Saturday, December 13, 2008

جيل فى خطر

بقلم خيرى رمضان

هل تأملتم وجوه الصبية التى نشرتها الصحف - خاصة صحيفة «الدستور» - الذين كانوا يتحرشون بالفتيات فى شوارع المهندسين أول أيام العيد؟!

لم يكونوا شبانا قتلتهم البطالة ودمرت نفوسهم بعد أن تقدم بهم العمر دون زواج، فأصبح المتنفس الوحيد أمامهم لتفريغ كبتهم الجنسى، أو التمرد على المجتمع، هو التحرش بالبنات فى الشوارع.

الوجوه المصورة المطاردة للفتيات الصغيرات والكبيرات، لصبية صغار، غادروا سنى الطفولة بشهور قليلة.. فى مثل هذه المرحلة السنية.

كان الصغار قديماً يخجلون ويتوارون وهم يتلمسون أولى خطوات نضجهم الجنسى، خلف كتاب رخيص، أو أحاديث ساذجة حول درس التشريح فى المرحلة الإعدادية، أو بممارسات ممنوعة تشعرهم بسعادة مؤقتة، وتتبدل إلى إحساس عميق بالذنب والمعصية.

أما الآن، فقد خرج الصغار إلى الشارع يطاردون البنات دون خوف من شرطى أو من كبير عابر، ولا حتى من عقوبة قضائية مغلظة ألمت باثنين من المتحرشين.

هل يمكن القول إن السبب فى ذلك هو سوء التربية فى البيوت؟ أرد عليكم بأن ما بين يدى من حكايات ومآسٍ، تؤكد أن البيت وحده لم يعد يربى، أعرف بيوتا محترمة لآباء وأمهات متدينين وأحياناً دعاة، يُحفظون أولادهم القرآن أو يذهبون بهم إلى الكنيسة، ويشركونهم فى أنشطة رياضية تستنزف طاقاتهم، ومع ذلك يكتشفون تصرفات شائنة لأبنائهم الصغار، عبر النت أو الموبايل، أو بتدخين السجائر أو المخدرات.

ولا نستطيع أن نلقى بالمسؤولية على المدرسة، ففى إحدى المدارس الخاصة قرر مديرها تفتيش تلاميذ المرحلة الإعدادية، فاكتشف أن نسبة كبيرة من التلاميذ تدخن السجائر، ونسبة أقل تحتفظ بلفائف البانجو، وعندما استدعى أولياء أمورهم، اتهموا المدرسة بالتسيب والافتئات على الصغار ونقلوهم إلى مدرسة أخرى.

لا أريد أن أتحدث عن الكليبات والعرى، لأن فى مواجهتها لدينا الآن داعية إسلامياً لكل مواطن بلا أى فائدة.

أتحدث إليكم وصورة أطفالى الذين دخلوا هذه المرحلة السنية أمام عينى، فابنى الأكبر يشكو إلىَّ من أن زملاءه يتهمونه بأنه صغير لأنه لا يدخن مثلهم.. قلبى ينقبض وأحاول أن أمسك به، أحافظ عليه، أحميه، ولكنى خائف، أحس بالفزع عليه، وعلى أجيال تمثل المستقبل.. مستقبل مصر فى العشرين عاماً المقبلة يُضرب، يدمر، يخرب، يشرب السجائر والمخدرات ويشاهد الأفلام المخلة، غير منتمٍ، لا يعرف معنى الوطن، لا يخاف الله، وليس لديه رمز ولا قيمة، فكل شىء اهتز أمام عينيه.

صدقونى، أبناؤنا فى خطر، مستقبلنا فى خطر.. فهل يمكننا إنقاذه بخطوات عملية، وليس بكلمات جوفاء لم تعد تؤتى ثمارا مع هذا الجيل الذى يضيع أمام عيوننا؟!

قيمة الإنسان.. ما بين مصر واليونان!

بقلم د. طارق الغزالى حرب

لم يكن غريباً أن تتجاهل الصحف القومية فى صفحاتها الأولى أنباء انتفاضة الشعب اليونانى، التى بدأت فى العاصمة أثينا، ثم انتشرت واجتاحت العشرات من المدن اليونانية.. وسبب التجاهل واضح وضوح الشمس وهو أن كل هذه المظاهرات والاحتجاجات بسبب مقتل صبى يونانى عمره ١٥ عاماً، بواسطة رصاص أحد ضباط الشرطة،

أطلق أعيرته النارية دفاعاً عن نفسه وعن دوريته التى هوجمت من قبل بعض الشباب بالحجارة، وبالطبع فإن إبراز مثل هذه الأخبار سيدعو للمقارنة بما يحدث فى مصر المحروسة من حوادث قتل لمواطنين على يد ضباط الشرطة، بلغت فى الفترة القريبة الماضية حدوداً لم تعرفها مصر على مدى تاريخها، وسجلت أربع حالات قتل لمواطنين فى خلال عشرة أيام بمديرية أمن الجيزة وحدها!

المذهل فى الأمر أن هذه الاحتجاجات العنيفة قد حدثت فى اليونان على الرغم من اعتذار رئيس الوزراء اليونانى للشعب عن مقتل الصبى، وإعرابه شخصياً عن مواساته لأسرته، وتقدم وزير الداخلية باستقالته، ووضعها تحت تصرف رئيس الوزراء، مع الإعلان عن اعتقال الضابطين المتهمين وتقديمهما لمحاكمة عاجلة.

أما فى مصر المحروسة التى لم يقدم فيها أى مسؤول فى نظامها المستهين بأرواح الناس وكرامتهم، أى اعتذار من أى نوع عن أى من الجرائم والحماقات التى ارتكبها بعض رجال ينتمون إلى المؤسسة التى تحمى أمنهم وتقمع معارضيهم..

واكتفت وزارة الداخلية فيها ببيانات رسمية لا تتعدى الخمسة أسطر عن كل حادث، قتل فيه مواطن مصرى بواسطة ضباطها، تحاول فيه بعبارات ملتوية أن تلتمس العذر للضابط القاتل مع وعود مبهمة بالتحقيق والجزاء لا يتابعها أحد..

فى مصر المحروسة التى لم يفكر أن يقدم فيها مسؤول كبير واحد استقالته أو إبداء استعداده لها أو حتى الاعتراف العلنى بالخطأ والنية لمراجعة منظومة العمل بالداخلية، بدءاً من التعليم بكلية الشرطة وانتهاءً بنوعية الأوامر والتعلميات الصارمة التى يجب أن يلتزم بها الضابط..

فى مصر المحروسة هذه التى يتعامل نظامها مع المواطنين باستهتار واستخفاف واستهانة بكل حقوق الإنسان من أقصى حدودها الشمالية الشرقية حيث بدو سيناء، وحتى أقصى حدودها الجنوبية حيث أهالى النوبة.. فى مصر هذه كان رد فعل الشارع المصرى والرأى العام ومؤسسات المجتمع المدنى وكبار المثقفين وما يسمى النخبة، هزيلاً ومؤسفاً ويدعو للرثاء..

بل وأقول إنه كان مخزياً ومشعراً بالعار والهوان.. حتى فى الحالات التى كان هناك فيها رد فعل ما، بسبب طبيعة الناس التى ارتكبت فى حقهم الجرائم مثل بدو سيناء وأهل النوبة، تكالبت وسائل الإعلام المهترئة وأبواق الحكومة، فى التنديد بردود أفعال الناس الطبيعية هذه، بطريقة فجة منقطعة النظير!!

ما هذا الذى يحدث على أرضك يا مصر؟! هل أقنعك هذا النظام، أن إنسانك لا قيمة له ولا ثمن؟! ولماذا استسلم المصريون لهذا الواقع المُخزى والمُهين؟! لقد كانت البداية هى إقناعهم باستحالة أن يكون لهم رأى فى اختيار من يحكمونهم أو يمثلونهم، فتركوا لهم صناديق الاقتراع ليعبثوا فيها كما يشاءون..

ولكنهم لم يدركوا أن التفريط فى هذا الأمر سيقود هم إلى التعامل معهم ككائنات غير آدمية لا يهتز لرجال نظامها وأمنه طرف أو رمش، إذا ما أطلقوا عليهم الرصاص فى لحظة غضب، أو تركوهم ليموتوا دهساً بالأقدام، كما حدث فى طوابير العيش وطوابير صرف المعاشات؟! هل نحن فى انتظار إعلان وفاة الشعب المصرى وطلب الرحمة من الله له؟ أتمنى ألا أعيش حتى أرى هذا اليوم.

سفارات مرفوعة من الخدمة

بقلم أسامة هيكل

ما مهمة أى بعثة دبلوماسية مصرية فى أى بلد أجنبى؟ هل مهمة السفير أن يرتدى حلة أنيقة ويكون خبيرا فى الماس والسجاد ويركب سيارة مرفوعاً عليها علم مصر ويحضر حفلات الاستقبال فقط؟ ما واجبات البعثات الدبلوماسية المصرية تجاه المصريين المغتربين؟ كم تتكلف تلك البعثات وما العائد منها؟

هذه التساؤلات تفرض نفسها بقوة كلما حدثت أزمة للمصريين فى الخارج، وآخرها كانت الأزمة السياسية فى تايلاند التى أدت لإغلاق المطار تماما وتأخير كل رحلات الطيران به، ومن بين الذين علقوا لأيام فى تايلاند مصريون ومواطنو دول عربية أخرى.. ومع تصاعد الأزمة سعت السفارات العربية الأخرى لتخليص رعاياها من هذه المشكلة، فالسعودية مثلا أرسلت طائرة للمطار الحربى فى بانكوك وأعادت رعاياها..

ولكن المصريين كان عليهم أن يتصرفوا بمفردهم بعيدا عن السفارة حسب التصريحات الرسمية والواقع.. وبالمصادفة كنت ضيفا خلال الأزمة على برنامج «صباح دريم» الذى تقدمه الإعلامية المتألقة دينا عبدالرحمن، ويرأس تحريره الكاتب الصحفى محمد البرغوثى، وأجرى البرنامج اتصالا هاتفيا مع رجل أعمال مصرى اسمه عزت عبدربه، وقال إنه حينما لجأ للسفارة المرفوع عليها علم مصر، أشار عليه القنصل المصرى بأن يحرر محضرا لشركة مصر للطيران لأن هذه المشكلة تخصهم ولا دخل للسفارة بها،

لأن مهمة السفارة تحرير عقود الزواج والطلاق وتكفين الموتى من المصريين فى تايلاند وإرسالهم لذويهم فى مصر!! والمفارقة أن الرجل حرر محضرا بالفعل لشركة مصر للطيران، وذهب به لتوثيقه فى السفارة المصرية فطلبوا منه ١٠٠ دولار رسوم توثيق!!

وعلى قدر ما كان الكلام صادما، كانت الصدمة الأعنف فى اتصال مع السفير أحمد رزق، مساعد وزير الخارجية لشؤون المصريين فى الخارج، حيث طالب المصريين فى تايلاند بالسفر بطريقتهم الخاصة من بانكوك إلى كوالالمبور بماليزيا، وركوب طائرة مصر للطيران من هناك، وهو نص بيان الخارجية المنشور بالصحف فى نفس اليوم،

ومن كلامه تبين عدم وجود حصر بعدد المصريين العالقين فى تايلاند على وجه الدقة بالخارجية، وانفعل السفير مؤكدا أن النظرة لدور السفارة يجب أن تختلف، فليس من المفروض أن تتحرك السفارة لحل مشكلة فردية، وليس من مهام السفارة أن تدبر للمصريين العالقين هناك أتوبيساً ينقلهم إلى ماليزيا، أو تدفع تذكرة لمن يريد أن يسافر إلى كوالالمبور.

والحقيقة أننى لم أكن أريد الكتابة عن مسؤوليات الخارجية المصرية تجاه المصريين فى الخارج حرصا على سمعة مؤسسة عريقة كان لها دور بارز حتى وقت قريب.. إلا أن تصريحات السفير رزق كانت مستفزة بما يكفى لعدم الاعتبار لأى حسابات.. وكنت دائما أقارن بين بعض سفراء مصر فى الخارج والسفراء الأجانب بالقاهرة من حيث نمط التعامل والاهتمام بمواطنى كل بلد..

وغالبا كانت المقارنة تأتى فى غير صالح دبلوماسيينا إلا فى حالات استثنائية يحضرنى منها مثلا وليس حصرا السفير محمد العرابى، الذى كان سفيرا لمصر فى ألمانيا. حتى شهور قليلة مضت وكذلك السفير فهمى فايد، سفير مصر بالإمارات سابقا، وبولندا حاليا، وعدد من الدبلوماسيين الشباب الواعدين.. وخلال الفترة الماضية وقع العديد من الأحداث التى تفرض علينا أن نطرح التساؤلات السابقة..

والبعثات الدبلوماسية الأجنبية فى القاهرة تضع خدمة رعايا بلادها فى المرتبة الأولى.. فالسفير برند إربل، سفير ألمانيا بالقاهرة، مثلا قطع إجازته ليتابع أزمة ٤ سياح ألمان مخطوفين خلال رحلة سفارى جنوب مصر، ولو كان يضع فى اعتباره نظرية السفير رزق، لحسب الحادث فرديا وأكمل إجازته..

والسفارة الألمانية تحركت منذ سنوات لإنقاذ سائحة ألمانية واحدة تعرضت لحادث غطس بالغردقة، وقامت بتدبير طائرة إسعاف لنقلها إلى برلين خلال ٥ ساعات فقط.. والسفارة الهولندية أقامت الدنيا ولم تقعدها منذ سنوات أيضا حينما اصطحب زوج مصرى أولاده من أم هولندية للقاهرة بعد أن انفصل عنها، ولم تهدأ إلا بإعادة الأطفال لأمهم فى هولندا.

السلوك الذى تتبعه السفارات الأجنبية فى مصر لا يفرق بين مواطن وآخر، كما لا يفرق بين حادث يتعرض له مواطن واحد ومجموعة من المواطنين.. فالجميع أصحاب حق ويستحقون المساعدة سواء طلبوها أو لم يطلبوها.. والحقيقة أن النظرة المطلوب تغييرها فعلا هى نظرة البعثات الدبلوماسية للمصريين فى الخارج، وليس نظرة المصريين لسفاراتهم..

فمن حق المصريين أن يجدوا الرعاية الكاملة من سفرائنا وبعثاتنا الدبلوماسية أو يمكن إلغاء هذه البعثات وتوفير النفقات فى بلد يعانى من أزمات اقتصادية لا تنتهى.. مادام عدد المصريين فى تايلاند قليلاً، كما يقول مساعد وزير الخارجية، فلماذا لا يكتفى بسفارة مصر فى ماليزيا لتسيير أمور المصريين القلائل الذين يترددون على تايلاند؟

والحقيقة أن رواتب هذه البعثات الدبلوماسية من حصيلة الضرائب الباهظة التى يدفعها المصريون.. والطبيعى أن ترتد فى صورة خدمة فعلية للمواطن المصرى الذى يتعرض لمشكلة فى بلد أجنبى،

ولا يمكن أن يقتصر دور الخارجية المصرية على إصدار بيانات رد فعل لكل أزمة، أو مطالبات للمصريين فى الخارج بتسجيل أنفسهم فى السفارات المصرية بينما المصريون لا يشعرون بأن ذلك سيرتد إليهم عند الحاجة فى صورة خدمة حقيقية.. ومن حقنا أن نسأل كم تتكلف البعثات الدبلوماسية المصرية فى الخارج؟ وما العائد منها؟

وهل الفائدة التى تتحقق منها تتناسب مع الإنفاق عليها؟ والأهم من ذلك ماذا تعنى كلمة سفارة؟ وهل يتفق أحمد أبو الغيط، وزير الخارجية، مع التعريف الذى أطلقه مساعده لها؟

مظلوم مع مرتبة الشرف

بقلم د. طارق عباس

من الملاحظ أنه فى الفترة الأخيرة تفشى سرطان الواسطة فى المجتمع المصرى، حتى كاد يصيب جميع أجهزته بالعطب، ويهدد ببتر كبرياء شرفائه، وأحلام مخلصيه فى أى تطوير أو تنمية، وبالتالى يهمش القانون أو يفعل وفق مقتضيات المصالح وحسابات المستفيدين، وما يترتب على هذه الحسابات من تجاوز البعض حقوق البعض، دون أى مبررات منطقية أو مقبولة.

وسأعرض بإيجاز لواحدة من هذه التجاوزات، ففى يوليو ٢٠٠٨ أعلنت جامعة كفر الشيخ، عن حاجتها لشغل وظائف أعضاء هيئة تدريس، ببعض كلياتها، ومنها كلية التربية الرياضية،

وتقدم - بناء على الإعلان - مجموعة من الشباب الطامح فى فرصة حقيقية للتدريس بالجامعة، لكن لمن تتاح الفرص؟ جاءت الإجابة على لسان الدكتور حمادة محمد طلبة، أحد المتقدمين لهذا الإعلان، والمتضررين من نتيجته، التى جاءت - حسب وصفه - تجسيدًا لثقافة الواسطة، وليست تعبيرًا عن الكفاءة،

يقول دكتور حمادة: (ما إن قرأت الإعلان فى الصحف الرسمية، حتى هرولت لتجهيز الأوراق والشهادات والذى منه، لاستيفاء ما يتطلبه الإعلان قانونيًا ورسميًا، فقد تكون هذه فرصتى الأخيرة بعد سنوات كثيرة من حصولى على الدكتوراه،

حالت دون شغلى منصب مدرس بالجامعة، ونجحت فى وضعى على أعتاب الأربعين من عمرى، وبين اليأس والرجاء، وفى الموعد المحدد، توجهت لمقابلة اللجنة المخولة باختيار مدرس التربية الرياضية المناسب لقسم الإدارة الرياضية بالكلية، وجاءت المفاجأة، بصدور قرار من مجلس الكلية بتعيين نادى محمد أحمد فى الوظيفة المُعلن عنها، رغم أننى أعلى منه تقديرًا،

سواء فى التقدير العام أو فى مادة التخصص، ورغم أننى منحت رسالتى الماجستير والدكتوراه فى التخصص المطلوب، وبالسؤال عن السبب الحقيقى لاستبعادى، تبين لى أن الواسطة والمعرفة كانتا المعيار،

فأحد أعضاء اللجنة المؤتمنة على اختيار الشخص المناسب كان مشرفًا على المحظوظ، أثناء دراسته العليا، وكان يعرفه حق المعرفة، وعندما يصبح القاضى الخصم والحكم فلا شفافية ولا نزاهة وألف رحمة ونور على العدل وموازينه، ولتشريع الظلم وتبريره،

تم ابتكار طريقة جديدة للتقييم، أظنها من اختراع جامعة كفر الشيخ وحدها، وهى الحكم على المتقدم واختياره بناء على درجات تعطيها اللجنة لكل رسالة علمية، بحسب قربها أو بعدها عن التخصص، وبحسب ما تزنه من مادة علمية، وهى مخالفة صريحة للقانون، فهذه الرسائل قد سبق تقييمها من لجان معتمدة من مجلس الجامعة،

ولا يصح أن يعاد تقييمها من خلال لجنة لم يطلب منها ذلك، أحسست بالغبن طبعًا وتوجهت لنائب رئيس الجامعة لشؤون الدراسات العليا فأفزعه ما سمع، ووعدنى بحل اللجنة إذا ثبت له ذلك، وبعد يومين ذهبت إليه مرة أخرى للاطمئنان على الخطوات التى ستعيد حقى لى،

فإذا بسيادته يستقبلنى استقبالاً فاترًا، وإذا بثورته على اللجنة تتحول لثورة ضدى، وقال لى: إنها لجنة متخصصة، وليس بمقدورى التدخل فى شؤونها، أقسمت أن أرفع الأمر لرب البيت رئيس جامعة كفر الشيخ،

لكن طاقمًا من العاملين المتخصصين فى حرس مكتب سيادته حال بينى وبين مقابلته، فاضطررت لانتظار خروجه وقابلته فعلاً، وفوجئت بأنه يعلم كل شىء عن الموضوع، وقال موبخًا نفسه وإياى: أنا غلطان وجبت لنفسى وجع الدماغ علشان نزلت الإعلان ده).

وكأن حصول حمادة أو غيره على الوظيفة منة من سيادته، ودفاعهم عنها جلب له وجع الدماغ، وكأنه ليس هناك قانون ٤٩ لعام ١٩٧٢ يحدد شروطًا للتعيين ومقاييس للأولويات، ولا أعرف إذا لم تكن مهمة رئيس الجامعة هى الانتصار للمظلومين وإعادة الحق لأصحابه، فما مهمته إذن؟

الحكاية ليست حكاية حمادة، ففى كل بيت وكل زقاق وكل شارع حمادة، وما أكثر المتميزين فى زمان لا يعترف إلا بلغة المصالح، ولا يؤمن إلا بثقافة الواسطة!

لذلك أرفع الأمر لوزير التعليم العالى وأتمنى أن يكون له موقف من هذه الإعلانات والآليات المفتعلة، التى يتم ابتكارها لاختلاس حقوق الناس، وسيادته يعلم تمامًا أن الواسطة بوابة الفشل والفاشلين، وتركها تتغلغل حتى فى أهم وأجل مؤسساتنا (الجامعة) يعنى الإقرار بالخطأ،

وترك مصر للغرق فى متاهات الفوضى، والموافقة الضمنية على تدمير الشباب المبدع المتميز الآمل فى غد أفضل، والحكم عليه بأن يكون شبابًا مقهورًا مطحونًا مظلومًا مع مرتبة الشرف الأولى.

Friday, December 12, 2008

ببساطة

بقلم : ســيد عـلــي

*‏ صلاح حافظ وكامل زهيري ومدبولي ثلاث مكتبات اختفت‏.‏

*‏ إذا كان كفار قريش قد ظهروا في غزة فجأة‏,‏ كما قال أبو مازن‏,‏ فإن أبا لهب ومسيلمة وأبا جهل يمرحون في الضفة منذ زمن‏.‏

*‏ المشكلة لم تعد في لاعبي الزمالك لأنها انتقلت أيضا لجمهوره‏,‏ والمصيبة ليست في أن ينافس علي الدوري ولكن الصراع هربا من الهبوط‏.‏

*‏ لا يلدغ مؤمن من تصريحاته مائة مرة إلا شيخ الأزهر‏.‏


*‏ بعض البشر ينشرون السعادة أينما حلوا‏,‏ وبعضهم ينشرها عندما يرحل‏.‏

*‏ لم تبق هناك مشكلات في محافظة الجيزة سوي البحث عن عيد قومي بديلا لعيدها الذي استولت عليه‏6‏ أكتوبر‏.‏

*‏ حتي الآن لم نعرف من هو سفاح بني مزار بعد تبرئة المتهم الذي قدمته الشرطة للمحكمة‏,‏ ولم يدخل الحذاء في قدمه‏..‏ أقول ذلك حتي لاتقيد تلك المجزرة ضد مجهول‏.

Tuesday, December 9, 2008

ماذا حدث لنا؟

بقلم لميس الحديدى

ماذا حدث لنا؟ كل هذا العنف، كل هذا الحقد، كل هذا الكره وكل هذا التشفى؟! هل أصبحنا نعيش فى مجتمع غاضب، مجتمع حانق لا يسامح، لا يتسامح، غير مستعد أن يقبل الآخر.. ماذا حدث للمصريين؟

فى الشارع حالة غضب عارمة.. الزحام، التصاق الناس، السيارات تتصادم وتتسابق والأجساد تتعارك فى المواصلات العامة المكتظة بالبشر.. إنها أخلاق الزحام: صراخ، زهق، سباب، و.. عنف.. والنصيحة الآن إذا اصطدم بك أحد (بسيارتك) فلا تترك سيارتك وتخرج منها للخناق أو لأخذ حقك - حتى لو كان معك حق - فالأمر قد ينتهى بك إلى المستشفى، أو لا قدر الله إلى المشرحة.

ماذا حدث لنا؟!.. حتى حوادث السرقة تنتهى دائماً بالقتل، ولا نسمع سوى عن ذبح فتاة، أو ذبح زوجة، الذبح هو الطريق الأسهل الآن.. ليس مجرد حتى الإصابة الخطأ أو العنف العادى.. لكن الذبح هو السلوك الطاغى الآن.. هل أصبح كل واحد فينا يحمل سكيناً وراء ظهره؟!

ماذا حدث لنا؟! إذا تورط أحد المشاهير، سياسياً كان أو فناناً أو كاتباً، فى أى أمر حتى لو كان أمراً شخصياً يخصه أو يخص أسرته، لابد أن تلمح نظرات التشفى تنطق من العيون.. إذا كان رجل أعمال فهو أكيد فاسد، إذا كانت فنانة فهى أكيد منحرفة، إذا كان صحفياً فهو أكيد مرتشٍ.. نحن نكتب عن أنفسنا، نحن ندين أنفسنا وندين المجتمع ككل.

أصبحنا نخاف المجتمع أكثر مما نخاف من الصواب والخطأ.. نخاف حكم الناس أكثر مما نخاف حكم الله -للأسف- يقول البعض إن الأمل فى مغفرة الله أكبر بكثير من الأمل فى مغفرة الناس.. وقسوتهم.

ماذا حدث لنا؟! ليس فقط الفقر، ليس فقط الظلم، ليس فقط الزحام، ليس فقط الجهل.. إنها جميعاً.. أضف إلى كل هذه البعد عن الدين.. ولا يغرنك كل هذه الملابس الدينية حولنا، ولا يغرنك كل هذه المظاهر الدينية التى تحيط بنا.. ولا يغرنك كل هؤلاء الشيوخ، كل هذه الفضائيات، كل هذه الفتاوى.. لو كنا نعرف الله بحق.. لما أصبحنا بهذه القسوة، وهذا التشفى وهذا الحقد.

الفقراء يكرهون الأغنياء، والأغنياء يخافون من حقد الفقراء، وفى النصف طبقة مسحوقة لا تعرف لمن تنتمى.. من نحن وإلى أين! مجتمع يكره النجاح.. إذا نجحت فلابد أن تكون حاقداً كارهاً ترفض كل شىء.. شخصياً إذا كتبت يوماً عن بقعة ضوء واحدة انهالت على رأسى ويلات الرافضين.. رفض هذا هو ما يعجب، أن تكره، أن تحقد.. عندها تكون مثل السواد الأعظم من الناس.. عندها أنت منهم وهم منك.

ونحن فى الصحافة -فى الإعلام ككل- مسؤولون.. لم يعد تقصى الحقيقة حرفة، بل هواية قد يتتبعها البعض وقد لا يفعلون، الأسهل أن نقذف الناس بالبنط العريض.. ثم نعتذر لهم بخط صغير فى صفحة داخلية.. الأسهل هو أن نظلم.. وليس أن نسامح ونلتمس الأعذار.. فلنحاسب أنفسنا أولاً قبل أن نحاسب الآخرين.

إذا كنا نريد لهذا المجتمع أن يبقى.. أن يتصالح فعلينا أن نتغير، علينا أن نعيد إلى قلوبنا شيئاً من الحب، شيئاً من التسامح من الرأفة، ومن لم يخطئ فليرمنا بحجر.. نحن بشر، كلكم بشر وكلكم خطَّاء.. حان الوقت أن نقبل الآخر، أن نسامح الآخر، نكشف الفساد، لا نسكت عليه.. لكن ليس كل من يسقط عليهم الضوء فاسدين ومنحرفين.. شىء من الحب.. شىء من الأمل وإلا فلا شىء يبقى.. تأتى الأعياد.. نقول لبعضنا كل سنة وأنت طيب هل نعنيها؟! أرجو أن نعنيها.

Thursday, December 4, 2008

من يسد «خُرم» المال العام فى «روز اليوسف»؟!

بقلم مجدى الجلاد

الطبيعى فى أى حكومة طبيعية أن تقول لها الأجهزة الرقابية إن «شيئًا ما يحدث للمال العام ويهدره»، فتتحرك الأجهزة، وينتفض المسؤول للدفاع عن المال العام، باعتباره أمانة فى عنقه، سوف يحاسبه عليها الرئيس، وإن لم يفعل، فسوف يتولى الله عز وجل الأمر برمته..

ناهيك عن الضمير الذى «ينقح» فقط على الشرفاء حين يرون أموال دافعى الضرائب والمواطنين الغلابة تهدر أمام أعينهم، بينما يموت مواطنون مصريون الآن جوعًا وفقرًا ومرضًا، ولكم فى «الحدّاد»، الذى قتل فتاتين من أجل ٢٠٠ جنيه، ألف مثال ودليل!

لماذا نقول هذا الآن؟!.. مرت عدة أيام على نشر الزميلة «الفجر» تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات عن الخسائر الضخمة فى مؤسسة «روزاليوسف»، التى تعيش على أموال دافعى الضرائب، وتهدر كل صباح عدة ملايين من المال العام..

شخصيًا لا أقرأ منذ زمن جريدة «روزاليوسف» اليومية، ربما لأننى لا أحب الروائح غير الطيبة، أو لأننى لا أحب البذاءة والخوض فى الأعراض والحياة الشخصية، أو لأننى لا أنشغل كثيرًا بـ«عبدالله كمال» منذ أن كنا ندرس فى كلية الإعلام..

كنت أسبقه بسنة فى الدراسة، وكان يسبقنى بخطوة مهمة للغاية: تحديد مساره من «مدرجات» الجامعة.. أنا على باب الله والصحافة.. وهو على أبواب ضمنت له الوصول إلى مقعده الحالى.. أنا فى طريق لا أعرف إن كان سيجعلنى صحفيًا ناجحًا أم بائع صحف، وهو فى طريق سوف يجعل من «تقاريره» سجادة حمراء نحو الكرسى الذى ينشده.

ليست هذه قضيتنا.. فهذا الرجل الذى اختار طريقه وأجندته لا يشغلنى كثيرًا، لأنه اعتاد أن يرفع من يشتمه إلى عنان السماء، وأن يهبط بمن يمدحه إلى مستنقع سحيق فى «سابع أرض».. عمومًا هذه خياراته وتلك رهاناته مع من «يستخدمه»..

ولكن ما صدمنى وجعلنى أكتب اليوم ليس تقرير الجهاز المركزى عن «خرم المال العام» الواسع فى «روزاليوسف»، إنما ذلك الصمت المريب والعجيب من المسؤولين، وكأن أموال دافعى الضرائب التى تهدر فى صحيفة «معدومة التوزيع»، وتغدق على أشخاص فاشلين، لا تهم أحدًا.

يقول التقرير الرسمى الصادم إن كل نسخة من جريدة «روزاليوسف» التى يرأس تحريرها «عبدالله كمال» تخسر ١٦٢ قرشًا، وأن الجريدة تبيع ١٤٥٠ نسخة يوميًا، من واقع مستندات التوزيع الرسمية، وهو ما يعنى أن نزيف الخسائر مستمر على مدار الساعة، وربما يكون منطقيًا أن يخسر القطاع الخاص فى مشروعاته دون أن يسأله أحد، أما «الجريمة» فهى أن يؤتمن مسؤولون على أموال الشعب المصرى ويهدرونها فى جريدة حكومية توزع ١٤٥٠ نسخة فقط، لكى تشتم رموز البلد المحترمين، وأن تتدنى بلغة الخطاب الصحفى إلى أدنى مستوياته.

لم يرجف جفن مسؤول وهو يقرأ التقرير، الذى ذهب إلى الجميع، لم يتحرك أحد فى المجلس الأعلى للصحافة ومجلس الشورى، الذى يملك المؤسسة، ولم يعلق أحد فى الحزب الوطنى وأمانة السياسات، التى يدعى «عبدالله كمال» فى كل مكان وسطر يكتبه أنه يعبر عنهم وينطق بلسانهم.. من يحاسب.. من يحمى المال العام..

ومن يقول لقيادات أمانة السياسات إن هذه الجريدة تسىء إليهم كل صباح، وتزرع الكراهية تجاههم فى كل النفوس؟!

يقولون فى علوم السياسة والإعلام إن الإنجاز - أى إنجاز - لن يصل إلى الشعب إلا عبر جسر إعلامى محترم.. وأمانة السياسات فى الحزب الوطنى نجحت خلال السنوات الأخيرة فى خطوات وإجراءات اقتصادية لم يختلف عليها اثنان من الخبراء: ارتفاع معدل النمو.. إصلاح هيكلى فى القطاع المصرفى.. زيادة كبيرة فى الاحتياطى النقدى.. قانون عصرى للضرائب.. إصلاح واضح فى البنك المركزى..

ومع ذلك تدنت شعبية الحزب والأمانة وقيادات الاثنين.. لماذا؟! لأن الجسر الإعلامى الذى يعبر عن هذا الكيان فاشل ويتبنى خطابًا سقيمًا يستند إلى «تيمة» التخوين والاتهام بالعمالة والخوض فى الأعراض.. والمواطن المصرى لايزال متمسكًا بأخلاقياته، لذا فقد عزف عن هذه الأقلام، ووضع هذه الصحف فى «مزبلة» التاريخ.

هل عرف الآن قيادات الحزب الوطنى لماذا فقدوا بوصلة «الشارع».. زمان كانت الصحافة الحكومية هى منارة الوعى والتثقيف والخطاب المحترم، تخدم النظام بمهنية واحتراف دون أن تقول للناس كل صباح «نحن أسيادكم»..

أما اليوم فقد أفقدت الحزب الوطنى والنظام والحكومة المصداقية واحترام المواطن.. فإذا كانت الحكومة تشتم ،والحزب يحتضن الألسنة الطويلة، فكيف يسير الناس خلف الحكومة.. وبأى عين يرى المواطن إنجازات الحزب؟!

١٤٥٠ نسخة يوميًا هى صوت أمانة السياسات وتيار الإصلاح فى الحزب الوطنى.. وعدة ملايين تسكب على الأرض كل صباح لتسويق «الكراهية» تجاه الأمانة والحزب.. تذكرنى صحيفة «روزاليوسف» اليومية بمجلة «الأرض» التى أصدرناها ونحن فى المرحلة الثانوية فى «منيا القمح».. عدة صفحات رديئة الطباعة ومقالات تعبر عن هموم الأهالى..

كانت المجلة البسيطة والساذجة توزع ٧ آلاف نسخة عند بائع واحد فى هذه المدينة الصغيرة.. كنا ننفق عليها من جيوبنا.. ومع ذلك أغلقناها لأننا شعرنا بإهانة بالغة لأنها توزع ٧ آلاف نسخة فقط، أى أربعة أضعاف توزيع جريدة «روزاليوسف» فى جمهورية مصر العربية بطولها وعرضها.. أغلقناها لأننا اعترفنا وقتها أننا «فاشلون».

أتعجب من حال مؤسسة «روزاليوسف» العريقة التى يرأس مجلس إدارتها الصحفى المحترم «كرم جبر»: سيارات آخر موديل، والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. رئيس التحرير جاى، رئيس التحرير رايح، والتوزيع ١٤٥٠ نسخة..

بسرعة علشان نلحق المطبعة والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. جيش جرار من المحررين الأكفاء والكتاب المحترمين والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. اجتماعات وتسويق وأفكار وجلسات مع قيادات الحزب الوطنى وأمانة السياسات والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.. إهدار المال العام، والتوزيع ١٤٥٠ نسخة.

تلك هى القضية.. فمن ينتفض فى مواجهة هذه «المهزلة»؟!

Monday, November 24, 2008

الإخوة الأعداء

بقلم خيرى رمضان

لم نعد شعباً مسالماً يؤمن بأن المسامح كريم.. المسامح جبان وضعيف.. جاهز للضرب على بطنه لأنه بلا ظهر.

حقك بذراعك، حتى ولو لم يكن حقك، ارفع صوتك، اصرخ، ادع أنه حقك وستجد من يساندك ويؤيدك، فنحن نعيش زمن الصوت العالى والقتل السهل.

«معدش حد طايق حد»، لو تقود سيارتك وانحرفت بها مخطئاً أو مضطراً، فستسمع سباباً لا تتوقعه، وليت الأمر يتوقف على السباب، بل قد يتطور ويصبح خناقة، وقد تدفع حياتك الرخيصة ثمناً لها، ستقتل بسكين أو بمسدس، لا فرق فى الغضب بين سائق الميكروباص وضابط الشرطة.

لا تعتقد أنك لو لم تكن تمتلك سيارة ومن فقراء هذا الوطن ستنجو من الإهانة أو الموت، فأمامك طابور «العيش»، ستكون حتماً مثل موظف مجلس مدينة المحمودية بمحافظة البحيرة، وتفقد حياتك لأنك قاتلت للحصول على خمسة أرغفة لإطعام أبنائك.

فإذا نجوت من الشارع لا تعتقد أنك آمن فى بيتك، فأنت معرض للإهانة من جيرانك، فإذا أحنيت رأسك وتجنبت هذا الصدام، فمن المؤكد أنك ستجده بانتظارك فى بيتك، زوجتك قد تفعلها، فإن لم تفعلها هى، فستفعلها أنت، وقد تفعلانها بالأبناء أو يفعلونها بكما.

العنف لم يعد فردياً بل جماعياً، لم يعد اعتصامات وإضرابات وقطع طرق، بل وصل فى سيناء إلى تبادل القتل بين الشعب والشرطة، هيبة الدولة فى خطر، وكرامة الشعب فى الحضيض، لا يوجد مجال للحوار ولا للقانون، كله ضد كله، لا أحد يطيق أحداً ولا يقبل منه خطأ.

العنف وصل إلى أهل الحوار والأدب، العنف وصل إلى الصحافة بعد التليفزيون.. «المصرى اليوم» تنشر تصويباً لمحمود جامع لكلام نشره فى «صوت الأمة».. خطأ مهنى يحتمل حسن النية، يحتمل عتاباً من الأخيرة للأولى، وعندما يصل إلى مداه، يتحول إلى شكوى فى نقابة الصحفيين، ولكنه تحول إلى سباب واتهامات بالكذب والعمالة والخيانة.

الناقد الكبير سمير فريد اعترض على قبول فيلم «بلطية العايمة» فى مهرجان القاهرة السينمائى، اعتراضه بدون مشاهدة الفيلم قد لا يرضى البعض، ويحتمل الخلاف فى وجهات النظر، ونقد النقد، ولكنه أغضب مؤلف الفيلم، صديقى الكاتب الساخر الفنان الهادئ بلال فضل، ولكن،

وعلى غير العادة، غضب بلال واستل قلم لينهال على سمير فريد بلا رحمة، لم أعهد بلال غاضباً إلى هذا الحد، وقد سبق أن تحمل الكثير من النقد بابتسامة ودودة، ولكن الغضب العام والعنف العام وصل إلى بلال كما وصل إلى الكثيرين.

إلى أين نحن ذاهبون بغضبنا وعنفنا؟ لماذا تحولنا إلى «الإخوة الأعداء»؟ هل من عاقل وهادئ يقول لهذا الشعب «المتخانق مع بعضه»: صلوا على النبى.. وهل الصلاة على نبينا الكريم أو الصلاة لله ستجدى فيما وصلنا إليه؟!

Tuesday, November 18, 2008

قانون إدارة الأصول الجديد

بقلم لميس الحديدى

يتندر البعض داخل الأوساط السياسية بالتفسير «التآمرى» الذى يربط ما بين الإعلان عن مشروع قانون إدارة الأصول الجديد وبين الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة (٢٠١٠ - ٢٠١١) حتى إن أحدهم قال لى: «مش معقول كل حاجة توريث.. توريث حتى لو اتنفسنا تقولوا استعدادًا للتوريث!!».

والحقيقة أننى لا أعيب على أصحاب هذا التفسير ما ذهبوا إليه هذه المرة.. ليس لقناعتى بأن كل شىء من أجل التوريث.. ولكن لأنه لا يوجد أى تفسير منطقى أو اقتصادى آخر لهذا المشروع سوى البحث للحزب والحكومة عن مشروع سياسى شعبى يتواصلون به مع الناس فى وقت فشلت فيه كل المشروعات السابقة.. خاصة أن البدء فى تنفيذ البرنامج سيقترب كثيرًا من موعد الانتخابات التشريعية فى ٢٠١٠.

ومن حق الحزب أن يبحث عن شعبية ومن حق الحكومة أن تبحث عن وسائل وسبل لبقائها واستمرارها واقترابها من الناس.. وكم سنرحب بذلك إذا كانت تلك الوسائل والسبل حقيقية وصادقة تحمل فائدة للطرفين أى للناس وللحزب، ولكن أن يكون مشروع القانون هو مجرد لافتة لما ليس فيه، مضاره أكثر من منافعه فهذا هو ما نقف أمامه.

اللافتة الأولى هنا تتحدث عن توسيع قاعدة الملكية - على الورق هذا صحيح - ولكن السؤال يجب أن يكون: وما فائدة ذلك؟! فهذه هى مجموعة شركات «قانون ٢٠٣» التى فشلت الحكومة فى بيعها إما لأسباب سياسية أو عمالية أو اقتصادية أو حتى لم تطرحها لمعرفة ما إذا كانت قد تلقى إقبالاً، وبالتالى كان التفكير فى التخلص منها دفعة واحدة.. لمن؟!

للشعب المسكين.. ثم يقال لنا إنكم شركاء!! يعنى «حسنة وأنا سيدك» فإذا كنا شركاء حقًا.. فلماذا لا نكون شركاء فى الشركات الرابحة أى البنوك العامة وحصص الدولة. فى الشركات المشتركة وشركات البترول وخلافه.. وهى شركات ستطرحها الدولة لاحقًا وهى الأكبر تحقيقًا للعائد.. فلماذا تشركنى فى الفتات ولا تشركنى فى العائد الحقيقى؟!

ثم ما فائدة توسيع الملكية هنا؟! يذكر د. محمود محيى الدين هنا فوائد الشفافية والحوكمة وتجربة طرح المصرية للاتصالات لكنه فى هذه الحالة يتحدث عن شركة رابحة، محتكرة طرحت الدولة منها ٢٠٪ فتحقق توسيع قاعدة الملكية عن حق.. ثم لا ننسى أن الطرح جاء تطبيقًا لالتزام مصر بتحرير قطاع الاتصالات يعنى التزامًا دوليًا لا يمكننا الفرار منه.. فهو طرح أرغمنا عليه ولم يكن باختيارنا.

فأى من هذه الشركات الموجودة يضاهى المصرية للاتصالات؟! المصرية لتسويق الأسماك، أم رمسيس لإدارة المشروعات أم النيل للكبريت والمساكن الجاهزة؟ وإذا كانت هناك شركات تباهى بها الدولة ضمن المحفظة المجانية «مثل الحديد والصلب والسكر والألومنيوم» فلماذا لم تفكر الدولة فى طرح حصصها فى البورصة من قبل؟ «الألومنيوم مطروح منها حصة ضئيلة لا تسمح بتداول نشط».

من يهمه أن يبقى على اسهم فى هذه الشركات من أصله؟ بنفس الإدارة الحكومية ونفس عدد العمال ونفس المشكلات ونفس الحصة الضئيلة من السوق.. أى مستثمر أو مواطن واع سيعرف أنه من الأفضل أن يتخلص من هذا الصك الآن قبل تدهور قيمته؟

هذا هو ما سيحدث بالضبط ليس فقط لأن المصريين جهلاء - لا قدر الله - «مليون ونصف فقط يتعاملون فى البورصة» ولكن لأن المصريين فقراء يحتاجون هذا المبلغ.. وأقل منه كثيرًا.

ثم ما فائدة توسيع الملكية مع أقلية لا تستطيع أن تغير الإدارة أو تكتشف فسادًا أو تضخ استثمارات؟! وإذا كانت الدولة حسنة النية فلماذا لم تحسن فى أوضاع تلك الشركات قبل توزيعها على الناس.

لقد أدركت الدولة أنها تملك مجموعة من الشركات لا تعرف كيف تتخلص منها كما أنها تريد أن تنهى صداع الخصخصة المزمن ومشاكله فتضرب عصفورين بحجر واحد.. لكن الحجر هذه المرة كان للأسف هو المواطن بدعوى توسيع قاعدة الملكية.

إن المشاركة - أى مشاركة - تقوم على توافق الشركاء ومعرفة الأطراف جميعًا بكل تفاصيل عقد الشراكة.. حقًا وواجبًا وللأسف لن تكفى تلك الصكوك لإحساس المواطن بأنه شريك فى الوطن.. فالدولة اختارت أن تشاركنا فى «الفضل والبواقى».. فيما فشلت فيه.. أما النجاحات فنبحث عن نصيبنا منها فى موازنة الدولة إذا بقيت.

Saturday, November 15, 2008

أخطاء غير قابلة للإصلاح

بقلم د. طارق عباس

فى كل لحظة وكل ساعة وكل يوم، يأتينا الحزب الوطنى بما لم يستطعه الأوائل، ويعلمنا ما لم نكن نعلم، ويبعث لنا من قاعدة الفكر الجديد التى ينفرد وحده بامتلاكها صواريخ من طراز غريب اسمها صواريخ (طحن شعب) منتجة محليًا بمصانع (شيلنى واشيلك) ذات رؤوس ملتوية، متعددة الأبعاد، تتمتع بقدرة خارقة فى التأثير على جميع المواطنين..

وأخطر هذه الصواريخ على مصر وعلى حاضرها ومستقبلها - من وجهة نظرى - هو هذا القرار العجيب الذى ولد فجأة، وعلمنا به فجأة، واتخذت فيه الخطوات بسرعة مذهلة، برعاية حكومة الحزب الوطنى وقياداته، وهو وضع أول برنامج من نوعه لإدارة الأصول المملوكة للدولة، الذى بمقتضاه يتم منح كل مواطن مصرى - فى الداخل أو فى الخارج - حصة مجانية من الأسهم فى قطاع الأعمال العام، من خلال صك يستفيد منه كل من بلغ ٢١ سنة أو أكثر.

أما القصر فسيحال نصيبهم لصندوق يسمى (صندوق الأجيال المقبلة)، ويسمح البرنامج ببيع الصكوك بمجرد الحصول عليها، وطرحها فى البورصة مع استبعاد الشركات الخاسرة من الطرح، والحقيقة أن خطورة هذا القرار تتبدى فى الأمور التالية:

أولاً: إن وجود برنامج جديد للخصخصة يعنى الاستمرار فى نفس السياسة الفاشلة التى أثبتت عدم جدواها، وسيكون الفرق الوحيد بين البرنامج القديم للخصخصة والبرنامج الجديد أن الأول كان يسمح ببيع الشركات والبنوك بالجملة لمستثمر واحد أو عدد من المستثمرين.

أما البرنامج الجديد فسيفتت الملكية ويجعل من الشعب المصرى وسيطًا فى بيع هذه الأسهم، لأن أول ما سيفكر فيه المحتاجون فور تسلمهم الصكوك هو بيعها مرة أخرى ليشتريها الملاك الجدد، لكن بموافقة المصريين وبكامل إرادتهم، وبصراحة كان يكفينا من الحزب الحاكم مغرفة واحدة، بعد إهدار المال العام، وتضييع إنجازات الأميرة فاطمة وسعد زغلول وطلعت حرب وجمال عبدالناصر، والكشف عن عمليات تخريب وإفساد وفضائح ارتكبت مع كل صفقة بيع، وإلا فبم نفسر بيع عمر أفندى بكل فروعه ومخازنه وأراضيه الفضاء وأقساطه المستحقة، بهذا المبلغ الزهيد (٥٩٠ مليون جنيه) هو ثمن مبنى واحد منه؟

بماذا نفسر خصخصة ميناء العين السخنة بعد أن أنفق عليه حوالى مليار دولار؟ بماذا نفسر بيع فندق آمون بأسوان، بقيمة ١٥ مليون جنيه، رغم أن قيمته الإيجارية ٢ مليون جنيه سنويًا كانت تدخل لخزينة الدولة؟ لماذا بيع فندق (سونستا) بمبلغ ٨ ملايين جنيه، علمًا بأن قيمة الأرض المقام عليها الفندق قدرها بعض الخبراء بحوالى ٢٤ مليون جنيه؟ أفهم أن الشركات الخاسرة تباع من أجل عيون الناس لكن لمصلحة من تباع الشركات الرابحة؟

لمصلحة من بيع بنك الإسكندرية والبنك المصرى الأمريكى ووضع معظم شركات الأسمنت والأدوية فى يد المستثمرين الأجانب؟ لمصلحة من بيعت المراجل البخارية والأهرام للمشروبات والنصر للغلايات والموانى وشركات النقل البحرى وبعض قطاعات الغزل والنسيج وأكثر من ١٩٢ شركة بمبلغ ١٧ تريليون دولار، رغم أن قيمتها الفعلية تصل إلى حوالى ٥٠٠ تريليون دولار؟ وكل ذلك وغيره يعنى أن الاستمرار فى سياسة الخصخصة ولو بشكل آخر هو مزيد من الإهدار لما تبقى للمصريين.

ثانيًا: حسبما فهمت من البرنامج المُعلن عنه، أن الشركات الخاسرة ستستبعد من الطرح، وبالتالى لا يصبح من حق المواطن امتلاك أسهم هذه الشركات، والسؤال هنا: ولمن سيؤول حق امتلاك هذه الشركات الخاسرة؟ وهل يعنى هذا أن الشركات الرابحة ستكون ملكًا للمصريين، والشركات الخاسرة التى ستصبح رابحة فيما بعد، ستكون من حق المرضى عنهم والمسموح لهم بالتجارة فى مقدراتنا؟

ثالثًا: ما مصير أولاد الشوارع ومن يسكنون فى النجوع والكفور ممن لا يحملون بطاقات شخصية ولا يعرفون أى شىء مما يدور حولهم؟ هل سيحرمون من نصيبهم فى الكعكة؟

رابعًا: شركات قطاع الأعمال هى بالفعل مملوكة للدولة، وبالتالى هى ملك الناس تدار لصالحهم وبمعرفة خبراء ومتخصصين، فلماذا كل هذا الإصرار الغريب على تفتيتها بهذه الصورة؟ وكيف يتمكن شعب تحاصره أمية العامة والمثقفين من اتخاذ قرار بيع الأسهم أو عدم بيعها؟ لقد أثبتت الرأسمالية العالمية أنها فى حاجة إلى تغيير شامل، ولجأت الدول الكبرى لتأميم بعض شركاتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما يعنى شبه ارتداد عن بشاعة النظام الرأسمالى الحالى، وهو ما يعنى كذلك عدم جدوى هذه السياسات الظالمة فى مصر.

يا قادة الحزب الوطنى بيع مصر للمصريين يعنى أنهم غرباء عنها، وهو أمر غير مقبول شكلاً وموضوعًا، فليس من المعقول أن يباع للمالك ملكه، وأتمنى وليس بكثير على شرفاء هذا البلد من أعضاء الحزب الوطنى، ومن المعارضة ومن جمعيات المجتمع المدنى، ومن النقابات المختلفة أن نشكل جميعًا حائط صد، لمواجهة صواريخ الحزب التى تميتنا ونحن أحياء، قبل أن تضيع مصرنا، لأننا تجاوزنا الأخطاء الممكن علاجها إلى أخطاء غير قابلة للإصلاح.

ويسألونك عن التغيير

بقلم أسامة هيكل

لم تكن مفاجأة لأحد أن يعاد اختيار الدكتور أحمد فتحى سرور رئيسا لمجلس الشعب.. ففى مثل هذا الوقت من كل عام وعلى مدى ١٩ عاما تجتمع الهيئة البرلمانية للحزب الوطنى وتختار سرور رئيسا للمجلس، ثم تبدأ الدورة البرلمانية ويتم التصديق على هذا القرار فى صورة انتخابات، وتنشر الصحف صور الدكتور سرور وهو يتلقى التهانى..

ولو كانت موسوعة جينيز للأرقام القياسية تهتم بأطول مدة قضاها شخص رئيسا لبرلمان على مستوى العالم لكان الدكتور سرور صاحب اللقب بلا منازع.. ولو أعطانا الله العمر وأعطاه سيفوز بهذا المنصب العام القادم والأعوام التالية مادام النظام بتركيبته الحالية.

وخلال حكم الرئيس مبارك تولى رئاسة المجلس ٤ رؤساء فقط، فقد كان الدكتور صوفى أبوطالب رئيسا للمجلس منذ ١٩٧٨ حتى ١٩٨٣، ثم تولى الدكتور محمد كامل ليلة رئاسة البرلمان عاما واحدا، ثم تولى الدكتور رفعت المحجوب منذ ١٩٨٤ حتى ١٩٩٠.

والثلاثة – رحمهم الله – رأسوا المجلس معا ١٢ عاما فقط، أما الدكتور سرور – أمد الله فى عمره – فقد اعتلى منفردا منصة المجلس ١٩ عاما كاملة ومتواصلة دون كلل أو ملل.. وهذه السنوات التسع عشرة تعادل ثلث حياة الدكتور سرور العملية التى تمتد ٥٥ عاما، فقد تخرج عام ١٩٥٣ فى كلية الحقوق، وعمل لمدة ٤ سنوات وكيلا للنائب العام، ثم انضم لهيئة تدريس كلية حقوق القاهرة عام ١٩٥٩، وتولى مناصب عدة بها حتى أصبح عميدا للكلية عام ١٩٨٣، وبعدها أصبح وزيرا للتعليم منذ عام ١٩٨٦ حتى ١٩٩٠.. ثم دخل مرحلة الاستقرار كرئيس لمجلس الشعب المصرى.

وطبعا الدكتور سرور - وهو شخص خفيف الظل شديد الذكاء وخبرة قانونية لاجدال فيها - ليس الشخص الوحيد فى مصر المؤهل لتولى رئاسة السلطة التشريعية.. ولكنه الأفضل من وجهة نظر النظام، وكل عام يمر فى رئاسة الدكتور سرور للمجلس يعنى – بالنسبة للنظام الذى يصر عليه – خبرة أكبر فى التعامل مع مجلس أغلبيته الدائمة من رجال النظام..

ولو كان الأمر يعتمد على الديمقراطية والتصويت فقط لأمكن لأى نائب أن يتولى هذا المنصب حتى ولو كان من المعارضة، وستكون النتيجة محسومة لصالح النظام والحزب الحاكم، ولكن الدكتور سرور يستطيع ببراعة أن يجد المخرج القانونى من كل مأزق، ويستطيع دائما أن يجد المبررات لتمرير رغبات الحكومة مهما كانت ضد إرادة الشعب، بدليل قرارات ٥ مايو الماضى والتى وافق عليها المجلس خلال ساعتين، وانحاز فيها المجلس بقيادة سرور للحكومة ضد الشعب الذى كان بكل طوائفه يرفض رفع الأسعار، وهذه البراعة يقدرها النظام للدكتور سرور ويترجمها فى استمرار رئاسته للمجلس.

وهنا يجب على النظام أن يسأل نفسه لو كان يفكر فى المستقبل: من هو الخليفة الذى يمكن أن يلعب دور الدكتور سرور لو لم يتمكن الدكتور سرور من أداء مهامه كرئيس للمجلس لأى سبب؟ هل يغلق المجلس وتتوقف الحياة؟ أم يضطر النظام وقتها للمغامرة برئيس جديد للمجلس؟

الحقيقة أن استمرار الدكتور سرور رئيسا للمجلس ١٩ عاما لايعنى إلا أن التغيير مجرد مزاعم وأكاذيب.. فلا شىء قابل للتغيير فى مصر، ولاتوجد رغبة حقيقية فى التغيير.. فالنظام يتعامل مع رجاله بمنطق العشرة – بكسر العين – وباعتبار أن «اللى تعرفه أحسن من اللى ماتعرفوش»..

فالنظام لايجرؤ على تصور وجود شخص آخر رئيسا لمجلس الشعب خوفا من عدم قدرة هذا الشخص على لعب نفس دور الدكتور سرور بنفس الكفاءة.. وهذا هو نفس المنطق الحاكم عند الحديث عن أى تغيير، فالحكومة مثلا لاتتغير مهما ارتكبت من أخطاء، ومهما ضاق الشعب بها، ولو حدث التغيير يكون لأسباب غير معروفة لدينا كمواطنين .

وأنا شخصيا ضد تغيير الأشخاص لمجرد الزعم بأن تغييرا ما يجرى، فالمطلوب تغيير فى السياسات وتغيير فى شكل العلاقة بين المواطن والحكومة ومختلف مؤسسات الدولة.. ولكن تغيير السياسات والأفكار يستتبعه بالضرورة تغيير فى الأشخاص، بحيث يتبنى المسؤولون الجدد تلك السياسات الحديثة التى تؤدى للتغيير وتضمن تحقيق مستقبل أفضل..

أما استمرار الأشخاص لسنوات وسنوات فهو يعنى استمرار نفس النهج الذى مل الناس منه، وتسبب فى اتساع الهوة بين المواطن والحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة بدرجة يصعب رصدها.

وتثبيت السياسات والأشخاص معا لعقود طويلة، يعنى عدم القدرة على إحداث أى تغيير، ويعنى مزيدا من البعد بين مايقال ومايحدث ونشعر به، فالمصريون الآن يشعرون أنهم خارج اللعبة، يرفضون فلا يستجاب لرفضهم، ويصرخون فلا يسمع صراخهم أحد، وهذا وضع يؤدى لكارثة لامحالة.

ياسادة.. نحن نحتاج تغييراً حقيقياً، فعلا وقولا.

ويادكتور سرور.. ألم تشعر بالملل ولو مرة واحدة طوال ١٩ عاما؟

مرة ثانية.. «شوفتوا المساخر»

بقلم د. طارق الغزالى حرب

م يكن مفاجئاً لى ما كشفته صحيفة «الفجر» فى عددها الأخير عن حقيقة شقق ملياردير الحزب الوطنى وأمين تنظيمه أحمد عز، التى ظل الإعلام الحكومى المتمثل فى القناة الثانية للتليفزيون المصرى طوال شهر رمضان يطبل لها ويزمر ويرقص على أنغام «دقوا المزاهر»، وهو يعلن كل ساعة عن شركات وإنتاج مصانع عز، فى ثنايا حلقات عبارة عن مسابقات بين شباب مصرى مكافح، شاء حظه العاثر أن يولد ويترعرع فى عصر سُحقت فيه الطبقات الوسطى والفقيرة حتى صار حقهم فى الحصول على شقة مناسبة ضرباً من الخيال أو حلماً من الأحلام.

فقرر أن يخوض التجربة بما فيها من إراقة لماء الوجه على الهواء مباشرة وأمام ملايين المشاهدين أملاً فى الحصول على شقة فى مكان متميز -كما تقول إعلانات عز- يكملون فيها نصف دينهم.

أقول لم يكن مفاجئاً لى كل ما جاء فى هذا التحقيق الجرىء الذى أفسح له الصحفى الفذ الشجاع عادل حمودة الصفحة الأولى فى جريدة «الفجر»، والذى أعرب فيه العديد من الذين حازوا هذه الشقق عن خيبة أملهم وصدمتهم فى «الأماكن المتميزة» التى تقع فيها وفى مساحاتها وفى تشطيباتها وفى المندوبين الذين أرسلهم قطب الحزب الوطنى الكبير لتسليم الشقق لهؤلاء المحظوظين الواهمين..

وكنت أقول دوماً لمن أناقشه فى موضوع هذا البرنامج أثناء عرضه سترون ماذا سيقدم هذا الملياردير الذى لا يرى إلا نفسه ومصالحه الخاصة ولا ينظر إلا إلى موضع قدميه.

وأنا هنا لن أستفيض فى وصف هذه الشقق ولا أماكنها ولا الطريقة التى تمت بها عملية التسليم للشباب، فمن يرد أن يعرف كل هذه التفاصيل المحزنة والمهينة فليرجع إلى التحقيق بصحيفة «الفجر»، ولكنى فقط أريد أن أوضح أن ما لم أكن أتوقعه مطلقاً ولا أتخيله أن يكون العديد من هذه الشقق هو فى عمارات الإيواء والطوارئ لمختلف المحافظات! وأن يكون بعض آخر من هذه الشقق فى «مشروع مبارك» لإسكان الشباب وهى شقق لا تزيد على ٥٧ متراً فى صحراء جرداء وتحت الإنشاء!

السؤال المهم هنا هو: كيف حصل أمين تنظيم الحزب الأوحد على هذه الشقق المفترض أن يكون توزيعها وطريقة الحصول عليها سواء من الأجهزة المحلية أو هيئات التعمير التابعة لوزارة الإسكان يخضع لقواعد وشروط صارمة، وتحت رقابة أجهزة حكومية، حتى تصل هذه الشقق إلى مستحقيها فعلاً من الفقراء وأصحاب الدخول المحدودة وقاطنى العشوائيات والمقابر؟!

من يا ترى خصص لملياردير الحزب الوطنى هذه الشقق من حصة الغلابة حتى «يتمنظر» بها على الشعب المصرى المسحوق والذى يبدو فى السنوات الأخيرة فى حالة من البلاهة والغيبوبة لا تبدو لها نهاية فى الأفق المنظور؟!

لقد نشرت صحيفة «الفجر» صورة عقد إحدى هذه الشقق الذى يظهر بوضوح أنها إحدى شقق مشروع إسكان مبارك للشباب تحت الإنشاء التى لا تزيد مساحتها على ٥٧ متراً، وأن هؤلاء الشباب الذين امتلأت بهم حلقات البرنامج على مدى الشهر الكريم تنطبق عليهم شروط استحقاقها بمقدمات بسيطة وتقسيط مريح.. فلهفى عليك يا مصر.

Sunday, November 9, 2008

قال إن مصر لم تعد دولة عظيمة.. فاروق الباز يدعو المسئولين في مصر إلى الاعتراف بالفشل وترك مواقعهم للشباب

أكد عالم الجيولوجيا المصري الدكتور فاروق الباز، أن مشروعه الذي أعده منذ سنوات عن "ممر مصر للتنمية والتعمير" يمكن إنجازه في خلال خمس سنوات، ليكون وسيلة تأمين للأجيال القادمة في مصر، حيث من المتوقع أن يقوم باستيعاب 50 مليون نسمة.
ويمتد المشروع لنحو 1200 كيلو ويربط بين شمال مصر وجنوبها، وهو قائم على أساس مد قنوات من نهر النيل إلى الصحاري الغربية بشكل عرضي لتوصيل المياه إلى الصحراء، ويقترح الباز بناء مدن ومنشآت ومؤسسات وجامعات لتجذب الناس إليها وتخفف من زحام العاصمة والمدن الكبرى.
وانتقد الباز في حوار لفضائية "الحياة" الأوضاع التي تمر بها مصر في الوقت الراهن، وأضاف: للآسف مصر لم تعد عظيمة، وفي وضعنا الحالي ليس عندنا حضارة، مشيرا إلى أنه لكي يتحقق ذلك لابد من توافر ثلاث مقومات، وهي: وجود فائض من الغذاء، وتقسيم العمل بين أفراد الشعب، وتوافر الحياة الكريمة في المدن لتساعد على ظهور مفكرين وأشخاص مبدعين.
لكنه مع ذلك أبدى تفاؤله بإمكانية أن تستعيد مصر مكانتها، وأن نعيد إليها بأيدينا عظمتها، خاصة وأن الخامة المصرية الأصلية مازالت موجودة في شبابنا، وأنها هذا يعطيه إحساسا بالتفاؤل، "لأن مصر مرت بسنوات انحطاط أكثر مما نحن فيه الآن وقمنا من جديد، وهذا يكفي أن نعود مرة أخرى ونعلو عن أي بلد في العالم".
واقترح الباز حلولاً لخروج مصر من كبوتها، وفي مقدمتها التعليم من خلال الإنفاق بسخاء عليه، كي تظهر عندنا كوادر ورواد في حركة التغيير لمستقبل أحسن لمصر، كما شدد على أهمية الزراعة في النهوض بمصر، واستدرك، قائلا: إن كنا الآن ليس لدينا الغذاء الكافي ونستورده بكميات مهولة من الخارج، فلابد من زيادة الرقعة الزراعية في مصر بشتى الطرق لتوفير احتياجاتنا من الغذاء.
واتهم الباز، أبناء جيله بالفشل الذريع في تحقيق آمال الشعب العربي، وطالب بمنح الفرصة للجيل الجديد كي يدير المؤسسات، وعلينا أن نبتعد لأننا لا نصلح لتغيير هذا الوطن ودفعه للأمام.
وانتقد المؤسسات الحكومية، وحملها المسئولية عن حالة الفشل الراهنة، وقال: فشلنا لأننا اعتمدنا على المؤسسات والحكومات ونسينا الفرد، وكان علينا أن نترك حرية الإبداع للأفراد ولا نعتمد على المؤسسات التي فشلت في تقدم هذا البلد، وللآسف مازالت مستمرة في فشلها إلى أن أصبحت حالياً مؤسسات "مسوسة وفاسدة".
وحث المسئولين على ضرورة الاعتراف بالفشل، والتراجع عن المركز القيادية وضرورة إعطاء الفرصة للشباب لإصلاح هذه المؤسسات ومساعدتهم على أن يعملوا بحرية لمزيد من الإبداع والتطوير .
وأشار الباز إلى أنه كان مستعدا للعودة إلى المصر بعد أن حصل على الدكتوراه، وإنه كان على استعدادا لإنشاء مدرسة تكنولوجية ليس لها مثيل في العالم، وإنه شحن 4 طن صخور لهذا الغرض، وكان سيأتي لهذه المدرسة طلاب من الولايات المتحدة، لكنه – والكلام له- عاد عن فكرته بسبب عدم توافر المناخ الملائم، وعدم وجود ترحيب من المسئولين، ما دفعه إلى الهجرة ثانية، "لكن مازال عندي آمل في العودة لتنفيذ مشروع مصر للتنمية ومشروع المدرسة التكنولوجية".
من ناحية ثانية، أبدى العالم الكبير رأيه في الانتخابات الأمريكية، قائلا: أوباما جعل الأمريكان يشعرون بأنهم قادرون على التغيير والتطوير، واعتمد على شباب الجامعات لأنهم هناك ينتخبون تحت سن الـ 18 عاما، وهم جيل يرفض سياسة الرئيس الحالي جورج بوش ويكرهها، وكان 22% فقط المعجبين به.
وأضاف: ولأن ماكين لم يكن سيغير شيء لأنه مثل بوش آتى بفكر الحرب، فرفض الشباب برنامجه،بينما أوباما بذكائه دعا إلى التغيير، ولم يتحدث عن العنصرية بل لعب على وتر أن أمريكا للأمريكيين، فأبهر الناس هناك وفكرهم بالزعيم نيلسون مانديلا.
وأعرب الباز عن اعتقاده بأن أوباما قادر على إبهار العالم، ولكنه كأمريكي سيغلب مصلحة بلاده على الجميع.

Tuesday, November 4, 2008

الانتخابات الامريكية: المقاومة فرضت التغيير

عبد الباري عطوان

سنتعرف في الساعات الأولى من فجر هذا اليوم على هوية الساكن الجديد للبيت الأبيض، حيث ترجّح جميع استطلاعات الرأي انه سيكون باراك أوباما. ولا نبالغ إذا قلنا، اننا كعرب ومسلمين، كنا الناخب الرئيسي الخفي الذي حسم نتيجة هذه الانتخابات، مثلما سيحدد ملامح سياسات الادارة الأمريكية الجديدة، حتى لو جاءت النتائج عكس جميع التوقعات.
وعندما أقول العرب والمسلمين، فإنني لا اقصد انظمة الحكم، وانما الشعوب المغلوبة على أمرها، والمحكومة بالاستبداد والقمع، وبالتحديد المجموعات الحية التي قررت شق عصا الطاعة على الهيمنة الأمريكية، وحملت سلاح المقاومة ضد مشاريعها الاستعمارية في العراق وافغانستان وجنوب لبنان وفلسطين المحتلة.
التغيير الذي سيبدأ في أمريكا اعتباراً من اليوم على الصعد كافة، السياسية والاقتصادية والعسكرية، والاجتماعية، ربما كان سيتأجل لعقود قادمة، لو أن القرن الأمريكي الجديد تكلل بالانتصار، وسارت الأمور بالطريقة التي أرادها المحافظون الجدد في العراق وافغانستان، أي استقرار سياسي وازدهار اقتصادي، وخنوع كامل لمواطني البلدين المستهدفين من قبل المشروع الأمريكي.
حرب الاستنزاف التي شنتها جماعات المقاومة في البلدين، والانتصار الكبير الذي تحقق ضد الآلة العسكرية الاسرائيلية الجبارة في لبنان، وصمود أهل الأرض المحتلة في مواجهة خطط التجويع والحصار، كلها عوامل أدت منفردة، أو مجتمعة، الى افلاس الولايات المتحدة اقتصادياً بعد افلاسها عسكرياً وسياسياً، الأمر الذي دفع بالشعب الأمريكي إلى البحث عن عجلة انقاذ تخرجه من أزماته الحالية، وتقوده إلى بر الأمان الذي يتطلع إليه.
إذا فاز أوباما اليوم، فإن كاريزمته السياسية، وبلاغته الخطابية، وذكاءه الفطري الحاد، ليست كلها او وحدها التي أدت إلى فوزه، ووصوله إلى أقوى زعامة في العالم، بل زعامة العالم بأسره، بل هي الهزيمة الساحقة التي الحقها العرب والمسلمون بالادارة الأمريكية السابقة، وجعلها مكروهة أمام مواطنيها اولاً، وأمام العالم بأسره.
فلو سارت الأمور بالطريقة التي أرادها، وخطط لها جورج بوش، وديك تشيني والمحافظون الجدد في كل من العراق وافغانستان، وأقاموا دولة فلسطينية مسخا بشروطهم، لما تقدم أوباما في استطلاعات الرأي بأكثر من سبع نقاط على الأقل، ولما اتيحت له فرصة الاقتراب من البيت الأبيض.
وحتى إذا افترضنا ان الشعب الأمريكي، أو قطاعاً كبيراً منه، قرر أن ينحاز إلى جذوره العنصرية، وصوّت في الاقتراع السري بطريقة مختلفة، وللشخص الذي لم يصوت له في استطلاعات الرأي العلنية، أي لصالح جون ماكين، الجمهوري اليميني المتطرف، فإن هذا الخيار سيعني استمرار المأزق، وتفاقم المخاطر، وانهيار الولايات المتحدة الأمريكية، وان كنا، وما زلنا نعتقد بأن الشعب الأمريكي لن ينحرف إلى هذا الخيار، بعد أن اكتوى بنيران الجمهوريين ومحافظيهم الجدد وسياساتهم الدموية لأكثر من ثماني سنوات.

أيا كان الرئيس الأمريكي الجديد، فإنه سيجد نفسه في مواجهة مع العرب والمسلمين، فإذا أرادها مواجهة عسكرية، فهذا يعني استمرار الأوضاع على حالها، أي المزيد من الخسائر، وإذا أرادها مواجهة سلمية تقوم على الحوار والتفاهم، والاعتراف بالأخطاء واظهار كل جوانب الاستعداد لاصلاحها وبما يرضي جميع الاطراف، ويحفظ مصالحهم، فإنه سينقذ نفسه، وينقذ بلاده، وينقذ العالم بأسره من شرور الادارة السابقة.
صحيح أن الرئيس الأمريكي الجديد سيكون مشغولاً في سنواته الأولى بالأوضاع الداخلية الأمريكية، والاقتصادية منها على وجه الخصوص، واصلاح ما افسدته الادارة السابقة، واعادة الهيبة والاحترام لزعامة البيت الأبيض، ولكن حتى هذه المهمة تحتاج إلى تعاون قوي، وعلى أسس جديدة مع العرب والمسلمين وشعوبهم على وجه التحديد.
بمعنى آخر، سيحتاج الرئيس الأمريكي الجديد الى مخزون الثروة العربي الهائل الناجم عن عوائد النفط ، لاخراج الاقتصاد الأمريكي من عثراته، كما سيحتاج الى نفوذهم واحتياطاتهم النفطية الهائلة لتخفيض اسعار الطاقة، وفق معدلات معقولة، تساعد على عودة الحياة الى شرايين الانتاج الصناعي المتيبسة، واسواق المال التي تعاني من سكرات الموت البطيء بعد ازمة الرهونات، وتحويل اقتصاد العالم وبورصاته الى كازينوهات للمقامرين، الأثرياء والفقراء في آن.
غوردون براون رئيس وزراء بريطانيا، ووزير خزانتها لأكثر من عشر سنوات كان اول من اعترف بهذه الحقيقة، وشدّ الرحال الى عواصم الثروة العربية في الوقت الراهن، اي المملكة العربية السعودية وقطر ودولة الامارات العربية المتحدة، مستجديا مساعدتها، من حيث توظيف فوائضها المالية الهائلة في الاسواق الغربية، وصندوق النقد الدولي لتوفير السيولة اللازمة لتخفيف حدة الانهيارات الاقتصادية الحالية، وتخفيف آثار الانكماش الاقتصادي في العالم الرأسمالي الغربي.

الرئيس الامريكي الجديد سيحذو حذو الحليف البريطاني حتما، فلا خيار آخر امامه، وسيدرك جيدا ان اسرائيل التي ابتزت امريكا والغرب لأكثر من ستة عقود هي اساس معظم العلل والمصائب التي يعيشها الغرب حاليا بسبب سياساتها الاستفزازية الدموية، وان مصلحة بلاده ليست في شن الحروب لاذلال العرب والمسلمين في حروب صليبية باهظة التكلفة، وانما بمواجهة صريحة مع الاسرائيليين في الارض المحتلة، يقول لهم فيها 'كفى' كبيرة مدوية، كفى احتلالا، كفى اغتصابا، كفى قتلا، كفى استهتارا بالشرعية الدولية وقوانينها، كفى تعطيلا لعمليات السلام، كفى استيطانا في اراضي الغير، كفى عدوانا على الجيران.
العرب الرسميون يجب ان تكون مساعدتهم للرئيس الامريكي مشروطة بحدوث تغيير في سياساته في المنطقة، وإلاّ فإنهم سيخسرون مثلما سيخسر هو في نهاية المطاف، لان القوى التي هزمت المشروعين الامريكي والاسرائيلي ما زالت موجودة، بل وتزداد قوة وانتشارا.
التغيير الذي سيجتاح امريكا وسياساتها وهويتها المستقبلية لن يتوقف عند الحدود الامريكية، وانما سيتعداها الى الخارج، وسيصل حتما الى المنطقة العربية التي ظلت عصية عليه،ومغلقة بإحكام امام كل عواصف الديمقراطية والاصلاحات السياسية والاقتصادية. فالذي منع وصول التغيير الى هذه المنطقة دون بقاع العالم الاخرى، هي الإدارات الامريكية المتعاقبة المتحالفة مع انظمة الفساد والقمع، والآن نحن امام ادارة امريكية جديدة تريد انقاذ نفسها، والتعلم من اخطاء سابقاتها لانقاذ بلادها وشعبها.
نحن الآن لا نقف امام رئيس جديد، وإنما امام امريكا جديدة، وعالم جديد مختلف تماما، عالم لم تعد تسيطر عليه امريكا، عالم يشهد نمو اقطاب جديدة، ونمور اكثر شراسة وتعطشا للصعود. عالم تنتصر فيه جماعات مقاومة صغيرة، بأيديولوجية قوية متطرفة في ايمانها، على قوى عظمى، وتقودها الى الافلاس الكامل.
العالم يتغير بسرعة، وحقائق جديدة بدأت تطل برأسها، وتفرض نفسها على معادلات القوة والثروة فيه، والفضل في ذلك يعود جزئيا، ان لم يكن كليا، الى من هزموا مشاريع الهيمنة الامريكية ومحافظيها الجدد والقدامى على حد سواء.

سيناريو عربي مكرر

محمد كريشان

ما أعلنه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة مؤخرا من قرب تعديل لدستور بلاده ليسمح له في الحقيقة بمدة رئاسية ثالثة، لم يكن الدستور الحالي يتضمنها، يمثل تدشينا لسيناريو معروف في كثير من دول العالم الثالث وإن بات اختصاصا عربيا بامتياز في السنوات الماضية.
مقدمة هذا السيناريو تقوم على الترويج قبل سنوات من الاستحقاق الرئاسي، وهو في الحالة الجزائرية العام المقبل، بأن الرئيس يعتزم على الأرجح عدم الخضوع لأحكام الدستور في عدم تسيير البلاد لأكثر من مدتين رئاسيتين، وهي المادة التي تضعها في الغالب كل الديمقراطيات في العالم لضمان تداول سلمي على السلطة يمنع جنوح من هو على رأس هرم الدولة إلى الخضوع لأهوائه ومصالح الفئات التي تدعمه أو كانت أوصلته إلى السلطة ليستمرئ البقاء فيها. الرئيس هنا لا يفصح عن شيء من هذا، ولا يتعدى الأمر في بدايته مجرد إشاعات تحتمل الصدق أو الكذب ثم تزدهر بورصة التكهنات بين قائل إن الرئيس لن يفعلها وبين مؤكد أن الأمر حسم ولم تبق سوى تفاصيل الإخراج.
الخطوة التالية تبدأ بمقال هنا أو هناك أو تصريح صحافي من هذا المسؤول أو ذاك يقول إن مسيرة الاستقرار والتنمية التي تنعم بها البلاد ، والتي شهد بها العالم كله طبعا، تقتضي أن يواصل ربان السفينة القيادة وأن النصوص التي تحكم دواليب الدولة ليست محنطة أو مقدسة فهي مهيأة للتعديل بما يخدم المصلحة العليا للوطن وهي المصلحة التي تتمثل بطبيعة الحال في أن يستمر الرئيس رئيسا.
هذا التصريح أو المقال يمثل في الحقيقة شرارة انطلاق حملة، عفوية كما هو معروف، من منظمات وهيئات ونقابات وأحزاب تناشد السيد الرئيس الترشح لولاية رئاسية جديدة، في خطوة عجيبة في عالمنا لأنه يفترض ألا يطالب أحد أحدا علنا وفي وضح النهار بخرق القانون فما بالك إذا كان هذا القانون هو النص الأعلى في البلاد. تنتشر في هذا الاتجاه المقالات والتصريحات وربما المظاهرات المطالبة بمواصلة قيادة الرئيس للمسيرة المظفرة. لكن الرئيس أمام كل هذا لا يقول شيئا فتزداد الحماسة أكثر فأكثر وتنتقل رويدا لقبة البرلمان ليشير هذا النائب أو ذاك لضرورة التجاوب مع هذا المطلب الشعبي الجارف.
يزداد الاستحقاق الرئاسي قربا وتزداد المطالب إلحاحا إلى أن يخرج الرئيس في مناسبة ما ليهمهم بكلمات ليست واضحة تماما تفيد بعد فك طلاسمها أن الرجل يعتزم التجاوب مع هذه الرغبة الشعبية الجارفة فيكون ذلك إيذانا ببدء العملية الإجرائية العلنية لتعديل الدستور، على أساس أن هناك من انطلق قبل مدة في السر في ترتيب كل التخريجات القانونية الممكنة. بعدها تخرج المظاهرات وتنهال البرقيات والمواقف التي تشكر السيد الرئيس على تفضله بالتجاوب مع الرغبة الشعبية في التمديد لعهده الميمون. هذه التعديلات ستعرض إما على الشعب مباشرة في استفتاء لا يمكن أن يخيب آمال المبادرين به أو على البرلمان فقط إذا كان 'الوقت ضيقا' كما الحالة الجزائرية والمهم هنا أن ما من أحد في كل هذا الحديث عن التعديلات الدستورية يشير إليها على أساس أن بيت القصيد فيها هو التمديد للرئيس إذ تزدهر التنظيرات القائلة بأن الهدف من هذه التعديلات هو إحكام سير دواليب الدولة والمزيد من تطوير المؤسسات الدستورية ولم لا، في الحالة الجزائرية، حماية رموز الثورة وإعلاء مكانة المرأة!!
وفي نهاية المطاف تسير الحبكة كما رسم لها دون أن يكدر صفوها سوى أصوات بعض الحاقدين في الداخل والخارج من الذين يغيظهم جدا نجاحات البلاد وتألقها. تكرر هذا في أكثر من بلد عربي وكلما نجح مع رئيس إلا وقال غيره ولم لا أنا أيضاّّ؟!! آخرهم كان بوتفليقة ولن يكون آخرهم بالتأكيد فيما لم يبق من المطالب الديمقراطية في الوقت الحاضر سوى المناداة فقط بتحسين هذا السيناريو ومحاولة تطويره أو ابتكار غيره لأننا مللنا تكراره... وفي نسخ متعددة كل واحدة اردأ من سابقتها.

التجربة الماليزية (8)

ياسر الزيات

واصل مهاتير هجومه علي الثقافة الغربية، إلي حد وصفها في كتاب له صدر عام 1994 بالاشتراك مع شيناترو إيشيهارا، بـ «الانحطاط الحضاري» وقال إنه «علي الولايات المتحدة الاستفادة من دروس النجاح في شرق آسيا، وقبول القيم الآسيوية وليس الالتفاف عليها».
وتكمن أهمية تجربة مهاتير محمد في أنه لم يكتف بوضع أفكار نظرية مجردة بل ترجمها فعليا في شكل سياسات قابلة للتنفيذ، وربما كان دخوله السياسة من بوابة الطب عاملا مهما في اعتماده التفكير العلمي منهجا للتنمية والحكم معا، وإيلائه اهتماما خاصا بتحويل ماليزيا من بلد زراعي يعيش علي زراعة المطاط وتصديره إلي نمر اقتصادي يعيش علي تصدير التكنولوجيا، ويجني منها عائد صادرات قيمته 59 مليار دولار سنويا ويحقق فائضا في ميزانه التجاري قيمته 25 مليار دولار سنويا، ويصل دخله القومي إلي 215 مليار دولار، ويقف ـ بذلك ـ ندا للدول الغربية التي طالما نظرت إلي بلاد مثل ماليزيا باعتبارها لن تتجاوز ـ يوما ـ كونها ترسا في عجلة العولمة.
وعندما انتخب مهاتير محمد رئيسا للوزراء لم يتفرغ لتوزيع الابتسامات علي الكاميرات، وإطلاق التصريحات الكاذبة حول قوة الاقتصاد الماليزي، ولم يتوجه إلي الصين أو أستراليا ليشحذ فرص عمل لمواطنيه العاطلين، أو ليتسول دعما لمشاريع وهمية، لكنه بدأ فورا في تطبيق أفكاره التي ناضل من أجلها، وبادر مهاتير في خطاباته إلي التمسك بالقيم الآسيوية وتوجيه انتقادات حادة إلي ما سماه «المعايير الغربية المزدوجة»، ونفذ مشاريع ضخمة حقيقية عمقت لدي مواطنيه ـ علي اختلاف أعراقهم ولغاتهم ودياناتهم ـ إحساسهم بالفخر والعزة الوطنية، وكان بين هذه المشاريع بناء مبني «بتروناس» الذي يعتبر ـ الآن ـ أطول مبني في العالم، وإنشاء الطريق السريع متعدد الوسائط وبناء العاصمة الذكية: بوتراجايا، بتكلفة 5.3 مليار دولار، علي أحدث نظم التخطيط العمراني، لتكون عاصمة إدارية جديدة لماليزيا، تخفف الضغط عن عاصمتها التاريخية كوالالمبور. وبوتراجايا هي نفسها، العاصمة التي شهدت انعقاد المؤتمر الإسلامي قبل أسبوعين من تقاعده، وألقي فيه مهاتير محمد كلمة قال فيها: «علي المسلمين أن يوازنوا بين دراستهم للدين ودراستهم للعلوم والرياضيات». وكان حريا بالزعماء الذين حضروا المؤتمر أن يحولوا كلمة مهاتير إلي برامج عمل لتطوير بلدانهم، بدلا من الاكتفاء بالتصفيق، ولكن هذا لم يحدث، وربما لن يحدث، مادامت الأولوية في هذه البلاد للبقاء في السلطة أطول فترة ممكنة.
قد يختلف المرء مع مهاتير محمد في الكثير من أفكاره، مثل التنمية علي حساب الديمقراطية في مراحل التحول الاقتصادي، لكنه لن يستطيع أن يمنع نفسه من احترامه والإعجاب به، وهو ما يفعله الغربيون أيضا

اقـتـلـهـا وتـوكـل

جلال عامر

- (ماشافوهمش وهمّه بيسرقوا شافوهم وهمّه بيجتمعوا).
- (بخصوص الميزانية تقرر زيادة الاعتماد... زيادة الاعتماد علي أمريكا).
- (المؤتمر ثلاثة أيام حداداً علي المطربة).
- (هذا المؤتمر عقدوه تحت شعار "إقتلها وتوكل" وحضره العمال والفلاحون وشرطة "دبي").
- (خصصوا اليوم الأخير من أعمال المؤتمر لمسح البصمات).
- (مؤتمر الحزب الوطني ووعد بلفور كلاهما في نوفمبر لكن ليس هناك علاقة بينهما إلا الاستيلاء علي الأراضي).
- (الحزب الوطني هو حزب القرن والمفروض يروح اليابان... بس مايرجعش).
- (إلي الذين لا يذوقون اللحم... هذا المؤتمر ليس مؤتمر "اللحمة" فهو ثلاثة أيام فقط مثل العيد الصغير... إنه مؤتمر الكعك).
- (تمخض الحزب فولد صخراً).
- (المؤتمر نجح جماهيرياً لذلك يفكرون في إنتاج الجزء الثاني... ماحدش في اللي حضروا يقلع هدومه... الهدوم راكور).
- (آه يا مصر كم من المؤتمرات ترتكب باسمك... بعض من عرضوهم علي المشاهدين كانوا يستحقون العرض علي النيابة).
- (تحدثوا في المؤتمر عن ثمار التنمية... عزيزي المواطن احذر السير في الشوارع حتي لا تسقط علي رأسك ثمار التنمية).
- (ثمار التنمية ممكن تتعمل مربي؟!) <

تفوقوا علي الأنبياء

مدحت الزاهد

وفقا لأرقام أحمد عز، في حديثه أمام مؤتمر الوطني، انتزع الحزب 51 ألف مقعد من بين 51 ألفًا و570 مقعدا، في المجالس المحلية، بنسبة 99%، وهو إجماع لم يحققه الأنبياء، ولا حتي صاحب العرش جلت قدرته، ففي كل العصور زاد عدد المشركين علي 1%، بينما اختلف الناس حول الرسل، فسبحان الحزب الوطني.. والمجد له ولإنجازاته ولفكر ولي العهد وبرنامج الرئيس.
وأرقام عز صحيحة، أما تعداد زكريا عزمي، فقد أشار إلي اقتراب أعضاء الحزب من رقم 3 ملايين عضو. ونحن نعرف حقيقة ما جري في انتخابات المحليات وما سوف يجري في انتخابات مجلس الشعب .. وحقيقة تعداد عزمي.. ولكن إذا كان الحزب لا يكذب ولا يتجمل، ويصدق قدرته علي تحقيق هذا الاكتساح يصبح واجبًا عليه أن يقدم للرأي العام بيانًا عن الوقائع التالية:
> استمرار حالة الطوارئ لمدة 27 عاما.
> الصلاحيات المطلقة لرئيس الجمهورية ومد ولايته بغير قيود.
> دواعي الانقلاب الدستوري الذي قيد حقوق المنافسة في الانتخابات الرئاسية لصالح ولي العهد.
> الإطاحة بالإشراف القضائي علي الانتخابات في كل مراحلها.. ورفض مطالب القضاة بشأن كل مقومات استقلال السلطة القضائية ومحاصرة ناديهم.
> استمرار منطق وقوانين «الرخصة»، التي تشترط رخصة جهات الإدارة والأمن لمزاولة النشاط السياسي (موافقة لجنة شئون الأحزاب علي تأسيس أي حزب، والمجلس الأعلي للصحافة علي إصدار أي صحيفة، ووزارة الضمان الاجتماعي علي تأسيس أي جمعية أهلية).
> تجريم العمل السياسي في الجامعات، ووصاية الإدارة علي الاتحادات الطلابية وتشكيلها بما يشبه التعيين.. وسلطات الحرس الجامعي وجهات الأمن علي نشاط الطلاب وأعضاء هيئات التدريس.
> إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية غصبًا لسلطة القضاء الطبيعي.
> استمرار العمل بالقانون 100 للنقابات المهنية ضد أبسط مباديء الديمقراطية وضد إرادة أعضائها.
> حرمان النقابات العمالية من حق تكوين نقابات مصنعية تتمتع بالشخصية الاعتبارية الكاملة.. وإهدار حق الانضمام الطوعي للنقابات وتفصيل القانون لصالح هيمنة الموالين للإدارة والأمن.
> تقييد حقوق الإضراب والتظاهر والاعتصام وكل حقوق التعبير والتنظيم.
> الإنفاق الهائل الذي يستنزف موارد الدولة علي إعداد جيش ضخم للقمع، وهو الوجه الآخر لمصادرة الحريات.
>آلاف المعتقلين في السجون بحكم قانون الطوارئ وممن انتهت مدد أحكامهم. وهناك الكثير مما لا تتسع له المساحة والذي تجاهله كدابين الزفة.. لكنها زفة بعد انتهاء الحفل، فزواج جمال من الرئاسة بمنطق التوريث، مثل زواج عتريس من فؤادة - باطل <

مؤتمر الغضب

بقلم خيري رمضان

بعد أن انتهي مؤتمر «الحزب الوطني الديمقراطي»، أعتقد أن الحزب في حاجة لعقد مؤتمر آخر «علي الضيق»، ليسأل نفسه: لماذا عقدت هذا المؤتمر، وماذا جنيت منه؟

في اليوم الأول للمؤتمر، ومع ظهور ملحقين لجريدة قومية كبري، اعتقدت أن المؤتمر لإعادة مبايعة الرئيس مبارك، أو للتأكيد علي إعادة ترشيحه لانتخابات ٢٠١١، فعنوان أحد الملاحق «اخترناك»، كما ضم الملحقان - عدا الجريدة الأصلية - ٤٠ صورة للرئيس،

ولا يمكن إغفال الإشارات الموجهة والموحية لجمال مبارك، فقد حظي هو الآخر بـ١٤ صورة، مع أنه واحد من الأمناء المساعدين، ورئيس لجنة من لجان عدة بالحزب، وعندما يتباهي حزب بنجاحه وبما حققه الطبيعي أن ينسب هذا النجاح إلي رئيس الحزب، وإلي أمينه العام، السيد صفوت الشريف،

أما اختصاص «جمال» بهذا العدد من الصور والكلمات والاهتمام فإنه يحمل معني، يحاول الحزب بكل قياداته نفيه تماماً، حتي عندما تحدث المهندس أحمد عز عن «جمال»، وصفه بأنه «مفجّر ثورة التطوير»، متجاهلاً أن من يقوم بالثورة والتفجير هو رأس الحزب، حتي لو شارك ابنه هذا التفجير.

علي الحزب أن يسأل نفسه: لماذا كنت غاضباً؟ وإذا كنت واثقاً مما أنجزت، فما سبب الهجوم علي المعارضة وتهديدها بعدم الصمت علي تجاوزاتها؟

أعتقد أن خلطاً ما حدث في كلمات قيادات الحزب، بين المعارضة، بما تمثله من أحزاب هشة وحركات ضعيفة وتنظيم خارت قواه، وبين ما تنشره الصحف - مستقلة ومعارضة - وبدا الهجوم غير منطقي، ويعكس حالة من الإحساس بالفشل، أو علي الأقل الشعور بأن ما حققه الحزب لا يصل إلي الشعب.

السيد صفوت الشريف طالب بوضع نهاية لما سماه «العبث السياسي، والمزايدة بقيم الحرية، والتجاوز باسم الديمقراطية»، ولا أعرف هل أي حزب أو قوي معارضة يستطيع أن يرسي الديمقراطية أو يتجاوزها، وهو لا يملك حكومة ولا سلطة..

إن ما يحدث في مصر من صراخ علي كل المستويات هو مجرد رد فعل لتجاوزات الحزب الوطني وحكومته، وإلا ماذا يفعل الناس في المعارضة أو غيرها، عندما تسود الفوضي الشوارع.. تغرق العبارات.. تحترق القطارات..

يتعري الفاسدون في الحزب، يموت السياح كما المواطنين علي الأرصفة؟ ماذا يفعلون عندما يرون الحكومة عاجزة عن مواجهة ارتباك في المستشفيات، بسبب غاز «النيتروز» القاتل، ويكون الحل هو وقف وإغلاق غرف العمليات في المستشفيات الخاصة، كما الحكومية.. فضيحة اغتالت سمعة الطب المصري، وتحتاج إلي سنوات لمحو هذه الصورة السيئة.

المهندس أحمد عز، أمين التنظيم، يطالب أعضاء الحزب - البالغ عددهم، حسب تصريحات الدكتور زكريا عزمي ٣ ملايين - بأن يردوا الهجوم عنه، ويهدد المعارضة: «سنهاجم ضعف الآخرين وتفككهم».. لماذا تهاجم يا باشمهندس، أليس من الأولي أن تتحاور معهم وتستفيد من إمكاناتهم، بدلاً من التحريض علي مزيد من التفكك؟

كنت أتمني علي جمال مبارك، بدلاً من الدفاع عن رجال الأعمال في الحزب - ومنهم رموز وطنية حقيقية - والتأكيد علي أنه لا تستر علي فاسد، أن ينتهزها فرصة لينهي الأسئلة المشرعة والمشروعة، فيكشف لنا خرائط الطريق الصحراوي من بعد البوابة القديمة حتي البوابة الجديدة،

ليتأكد الجميع أن الأرض لم تذهب إلي عدد من وزراء عائلته وحكومته، ويعترف بأوجه القصور في الحزب وحكومته والتي أدت إلي ترسيخ الفساد في المحليات والمدارس والمستشفيات والإعلام والشرطة والقضاء، ويعلن خطة الحرب علي هذا الفساد.

الحزب الوطني اكتفي في مؤتمره بالغضب والتهديد لمن يعارضه.. يا خوفي علي مصر من القادم!!

Sunday, November 2, 2008

سؤال «الرشوة»

بقلم خيري رمضان

سقط «المسعود»، تاجر السيارات الشهير، في قبضة رجال الرقابة الإدارية، وهو يدفع رشوة مالية إلي موظف بإحدي النيابات، للحصول علي حكم يمكنه من قطعة أرض شاسعة في أحسن مناطق مصر الجديدة.

والقبض علي المسعود - الراشي - لا يعني إدانته، حتي لو تيقنت المحكمة من ارتكابه الجريمة، فالقانون يحمي الراشي والوسيط إذا اعترفا بالرشوة لتثبيت التهمة علي المرتشي. وبهذا يحاول القانون إغلاق باب واحد للفساد ويترك الأبواب الأخري مشرعة.

القانون يحاول أن يردع المرتشين، ولكنه في الوقت نفسه يشجع الراشي، فما الذي سيخسره، هو يحاول في بعض الأحيان أن يحصل علي غير حقه، وما يتم ضبطه لا يمثل ١% مما يتم بنجاح، فإما أن يجني ثمار جريمته، وإما أن ينجو بغنيمته بعد أن يذهب بموظف إلي السجن ويخرج هو للحياة بريئاً منعماً.

عندما شاعت الرشوة في البلاد، بسبب الفقر وفساد الذمم وسقوط القيم مع وجود ثغرات في القانون، أصبح الإنسان لا يستطيع قضاء مصلحة - حتي وهو صاحب حق - إلا إذا دفع.

أصبح القبض حقا مكتسبا لأي موظف في أي مصلحة حكومية، فإذا لم تفهم وتفتح دماغك، وتدفع الاصطباحة أو كوب الشاي، ستجد أسهل إجابة «فوت علينا بعد يومين»، ورقك ناقص، وغيرهما من الأسباب التي تجعلك «كعب داير» في المصالح الحكومية في أبسط الأشياء وأعقدها.

عندما أصبحت الحال هكذا، وصارت الرشوة مقننة، ورعاها القانون بعين واحدة، لجأ الناس إلي علماء الدين يسألونهم: إذا كان لنا حق في مصلحة ولا نستطيع الحصول عليها إلا بدفع رشوة فهل هذا حرام؟ وجاءت إجابات العلماء بأن الراشي في هذه الحالة مضطر، وأن الوزر يقع علي المرتشي.

الشرع يبرئ الراشي، صاحب الحق المضطر، ولكن اللصوص استغلوا الفتوي كما استغلوا القانون، فشاع الفساد في البلاد..سقط المسعود في قضية واحدة - وقد يخرج منها بريئا - وهو يضع يده ويمتلك مئات الآلاف من الأفدنة في الهرم وصحراء الأهرام وطريق مصر - الإسكندرية وغيرها، ولا نعرف بأي طريق حصل عليها. ليس «المسعود» وحده، فمثله الآلاف من بينهم شخصيات مرموقة في الحكومة، وإن كانت الأراضي بأسماء عائلاتهم.

الأرض المنهوبة، ليست قضيتي الآن، ولكني أتحدث عن الرشوة وقانونها فتاواها، وكلي أمل في فقهاء القانون، وأعضاء مجلس الشعب، أن يدرسوا تعديلاً قانونياً للرشوة التي شاعت واستفحلت.

قال لي فقيه قانوني، وأنا أناقشه في هذا الأمر، إن أفضل حل لهذه الأزمة أن يكون لدينا تشريع يمنح المعروض عليه الرشوة كل قيمتها إذا أبلغ، وفي هذه الحالة لن يجرؤ أحد علي عرض رشوة علي موظف عمومي، لأنه سيحصل علي قيمتها بالحلال، وقتها ستنعدم الثقة بين كل أطراف الجريمة.

الاقتراح وجيه ومناسب لغير أصحاب الحقوق، ولكن ما الذي يضمن أن الموظفين في حالات أصحاب الحقوق سيسيرون لهم الأمور، فربما - وهذا الاحتمال الأكبر - سيضعون «العقدة في المنشار»، فإذا اضطر المواطن المغلوب علي أمره لأن يدفع، سيجد نفسه متهماً بالرشوة، والمرتشي سيكون سعيدا منتشيا، فهو الذي قبض رسميا وأصبح شريفا أمام الناس.. فعلاًَ مشكلة كبري!

Thursday, October 30, 2008

السوس وصل للعضم

بقلم خيري رمضان

لمن لا يعلم، ولا يريد أن يلتفت أو يتوقف أو يغضب، «السوس وصل للعضم».. السوس ينخر في أخلاق الوطن. وطن الشهامة والمروءة والفروسية والتدين.. وطن المآذن والكنائس وصلاتي الجمعة والأحد.. وطن المحجبات والمنتقبات والراهبات.

لا شيء أخطر مما يحدث الآن، أخطر من فساد الحزب الوطني.. غرق العبارات، احتراق القطارات ومجلسي الشعب والشوري والمسرح القومي.. كل شيء يمكن إصلاحه، حتي لو مرت قرون، إلا الأخلاق، إذا فسدت، فلا جدوي من الحديث عن ديمقراطية أو تغيير، فالفاسد لا يغير.

وأتمني ألا أجد من بعض المتفلسفين من يقول إن هذا بسبب الفساد السياسي، فنحن نعيش في هذا الفساد بصور مختلفة منذ أكثر من نصف قرن، فلا تغسلوا أيديكم بعد التهام الحقيقة.

«السوس وصل للعضم»، وصل لمحافظة قنا، بلد «الصعايدة اللي بجد»، بلد لم يكن يعرف النكات القبيحة، ولا الأجساد العارية.. بلد له قانون خاص لا يقبل العيب ولا يعفو عن هاتك العرض أو خادش الشرف.

في قنا، بلد الثأر، لا العار، ضبطوا مدير مدرسة يدير شقة للسهرات الحمراء.. شقة للدعارة بقيادة رجل تعليم، مسؤول عن أبناء وبنات أبرياء في مدرسة ابتدائية.. الذئب يرعي الشاة حتي تنضج. «شقة يعني ناس داخلة وناس طالعة.. ستات ورجالة عيني عينك، وكله بتمنه».. في أي مكان جائز، لكن في قنا، مستحيل! والمستحيل حدث.

قبلها بأيام، رجل وزوجته كونا شبكة لتبادل الأزواج، وجها الدعوة علي النت، تقدم لهما ٥٠٠ زوج وزوجة، أخضعاهم للاختبار، فنجح ٤٠ زوجاً، أقاموا حفلات المجون والتبادل في شهر رمضان الكريم، الحفلة تبدأ بعد أذان المغرب، بعد الفطار، فالكل صيام، هذه نقرة وتلك نقرة أخري!

منذ يومين، قام اللواء إسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة، بقيادة حملة انضباط في شوارع القاهرة. في يوم واحد ضبطت الحملة ٣٠٠ حالة معاكسة في الطريق، عادي، كل ثانية توجد حالة معاكسة، كل امرأة أو فتاة أو حتي طفلة لها حصتها من المعاكسة، عدالة في التوزيع، و٣٠ حالة تحريض علي الفسق، يعني رجل يحاول إغواء فتاة ويعرض عليها مقابلاً مادياً.. «العيشة» صعبة وكل شيء له ثمن، والفقيرة لا تملك إلا الشرف وهناك دائماً من يشتري.

في يوم واحد، وأعتقد في مكان واحد، هناك أعلي هضبة المقطم، أعلي جبل الدويقة، حيث تنتشر رائحة الموت وبقايا الجثث، ضبطت الحملة ٨٠ فعلاً فاضحاً في الطريق العام، قبلات وأحضان وما يزيد علي ذلك، داخل السيارات وخارجها، شباب مكبوت، لم يستطع الصوم وهو له «وِجاء»، مثلهم آلاف علي كورنيش النيل وفي شقق مغلقة، كما الضمائر والإحساس بالذنب!

في يوم واحد، ٤١٠ حالات تحرش، وفعل فاضح، وتحريض علي الفسق، ماذا لو قمنا بحملة كل يوم علي ربوع مصر؟!

«السوس وصل للعضم» فهل يجدي الصراخ الآن؟!

Monday, October 27, 2008

الهند

بقلم أحمد المسلماني

حين زار يوسف بطرس غالي الهند لم يجد فيها ما يلفت النظر إلا «التوك توك». انبهر الوزير بتلك العربة الساحرة انبهاراً شديداً، وقرر جلب آلاف «التكاتك» إلي أرض الكنانة ضمن رؤية حضارية جديدة!

***

أطلقت الهند، قبل أيام، أول مركبة فضاء إلي القمر.. والمركبة والصاروخ والمهام العلمية المنوطة بالمركبة كلها هندية مائة بالمائة. لم تذهب الهند إلي قاعدة «جيانا الفرنسية»، كما ذهبت مصر لإطلاق قمرها الصناعي، الذي يحمل المزيد من الكليبات.. لم يكن القمر قمرنا، ولا الصاروخ صاروخنا، ولا قاعدة الإطلاق قاعدتنا، ولا فريق العمل فريقنا.. كل ما أنجزنا هو قطع تذاكر السفر، ثم الجلوس كالأطفال في صالة المشاهدة لمتابعة ما يفعله الآخرون!

سوف تمكث مركبة الفضاء الهندية حولين كاملين، وسوف تجري تجارب علمية عديدة، وعمليات مراقبة حول القمر، وسوف تدرس طبقات سطح القمر، وستدرس أوضاع المياه.. أما الأخطر والأكثر إثارة.. فهو بحث طاقة بديلة للبترول، ومحاولة إحضار مادة «الهليوم-٢» من كواكب أخري إلي الهند.. إن «الهليوم-٢» يصعب استخراجه من كوكب الأرض، وتفكر الهند في استخراجه وجلبه من الفضاء!

***

في السنوات الخمس المقبلة ستبقي مصر منشغلة بتسريب امتحانات الثانوية العامة، ووضع ضوابط للدروس الخصوصية وكادر المعلمين، وسوف ننشغل أيضاً بانتخابات اتحاد الطلاب ونقابة المحامين وأحكام النقض في قضية سوزان تميم.

في السنوات الخمس ذاتها، ستكون الهند قد أطلقت «٦٠» رحلة فضائية، بمعدل «١٢» رحلة كل عام، وستكون الهند من كبريات الدول في تقديم خدمة «إطلاق الأقمار الصناعية»، بعد أن نجحت عام ٢٠٠٨ في إطلاق «١٠» أقمار صناعية بصاروخ واحد، منها قمران للهند، وثمانية أقمار لدول أخري!

وفي الوقت الذي انشغل فيه وزير البحث العلمي بكل شيء إلا البحث العلمي، ولم يحضر الوزير حفل تكريم العالم المصري د. مصطفي السيد في جامعة القاهرة أو عين شمس، وفيما ينشغل رئيس الوزراء بملفات كبري ومشرفة، من وزن السحابة السوداء وبالوعات العاصمة، وصناعة الخبز من خلط الذرة بالقمح، يقف رئيس وزراء الهند احتراماً في حفل مهيب ويقول: «إنها لحظة تاريخية.. نحيي علماءنا الذين رفعوا رؤوسنا.. إننا فخورون بما وصل إليه العلم والعلماء في بلادنا».

***

كان الساسة الهنود الذين تسلموا بلداً فقيراً مزدحماً جاهلاً لا أمل فيه، قد زاروا عواصم الحضارة، وعادوا ليجعلوا بلادهم في مقدمة العالم.. وفي مصر زار الساسة بلاد الهند، فعادوا بأسطول من «التوك توك»!

السجن لرجال الأعمال

بقلم على السيد

إذا كان رجال الأعمال فاسدين، فالسلطة تُقاسمهم الفساد، رغم أنها لا تشاركهم العقاب. تدس أنفها فى مالهم لأنها ترى نفسها شريكة فيه، وكذلك يحشر رجال الأعمال رؤوسهم وسط سيوف النظام طلبا للحماية وطمعا فى السلطة والجاه، لكن معظم الذين يقتربون من السلطة أكثر من اللازم يكتوون بنارها ما لم يكونوا شركاء معها كالحكومة الحالية.

تلقى، أى السلطة، بأموال البنوك تحت أقدامهم ثم تدخلهم السجون حين تنتهى اللعبة أو يخلص الدور. تفتح لهم حزبها وتهيئ لهم برلمانها، ثم تُشهّر بهم فى صحفها، لدرجة أننا لم نعد نعلم إن كان رجال الأعمال يمتطون السلطة ليصلوا لأهدافهم أسرع، أم أن السلطة هى التى تحولهم إلى حجارة تعبر عليها للضفة الأخرى ثم تتركهم للتيار يجرفهم فى أى اتجاه. لذلك فكثيرون يدخلون السجن وهم أبرياء.. وكثيرون يستحقون السجن ألف مرة ويعيشون حياتهم طلقاء لا تطالهم يد العدالة.

وكثير من رجال الأعمال دخلوا السجن، وكثير منهم ينتظر. وربما يكون سهلا، فى هذه الآونة، أن نستبدل المثل الشعبى (السجن للجدعان) بـ(السجن لرجال الأعمال)، رغم أن الفارق فى الحالتين كبير، إذ يقصد المثل أن الشهامة والشجاعة تقود أحيانا للسجن لكن، عند رجال الأعمال يختلف الأمر لأن منهم اللصوص والضحايا أيضا.

ومصر هى أكثر دول العالم حبساً لرجال الأعمال، ليس لأن السلطة تعمل بشفافية وتحارب الفساد، وليس لأن العدالة تأخذ مجراها، وليس لأن الذين يدخلون السجن فاسدون بالضرورة.

الواقع يقول إن بعض الذين دخلوا السجن لم يكونوا إلا كبش فداء للفاسدين واللصوص الكبار، فهناك من دخل السجن لأنه تجاسر على أحد النافذين فى النظام الحاكم أو لم يقم بدفع المعلوم كما ينبغى، أو تجاوز الخطوط الحمراء، أو انتهى دوره لصالح رجل أعمال جديد يدخل الحلبة بقوة وغباء.

هذا يجعلنا نسأل: ما التهمة التى استوجبت دخول حسام أبوالفتوح السجن وتدمير شركاته وتشريد مئات العاملين والموظفين عنده؟ هل كان السبب حيازة سلاح من دون ترخيص أم تصفية حسابات رخيصة؟ وهل كان الأفضل أن يدفع ما عليه من قروض وهو داخل السجن عن طريق بيع الأصول والشركات وتوقف أعماله وغلق شركاته، أم أن الرجل كان سيتهرب من دفع ما عليه من قروض لو لم يتم قطع أذنه؟

سدد حسام مليار جنيه للبنوك، وكذلك فعل عاطف سلام الذى دفع ملياراً ونصف المليار جنيه للبنوك، ولا أحد يعرف لماذا سجن ست سنوات ولماذا خرج بعد السداد، رغم أن البنوك لم تقدم ضده بلاغا واحد إلا بعد فترة من دخوله السجن؟ ولماذا لقب بـ «حوت السكر»؟..

ألم يكن الأجدر أن يسدد من دون تدمير الشركات وتشريد الموظفين والبقاء فى السجن. الواقع يكشف أن من يقدر على سداد مليار جنيه، أو أكثر، وهو خلف الأسوار، كان يمكن أن يسدد أضعاف هذا المبلغ وهو خارج السجن، إلا إذا كان فى الأمر شىء آخر. رجال الأعمال، الذين دخلوا السجون، سددوا ما عليهم من قروض بعد خصم جزء كبير من الفوائد، وبعد أن اضطرت البنوك للقبول بالأمر الواقع وتقييم الأصول بأكثر من قيمتها الفعلية،

أى أن مصر هى الخاسرة فى الحالتين، حين أقرضت وحين استردت جزءا من مالها، فضلا عن تدمير أسس التنمية والاستثمار وضياع الحقوق والثروات لصالح حفنة من المتدثرين بأردية الحكومة.

الآن ماذا عن الذين اشتروا أملاك الشعب المصرى من أراضوشركات ومصانع وموانئ برخص التراب؟ هؤلاء اشتروا بملاليم ثم باعوا بمليارات الجنيهات، وليتهم باعوا لجهات مصرية، بل كان البيع السخى لشركات ومجموعات أجنبية لا يعلم أحد أغراضها أو مساعيها تجاه هذا الوطن الذى تم بيع ممتلكاته وشركاته الرابحة كالخاسرة، دون أن يعاقب البائع القابع فى وزارته مستعداً لبيع ما تبقى من فتات وتراب لكى يزداد سمنة على سمنته،

فالرجل ذو الجبهة العريضة والوجه (المتبجح المترجرج) يمتلك قدرة عجيبة على كسر عنق الحقائق والترويج لبضاعة فاسدة وآراء خائبة عن حتمية بيع ممتلكات الوطن لننعم برفاهية اقتصاد السوق، وحين تم البيع ولم ننعم إلا بالفقر والخراب قال ابن التجربة الجديدة: (إنها الظروف العالمية).

هذا ليس اقتصادا، هذه عزبة لا يحكمها قانون ولا يحميها نظام.. يتملك فيها أصحاب الحنكة والقوة، ويخدم بداخلها الفقراء والبائسون ولا يطالون حتى الفتات. يأخذ خيراتها اللصوص، وينعم بعزها الفاسدون من رجال السلطة والمتصاهرين معهم.

Sunday, October 26, 2008

المنهج الإسلامي والصلاح الإنساني

د‏.‏ معتز بالله عبد الفتاح

لو كان لي أن أشارك برأي متواضع في الإجابة عن السؤال المطروح علي صفحات الأهرام حول لماذا تخلف المسلمون؟ لقلت إن التعارض بين ما هو إنساني وما هو إسلامي في عقل الإنسان المسلم جعل الكثيرين من فقهاء المسلمين بدءا من القرن الثالث عشر الميلادي يروجون لفكرة أن هناك طريقة إسلامية لعلاج مشاكل المجتمع وكأن المسلم ليس إنسانا يخضع لما يخضع له غيره من البشر من قواعد وقوانين‏;‏ فساهموا دون أن يدروا في لاهوتية ابتدعوها ما كتبها الله علينا‏.‏

ولقد استخدم فقهاء المسلمين تاريخيا لفظة إسلامي ليعنوا أمرا من ثلاثة‏.‏ فهو إما يعني إسلامي أي ابتدعه الإسلام علي غير مثال سابق‏,‏ وهي دائرة شديدة الضيق لا تنهض بمصالح العباد‏.‏ أو ثانيا إسلامي بمعني أنه من فضائل الأعمال التي وجدت قبل الإسلام وحض الإسلام عليها وجعلها منه بالتوظيف دون الابتكار‏,‏ وهي دائرة أوسع كثيرا من الدائرة الأولي‏.‏ أو ثالثا إسلامي بمعني أنه لا يتناقض مع ما هو قطعي الدلالة والثبوت من مبادئ الإسلام‏,‏ وهي دائرة أوسع من سابقتيها بل وينبغي أن تزداد اتساعا بحكم التطور الفكري والتكنولوجي الذي نعيشه‏.‏

المعني الأول لـ الإسلامي أي الذي ابتدعه الإسلام علي غير مثال سابق حسر الإسلام حسرا معيبا جعل من الإسلام دينا يرفض التطور ومنجزات الحضارة بحكم أن الإسلام هو ما نطق به الشرع صراحة وما دون ذلك خارج عن الإسلام متناقض معه‏.‏ والمسلم العاقل يعلم أن أغلب ما جاء به الإسلام ليس من ابتكاره وإنما هو استمرار لما كان سابقا‏,‏ فنحن نعلم مثلا أن الصيام كتب علينا كما كتب علي الذين من قبلنا وكذا الصلاة والجهاد وتعدد الزوجات بشرط العدل معهن إلي آخره‏.‏ حتي عقيدة التوحيد تنسب إلي آدم عليه السلام وتسمية الإسلام نفسها تنسب إلي أبينا ابراهيم الذي سمانا المسلمين من قبل لكن لاشك مثلا أن هيئة الصلاة التي يصلي عليها المسلم وتفاصيل الوضوء والحج وحدود العقوبات الشرعية هذه كلها تفصيلات ابتدعها الإسلام علي غير مثال سابق‏.‏

والغريب أن هذا الفهم يتناقض مع صريح ما قاله الرسول الكريم لأحد أصحابه‏:‏ واذا حاصرت اهل حصن فأرادوك أن تنزلهم علي حكم الله فلا تنزلهم علي حكم الله‏,‏ ولكن انزلهم علي حكمك‏,‏ فإنك لا تدري أتصيب فيهم حكم الله أم لا رواه مسلم‏.‏

إذن فأنت لا تدري حكم الله وحكم رسول الله في أمور الحكم والسياسة مثلا وإنما أنت تجتهد‏,‏ ويجوز أن يكون اجتهادك متفقا مع صحيح الإسلام أو يتناقض معه بحكم أن البشر لا يستطيعون‏,‏ إلا ظنا‏,‏ أن يفقهوا عن الله مراده‏,‏ فكيف يستطيع بشر أن ينسب لنفسه‏,‏ أنه يعرف الحل الإسلامي أو حدود الخروج عن الإسلام في أمور يغلب عليها الاجتهاد والمصلحة المرسلة؟

بيد أن الأغلبية الكاسحة من عقيدة الإسلام وأخلاقياته‏(‏ أوامره ونواهيه‏)‏ التي نصفها بأنها إسلامية هي واقع الأمر من الأخلاقيات التي وجدت قبلنا وحضنا الإسلام عليها وتكفي المقارنة بين الوصايا العشر اليهودية والآيات‏149‏ ـ‏151‏ من سورة المائدة للتدليل علي ذلك‏.‏

وعليه فإن مساحة ما ابتدعه الإسلام علي غير مثال سابق ضيقة للغاية حتي في أمور المعاملات ولنأخذ مثلا مفهوم الشوري الإسلامية الذي قدمه البعض كبديل عن الديمقراطية المستوردة‏,‏ فنحن نعلم بيقين أن قصي بن كلاب الجد الخامس للرسول محمد صلي الله عليه وسلم هو الذي أنشأ دار الندوة كي تتشاور قريش في شئونها‏.‏ ونحن نعلم بيقين أيضا ان الرسول جاء علي فترة من الرسل لقوم خلا فيهم نذير وبالتالي فلم تكن دار الندوة استجابة لتوجيه إيماني‏,‏ كما نعلم أن بلقيس ملكة سبأ قبل أن تسلم مع سليمان لرب العالمين قررت ألا تقطع أمرا حتي يشهد‏(‏ أي يشير عليها‏)‏ أهل الرأي في مملكتها‏.‏ أي أن الشوري الإسلامية هي إسلامية بالحض والاستيعاب وليس بالابتداع والانشاء‏.‏

وهذا ليس بغريب فكان المسلمون الأوائل يعلمون أنهم يهتدون بكتاب جامع ومنهج شامل يقول لهم ما فرطنا في الكتاب من شيء ويقول لهم أيضا فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون فلا تفهم الآية الأولي إلا في إطار فهم الثانية‏.‏

إن من يكتفي بالآية الأولي يفترض أن كتاب الله سيكون عند الكيميائيين كتابا في الكيمياء‏,‏ وعند الرياضيين كتابا في الرياضة وهكذا وهذا ليس بصحيح فهو كتاب في العقيدة والأخلاقيات أساسا وخلا هذين المجالين‏,‏ فكل شيء يمكن أن يكون إسلاميا بسؤال أهل الذكر عن الفائدة والضرر من قبيل أحل لكم طعام الذين أوتوا الكتاب لذا سم الله وكل مما يليك لا فرق إن كنت تأكل ضأنا عربيا ممتلئا باللحم أو بيتزا إيطالية طالما أنها تخلو مما حرم الله كما قال الشيخ محمد الغزالي رحمة الله عليه‏.‏ فالطعام في الحالتين إسلامي لأنه لا يتناقض مع ما هو قطعي الدلالة وقطعي الثبوت من الإسلام‏.‏

ومن هذا لم يتساءل المسلمون عن طريقة إسلامية في حفر الخندق بدلا من الطريقة الفارسية التي رواها سلمان الفارسي‏.‏ ولم يرفض المسلمون الأوائل ركوب الجمال لأنها ليست إسلامية‏.‏ ولم يبحثوا عن منهج آخر غير منهج الشوري الذي مارسه غير المسلمين من قبل‏.‏ ذلك أن أي حل لأي مشكلة لا يتناقض مع العقيدة والأخلاق فهو من الإسلام‏.‏

وللأسف رفضت الديمقراطية مثلا لفترة طويلة لأنها غير مذكورة بلفظها وتفصيلاتها في القرآن‏,‏ وقد نسي هؤلاء أن أي خير يحقق العدل للناس هو من الإسلام حتي وإن لم يأت به رسول أو ينطق به وحي كما قال ابن القيم رحمه الله‏.‏

وعليه فإن الكون مفتوح لنا نحن المسلمين‏,‏ نؤسلم فيه ومنه ما جعله الله لا يتناقض مع ثوابت ديننا من عقيدة وأخلاق‏.‏

لقد ضيق علماء وفقهاء الإسلام في عصور التخلف من مفهوم الإسلامي لدرجة نالت من قدرة المسلمين علي الابتكار والاستفادة من منجزات غيرهم وهو ما نزال نعانيه من الرفع المعيب لشعارات من قبيل الإسلام هو الحل أو الحل الإسلامي فالحل‏,‏ أي حل لا يتناقض مع القرآن والسنة‏.‏ إسلامي‏;‏ أي أن ما يحل أي مشكلة نواجهها فهو من الإسلام‏,‏ وعليه فقد يجري الحل الإسلامي علي لسان شخص ليبرالي أو ماركسي أو ناصري‏.‏ ألم يقل الرسول الكريم علي قول لبيد‏(‏ ألا كل شيء ما خلا الله باطل‏)‏ إنه من خير ما نطق به الشعراء رغما عن أنه لم يكن مسلما‏..‏ فكل حل يكون معه الناس أقرب إلي الصلاح والعدل هو من الإسلام حتي وإن لم ينطق به الرسول العظيم أو جاء صراحة في القرآن الكريم‏.‏

Saturday, October 25, 2008

ببساطة

بقلم: ســيد عـلــي‏


*‏ الذين يخشون من الشفافية المطلقة هم اللصوص‏,‏ لأنها ستظهرهم عرايا‏.‏

*‏ أصبحت مهرجانات السينما العربية أكثر من الأفلام التي تنتجها هذه الدول مجتمعة‏,‏ كالعادة كلام كثير وفعل قليل‏.‏

*‏ برامج التوك ـ شو هي أهم مؤسسة تشكل الرأي العام في مصر الآن أكثر مليون مرة من كل الأحزاب مجتمعة‏.‏

*‏ الاحتفاء الإعلامي المبالغ فيه للعالم الدكتور مصطفي السيد هو اعتذار رسمي من الاعلام المصري لاحتفائه المبالغ بالأنصاف والاشباه الذين يملأون حياتنا ضجيجا وصخبا‏.‏

Tuesday, October 21, 2008

قضية هشام طلعت مصطفي

إبراهيم السايح

أهون موضوعات قضية هشام طلعت مصطفي هو قتل السيدة اللبنانية التي حبسوه وأحالوه للمحاكمة من أجلها.
قبل هذا الحادث لم يكن معظم المصريين يعرفون أن الأخ هشام واحد من أقارب الأسرة المالكة
في مصر، ولم يكن أغلب الناس يعلمون أن الأخ هشام حصل علي ثمانية آلاف فدان من الدولة مجاناً ودون أن يدفع مليماً واحداً وذلك حتي يؤسس عليها مشروع «مدينتي» ثم يمنح الدولة- أو السادة المسئولين- نسبة 7% من المباني مقابل الأرض المجانية التي حصل عليها!

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون كيف تحول الأخ هشام إلي ملياردير وعضو في مجلس الشوري وواحد من أكبر رجال المال والأعمال رغم أن والده- مؤسس الشركة والأسرة- توفي وهو مدين للبنوك بمبلغ يصل في بعض الأقاويل إلي 900 مليون جنيه.

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون أن نظام حسني مبارك وزع كل الأراضي المصرية علي الأصدقاء والمعارف والأعوان والأقارب وأوشك حالياً علي التوغل في أراضي ليبيا والسودان نظراً لنفاد الأراضي المصرية الصحراوية والزراعية والجبلية والتعدينية والبترولية.

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون طبيعة العلاقة بين المقاول المصري هشام طلعت مصطفي والملياردير الدولي السعودي الشهير الذي يحظي بالرعاية الشخصية من السيد رئيس الجمهورية.

قبل الحادث لم يكن الناس يعلمون أين يذهب السادة ضباط مباحث أمن الدولة وضباط الحراسات الخاصة وضباط مكافحة الإرهاب بعد الخروج من الخدمة في وزارة الداخلية. لم يكن الناس يعرفون كيف يتحول الضابط إلي قاتل محترف يحصل علي ملايين الدولارات من عمالقة الاقتصاد المصري مثل طلعت مصطفي وغيره.

قبل الحادث كان معظم المصريين لا يعرفون أن بلادهم تباع علي طريقة «وعد بلفور» حيث من لا يملك يعطي من لا يستحق، وحيث العصابات تتحول إلي دولة تحكم وتتحكم وتمنح وتمنع وتحيي وتميت!

لايهم إن كان السكري وهشام قد قتلا السيدة اللبنانية أم قتلها آخرون، المهم والأهم أنهما عضوان في كتيبة إعدام الشعب المصري المنكوب، ولن ينفعهما فريد الديب أو حسني مبارك يوم المثول أمام محكمة السماء!

التحرش

بقلم خيري رمضان

أشك أن اتجاهاً رسمياً يسعي لإغلاق ملف جريمة التحرش، التي ارتكبها عشرات الشباب ضد ثلاث فتيات في شارع جامعة الدول العربية، فلا نعرف هل تم تجديد الحبس للشباب أم لا، وهل عثر علي الفتيات المجني عليهن، أم أنهن «فص جنس وذاب»؟

لا أحد من مصلحته، تأليب المواجع «اكفوا علي التحرش ماجور» والبنات أنفسهن يرفضن الظهور أو الذهاب للنيابة أو التعرف علي الجناة، فهن مدانات قبل وبعد التحرش، «لا تلوموا القطط إذا التهمت قطعة اللحم المكشوفة»، هكذا قال مفتي استراليا منذ عام، وهكذا فعل الشباب وقال الإعلام، وأفتي كل متحرش أو كل ملتحف بالدين، متخذها فرصة عظيمة للدعوة إلي الحجاب، ولو نزل إلي الشارع لاكتشف أن المنتقبات يتعرضن مع المحجبات لأنواع شتي من التحرش.

«غض البصر».. نصيحة دينية للرجال، لكن خطابنا الديني معد وجاهز لمواجهة النساء، منهن رأس الأفعي وبيت الداء ورأس الخطيئة.

لا داعي للمبالغة، مصر بخير، ولا يمكن وصم شباب مصر المتدين، بسبب قلة متحرشة، شبابنا «مايتحرشّ أبداً»! قلة مندسة، مثل تلك القلة المنتشرة في فروع فساد الوطن.

«الأمن غايب لو كانت العيال حاسة إنه موجود، مجرد إحساس، ماكنوش قربوا من البنات»، الأمن سيئ..، طيب والناس الطيبة، أهل الشهامة والمروءة فين.. الذين وقفوا يشاهدون الجريمة، وكأنها فيلم جنسي علي قارعة الطريق؟ هل جبنوا عن نجدة البنات، أم رأوا أنهن يستأهلن ما يحدث لهن، أم قالوا: «إحنا مالنا، خليها تولع» ـ مع الاعتذار لزميلي العزيز محمود الكردوسي؟!

أخلاقنا تغيرت منذ زمن، من سنوات بعيدة، هل تذكرون حادثة اغتصاب فتاة العتبة علي مرأي ومسمع المئات.. أخلاقنا تتدهور، ولكننا لا نلتفت أو لا نهتم.

التحرش كل يوم: في الشارع، العمل، المكاتب المغلقة، وفي إعلانات الجرائد التي تستغل البطالة واليأس، وتدعو الفتيات للعمل مذيعات ومندوبات وسكرتارية، الحاجة مذلة، والفضيحة فضيحة لا تنال إلا البنات.

لم تعد الأزمة في القانون، ولا من يطبقه فقط.. الأزمة فينا، في الضمير والأخلاق، وادعاءات التدين.. نحن نحتاج إلي النظر في المرآة، لنتأمل نفوسنا المشوهة، وعيوبنا التي تضخمت، حتي لا نتفرغ لتبادل كرات الإدانة ونصبح جميعاً جناة، بعد أن عشنا قروناً مجنياً علينا.

Monday, October 20, 2008

ضبط عقارب الساعة

بقلم د. محمود عمارة

عبقرية المجتمعات المتقدمة والمتحضرة أنها «تقف مع نفسها» كلما استدعى الأمر لكى تضبط عقارب «ساعة الوطن» التى تهتز أو تختل أحيانا من الحركة السريعة، والنشيطة لأداء المجتمع، فتصبح إشارة عقاربها لا تطابق الواقع أو الحقيقة!!

فكلما طرأت «قضية»، أو ظهرت «مشكلة»، يحتاج حلها إلى تشريع جديد، أو تعديل قانون أو إلغاء قرار، أو حتى تغيير بند من بنود الدستور.. يبدأ «المفكرون» و«الكتاب» و«المثقفون» فى طرح «المشكلة»، وتشخيصها ليبدأ حوار موسع بكل وسائل الإعلام، ليصبح النقاش، والحوار مفتوحا لكل الآراء، قد يستغرق ساعات أو أياما أو حتى أسابيع ليصل فيها الرأى العام إلى قناعة بالمطلوب..

فإذا كان المطلوب هو تدخل السلطة التنفيذية أو حتى رئيس الدولة، فليس أمامه سوى التدخل احتراما للرأى العام، وإذا احتاج الأمر إلى قانون يتقدم نواب الشعب بـ«اقتراح» يناقشه المجلس التشريعى «ليقره» دون تأخير فليس عندهم «سيد قراره»، ولا «رئيس مجلس ينتظر تعليمات»، ولا «رئيس ديوان يضرب تليفون»، ولا «محتكر» يعشيهم فى فندق خمس نجوم لتستحى العين، وبإشارة من إصبعه تنحنى رؤوسهم، يمين - يمين.. شمال - شمال!!

انظر إلى ما حدث بالأمس فى أوروبا لمواجهة الأزمة المالية العالمية.. كانت «الشفافية» و«الإفصاح» وحرية «تداول المعلومات» هى التى كشفت حجم الأزمة بسرعة وبالأرقام المدققة خلال ساعات، وعلى الفور اجتمع «ساركوزي» كرئيس للاتحاد الأوروبى بالمتخصصين فى فرنسا أولا، ثم برؤساء الدول الأوروبية،

وظلت اجتماعاته فى الأيام الأولى حتى مطلع الفجر ليتعرف على الحجم الحقيقى للكارثة، ومثله فعلت باقى الدول المتحضرة من اليابان شرقا مرورا بالهند، وحتى دبى وإلى أستراليا.. الكل كان ومازال وسيظل مشغولا، بل مهموما حتى زوال الكارثة المقدر لها ١٢ شهرا من الآن!!

فى «أوروبا»، التى تكره شعوبها الرأسمالية الأمريكية المتوحشة، والتى أفرزت هذه الكارثة، واجهوا «الكارثة» التى كان يمكن أن «تشعل» حربا عالمية ثالثة بإجراءات سريعة وحاسمة وشجاعة كالتالى:

١- اتفقوا على ضخ فورى لـ٤٦٠ مليار يورو فى ألمانيا، و٣٨٠ مليارا بفرنسا، وهكذا فى كل دولة، وكل ذلك تم فى أيام معدودة دون تأخير أو مماطلة أو تردد.

٢- قررت الدولة أن تضمن بنفسها ودائع الناس بالبنوك بحد أدنى، حتى لا يحدث هلع يجهض الإجراء السابق.

٣- ضخت كل دولة عدة مليارات (فرنسا ٥٢ مليار يورو) لمساعدة المشروعات الصغيرة لدعم الشباب، وتشجيع المبتدئين لخلق فرص عمل، ولزيادة الإنتاج، وتجويد التصدير.

٤- إزالة أى قيود تعطل أو تؤخر ظهور مشروعات جديدة

٥- يجرى الآن «حوار» جاد حول النظرية الرأسمالية لإعادة النظر فى بعض الأسس، والمبادئ التى قامت عليها، أو تحكمها، وكيفية الرقابة الصارمة على آلياتها، ولم يعد الناس يتحدثون عن اقتصاد حر، وإنما عن السوق الحرة وإلى أى حد يجب أن يمتد دور الدولة، ودور المجتمع المدنى كرقيب فاعل وصاحب مصلحة.

صعبان على «ساركوزي» يا عينى خاسس النص، و«ّعجز» عشر سنين بسبب هذه «الكارثة» فهو لا ينام، يطلع من اجتماع إلى ندوة إلى لقاء رسمى إلى مؤتمر دولى.. ليل - نهار رايح جاى.. (مفيش حفلة كده، ولا سهرة حلوة، ولا استعراض غنائى)، ولهذا أقترح على السفير الفرنسى بالقاهرة أن يدعوه على حسابنا كجالية للترويح عنه والتخفيف عليه، والراجل كتر خيره، عمل اللى عليه ولم يتوان لحظة،

ولم يضيع دقيقة فى مواجهة الأزمة، ولهذا استحق أن نرفع له القبعة (على فكرة هذا ليس نفاقا لساركوزى، لأن النفاق هناك ليس له ثمن ولا معنى حتى لا يذهب البعض إلى بعيد..) ولكنى أردت أن أقول لكم كيف يواجهون الأزمات والمشاكل أولا بأول حتى لو كانت بسيطة!!

أتذكر من ٢٠ سنة حدثت مشكلة لإحدى «القطط» الضالة والتى تعرضت لـ«حريق» بإحدى ناطحات السحاب، التى لم يكتمل بناؤها بعد، وخرحت القطة إلى «البلكونة» تستنجد،

وتأخرت سيارات النجدة لإنقاذها، فماتت القطة المسكينة بعد أن أمسكت بها النيران وقفزت فى الهواء ليبكى عليها المشاهدون.. وترفع إحدى الجمعيات الأهلية قضية على وزارة الداخلية لمحاكمة المسؤولين وتعويض مالى ٢٠ مليون فرنك، وخسرت الجمعية القضية، بسبب قصور فى التشريع!!

وبعد أسبوعين من الحكم القضائى نظمت جمعيات الرفق بالحيوان، مع جمعيات حقوق الحيوان، مع جمعيات حماية البيئة، مع حزب الخضر، مظاهرات سدت الشانزليزيه، وجعلتها وسائل الإعلام قضية الساعة، وفى أقل من ٠٩ يوما كان هناك تشريع لتصبح القطط الضالة كالكلاب والحيوانات فى حماية الدولة، مثلها مثل الإنسان تماما!!

أسمعك تمصمص شفاهك، وبتتريق، وتقول: «يا عم دى ناس فاضية».. والحقيقة أنهم مشغولون أكثر منا ألف مرة، ولكن هناك من يسمع لهم ومن يجيب عليهم.. أما هنا فودن من طين وأخرى من عجين!!

«فلنا حق النباح.. ولهم حق الاستمتاع».

Sunday, October 19, 2008

كلام الدكتور نظيف!

بقلم خيري رمضان

استعرض الدكتور أحمد نظيف، رئيس الوزراء، في حواره مع أسرة تحرير «الأهرام» أمس, إنجازات حكومته، وقال إنها أكثر حكومة عملت من أجل المواطن العادي. ولم يستطع الدكتور نظيف تحديد لماذا هذا المواطن العادي غاضب من الحكومة، متشكك فيها، ورافض لها، علي الرغم مما فعلته من أجله.

لا أستطيع - ولا يجوز لنا - تحميل نظيف وحكومته أسباب كل ما نعاني منه، فهي أخطاء متراكمة تسببت فيها حكومات متعاقبة حكومات دول أخري كانت أكثر فقرا منا، مثل ماليزيا وإندونيسيا واليابان والصين، ونجحت في التعامل مع المتغيرات العالمية علي مدي الـ٢٥ عاما الماضية، وقفزت ببلادها إلي المقدمة.

الدكتور نظيف يطرح أفكارا عظيمة، ولكنه في كل جملة يكشف عن صعوبة تحقيق هذه الأفكار، فعندما يتحدث عن تطوير التعليم والنقل يربط هذا التطوير بـ«نحتاج إلي مساعدتكم حتي نحرره»، وعندما يكون الكلام عن المحافظين وصلاحياتهم ومقدرة كل واحد علي توفير الموارد بطريقته، يضع المشكلة الحقيقية في المحليات: «وأنتم أدري بموضوع المحليات».

وعندما تسأل «الأهرام»، رئيس الوزراء، عن وصف الناس لحكومته بأنها «حكومة رجال أعمال»، وعن علاقة السلطة بالمال، يرد الدكتور نظيف بأنه «سألت نفسي عند تشكيل الحكومة ما هي الضوابط؟ الضابط الأول أن من يلتحق بالحكومة ينسي خالص نشاطه الخاص، الضابط الثاني أنه يعين وصيا علي مصالحه يديرها، ولابد أن يكون معروفاً لنا اسمه حتي نمنع التلاعب.. ومن لديه معلومات مختلفة يقول ».

وهذه الإجابة يا دكتور نظيف لن تقنعنا، ولن نصدق أن وزيرا من هؤلاء عين شقيقه وصيا علي شركات تابعة لوزارته، ولن يمد له يده بالمعلومات، ولن يحذره من قرارات ستتخذ قد تضر بوضع شركاته المادي، ولن يبخل عليه بمعلومات قد تدر عليه المليارات قبل غيره،

إنها طبيعة إنسانية، وكنا نتمني علي رئيس الوزراء، أن يعلن لنا رأسمال شركات الوزراء قبل انضمامهم للوزارة، وإلي ماذا صارت بعد الوزارة، ويفسر لنا أيضا سر التكتلات الاقتصادية التي حدثت بين شركات هؤلاء الوزراء، أم أنها أفكار الأوصياء الخالصة دون أي تدخل من الوزراء؟

ولعل رئيس الوزراء يلتفت إلي خطورة هذا الوضع، إذا لم يكن ملتفتا، اقتصاد مصر الآن في يد ١٠ أفراد، أغلبهم في وزارته، والباقي في الحزب الوطني وأمانة سياساته، فهل هي مصادفة هذا التزاوج الغريب والمستفز بين السلطة والمال؟

لقد أجلت النيابة العامة القبض علي هشام طلعت مصطفي - عضو أمانة السياسات - أياما، حتي يتم توفيق الأوضاع، وحماية البورصة من الانهيار، وإنقاذ مشروعات استثمارية دعمتها الحكومة حماية لمليارات دفعها مواطنون.. فماذا سيحدث إذا اكتشفنا فساد بعض الوزراء أو المسؤولين، الذين تمثل شركاتهم، أو بتعبير أدق إمبراطورياتهم الاقتصادية، عصب الاقتصاد المصري ورأسماله، هل ستنهار كل خططكم للمستقبل؟

ومن وقتها سيدفع الثمن؟ لقد فعلها من قبلك رؤساء حكومات وهبطوا بالبلد إلي الجحيم، وهم يرفلون في النعيم، والمواطن «الغلبان» هو الذي يدفع الثمن.

الدكتور نظيف، قلت في حوارك: «نحتاج إلي مصالحة مع أنفسنا» وأقول لك إننا نحتاج أولا إلي مصارحة، وبعدها عليكم أن تسعوا كحكومة إلي مصالحة هذا الشعب الذي لم يكن له رأي أبدا في اختياركم، ومع ذلك هو الذي يدفع دائما ثمن أخطائكم!!

للتحرش الجنسي.. أسباب أخري

قرأت في «المصري اليوم» موضوعاً من صفحتين عن التحرش الجنسي، ذكروا من الأسباب الكثير، ويبقي الكثير من الأسباب التي لم تذكر في هذا التحقيق المطول!!

هؤلاء الشباب نتاج بيوت متصدعة، مفككة الأوصال واهية، فهي أوهي من بيت العنكبوت، لم يعد اختيار الزوج والزوجة بمعيار القيم الأخلاقية، ولم يعد السؤال عن البيئة والوسط الذي نشأت فيه الفتاة وتربت بين جنباته، بل أصبح اختيار الزوجة علي أساس المستوي المادي لوالدها، وكذلك الخاطب أصبح المعيار الحديث هل عنده شقة جاهزة أم لا؟! ما مقدار المهر والشبكة.. والفرح في أي قاعة؟ شهر العسل في الساحل الشمالي ولا الجنوبي؟.

الإسلام وضع الأساس السليم لبناء الأسرة في قول سيدنا محمد (صلي الله عليه وسلم) «إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، وإلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير» ويقول في المرأة «تنكح المرأة لأربع، لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك» .

فإذا وضع الخاطب نصب عينيه أن أهم هذه المعايير هو معيار الدين، وأنه بقدر حرصه علي ذلك بقدر ما يكون استقراره وسعادة أسرته، كذلك خروج الأم للعمل وترك الأطفال بين الخدم المأجورين والشارع، وسفر الأب للعمل تاركاً مسؤولياته.. الشاب عند سن المراهقة يكون محتاجاً للأب الصديق.

وعند فقدان الأب يجد الشاب ضالته في رفاق السوء.. لما لا يكون في مصر نظام راتب كامل للأم المحتاجة للعمل لفترة محددة وتتفرغ فيها لرعاية أطفالها؟.. لا يوجد أي اهتمام ببناء الإنسان.

فطفل اليوم هو رجل الغد، ضعف الرواتب يجعل الأب يعمل صباحاً ومساء، فينفصل عن أسرته.. لا رعاية ولا قدوة أمام الشاب سوي القنوات الفضائية المربحة لأصحابها.. المدمرة للمجتمعات المؤثرة أكثر من تعاطي المخدرات!!