سليمان جودة
فشل رئيس فنزويلا، هذا الأسبوع، في الحصول علي موافقة شعبه، علي أن يبقي في الحكم إلي عام ٢٠٥٠، كما حدد هو مسبقاً.. وحين أجري استفتاءً علي تعديل الدستور، بحيث يسمح له بأن يظل يحكم إلي هذا التاريخ، رفض الناس هناك، وقال ٥٠.٧% منهم «لا».. بينما قال ٤٩.٣% نعم.. فخسر الرئيس الرهان علي كرم مواطنيه.
وكان شافيز قد وصل إلي السلطة عام ٩٩، وحين جاء ليؤدي اليمين الدستورية في ذلك العام، فاجأ الجماهير بأن قال ما يلي: «أُقسم علي أن أحترم هذا الدستور الميت حتي يتم دفنه!!».
بعدها بعام واحد، أجري تعديلاً دستورياً، نص الدستور بمقتضاه علي أن يحكم الرئيس فترتين فقط، كل فترة ست سنوات، وهلل أبناء فنزويلا له، كما لم يهللوا لأحد من قبله، ولا بعده!
وتحول تهليلهم إلي فعل، حين أعادوه إلي قصر الرئاسة عام ٢٠٠٣، عندما أطاحت به المخابرات الأمريكية من فوق الكرسي في انقلاب شهير.. فقد خرج الناس في الشوارع وظلوا يتظاهرون ويهتفون بحياته، حتي عاد من جديد أكثر قوة!!
ولكن.. يبدو أن تدليل الجماهير له قد أفسده تماماً، وأن وقوفه مع كاسترو رئيس كوبا، ومعهما رئيس بوليفيا، في وجه الولايات المتحدة، جعل الغرور يركب الرجل، لدرجة أنه قرر أن يعيد تعديل الدستور مرة أخري، ولكن إلي الوراء، هذه المرة، وليس في اتجاه أن يقضي فترتيه وينصرف لحال سبيله.. كما يفعل أي رئيس في العالم، يحترم شعبه!
ولم ييأس الرئيس من نتيجة الاستفتاء، ووصفها بأنها شيء مؤقت، بما يعني أنه سوف يعاود الاستفتاء من جديد، حين يري أن الوقت مناسب!
وليس مهماً أن خمر السلطة قد لعب برأسه، وأفقده توازنه.. ولا المهم أنه يريد أن يكرر، في بلاده، تجربة «كاسترو» الذي يحكم في كوبا منذ نصف قرن، ولايزال يحكم من فوق سرير المرض من خلال شقيقه وذويه!!.. ولا المهم أن رئيس فنزويلا، يطيح يميناً وشمالاً هذه الأيام، فهو تارة يهدد بقطع صادرات بلاده من النفط عن الولايات المتحدة، رغبة في الكيد لبوش!!.. وتارة أخري يشتبك في معركة كلامية ساخنة مع ملك إسبانيا، خلال قمة انعقدت مؤخراً في تشيلي، ثم يتمادي، ويطالب الملك بأن يعتذر له، عما صدر منه في حقه خلال القمة، وإلا قطع العلاقات بين البلدين!!
كل ذلك ليس هو المهم.. فالأهم أن شافيز كان في إمكانه أن يستعين بهوانم البرلمان في القاهرة، اللائي استطعن تمرير تعديل الدستور المصري في نصف ساعة عام ١٩٨٠، بحيث يبقي الرئيس في منصبه إلي الأبد!
خاب أمل شافيز في هوانم فنزويلا.. وكانت هوانم مصر من أعضاء البرلمان، قادرات علي إنقاذه بصنعة لطافة!
طبعاً نقول هذا الكلام علي سبيل السخرية.
. أما الكلام الجد بصحيح، فهو أن هذا الواحد في المائة الذي أطاح بآمال شافيز في البقاء المفتوح، يمثل ٤٠٠ ألف صوت انتخابي تقريباً، وهذا العدد، تحديداً، الذي رجح الذين قالوا «لا» علي الذين قالوا «نعم»، هو الذي يستحق كل واحد فيه جائزة، لأنهم معاً، حددوا مستقبل بلد بكامله، وأنقذوه من الحكم الأبدي الذي يستنزف بطبيعته ثروة البلد..
هؤلاء هم الذين يؤكدون للعالم كله أن صوت المواطن ليست له قيمة عظمي فقط، وإنما يظل هو الحاسم، في رسم معالم مستقبل الوطن، وملامحه.. تماماً كما حدث ويحدث في المكسيك وتشيلي وغيرهما من بلاد أمريكا اللاتينية، حالياً.. هذا هو الصوت الذهبي حقاً، الذي يكبح جماح الرئيس، ويوقفه عند حده.. أما حين يبقي الرئيس حاكماً، بصوت وبغير صوت.. باستفتاء وبغير استفتاء.. فالصوت يفقد قيمته، وكذلك المواطن، يصبح بلا قيمة!!
Thursday, December 6, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment