Saturday, September 13, 2008

بابا نويل في الدويقة

بقلم حمدى رزق

في الدويقة كانت هناك ناس غلابة عايشين يوم بيوم، بياكلوا طقة بطقة، حامدين، شاكرين، كافيين خيرهم شرهم، بيحلموا تحت السفح بالصعود إلي القمر، ركبوا الدش ليشاهدوا العرايس الملونة فوق قمة الجبل، زارهم بابا نويل في الأحلام، طلبوا صعود الجبل، هذا ما لا يستطيعه بابا نويل، عاد كاسفا وهو حزين.

حسنا فعلها، يقولون في الدويقة إن الأستاذ جمال زارهم ليلاً، هذا ما يفعله بابا نويل عادة، جمال مبارك صار بابا نويل، يرتحل كثيرا، يحمل خُرجه علي ظهره، من «ننا» إلي «العصايد» مرورا بالدويقة، ينادي علي الأحلام المتأخرة.. يحققها، بابا نويل يحقق الأحلام الصغيرة، أحقا خُرج بابا نويل لا يسع الأحلام الكبيرة؟

في الأمثال يقولون «وادي وش الضيف»، باعتباره ضيفًا وحتمًا سيرحل ولن نراه ثانية، معلوم بابا نويل لا يزور بيتا واحدا مرتين، لا تكن ضيفا، ولا وشك وش الضيف، الدويقة تحتاج إلي زيارات أخري تبتعد عن الحزبية بمسافة وعن الرسمية بمسافات، زيارات ذات حس إنساني، ليس هناك أنسب من الدويقة ليصير للالتحام، الذي تقصد معني، للزيارة هدف، تكتسب الزيارة هنا حميمية وعاطفية تغيب عن كل الزيارات المخططة.

لا تلوي شيئا، لا تسمع لهرطقات خبراء البروباجندا، ولا تلتفت إلي تفكيسات كتبة الحكومة، لا تتأخر كثيرًا، تقدم بلا مقدمات، خذ الكتاب بقوة، طبطب، طيب الخواطر، احتضن.. عوض افتقاد الأب والأخ والابن، كان هناك في الدويقة صبيان وبنات، وعروسة وعريس، وأحلام خضراء، بأي ذنب قتلت، الصخور طاحت في القرية الآمنة كالأفيال الهائجة، سحقت كثيرًا من العشب.

في الدويقة ستجد هناك مصريين بسطاء، طبيعيين، ليسوا مصنوعين، غلابة، شايلين طين، رضوا بالهم والهم ما رضي بيهم، طلبوا الستر في الدنيا، تعرت أجسادهم في الكارثة، أشلاء بشر، لملم الأحزان، بلسم الجراح، عد الجروح يا ألم، لا تقف مكتوف الأيدي هكذا،

غبر نعليك، ابدأ بالدويقة، ها هي البداية، التي راوغتك طويلا، خذ من أموالهم، من أموال رجال أعمال أمانة السياسات، ابن الدويقة الجديدة فوق ربوة خضراء وينبوع ماء، جنب مدينتي، حقق حلم من عاشوا طويلا تحت السفح.

طالما انعقد عزمكم علي مداهمة الفقر في عقر داره ، وتطاردونه من الصعيد إلي بحري، الدويقة هي دار الفقر ودواره، الفقر هنا عشش وباض، صار الفقر انموذجا، الدويقة تجربة معملية فذة لقياس تفاعل الفقر في المجتمعات الفقرية، الفقر قلقل الصخور من فوق الجبل،

الدويقة فرصة لإطلاق مشروع قومي حقيقي، لتمكين سكان العشوائيات، وكما حاربوا الحفاء قديما فلتحارب العشوائيات، كيف ينام البعض منا خلف كومبوندز مشيدة ولحم المصريين مكشوف لذئاب الجبل.

الدويقة أقرب إليكم من حبل الوريد، أقرب من «ننا» في الصعيد، فركة كعب، عشر دقائق بسيارة مسرعة، ننا فقيرة، والعصايد محتاجة، لكن الدويقة منكوبة، غدر بها الجبل، النزول إلي الغلابة لا يرتهن بالتحركات الحزبية المخططة،

ولا وفق منحني خط الفقر المصري بتاع الدكتور عثمان، الهبوط إلي السفح لا يحتاج إلي دراسات حقلية وسيناريوهات معدة مسبقا، الفرصة تلوح كالومضة، من يلتقط الإشارة، واللبيب بالإشارة يفهم.

No comments: