Tuesday, December 11, 2007

وسائل النقل الجماعي لا السيارة

بقلم خالد عزب

منذ سنوات ووسائل الإعلام تكرس لدي المصريين أفضلية من يقود السيارة، حتي صار يدعي لدي الآخرين الباشا، صار حلم امتلاك السيارة يداعب خيال الجميع، لكن لم يدرك أحد أن السيارة لها سلبياتها، سواء البيئية أو الاقتصادية، أو حتي علي ازدحام المدن.
كم يبلغ قيمة ما تستورده مصر سنوياً من سيارات وقطع غيارها، لاشك أن هذه المبالغ تمثل كارثة علي الاقتصاد القومي، بل حتي علي التوازن بين مصر والعديد من الدول في مجال الاستيراد والتصدير، بل إن السيارة صارت رمزاً للأنانية لدي الكثيرين، وتسعي أسر كثيرة في مصر نحو امتلاك سيارة، نتيجة لكونها أداة النقل الوحيدة المتيسرة، والتي تتيح لها الحركة داخل المدينة أو بين المدن المصرية بسهولة ويسر.
لذا فقد باتت هناك حاجة ملحة، نحو رسم استراتيجية وطنية مصرية للنقل الجماعي، الذي يعد صديقاً للبيئة، داعماً لسياسة توفير الوقود علي المستوي الوطني، الذي كثيراً ما دعت الدولة إلي رفع الدعم عنه، لذا فأول خطوة يجب اتباعها في هذا المجال تبدأ من القاهرة بسرعة إنجاز عدد ٨ خطوط مترو، أي خمسة، بالإضافة إلي الخطين الحاليين والثالث القادم، وإتاحة مسارات تكون فيها الأفضلية لوسائل النقل الجماعي.
في أكسفورد، تري أستاذاً جامعياً له مكانته يذهب إلي عمله بدراجة هوائية. في مصر استخدام الدراجة كوسيلة انتقال، يعد عيباً اجتماعياً، ولتبديد هذا العيب يجب إلغاء تخصيص سيارات لمدراء العموم في الدولة، وهو ما سيوفر آلاف، بل ملايين الجنيهات، كما أن مدينة كالإسكندرية لاتزال بها وسائل النقل العام، دون المستوي، فالترام يجب أن تتحول خطوطه إلي القطار المحمول فائق السرعة ذي القضبان الممغنطة، وهو سيتيح اتساعاً أكبر لشوارع المدينة،
كما يجب الإسراع في خط المترو من أبوقير إلي محطة مصر، بدلاً من القطار المتهالك، كما أن خطوط الأتوبيسات لا تغطي المدينة بصورة ملحوظة، بل لم تحدث إضافات تذكر لها منذ سنوات، بل إنك تعجب حين تكتشف أنه لا توجد خطوط من جميع أنحاء المدينة إلي المجمع النظري، ومكتبة الإسكندرية في الشاطبي، حيث من المفترض أن حركة مليون ونصف المليون راكب يومياً من هذه المنطقة، تتطلب أن تكون بداية ونهاية أتوبيسات النقل العام بصورة مكثفة.
إن الاتجاه نحو استخدام وسائل النقل العام في كل أنحاء العالم، أمر يؤذن بتقلص دور السيارة كوسيلة انتقال، خاصة لكلفتها، سواء علي ميزانية أي أسرة أو حتي علي الدخل القومي لأي بلد، ونحن لسنا أكثر ثراءً في مصر من بريطانيا أو فرنسا أو إيطاليا أو ماليزيا، التي اتجهت لسياسات تشجيع النقل العام علي حساب السيارات الخاصة، فمتي تكون هناك في مصر سياسة استراتيجية تحترم الإنسان، وتشجعه علي استخدام وسائل نقل عام آدمية.. مريحة.. سريعة.. آمنة متنوعة.. منضبطة.. أحلم بيوم لا أقود فيه سيارتي وأقرأ كتاباً وأنا في طريقي للعمل.

No comments: