بقلم سليمان جودة
في حوارها مع الدكتور عبدالشكور شعلان، المدير التنفيذي بصندوق النقد الدولي، علي القناة الأولي مساء أمس الأول، سألته لميس الحديدي عن ثلاث أولويات، لابد أن تكون علي رأس أجندة الحكومة، فأجاب دون تردد: أولاً الاستثمار في التعليم، وثانياً الاستثمار في البنية التحتية كمياه الشرب وغيرها، وثالثاً تشجيع القطاع الخاص علي العمل وإغراؤه بالحوافز.. وقد سكت الدكتور شعلان لحظة، ثم عاد ليؤكد علي الأولوية الأولي، ويقول: «شعب غير متعلم، يستحيل - من واقع تجربتي - أن يحقق أي نمو في بلده، من أي نوع»!.
ثم عاد الرجل، مرة أخري، ليقول من مقره في واشنطن، إن «الدولة في مصر لا تستثمر في البشر كما ينبغي، وأن الإنفاق علي التعليم، بجميع، مراحله لايزال دون المستوي بكثير، ولا يجوز أبداً أن ينافسه شيء آخر»!.
وأمس الأول أيضاً، كتب غسان شربل، رئيس تحرير صحيفة «الحياة» اللندنية، أنه التقي الدكتور أحمد زويل بالمصادفة، داخل الطائرة، وأنه سأله سؤالاً واحداً ومباشراً عن السلاح الذي يمكن أن نخوض به معركة المستقبل؟!
رد الدكتور زويل في حزم وحسم: «التعليم والبحث العلمي، لا شيء غيرهما»!
وكان صاحب نوبل قادماً من ماليزيا، بعد أن شارك احتفاء البلد هناك بوداع الأمية نهائياً، وخفض معدل الفقر إلي نسبة غير مسبوقة!
وفي صحف الأمس، كان الدكتور يسري الجمل، وزير التربية والتعليم، يعلن أن ميزانية وزارته في العام المالي ٢٠٠٨/٢٠٠٩ انخفضت بمقدار مليار و٩٠٠ مليون جنيه!! وأنه طلب مليار جنيه لتغذية التلاميذ في المدارس، فلم توافق وزارة المالية إلا علي ٣٥٤ مليون جنيه، بما يعني - علي حد تعبير الوزير الجمل - أن ما لديه من ميزانية في هذا الشأن يكفي الطلاب لثلاثة أشهر، وما بعد ذلك، أجرهم علي الله!
وفي مجلس الشعب، كان الدكتور شريف عمر، رئيس لجنة التعليم، ينتقد، بعنف، خفض ميزانية التعليم بهذه النسبة المروعة، ويطالب بدعم التعليم بأي وسيلة، وأظن أن الحياء قد منع الدكتور عمر من التعبير عن رأيه بصراحة في معني هذا الخفض.
قبلها بأيام كانت الدولة نفسها قد وافقت علي رفع ميزانية وزارة الداخلية بمقدار مليار و١٨٠ مليون جنيه، ولا أحد طبعاً يكاد يجادل في دعم ميزانية الداخلية، فأعباؤها تزيد، ومن الطبيعي أن تتضاعف نفقاتها في دولة لا تحل أي شيء فيها سياسياً، وتفضل أن تُلقيه علي عاتق الأمن، بما يفوق طاقته، وبما يتجاوز طبائع الأمور!.
نسينا أن نقول إن الدولة قد قررت أيضاً خفض ميزانية محو الأمية في العام المالي المقبل من ٥٠ إلي عشرة ملايين جنيه!.
وحين تتجمع كل هذه الحقائق والأرقام بين أيدينا، ثم نسمع عن مؤتمر قومي للتعليم، سوف يفتتحه الرئيس مبارك في ١١ مايو المقبل، ونسمع أن المؤتمر سوف يناقش قضيتين علي وجه التحديد، هما: تطوير التعليم الثانوي، وتطوير سياسات القبول بالجامعات، فليس هناك تفسير لكل ما تقدم، مقارنة بالمؤتمر وموضوعه، إلا أننا نضحك علي أنفسنا علي مسمع من العالم!.
ليس هذا فقط، بل سوف يتأكد لك حين تتأمل هذا السياق علي بعضه، أن البلد - فعلاً - «بيتقدم بينا»!.
Wednesday, April 23, 2008
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment