بقلم د.درية شرف الدين
حلاوة شمسنا وهي تنتقل عبر كابلات تمر تحت سطح البحر المتوسط لتصل إلي معظم أنحاء القارة الأوروبية، أما كيف ستتولد تلك الطاقة الشمسية فالإجابة أنه سيتم بناء محطات عملاقة مزودة بمرايا ضخمة في المناطق الصحراوية المقابلة لشواطئ البحر المتوسط في مصر، وفي دول أفريقيا والشرق الأوسط تولد الطاقة الكهربائية التي يتم نقلها.. إلي أين؟ إلي دول أوروبا حيث تكفي سدس احتياجاتها من الطاقة. ومن سيقيم هذه المولدات؟ أوروبا بالطبع ومقدر لها أن تتكلف عشرة مليارات دولار أمريكي لعدد مائة مولد.
وأين نحن من هذه العملية؟ واضح أننا سنساهم فقط بالشمس، وهو مجهود يفوق الطاقة، وقد يحتاج الأمر إلي الحصول علي موافقتنا علي تأجير جزء من أراضينا أو بيعه، حيث إننا نفضل البيع حاليا، لإقامة المولدات ومد الكابلات حتي تنعم أوروبا بالدفء والحرارة والكهرباء وتستطيع تشغيل محطات تحلية المياه بكفاءة أكبر. ومن قرر ذلك؟ قررته دراسة علمية نشرتها صحيفة الأوبزرفر البريطانية، وأسندتها إلي الاتحاد الأوروبي الذي يبدو أنه درس وخطط وقرر وقدر التكلفة.
ولا غبار علي الذين يدرسون ويفكرون ويتطلعون إلي المستقبل حتي ولو كان ما يفكرون فيه يرتبط بشمسنا نحن، لكن السؤال هنا إذا كانت شمسنا بهذه الوفرة وبهذه القدرة فلم لا تكون لنا؟ وإذا كنا لا ننعم بوفرة البترول كدول الخليج، ومع اقتراب نفاد الغاز الذي يذهب إلي الأردن وإسرائيل وإسبانيا بتراب الفلوس، ولا نعتمد علي مصادر بديلة للطاقة، ومازلنا في طور التفكير في استخدام الطاقة النووية في الأغراض السلمية ونعلم- ومن زمان- أنه يمكننا أن نستغل الطاقة الشمسية المتوفرة لدينا ببلاش والتي تتجدد- بفضل الله- يوميا، وأن تكون مصدرا نظيفا وآمنا لإنتاج طاقة لا تنضب ولا تتناقص ولا تتكلف ما يتكلفه توفير الطاقة عن طريق وسائل أخري،
ولنتعلم من غيرنا الذين ساروا أشواطا طويلة في طريق إنشاء محطات الطاقة الشمسية، في استراليا مثلا أعلنت بلدة كلونكري في أقصي الشمال أنها ستتحول إلي استخدام الطاقة الشمسية بشكل كامل ولكل الأغراض خلال سنتين فقط، وأعلنت حكومة ولاية كونيز لاند التابعة لها البلدة أنها ستبني محطة طاقة شمسية بتكلفة ستة ملايين ونصف المليون دولار فقط وطاقتها ١٠ ميجاوات، وبالمحطة ثمانية آلاف مرآة تعكس ضوء الشمس علي قوالب من الجرافيت وستضخ المياه خلال القوالب لتوليد البخار بعد مغيب الشمس مما يسمح لموالدات الكهرباء بالعمل ليلا وفي الأيام القليلة الغائمة، وأن هذه المحطة ستنتج حوالي ٣٠ مليون كيلووات في الساعة من الكهرباء سنويا وهي قدرة تكفي لإمداد البلدة بأكملها بالطاقة.
وهذه تجربة حديثة وتعتمد علي تقنية مختلفة عن تجربة أوروبا التي تريد أن تنقل الطاقة المتولدة عن الشمس عبر البحر إلي دولها علي الجانب الآخر، أما تجربة المدينة الصغيرة في استراليا التي تشبه مدننا في مصري فهي- حسب الرواية الأسترالية- تكلف المدينة الواحدة ٦.٥ مليون دولار، أي ما لايزيد علي أربعين مليون جنيه وتوفر أمامها تكلفة الطاقة المستخدمة بالفعل أضعاف هذا المبلغ سنويا وستصبح المسألة بهذا الشكل مربحة، وموفرة، وتستحق التفكير والتدبير.
الشمس لدينا، ولدينا بوفرة نستحق عليها الحسد، فهي لا تكاد تغيب حتي في أشهر الشتاء المحدودة، فهل سنكتفي بالفرجة علي دول الاتحاد الأوروبي وهي تجمع أشعتها في محطات عملاقة تقيمها فوق أراضينا وتنقلها عبر البحر إليها ونهلل بأننا ندفئ أوروبا ونمد ماكيناتها ومصانعها بالطاقة وأراضيها بالمياه المحلاة؟ هل سنظل نهدر هذه الثروة التي تتجدد وتتبدد يوميا دون أن ننتبه إليها ونمسك بها بينما العالم الآن يتجه إلي استيرادها عبر البحار؟
أما آن الأوان أن نرقب العالم وما يجري فيه من تجارب تهدف إلي إيجاد مصادر نظيفة ورخيصة للطاقة حتي وصل الأمر إلي التفكير في استخراجها من الحبوب بما سيؤثر من جديد علي تكلفة استيراد الحبوب من جانب الدول التي لا تزرع القمح مثلا بكميات كافية وتلجأ إلي استيراده؟
الشمس شمسنا ولا مانع إطلاقا من بيع أشعتها إلي دول أوروبا المجاورة بشرط أن نقيم مولدات موازية أو محطات للطاقة الشمسية علي أرضنا يستخدم ناتجها في الصناعة والزراعة وفي الأغراض المنزلية تعوض ما ينقصنا من مصادر الطاقة وتجعل أسعارها في متناول الجميع ولا نكتفي فقط بموقف المتفرج.
Tuesday, December 11, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment