Friday, April 4, 2008

جمال مبارك.. شاهد شايف كل حاجة

بقلم صبرى غنيم

طالما أن جمال مبارك بدأ يخرج إلي الناس في شكل لقاءات شعبية تحت مظلة مساندة أعضاء الحزب الوطني في ترشيحات الانتخابات المحلية.. وطالما أن الصحف القومية بدأت تفرد له نفس المساحات التي تفردها في لقاءات الرئيس مبارك بنفس الاهتمام في نشر صوره علي صدر الصفحات الأولي مع إبراز عناوين هذه اللقاءات في مانشيتات ضخمة..
أعتقد بعد كل هذا أننا لم نعد في حاجة إلي تفسير عمن هو الرئيس القادم.. فالصورة الآن أصبحت واضحة، خاصة بعد أن يقوم تليفزيون الدولة بإذاعة تسجيلات حية لهذه اللقاءات، التي كشفت عن أن «جمال» شاهد شايف كل حاجة.. شايف طوابير العيش، وكيف يتقاتل الناس مع بعضهم في محاولة الحصول علي رغيف. شايف هوجة الغلاء وارتفاع الأسعار.. شايف الناس مخنوقة إزاي.
لقد أسعدني أن أقرأ تحليلاً سياسياً رائعاً خالياً من التزويق وعبارات النفاق، بقلم الزميل الأستاذ ممتاز القط في أخبار اليوم شدني إلي متابعة حوار «جمال» مع البسطاء في أسيوط، عندما وقعت عيناي علي أحد المزارعين، وهو يقول لجمال.. «الضرايب العقارية ناوية تخرب بيوتنا.. بيقولوا حياخدوا ضرائب علي الأرض الزراعية.. إحنا مش ناقصين يا بيه.. كفاية أسعار السماد اللي اكتوينا بيها».
ويرد «جمال» بصوت ابن يتحدث مع والده.. أنا معاك يا عمي الحاج.. معاك في كل حاجة قلتها.. لكن بلاش نصدق الشائعات.. مفيش حد قال إن الضرائب العقارية هتكون علي الأرض الزراعية.
هذه رؤية ابن الرئيس.. لأنه شايف كل حاجة باعتباره يعيش بالقرب من القاعدة الشعبية يشعر بآلامهم ويحس بنبضهم.. لكن لا أعرف لماذا يتجنب الحديث عن حديد التسليح الذي أصبح يهدد صناعة المقاولات في مصر، هل لأن أمين التنظيم في الحزب الوطني هو المحتكر للحديد.. أم لأنه صديقه الشخصي، ولا يحب أن يتناوله في خطاب جماهيري؟
«جمال» يعرف جيداً أن عدداً من شركات المقاولات في مصر مهدد بالتوقف عن العمل، بسبب ارتفاع مواد البناء.. وأن الوزير رشيد محمد رشيد أوقف تصدير الأسمنت، حتي لا تفلت الأمور من يده بعد انفلات التجار، وعدم تأثرهم برسم الاحتكار.. كلمة حق الوزير رشيد يبذل قصاري جهده، لتثبيت الأسعار..
ولا أعرف لماذا لم نسمع أن «جمال» باعتباره الأمين العام المساعد للحزب وأمين لجنة السياسات ناقش هذه القضية، رغم أنها قضية ليست عادية ولا تحتمل التجاهل.. فأسعار الشقق في مصر أصبحت ناراً.. وشبان من جيل «جمال» في ورطة، بسبب ارتفاع أسعار التمليك أو الإيجارات، حتي إسكان الشباب مهما أعلنت الحكومة عن دعم، فهو أيضاً يدخل مرحلة متعثرة، بسبب ارتفاع مواد البناء.
.. جمال.. شايف مشكلة الحديد.. وشايف مشكلة الأسمنت.. وشايف كل شيء ومع ذلك لم يفعل شيئاً!
الذي أعرفه أن أمانة السياسات في الحزب الحاكم هي التي تضع الاستراتيجية لنظام الحكم في البلاد.. وهي التي تسقط القوانين المشبوهة والأوامر العسكرية التي كانت سلاحاً لرئيس الوزراء عندما يفشل في تطبيق قانون.. معني هذا الكلام أن أمانة السياسات تستطيع أن تضع حلولاً كثيرة.
منها علي سبيل المثال.. إعفاء حديد التسليح من حصة الحكومة في الضرائب، طالما أن الأسعار هي أسعار عالمية.. فأوروبا لا تطالبنا بأن نبيع الحديد بنفس السعر الذي يباع فيها.. ولكن عندما تتوحد أسعار الخامات المستوردة.. تستطيع الحكومة أن تساهم في المكونات المصرية التي تدخل في صناعة الحديد.. وربما يكون محتكره مظلوماً والحق معه.. وأن الارتفاع الجنوني في أسعاره ليس بيده لكن من يعرف.. ومن يقتنع؟!
إن سكوت «جمال» وعدم تناول هذه القضية ضمن القضايا التي تشكل هموم عند الناس تطرح أكثر من سؤال.. لماذا السكوت عن حديد عز.. ولماذا لا تساهم الحكومة بمصانع جديدة للحديد؟ وبالمناسبة «عز» ليس وحده هو المعني بمجاملات الحزب له.. فهناك أثرياء فيه لم نسمع أنهم تفاعلوا مع هموم الناس واتحدوا في إقامة عمل خيري يخفف آلام محدود الدخل.
للأسف إن بعض هؤلاء الأثرياء صنعوا ثرواتهم بعد انضمامهم للحزب الوطني، وكانوا قريبين من «جمال».. وبعضهم انضموا وهم أثرياء بطبيعتهم مثل رشيد والمغربي ومنصور وخميس، فلم تزدد ثروتهم، حتي بعد انضمامهم، لأنهم أصلاً أثرياء أباً عن جد.
ولو طلب «جمال» من أجهزة النظام الاطلاع علي إقرارات الذمة المالية لكل عضو قريب منه.. سوف يري العجب والصيام في رجب.. كيف تحول أصحاب الملايين في ٦ سنوات إلي أصحاب المليارات.

No comments: