Tuesday, April 8, 2008

مصري فقير.. مصري غني؟!

بقلم : يوسف القعيد


يحيرني الواقع المصري لدرجة عدم الفهم. يتوقف العقل. أعجز عن ربط المسببات بالنتائج. وحال مصر تعدي قدرة كتاب الحكايات وصناع الدراما. أنظر لحال مصر فأصل إلي ما بعد الأسي.
أكتشف ان أربعة من رجال الأعمال يحتكرون مواد البناء في مصر. وأن أسعار الحديد والأسمنت ترتفع باستمرار. ثم نتكلم عن أزمة إسكان. ثم هل يمكن في مصر وأكثر من نصف سكانها يعيشون تحت خط الفقر.
أن نكتشف أن عشرة أفراد يمتلكون 300 مليار دولار. وان رجل أعمال واحد ربحه السنوي 7 مليارات جنيه، وديون البنوك عليه 7 مليارات جنيه، ثمة فارق بين قيمة الدين، والرغبة في السداد. وهي غير القدرة عليه.
شاب صغير في الثانية والثلاثين من عمره، إبن مسؤول سابق، تزوج مؤخراً، إبنة رجل أعمال شهير، فاتورة حفل الزفاف 12 مليون جنيه، تحملها الشاب كاملة. فكيف يجري هذا في بلد طوابير الخبز؟ وهل هناك استفزاز أكثر؟ هذا بعض ما يمكن معرفته من أخبار الناس اللي فوق . نختمها بابن الوزير. الذي كنا نقول عنه فقيراً كان الوزير من قيادات حزب التجمع. وكان مشهوراً فقره المالي ثم أصبح وزيراً.
ونحن نشيد بيده النظيفة. ولكن الوزير الذي منحناه لقب المديونير من باب التعظيم. إذ بابنه يتورط في قضية توظيف أموال، صحيح أنه ليس متهما، ولكن ابن الوزير كان السبب في إقدام الناس علي وضع أموالهم لدي النصاب، في مصر مثل جديد يقول: النصاب بخير ما دام الطماع موجود . لا تقل توظيف أموال ولكن قل طمع إنساني . أن بعض الناس لا يقنعون بعائد البنوك المتدني. فيلجأون لتوظيف الأموال التي ابتلينا بها في السبعينيات.
عندما قال الريان أنه قادر أن يعطي عائد 50% من أصل المبلغ سنوياً ويومها قلت أن من يكسب 50% لابد وأن يمارس نشاطاً ممنوعاً: تجارة السلاح، أو المخدرات. أو الدعارة. إن ضحايا الريان مازالوا ماثلين في الأذهان.
وكنت اتصور أن المجتمع المصري حدثت له مناعة ضد توظيف الأموال. ولكن الظاهرة عادت مؤخراً. كلاهما مدان. من يدفع الأموال بتأثير الطمع الإنساني. ومن يأخذها تحت وهم قدرته علي استثمارها أفضل من الآخرين.
لا نشعر بالشفقة علي أصحاب الأموال. فبعد هروب نصاب مدينة نصر صديق ابن الوزير الغلبان لأمريكا. قام مواطن مصري. كان قد أودع 5 ملايين جنيه لتوظيفها. لا تتعجب من كون إنسان لديه 5 ملايين جنيه يبحث عن وسيلة لاستثمارها. لأنه لو أنفق منها مباشرة لقضي عمره. وأعمار أبنائه. وأحفاده. والمبلغ يكفي.
ولكنه الطمع.
صاحب هذا المبلغ سافر أمريكا. وراء النصاب الهارب لمقابلة وزيرة الخارجية حتي لا تعطي الشاب الهارب حق اللجوء الديني لأنه مضطهد في مصر. مع العلم أن الشاب اسمه: إسلام. وصاحب ال 5 ملايين جنيه ينزل في فندق بالقرب من المنزل الذي يسكن فيه الهارب من مصر.
في مواجهة حكايات الناس اللي فوق. تعالي ننظر في حكايات الناس اللي تحت لنعرف إلي أي مدي وصلت الأحوال في بر مصر.
في الأقصر خطف مواطن مصري كيلو لحم من الجزار وجري به. وجرت الناس وراءه وهي تردد العبارة المحفوظة: إمسك حرامي. لكنهم ذهلوا عندما جري لمركز البوليس. دخل وسلم كيلو اللحم للضابط النوبتجي. طلب كرجاء أخير له أن يوصل الكيلو لزوجته وأولاده. ثم يلقي القبض عليه بتهمة خطفه. المهم أن يصل اللحم إلي أسرته الجائعة. فهل رأت مصر مثل هذه الأمور في المجاعات التي سبق أن مرت بها من قبل؟.
العيش مشكلة المشاكل. رئيس الوزراء أعلن عن مدي زمني لحل المشكلة. ولكن وزير الحكم المحلي أعلن عن تاريخ مختلف. فاحتار الناس ايهما يصدقون؟ لكن رئيس الوزراء عندما كان في زيارة خاصة في الأقصر. وارتدي الملابس الكاجوال وقاد السيارة بنفسه. بجواره الدكتور سمير فرج رئيس المدينة. وبدا علي رئيس الوزراء أنه فوجئ بوجود مواطن يمشي وبيده أرغفة من العيش الطباقي الفاخر الأبيض. أوقف رئيس الوزراء سيارته.
الذي كان من المفروض أنه في جولة مفاجئة. ولكن اتضح وجود مصورين من التليفزيون الرسمي طبعاً ومن الصحف القومية طبعاً واضح أن الصورة مصنوعة. لأن مواكب المسؤولين - حتي لو كان المسؤول وزيراً - يمنع أي مواطن من الاقتراب منها. وإن اقترب يدفع ثمن الاقتراب من حياته ومستقبله وأمنه واستقراره.
لكن أزمة الخبز وصلت لزراعة القمح. فبعد اتضاح وجود غرباء يشترون سنابل القمح التي لم تنضج بعد من الريف. لصناعة الأدوية ومواد التجميل. لكن الهدف تجويع مصر في الموسم القادم. لكن تعال نري الحلول المطروحة.
وزير الزراعة قال أن الحل تأجير 2 مليون فدان في السودان. لزراعتها قمحاً. ومسؤول آخر اقترح تأجير نصف مليون فدان في كندا لزراعتها قمحاً. "علي فكرة" كندا لا تعرف وحدة الفدان في قياس الأراضي لزراعتها. وأصحاب حلول اليائسين لم يحسبوا سعر نقل القمح سواء من السودان. أو من كندا.
وهم لا يعرفون أن الأراضي المصرية صالحة للاكتفاء الذاتي من القمح. وأن الوزير الذي أعلن عن خطة طموح لاكتفاء مصر الذاتي من القمح. وهو المهندس أحمد الليثي. وأنا أعرفه منذ أن كان محافظاً للبحيرة. هذا الوزير دفع ثمن كلامه. وأبعد عن منصبه دون مبررات واضحة حتي الآن.

No comments: