Sunday, April 13, 2008

ثروات الفرصة

بقلم سليمان جودة

ما هو الفرق بين ثروة بيل جيتس، ثالث أغنياء العالم - علي سبيل المثال - وبين الثروات المتشابهة في مصر؟!
بيل جيتس، بدأ من الصفر، ولم يكمل تعليمه، وإن كان قد عاد إلي مقاعد الدراسة، فيما بعد، ليتخرج في هارفارد، أعلي جامعات العالم، من حيث مستوي التعليم فيها.. وكان جيتس، منذ بداية حياته، يريد أن تكون عنده ثروة، ولكنه كان مدركًا أن هذه الثروة لا يمكن أن تأتي عن طريق الصدفة، ولا عن اختطاف أي فرصة، قد تلوح من بعيد.. الثروة،
في تقديره، وكما تشير مسيرة حياته، لها طريق واحد صحيح، هو العمل، ثم الاختراع، والابتكار، وإضافة الجديد إلي اقتصاد البلد.. ثروته، التي تتجاوز الـ ٦٠ مليار دولار، جاءته بعد أن اختار مجال البرمجيات والكمبيوتر، وقرر أن يتفوق فيه، وأن تكون شركة مايكروسوفت، التي أسسها، ثم أدارها،
وجعل منها أكبر شركة من نوعها علي الأرض، هي التي تتراكم فيها فلوسه، يومًا بعد يوم، وخطوة بعد خطوة.. وقد كانت هذه الثروة الطائلة، ثم السمعة التي اكتسبها الرجل، وحققتها الشركة دوليا، هما الجائزة التي لابد أن تكون بمثابة المكافأة له، علي أسلوبه في الحياة، وعلي طريقته في التفكير، وفي تكوين الثروة.. تمامًا كما يصمم الدكتور أحمد زويل، علي أن يضيف،
ويطوِّر، ويجدد، في ميدان تخصصه، فتكون نوبل هي الجائزة.. وتمامًا أيضًا، كما اخترع «فورد» سيارته الشهيرة، واخترع غيره أشياء أخري، فكانت هناك «إضافات» للبلد، ثم للبشرية، في صورة اختراعات، وخدمات، تقابلها «ثروات».
عندنا، الموضوع مختلف.. فهذا قد حقق مليارًا، لأنه كان سمسارًا في صفقة شهيرة.. وذاك قد حقق ثروة طائلة، لأنه اقتنص قطعة شاسعة من أراضي الدولة!!
وثالث قد حقق ما يفوق المليار، في فرصة، أو شركة حكومية، عرف كيف يختطفها من غيره، وأن يصارع عليها، حتي يفوز بها، ورابع.. وخامس.. وسادس.. إلي آخر القائمة التي نعرفها، ونحفظ أسماء فيها، ونري كيف ولاتزال تتضخم الثروة، ليس من وراء عمل، وإنتاج حقيقي، وابتكار في اقتصاد البلد،
وإضافة إليه، من خلال تطوير دائم، وتجديد مستمر، وخلق لا ينقطع، كما فعل بيل جيتس وغيره، من أصحاب مثل هذه الثروات، علي امتداد الكون.. وإنما حصيلة سمسرة، واستغلال فرص التحول في الدولة، من اقتصاد إلي اقتصاد آخر..
ليس عيبًا، بالطبع، أن تكون لدي أي شخص ثروة، بأي حجم، مادام مصدرها مشروعًا، ولا شبهة فيه.. ولكن المشكلة أن الناس يراقبون ما يجري، ويعرفون أن تكوين هذه الثروات من لوازم فترات التحول، من اقتصاد يسيطر عليه القطاع العام والحكومة، إلي اقتصاد تكون القيادة فيه للقطاع الخاص..
وهو تحول، في ظن ملايين المواطنين، لابد أن تكون له ثمار في آخر المطاف.. ثمار علي الجانبين: جانب يخص بعض الذين يتعايشون مع فترة التحول، ويعرفون جيدًا، كيف يخرجون منها، بأوفر نصيب.. ثم جانب يخص الناس، في عمومهم، وفي قواعدهم العريضة، الذين ينتظرون في الآخر، أن يكون لكل ذلك عائد عليهم، في النهاية، متمثلاً في أن ينجح التحول، وأن يتم، وألا يتعثر!
وقد أصبحت المشكلة مشكلتين: مرة لأن الثروات، من هذا النوع، تتكون بأرقام يسمع عنها المواطن العادي وهو لا يكاد يصدق ما يسمعه، ومرة أخري، لأن التحول لا يتم!!
.. لماذا؟! لأنه يتطلب قرارات شجاعة، لا نملكها، وإذا فكرنا يومًا في أن نتخذها، اصطدمنا بكابوس مظاهرات ٧٧، وبقينا علي حالنا، ثم بقي التحول في اتجاه واحد، يتجسد في مدينين، ومغامرين، يتحولون إلي أصحاب ثروات بلا حدود، ثم أصحاب أدوار في الحياة السياسية لا سند لها إلا الثروة التي تحققت بهذه الطريقة!!

No comments: