بقلم د.صلاح الغزالى حرب
من منا لم يسمع بهذا السؤال التهكمي وهو يتردد علي ألسنة جميع المصريين علي اختلاف توجهاتهم وثقافاتهم في السنوات الأخيرة؟ وهو سؤال يعكس الحالة المتردية التي وصلها المجتمع في الآونة الأخيرة، والتي نعيش جميعاً ظواهرها ونعايشها باستسلام غريب ينبئ إما عن إحباط شديد وصل بنا إلي درجة اليأس التام، وإما عن وهم إمكانية الإصلاح بمعجزة من السماء وهو ما يتعارض كلية مع قوله سبحانه وتعالي: «إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم».
وسوف أسرد بعض ما تيسّر من أمثلة هذا التسيب وهذه الحالة من اللاحساب:
١- من يعلم من أبناء الشعب المصري حقيقة ما حدث ويحدث في مشروع توشكي الذي صرفت عليه الدولة من أموال هذا الشعب المليارات؟ وهل يجرؤ مسؤول في هذا البلد أن يعلن الحقائق الكاملة حول هذا المشروع؟
٢- هل يمكن أن نحاسب ذلك الذي قرر أن يبني ثم قرر أن يهدم جراج رمسيس بتكلفة حوالي أربعين مليوناً من الجنيهات من أموالنا.. نحن أبناء هذا الشعب؟
٣- من يمكنه في هذا البلد أن يحاسب السادة المحافظين وأعوانهم من رؤساء الأحياء والقري والمدن علي هذا التدهور غير المسبوق الذي آلت إليه مختلف المرافق والطرق في مصر، بحيث أصبحت القاهرة والجيزة علي سبيل المثال من أقذر مدن العالم وأكثرها تلوثاً علي أيدي هؤلاء المسؤولين؟
٤- من يحاسب المسؤول عن انتشار ظاهرة الحلول الذاتية للحصول علي الحقوق بعد أن أصبح اللجوء إلي القضاء والاحتكام إلي القانون في الكثير من الحالات يعني الدخول في نفق مظلم ما لم تكن هناك واسطة، أو محسوبية تساعد في الحصول علي الحق حتي وإن كان القضاء قد حسم الأمر؟ فقد اختفي القانون، وضاعت هيبته.
٥- من يمكنه محاسبة المسؤول عن إنفاق مئات الملايين علي المهزلة المسماة العلاج علي نفقة الدولة في نفس الوقت الذي تنفق فيه نفس الدولة مئات الملايين الأخري للعلاج علي نفقة الدولة أيضاً من خلال المستشفيات العامة والمراكز الصحية في المدن والقري؟ أليس هذا نوعاً من السفه وخداع الناس وتضليلهم؟
٦- من يمكنه أن يطالب بكشف حساب عن هذا الإنفاق المستفز وغير المبرر في هذه المهرجانات والمؤتمرات والحفلات المظهرية والسفريات في الوقت الذي يرزح فيه ما يقرب من نصف الشعب المصري تحت خط الفقر؟
وبعد.. إنني أؤمن بأن نظاماً لا يستطيع أن يسيطر علي الشارع وأن ينظم المرور، وأن يقضي علي التلوث لا يصح له أن يتحدث -مجرد الحديث- عن أحلام الدخول إلي العصر النووي.
كما أن نظاماً لا يمكنه أن يوفر لأبنائه الحد الأدني من المتطلبات الأساسية من التعليم والصحة والغذاء والأمن ليس جديراً لا بالاحترام ولا بالطاعة.
لقد أصبح الحساب والعقاب في مصر المحروسة مقصوراً فقط وبشدة علي من يحاول أن يمس أمن النظام وأصحابه.. أما ما عدا ذلك فهي الفوضي في أسوأ صورها وأشكالها.
ومع كل ذلك فإنني لم أفقد الأمل بعد.. بل إنني أشعر وبحق أن غداً لناظره قريب.
Monday, December 10, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment