د. إبراهيم السايح
افرض أن الله قد فتح علي سيادتك بوظيفة مذيع في التليفزيون، ثم اختاروك لتقديم برنامج يتضمن حوارات مع شخصيات عامة، فهل الأسهل لك استضافة ممتاز القط، ومحمد علي إبراهيم، وعبد الله كمال، وكرم جبر، ومرسي عطا الله أم أنك سوف تفضل الحوار مع إبراهيم عيسي، وعبد الحليم قنديل، وبلال فضل، وفهمي هويدي، ونهي الزيني؟
الفريق الأول لا يحتاج منك إعداداً، ولا استعداداً، ولا قراءة، ولا ثقافة، كل ما عليك هو أن تترك لهم الميكروفون ليقول كل منهم ما يشاء، ولا يهم أن تفهم ما يقولون لأنهم هم أنفسهم لا يفهمون ما يطرحونه علي الناس من مقالات، ونظريات، وتوليفات.أما الفريق الثاني فربما تخرج من الحلقة مع أحدهم إلي السجن! فضلاً عن حاجتك لشيء من الثقافة السياسية والمعلومات العامة قبل حوارك معهم.هذه القصة واجهت الرئيس مبارك عندما صار خليفة السادات في رئاسة الدولة كان أمامه طريقان، إما أن يجهد نفسه للصعود إلي المهام المفترضة لهذا المنصب، وإما أن يستريح من البداية ويهبط بالمنصب إلي مستوي الكفاءة والخبرة والقدرات الشخصية التي يملكها سيادته.
واختار الرئيس الحل الثاني الأسهل والأسرع والأضمن، وصارت مصر منذ أكتوبر 1981 حتي الآن دولة لا تزيد امكانياتها السياسية والاقتصادية والثقافية علي حدود ما يعرفه طيار حربي متقاعد وصل أثناء الخدمة إلي رتبة الفريق!! نفس هذه النظرية تم تطبيقها وتعميمها علي كل جوانب الحياة في مصر طوال عهد الرئيس حسني مبارك.
مؤسسة «الأهرام» مثلاً- هبطوا بها إلي مستوي إبراهيم نافع، «والجمهورية» هبطت إلي مستوي سمير رجب، والحكومة هبطت إلي مستوي عاطف عبيد، والتعليم هبط من مستوي طه حسين إلي مستوي يسري الجمل، والإعلام هبط من مستوي ليلي رستم إلي مستوي تامر أمين، والغناء هبط من مستوي أم كلثوم إلي مستوي شيرين ونسرين، وأم الباتعة!!
كل شيء في مصر هبط إلي أدني المستويات، وأكثرها انحطاطاً، وخلال ربع القرن الماضي اعتاد الشعب المصري الكريم «طبطبة» الحكومة عليه في كل الشئون الجوهرية التي تم تدميرها، وتحويلها إلي شكل خائب عديم المضمون.وعلي رأس هذه الشئون يأتي التعليم الذي هبطت به الدولة إلي مستوي الطالب البصمجي البغبغان، وصار هؤلاء البغبغانات يصرخون الآن من أي سؤال لم يسمعوه بالنص من أصحاب البيت أو أصحاب القفص أو أصحاب جنينة الحيوانات!
Monday, June 30, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment