Sunday, August 31, 2008

اليأس والأمل في المستقبل

بقلم د. عبدالمنعم سعيد

هذا المقال أهديه لجميع القيادات في الحزب الوطني الديمقراطي، فربما كان ما سيأتي فيه مفيدا لمؤتمر الحزب القادم، بل خطواته السياسية القادمة.

ومصدر الإلهام في هذا المقال كان مؤتمر الحزب الديمقراطي الأمريكي، حيث كانت الرسالة الأساسية للمؤتمر، غير انتخاب باراك أوباما مرشحاً للحزب في الانتخابات الرئاسية القادمة،

وتحقيق وحدة الحزب بين أنصار هيلاري كلينتون وأوباما، هي إعادة روح الأمل للولايات المتحدة الأمريكية كلها، بعد أن اهتزت ثقتها بنفسها خلال فترة إدارة جورج بوش التعيسة بالحروب غير الناجحة في أفغانستان والعراق، والعاجزة عن إدارة العالم،

وترقية حياة المواطنين الأمريكيين، وهي الدولة العظمي الوحيدة الباقية في الدنيا. وكانت مصادر الأمل قادمة من شعار التغيير في السياسات العامة الداخلية والخارجية، والأمل في انتصار أمريكا علي نفسها، بحيث تدفن إلي الأبد كل ملامح العنصرية لديها عندما تنتخب رئيسا أسود لأول مرة في التاريخ؛

وكل ذلك يحدث من خلال جيل جديد من الساسة لهم القدرة علي تجديد «الحلم الأمريكي» أياً كان معني ذلك. وبشكل ما فإن الروح التي انطلقت من المؤتمر كانت رفض الركون إلي اليأس، أو اجترار الماضي، وإنما البحث في الذات الأمريكية عن مصادر القوة والإلهام والتجديد.

مثل ذلك نحتاجه بشدة في الحزب الوطني الديمقراطي، فخلال الأيام الماضية، وحتي الشهور السابقة منذ بداية العام، فإن إشاعة روح اليأس صارت رياضة وطنية.

وكان الأمر في أوله راجعا إلي ملاحظات ومؤاخذات عامة علي النظامين السياسي والاقتصادي في البلاد، ثم بعد ذلك أضيفت لها نتائج ارتفاع التضخم، وأزمتا الطاقة والغذاء وآثارهما علي مصر؛ وخلال الفترة الأخيرة أضيف لهما حريق مجلس الشوري ونتائج البعثة الرياضية المصرية في أوليمبياد بكين، التي كانت مخجلة وفق كل المقاييس.

وربما كان أقسي تعبيرات حالة اليأس هذه ما جاء علي لسان واحد من الكتاب في صحيفة مرموقة، عندما عبر عن أسفه، ليس علي الحريق الذي شبَّ في مؤسسة وطنية مثل مجلس الشوري،

وإنما لأن المجلس كان فارغا من أعضائه!. والغريب أن ذلك قيل بعد دورة مثمرة لمجلس الشوري، لم يقم فقط فيها ببحث القوانين وإقرارها، وإنما قام بتعديلها، وفي حالة واحدة - الضرائب العقارية - علي الأقل أعادها كاملة إلي الحكومة.

ورغم أن ما قاله الزميل الصحفي يمسني شخصيا حينما تمني لي الاحتراق داخل المجلس دون سابق عداء بيننا، إلا أن ما يهمني في الموضوع هو ذلك المزاج العام السوداوي السائد في الساحة الإعلامية والصحفية، الذي انتقل بكامله إلي الرأي العام. وللأسف فإن الحكومة لم تسمح لنا حتي الآن بإجراء استطلاعات رأي عام علمية تعكس المزاج العام للمواطنين،

ولذلك فإن اعتمادنا علي الانطباع العام، والملاحظات الشائعة، وكلها تفضي إلي حالة من التشاؤم واليأس وغياب الأمل، في ظل صورة بالغة السلبية عن أحوال البلاد ومستقبلها وطريقة إدارة العدالة فيها.

مثل ذلك لا ينبغي له أن يمر مرور الكرام، ولو كنت في مكان قيادات الحزب الوطني الديمقراطي لشكلت لجنة تبحث في الكيفية التي تعيد الأمل للمواطنين مرة أخري. هذه اللجنة لا ينبغي لها أن تري في الموضوع علي أنه مجرد مشكلة إعلامية، وهو في بعضه كذلك، ولكن لأن كثيرا من عناصر الأمل غائبة، وهناك شك في المستقبل السياسي والاقتصادي للبلاد. هذه اللجنة عليها أن تبحث في عدة أمور،

أولها كيفية استمرار الإصلاح الاقتصادي في البلاد وعدم التراجع عنه، وشرح ذلك للرأي العام من خلال المستفيدين منه حتي الآن وعددهم ليس بقليل؛ والبحث فورا في الخطوة القادمة للإصلاح السياسي في البلاد، بالإضافة إلي استكمال ما توقفنا عن إجرائه والمتعلق بالمحليات والانتخابات والطوارئ؛ وأخيرا البحث فيما يعزز الوحدة الوطنية في البلاد.

وإذا كان انتخاب باراك أوباما، الأمريكي ذي الأصول الأفريقية، هو أحد بواعث الأمل الجديد في الولايات المتحدة، فإن وجود شخصية مسيحية رئيسية تكون متحدثا رئيسيا في مؤتمر الحزب الديمقراطي قد يشفي كثيرا من الجروح،

التي تعرضت لها الوحدة الوطنية خلال الفترة الماضية، ويضع حدا فاصلا ما بين حزب يقوم علي المواطنة وحركات وجماعات تقوم فلسفتها السياسية علي إدارة «الرعية». وهناك الكثير مما يضاف وينفع!

No comments: