Sunday, September 7, 2008

أزمة «السياسات»

بقلم خيري رمضان

لم نعهد الحزب الوطني أبدًا معترفًا بأخطائه أو خطاياه.. لم يعلن يومًا أنه أساء اختيار قياداته أو لم يصب في قراراته، أو فشل في سياساته.

مع كل أزمة تواجه الحزب الوطني الحاكم - ودعونا من حكاية الديمقراطي - نجده إما أن يتجاهلها تمامًا وكأنها غير موجودة، أو يخرج علينا بتبريرات ساذجة وخطط مستقبلية مبهرة،

دون أن يغفل الحديث عن الإنجازات وما تحقق في مجال الكباري والأنفاق والصرف الصحي، مهددًا ومتوعدًا أولئك الأوغاد، الذين يشوهون سمعة مصر، ويقتاتون علي شرفها في المساء عبر برامج الفضائيات والصحف السوداء.

أما إذا اضطر أحدهم للحديث عن الأزمات المتلاحقة التي يعيشها الشعب من البطالة حتي رغيف الخبز، وانقطاع المياه، واختفاء البنزين، وفوضي العبارات، وانقطاع الكهرباء، وحوادث الطرق و.. و..

فستسمع كلاما باهتاً بلا لون، ولكن برائحة كريهة، يدعوك إلي بث روح التفاؤل واغتيال نغمة التشاوم، حتي نري معا «مصر بتتقدم بينا»، وإن كان هذا القطار قد اختفي ويبدو أنه «تعطل بينا».

الحزب الوطني غير وجوهه، ولكنه لم يغير سياساته ولا خطابه، فلا يكفي أن نري جمال مبارك، أمين السياسات، وسط الفقراء حتي نصدق أن هناك تغييرًا حقيقيا.

الآن الحزب الوطني وتحديدًا أمانة سياساته تمر بأزمة قد تقتلع جذورها - أقصد الأمانة - إذ لم تلتفت إلي ما وضعت نفسها فيه وأساءت إلي هذا الوطن ومستقبله.

فالحزب وأمانته الأشهر، لم يقفا لحظة لتقييم تجربة رجال الأعمال، الذين لمعوا في أحضانه، فأتوا علي الأخضر واليابس، حصدوا كل الثمار ووضعوها في جيوبهم، ودفعوا بنا من أزمة إلي أزمة.. لم يضيفوا إلي السياسة، وأضافوا إلي أرصدتهم، ثم شوهونا وأفقدونا بقايا من ثقة لدينا في هذا الوطن.

كلهم خرجوا من جلباب أمانة السياسات، ترعرعوا في ظلها.. لم نكن نسمع سوي عن أعمالهم، حتي دخلوا الأمانة، ومنها إما هربوا إلي الخارج أو دخلوا السجون.. قتلة بصيغ مختلفة، تجار دماء فاسدة بمستلزماتها محتكرون.. فماذا جنت منهم مصر وماذا حققت بهم أمانة السياسات والحزب الوطني الحاكم؟

لا شيء، سوي الفضائح والعار، أصبحنا نكتة تروي عبر رسائل «الموبايل» في العالم العربي: «الأميرة ديانا وذكري استقبلتا سوزان تميم في الآخرة وقالتا لها: (مش قلنا بلاش رجال أعمال مصريين!)».

أليس ما حدث يستحق من أمين السياسات ومن حوله إعادة تقييم تجربة إقحام أصحاب الثروة علي عالم السياسة وكراسي السلطة؟

هل ما حدث وما سيحدث لا يستحق أن يعترف الحزب وقياداته بسوء السياسات وإعلان خطط بديلة وواضحة لإصلاحها، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اقتصاد بلد، أصبح في يد ما لا يزيد علي عشرة أشخاص من قيادات الحزب والحكومة؟ أم أنه لا جدوي لأنهم يسعون إلي الخراب الذي يطرق الأبواب بعنف؟

No comments: