Thursday, December 6, 2007

خبطتان في الدماغ

محمود سلطان
خبطتان في الدماغ "توجع" كما يقول المثل، الأولى عندما تسلم حاكم موزمبيق السابق " يواكيم شيتسانو" جائزة "الحكم الرشيد" في احتفالية أقيمت في مكتبة الإسكندرية!الجائزة خصصها الملياردير السوداني " محمد فتحي إبراهيم" وقيمتها 5 ملايين دولار، تكون نصيبا لمن استوفى عددا من الشروط من الزعماء الأفارقة، وعلى رأسها "ترك الحكم طواعية"، بجانب شروط أخرى تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان ، وهي مواصفات وضعها أستاذ في "جامعة هارفارد" اسمه "البروف روبرت روتبرغ" حول الحكم الرشيد!

الحدث له دلالتان ، الأولى: مكانة مصر في "الريادة السياسية"، إذ سبقتها موزمبيق تلك الدولة المنسية في مجاهيل وغابات أفريقيا الوعرة .
الدلالة الثانية : أن رجل الأعمال السوداني يعمل في ذات المجال التي يعمل بها رجل الأعمال المصري نجيب ساويرس ، فهو مؤسس شركة "سيلتل انترناشيونال" للاتصالات.. لكن الفارق بينهما كبير، فالأول "أخذ" ولكن حاول أن "يعطي" من خلال هذه الجائزة التي تفوق جائزة "نوبل" (1,4 مليون دولار)، أملا في النهوض بالقارة السمراء، معتقدا أن "جائزته" تضع خيارات أخرى أمام القادة الأفارقة الذين يواجهون حاليا خيارات ثلاثة: إما الفقر وإما مد فترة الحكم وإما الفساد، فيما "أخذ" الثاني ولم يعط لبلده ما من شأنه حل مشكلة التعليم أو الصحة أو الفقر وخلافه.الخبطة: درس على المستويين : "السياسي" و"البزنس" .. فارق كبير بين الرئيس ورجل الأعمال عند الأفارقة، ونظيريهما في بلد العشر آلاف سنة حضارة!

الخبطة الثانية كانت "أوجع" .. وحدثت في "دولة الموز" وهي في وزن دول الهامش الأفريقي.. في فنزويلا.. ففي الأول من ديسمبر الجاري وقف الرئيس "هوغو شافيز" بين عشرات الآلاف من أنصاره قائلا لهم " إنني أريد أن أحكم حتى عام 2050" ! في إشارة إلى التعديلات الدستورية التي يقترحها وتتيح له أن يكون رئيسا لفنزويلا مدى الحياة! وتمايل طربا وهو يسمع صراخهم من حوله" شافيز نعم نعم.. شافيز إلى الأبد"!بعدها بيوم وأمام صناديق الاقتراع وجه الشعب الفنزويلي صفعه لرئيسه "المحبوب" بتصويته بـ"لا" .. شافيز الذي هاجم خصومه عشية الانتخابات ووصفهم بـ"الخونة" والعملاء لـ"الأمبراطورية الأمريكية"، تراجع وتقبل الهزيمة وهنأ وشكر من كانوا "خونة" و"عملاء" من قبل لأنهم "عبروا عن رأيهم بديمقراطية".خلف المشهد الفنزويلي كثير من التفاصيل المهمة التي لم يلتفت إليها الإعلام بشكل كاف، خاصة الدور الذي لعبه طلاب الجامعات ومنظمات حقوق الإنسان ورجال الأعمال وأحزاب المعارضة والكنيسة الكاثوليكية وحلفاء شافيز السابقين وزوجته السابقة.
الدرس الفنزويلي سهل وواضح ولا لبس فيه ، ولا يحتاج إلى دروس خصوصية ولا تلخيص مناهج ولا غش في الاختبارات ، ولا وسطات من عواصم صناعة القرار الدولي.. يحتاج فقط إلى همة "التلامذة" ورغبتهم الحقيقية في "النجاح" .

No comments: