يستدع نائبه في سوهاج، والذي اعترف طالب بالحصول علي امتحانات الثانوية العامة، علي مدي العامين الماضيين، من بنات هذا العضو المحترم؟
من يرعي الفساد في مصر حتي أصبحت جذوره عصية علي الاقتلاع؟
من يحاسب رئيس وزراء مصر، الذي أدانه تقرير لجنة مجلس الدولة في قضية مصنع «أجريوم»، بعد أن منح الشركة ترخيصاً بالمخالفة لنص القانون، ومنحها امتيازات علي حساب الدولة والشعب الذي يرأس حكومته؟.. لماذا يحب الدكتور نظيف الشعب الكندي ويراعي مصالحه العليا والسفلي علي حسابنا؟
من يحاسب رئيس الوزراء، ومن يعيد إلينا حقوقنا، إذا كانت لنا حقوق؟
أدعو الله أن يتدخل الرئيس مبارك، ليس لتغيير هذه الحكومة فقط، ولكن لمحاكمة كل فاسد فيها، قبل أن نصبح شعباً بلا عقل!!
**تعليق: وصلني من الأستاذ الدكتور محمود سمير الشرقاوي، الفقيه القانوني، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة السابق، تعليقاً علي ما كتبته عن قانون الشيك، بصفته أحد الفقهاء الذين شاركوا في القانون الجديد للشيك، الذي بدأ تطبيقه منذ ثلاث سنوات، وأن هذا القانون عدل كثيراً من الثغرات القانونية، وأعاد للشيك اعتباره.. وأن العيوب القائمة ليست من عيوب قانون الشيك، ولكن من عيوب القانون الذي يحكم إجراءات التقاضي، لأنه لا شيء يجبر المجني عليه علي قبول التصالح بأقل من قيمة الشيك..
وأقول للدكتور الشرقاوي: إن طول أمد التقاضي هو الذي يحمي المغفل الذي قبل الشيك، والذي لا يجد أمامه إلا قبول أي مبلغ بدلاً من التوهان في ردهات المحاكم سنوات، يفقد خلالها وقته وكثيرا من قيمة ماله. وكنت أتمني أن يتضمن قانون الشيك عدم سقوط العقوبة في حالة التصالح، والاكتفاء بإيقاف التنفيذ، أو الحكم بأي عقوبة في حال عدم السداد الكامل للمبلغ أمام المحكمة، أو أي عقوبة قانونية أخري.. الدكتور سمير وغيره من العلماء أقدر مني بكثير علي بحثها وتحديدها لحماية حقوق المواطنين.