بقلم خيرى رمضان
هل هناك فارق كبير أو صغير، بين ما يحدث في حياتنا اليومية، وما يدور داخل الكباريه؟
الكباريه، وطن للفاسدين، للسكاري، للساقطات والباحثين عن المتعة.. الكباريه هو المكان المناسب للرقص بكل أنواعه، للصفقات الملوثة، للغناء الهابط، والبلطجة المشروعة!
الكباريه، هو المكان الذي تجد فيه احترامك كلما أهنت نقودك.. وهو المقر الذي تري فيه أثرياء الخليج يشترون كل شيء بأموالهم، بدءا من الخمور وانتهاء بالنساء.
في الكباريه تسقط أقنعة البعض، فيما يلبس البعض الآخر أقنعة لعدة ساعات تسقط أقنعة الرواد وهم يكشفون عن أسوأ ما فيهم ويطلقون العنان لشياطينهم. ويرتدي العاملون فيه أقنعة العهر، يمتهنون نفوسهم وأجسادهم من أجل جنيهات يواجهون بها صعوبات الصباح الصاخب القاسي.
كل هذا يحدث في الكباريه، وكله مفهوم ومقبول، فماذا إذن عما يحدث لنا، ونعيشه يومياً خارج الكباريه؟!
ألا نعايش الفساد كل يوم، نلمسه بأيدينا، قوانين فاسدة لحماية الاحتكار، سرقة الامتحانات، لجان خاصة لأبناء المسؤولين، سرقة البنوك، الرشوة في كل مكان، ومجموعات المصالح في الحكم التي تعقد الصفقات الملوثة، فنري الحكومة تبيع المتر الواحد في الغردقة بدولار ليباع المتر نفسه بعد أيام بأكثر من ألف جنيه، فيما تعذب الشباب للحصول علي ٦٠ مترا ليبدأوا حياتهم دون أن يكون لديهم أمل في الحصول علي مقبرة.
هل الغناء الذي يطاردنا في محطات التليفزيون، في الإذاعة والشوارع، أكثر هبوطاً مما يغني في الكباريهات؟... هل يمكن إنكار أن البلطجة هي اللغة السائدة في الشارع، وأن قانونها أقوي وأكثر نفعاً من قانون الدولة؟ ألا تمارس الحكومة نفسها البلطجة بصيغ مختلفة؟
الساقطات لا يظهرن فقط في الكباريه، انظر حولك في الشوارع والمقاهي، لتتأكد أنه لا فرق.. السقوط في الحياة يكون زهيد الثمن، وقد يكون اضطرارياً لكنه في الكباريه يخضع لقانون العرض والطلب. كثيرات يهربن من جحيم الشارع إلي جحيم الكباريه لأن الثمن مضمون!
الفرق ليس كبيراً بين ما يحدث في حياتنا وما يحدث داخل الكباريه، وربما يكون أكثر شرفاً ووضوحاً داخل هذا الكباريه. هذا باختصار ما يقوله الفيلم الرائع «كباريه».. فيلم يضعك في حيرة ومواجهة مع نفسك.. لا تعرف هل تتعاطف مع من هم داخل الكباريه أم تقسو عليهم؟.. هل تلوم الإرهابيين الذين دمروه ونسفوه في عملية انتحارية، وأنت في قمة تعاطفك مع العاملين فيه الذين يعيشون ازدواجيات فرضت علي بعضهم، أم تري أنها عدالة السماء؟.. الفيلم في نهايته يتبني الخطاب الإسلامي الذي يدعو إلي الحوار لا القتل، الحل إسلامي، بالحوار مع رواد الكباريه «ممكن يستجيبوا»، ولكن لو لم يستجيبوا هل الحل هو الإرهاب؟.. فكرة شديدة الخطورة ليت المخرج ترك النهاية مفتوحة، لكنه انحاز إلي الموت والخراب.
إذا كان الحل هو الحوار مع ساكني الكباريه الفاسدين، فما الحل مع فاسدي الحياة التي نعيشها.. الحوار أم القتل؟!
«كباريه» نموذج للسينما الجيدة، التي تثري النفس، وتدفع العقل للتأمل والتفكير.. فتحية للمؤلف والمنتج والمخرج وكل أبطال الفيلم من ممثلين وضحايا!!
Sunday, June 22, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
1 comment:
بعيدا عن مضمون الفيلم اللى تفضلت واديته حقه فكمان لازم نقول ان معظم الممثلين فالفيلم عملو ادوارهم ببراعه فتحى عبد الوهاب دا ملوش حل بصراحه وماجد الكدوانى عمل دور جامد جدا وطبعا خالد الصاوى
Post a Comment