Friday, April 25, 2008

«طوروني»

ياسر الزيات

كلما قرأت كلمة «تطوير»، أو سمعتها، تحسست قلمي. أصبحت هذه الكلمة - بالنسبة لي - سيئة السمعة، لكثرة ما أساءت السلطات، علي اختلاف درجاتها، استخدامها. إذا قال لك رئيس تحرير إنه يريد أن يطور هذه الصفحة، فإنه يقصد أنه سيلغيها. وإذا قال لك مديرك إنه يريد أن يطور المصلحة، فإنه يقصد أنه سيقلص صلاحياتها. وإذا سمعت مسئولا يقول إنه يريد أن يطور هذا المبني، فافهم من ذلك - مباشرة - أنه يريد أن يهدمه.

لذلك، وضعت يدي علي قلبي، وتحسست قلمي، عندما قرأت كلمة «تطوير» في الانفراد الذي حققه الزميلان محمد مندور وابتسام تعلب في «البديل»، خلال اليومين الماضيين، حول خطة شركة ماسبيرو للتنمية العمرانية لـ «تطوير» أراضي منطقة ماسبيرو. وكل كلمة كتبها الزميلان، وكل مستند أبرزاه، أثبت لي أن سمعة «التطوير» ازدادت سوءا. ويكفي أن تقرأ جملة واحدة في الخطاب الذي أرسلته الشركة إلي مؤسسة دار المعارف الصحفية، لكي ينقبض قلبك، وتعرف أن وراء الكلمة سيئة السمعة، نوايا أكثر سوءا.

وتقول الشركة في خطابها إلي دار المعارف: «الرجاء تمكيننا من شراء جميع الأملاك الخاصة بالجهة رئاستكم، الواقعة بمنطقة ماسبيرو». لكن الجملة التالية هي الأكثر خطورة: «سيتم الاستحواذ علي أراضي منطقة ماسبيرو بالشراء المباشر، أو بأي طريقة أخري، لإعادة تنمية المنطقة حسب التخطيط العمراني المزمع إقامته».ولست في حاجة إلي التوقف كثيرا أمام عبارة «بالشراء المباشر، أو بأي طريقة أخري»، لتدرك ما فيها من «بلطجة قانونية»، ولتتأكد أن هناك «قوة سلطوية عظمي»، لا تنتظر رأي أحد، لتفعل ما تريد. وأيا ما كانت تلك «القوة الغامضة»، فإن ما تبين لي هو أن الشركة تستند أيضا إلي قانون - يبدو لي سيئ السمعة هو الآخر - وهو قانون حوافز الاستثمار، رقم 8 لسنة 79، الذي يمنح الشركات العاملة في ظله حريات وسلطات فوق أي قانون آخر. ووفقا لهذه «البلطجة القانونية»، تريد الشركة أن تنزع ملكية أراضي ماسبيرو مقابل ثلاثة آلاف جنيه فقط للمتر المربع، رغم أن أقل تقدير لسعر المتر المربع في هذه المنطقة هو 21 ألف جنيه.

والشركة تجند مسئولين في جهات مختلفة وأعضاء في مجلس الشعب، وستجند كتابا للدفاع عن تنفيذ مشروعها. والمشروع، في ذاته، لي فيه رأي آخر ربما أعود له غدا. وإذا لم أكتب، غدا، حول المشروع، فهذا يعني أنهم «طوروني»، أي «دفعوا لي».

No comments: