Sunday, June 29, 2008

سؤال برئ

أريد أن أعرف مهمة واحدة لرئيس الجمهورية، غير الوجود الدائم فى شرم الشيخ، أو على طائرة سفر، أريد أن أصرخ مثل ملايين المصريين: هل صحيح مصر لها رئاسة مسئولة عن البلد، ولها رئيس وزراء يقوم بالحد الأدنى من مهمات رئاسة الوزراء، وهل فيها وزراء يقومون بأدوار الوزراء التى نعرفها لدى كل بلاد العالم، أم أن مصر لم يعد فيها دولة من أساسه، وأن كل ما يراه المصريون، ليس إلا خداع نظر، لا يشى بحقيقة الأمر الواقع فى مصر؟.
أسئلة تفلق الحجر إذا كان كتب عليه أن يتابع ما يجرى، ويرى مثل ما نرى أن كل يوم تطلع شمسه على بر مصر يثبت أن الدولة فى إجازة مفتوحة منذ زمن طويل، وأن المناصب التى نعرفها، والأشخاص الذين يفترض أنهم يشغلونها، كل ذلك لم يعد إلا صورة ديكور متهدم لم يعد صالحاً لتزوير الواقع أو إخفائه وراء مظاهر كاذبة. أية دولة، وأى نظام، وأية رئاسة، وأى وزارة، وأى حاجة، ممكن تشرح لنا ما يحدث فى مصر على أنه طبيعى، وأنه ممكن الحدوث فى أى بلد فى العالم.
هل هناك بلد يتحكم فيها فرد واحد فى مجلس الشعب، الذى يشرع باسم الشعب، فيأمر بإقرار قانون الاحتكار على الوجه الذى لا يضر بمصالحه، ثم يعود فيكتشف أن هناك مادة تحتاج إلى تعديل بعد يومين من إقرار القانون بصفة نهائية؟. هل ما نراه تحت القبة فى شارع قصر العينى هو مجلس للشعب فعلاً، أم أنه مجلس أحمد عز ورجال الأعمال الذين وقفوا ضد قانون وضعته الحكومة التى يشكلون غالبيتها؟
هل فى مصر دولة كل المواطنين، أم سقطت الدولة فى يد حفنة من سارقى أقوات الناس وأموالهم؟ هل تحول دور مجلس الشعب من تشريع القوانين التى تخدم مصالح المصريين، إلى إقرار القوانين على مزاج المحتكرين، وعلى مقاس مصالحهم، وهل أصبح الجالسون على كراسى المجلس مجرد صور ديكور مهمتها تمرير قرارات عز وقوانينه؟
ألف ألف سؤال تقف فى الحلق: هل هناك بلد فيه مسئول واحد، يمكن أن يصل فيه التسيب والإهمال والفوضى واللامسئولية إلى الدرجة التى جرت فى وقائع امتحانات الثانوية العامة؟ هل هناك بلد واحد فى العالم يمكن أن تبيت فيه وزارة مسئولة، ولا تستقيل جراء ما جرى فى محافظة المنيا، الأسبوع الماضى، حيث عقدت لجان خاصة لأبناء المسئولين فى وزارات الداخلية والصحة والتعليم؟ هل يعقل فى بلد فيه دولة، وفيه نظام، وفيه ناس محترمون، أن يسرق كابلات السد العالى، ثلاث مرات تحت سمع وبصر الكاميرات التى تصور ولكنها لا ترى حرامية السد؟، لماذا لا يقدم المسئولون عن التلاعب بجسم السد العالى إلى محكمة ميدان فورية تنظر الأسباب التى جعلت السد ملطشة لكل من هب ودب؟ هل هناك أى أحد فى هذا البلد يعرف ماذا يعنى السد العالى لمصر؟ هل الذين يحكمون مصر من مصر، أم تراهم اشتروا جنسيات أخرى جعلتهم ينسون أن السد العالى قضية أمن قومى لا يجوز التهاون والتلاعب فيها؟ هل يقول أحد، ولو من مستشفى المجانين الرسمى الذى يحكمنا، أن ما يجرى فى مصر حالياً يمكن حسابه فى خانة العادى والمقبول والمعقول؟
بلد تصل مشاكله إلى حد تسريب مواد الامتحانات فى الثانوية العامة جهارا نهاراً، بدلاً من أن يكون الحديث عن تسرب إشعاعى من محطات الطاقة النووية، كيف يكون مستقبله؟ بلد يصدر فيه وزير مسئول قراراً بحل مجلس إدارة ناد رياضى، ويتصدى له محافظ الإقليم، ويحرض على عدم تنفيذ القرار، والاثنان تابعان لجهة رئاسية واحدة، ويحكمهما قانون واحد، وتستظلهما مظلة دولة واحدة، هل هذا معقول أو مقبول أو عادي؟
هل أحمد عز يحكم مصر؟، أم هى فوضى ما قبل صافرة النهاية، نهاية عصر أضاع مصر؟
الله يرحمك يا مصر، قصدى يا دولة مصر، يا أم سبعة آلاف سنة، الله يرحم أيامك. قد تحتاج مصر بعد أن تنهى الفترة الرئاسية الحالية إلى من يعيد الدولة إلى مصر من جديد، وأرجو ألا يبقى الحال على ما هو عليه حتى تصبح مصر فى حاجة إلى مينا موحد القطرين!!

No comments: