Thursday, September 11, 2008

تصريحات خايبة

بقلم خيري رمضان

تصريحات محافظ القاهرة عبدالعظيم وزير غير مسؤولة، غير معقولة، وغير مقبولة. المحافظ يقول «إن عملية تطوير المنطقة التي بدأت عام ١٩٩٣ كانت تسير في طريقها المرسوم، وبالفعل تم إخلاء منطقة الدويقة «التي وقع بها الحادث عن طريق الشرطة، إلا أن السكان لم يلتزموا وعادوا إليها».

السيد المحافظ بهذا الكلام لا يتحدث عن دولة، وإنما عن عزبة ليس لها صاحب، وكل من يرد أن يفعل شيئاً يفعله، فيما تبقي الحكومة بكل آلياتها ووسائل قمعها وقوانينها عاجزة ومسكينة، ولم يقل لنا المحافظ أي عملية تطوير تلك التي كانت تسير في طريقها المرسوم.

أي طريق هذا ـ يا محافظ العاصمة ـ يستغرق ١٥ عاماً؟ ولماذا عاد الناس إلي هذه المنطقة الخطرة العشوائية المهمشة؟ هل وفرت الحكومة لهم مكاناً آخر يليق بآدميتهم، فرفضوا وقالوا: «لا إحنا وش بهدلة»؟

دعونا من التصريحات «الخايبة» والمسكنات، لنعترف مرة واحدة بالأزمة، حتي يمكننا الوصول إلي حل فعلي لملايين المصريين، الذين يعيشون علي الهامش، في العشوائيات، ولنعترف بأن الحكومة لن تستطيع حل هذه المشكلة، التي لا تهدد فقط حياة البشر، ولكنها أيضاً تهدد مستقبل العاصمة، بثورة الغاضبين والعاطلين، والذين بلا مأوي أو خارج نطاق السيطرة، فهؤلاء سيقتاتون علي أمن المواطنين الأبرياء.

التجارب الأليمة أثبتت أنه لا توجد لدي الحكومة الذكية إحصائيات بأرقام المواطنين الذين يعيشون في العشوائيات ونوعيات الأعمال التي يقومون بها، لذا ومن الآن فلابد من توفير هذه الأرقام، بعدها توفر الدولة مجاناً قطع أراض صالحة للبناء في المحافظات المختلفة، وتطلب من رجال أعمالها الذين دللتهم كثيراً ومنحتهم فرص الاحتكار والأراضي المجانية أو بأسعار زهيدة، أن يقوموا ببناء عمارات بمواصفات خاصة تستوعب أعداد هؤلاء المواطنين، الذين يعيشون في أطراف العاصمة أو في قلبها،

وأثق كل الثقة أن أحدا من رجال الأعمال سيجرؤ علي الرفض، فمن يدفع الملايين لمزاجه الخاص، سيدفع حتي يضمن الامتيازات التي يحصل عليها والقرب من أصحاب القرار ودائرة السياسة، ولن تخسر الدولة، بل ستربح الكثير بدءاً من راحة البال واستغلال المناطق العشوائية التي سيتم إخلاؤها.

يجب أن يقف الأمر عند هذا الحد، بل يجب إنشاء مناطق صناعية وإنتاجية قريبة من هذه التجمعات للاستفادة من هذه القوي البشرية بعد تأهيلها لما نحن في حاجة إليه.

الحل ليس صعباً ولا مستحيلاً، ولكنه يحتاج إلي قرارات حاسمة وواضحة، ورغبة حقيقية في الإصلاح، بعيدا عن تصريحات الطوارئ التي نسمعها ولا نصدقها.

الشعب المصري يستحق حياة أفضل، وفقراؤه في حاجة إلي حكومة لها قلب، غير تلك الحكومات التي أنهكته وأهانته!

No comments: