Monday, April 7, 2008

ماذا بعد أن أكل المصريون لحوم الحمير؟‮!‬

شهور عديدة،‮ ‬واللحوم تتدفق إلي البطون،‮ ‬بتلو وكندوز،‮ ‬سجق وحواوشي وشاورمة،‮ ‬كان الناس يتزاحمون وكان صاحب المجزر الشهير‮ ‬في شارع ناهيا ببولاق الدكرور لا يستطيع مواجهة الطلبات أو حتي الرد علي الهواتف التي تأتيه من المطاعم والفنادق المتوسطة والصغيرة‮. ‬بعد أن ذاع صيته في منطقة بولاق الدكرور،‮ ‬أصبح له اسمه في فنادق ومطاعم رمسيس والهرم والحسين والعمرانية والعجوزة،‮ ‬فالكل يقصد المعلم وصفي ساويرس الذي‮ ‬يقدم اللحوم المتميزة بأقل الأسعار‮.‬القصة بدأت بخديعة من جزار صغير يدعي‮ '...........' ‬سلخ حمارا نافقا،‮ ‬وقام بتقطيعه ورشه بالتوابل،‮ ‬وقام بوضعه في كارتونات صغيرة وباعه إلي محل المعلم وصفي بمبالغ‮ ‬صغيرة،‮ ‬الكيلو بخمسة جنيهات‮.
.‬رويدا‮ ‬رويدا‮ ‬اكتشف المعلم وصفي أصل الحكاية بعد أن اعترف له التاجر الآخر بأنه يقوم بجمع الحمير والكلاب النافقة،‮ ‬ويتولي سلخها وتقديمها علي الوجه الأكمل إليه‮.‬درس المعلم وصفي الأمر من كافة زواياه،‮ ‬سأل المستهلكين،‮ ‬إيه رأيكم في اللحمة،‮ ‬لم يسمع منهم سوي الدعاء له،‮ ‬انه نجح في توفير اللحوم المجمدة بأرخص الأسعار،‮ ‬وإنه نموذج لأصحاب الضمير الحي،‮ ‬الذين يتعاطفون مع الغلابة الذين لا يجدون قوت يومهم‮.‬كان المعلم وصفي يبيع كيلو اللحم بثمانية جنيهات،‮ ‬يا بلاش،‮ ‬لم يكن يبخل علي أحد،‮ ‬وكانت اللحوم دائما‮ ‬متوافرة لديه،‮ ‬رغم الطلب المستمر،‮ ‬ذلك أن الجزار الآخر لم يأل جهدا‮ ‬في تقديم كميات يومية هائلة من اللحوم إليه‮.‬اختفت الحمير من بولاق الدكرور ولاحظ المواطنون تراجع معدلات الكلاب الضالة التي كانوا يشاهدونها،‮ ‬غير أن الجزار اضطر للاستيراد من مناطق أخري مجاورة‮: ‬امبابة،‮ ‬بين السرايات،‮ ‬أرض اللواء،‮ ‬بل وزحف إلي الجيزة ونصر الدين والعمرانية مرورا‮ ‬بصفط اللبن وكرداسة وغيرها‮.‬ظل الحال علي ما هو عليه،‮ ‬رغيف الكفتة تراجع ثمنه من جنيه إلي خمسين قرشا،‮ ‬ورغيف الحواوشي اصبح بتراب الفلوس،‮ ‬أما محلات الشاورمة فقد انتشرت في العديد من الشوارع الرئيسية والمحيطة‮.‬كان الرجل يتأمل حال الناس ولهفتهم علي اللحوم خاصة المفرومة منها،‮ ‬ورويدا‮ ‬رويدا‮ ‬وجد نفسه وكأنه المنقذ لهم من الموت والجوع والانهيار‮.
.‬ظل علي هذا الحال فترات طويلة يأكل فيها الناس كل ما لذ وطاب من لحوم الحمير والكلاب،‮ ‬غير أن ثقة الجزار‮.. ‬في نفسه،‮ ‬دفعته إلي القيام بسلخ حمار علي ترعة عبدالعال في بولاق،‮ ‬شاهده أحد المواطنين،‮ ‬ارتاب في الأمر،‮ ‬أبلغ‮ ‬مباحث الجيزة التي قبضت علي الجزار قبل أن ينهي عملية السلخ والتقطيع‮.‬وعندما تم سؤاله قام علي الفور بالإرشاد عن محلات المعلم وصفي التي وجدت بها كميات هائلة من لحوم الحمير،‮ ‬معدة للبيع أو في طور التجهيز‮.‬وفي التحقيقات اعترف المعلم وصفي بالتفاصيل الكاملة،‮ ‬وقال‮: ‬لا تقولوا لي إن الناس لم تكن تعرف،‮ ‬هل هناك عاقل يصدق أن كيلو اللحم الطبيعي ب ‮٨ ‬جنيهات؟‮!‬لقد أراد أن يقول لنا إن الناس كانت تعرف أنها تأكل لحوما‮ ‬غير طبيعية،‮ ‬لكنها كانت تخدع نفسها،‮ ‬وتقول ربما كان المعلم وصفي قد نجح في أن يستورد لحوما‮ ‬رخيصة من الخارج‮ ‬المهم أن اللحوم طعمها لذيذ ورخيصة الثمن،‮ ‬هذا هو كل المراد‮!!‬وإذا كان ذلك هو حال أهلنا في بولاق،‮ ‬فما بالك بأصحاب المطاعم والفنادق في بعض المناطق الأخري،‮ ‬لقد قام الآخرون بالمهمة علي أكمل وجه،‮ ‬كانوا يعرفون أن هناك أمرا‮ ‬غير طبيعي،‮ ‬غير أنهم أخلوا أنفسهم من المسئولية وقرروا أن يقدموا الوجبات إلي الرواد والزبائن دون أن يسألوا أنفسهم كيف‮.. ‬ولماذا؟
‮ ‬في زمن الفاطميين وعندما اشتدت المجاعة في البلاد لجأ الناس إلي أكل لحوم الحمير والقطط والكلاب،‮ ‬بل والأخطر أن بعضهم قد لجأ إلي أكل لحوم البشر‮ ‬،‮ ‬فاحمدوا الله أن الأمر لايزال مقصورا‮ ‬علي لحوم الحيوانات‮!!‬إنها فضيحة بمعني الكلمة وهي ليست الفضيحة الأولي ولن تكون الأخيرة،‮ ‬فمنذ أيام كشف النقاب عن مغامرة صحفية قامت بها إحدي الزميلات في جريدة‮ (٤٢ ‬ساعة‮) ‬كشفت فيها عن جريمة سلخ الكلاب والحمير داخل مجزر رئيسي بالبساتين،‮ ‬فماذا كانت النتيجة؟ لقد اشتد الجوع بالناس وقابله من جانب آخر استغلال وغياب ضمير من بعض التجار،‮ ‬فأصبح المصري‮ ‬غير آمن لا علي صحته ولا طعامه ولا حياته‮.‬لماذا وصلنا إلي هذا الحال؟ وإلي متي سيظل الجوع والموت يحاصرنا من كل اتجاه؟ إنها مأساة يعيشها المصريون ويدفعون ثمنها من حياتهم وصحتهم كل يوم‮.‬لقد أصبحنا جميعا‮ ‬غير آمنين بعد أن انتشرت هذه الظاهرة وغيرها من الظواهر التي تعكس ما وصلنا إليه من انهيارات اجتماعية واقتصادية وصحية وأخلاقية،‮ ‬غير أن أحدا‮ ‬في المقابل ليس مستعدا أن يقدم روشتة للعلاج‮.‬لقد انتشر الفساد بشكل كبير في كل أنحاء البلاد وتحالف الفاسدون وشكلوا سويا‮ ‬شبكة عنكبوتية هدفها الاستغلال والاضرار بالمواطنين،‮ ‬كل يريد أن يكدس جيوبه بالأموال،‮ ‬غير عابئ بمصلحة الناس أو مصلحة الوطن،‮ ‬أصبحنا في حالة انفلات أدت بنا إلي ما وصلنا إليه وتركت الناس يعانون الجوع والغلاء والخداع،‮ ‬تأملوا معي ما يجري في أزمة الخبز،‮ ‬لقد قامت وزارة التضامن الاجتماعي بفصل الإنتاج عن التوزيع في بعض المناطق،‮ ‬غير أن عمليات التهريب لم تتوقف،‮ ‬نعم هناك من يهرب الخبز ليعيده إلي المخبز مجددا،‮ ‬ويكون المقابل هو تهريب الدقيق فأضحت التجربة مهددة بفعل عمليات السطو التي يتحالف فيها الجميع حتي من بعض رجال التموين أنفسهم والمعهود إليهم مراقبة التوزيع‮.
. ‬إنها مأساة متعددة الوجوه،‮ ‬إنه سوس ينخر في جسم الوطن حتي أضحي الجسد مريضا‮ ‬ويوشك علي الانهيار‮.‬أتمني ألا نسمع من البعض أطروحات تحلل أكل الكلاب والحمير كوسيلة للإنقاذ وحل أزمة زيادة أسعار اللحوم،‮ ‬فيكون طبيعيا أن يخرج علينا كاتب أو مسئول ليقول الحل هو في‮ '‬حمار لكل مواطن‮'!!‬وقد يتحول الجدل في المنتديات والفضائيات إلي خلاف حاد حول‮ '‬هل الحمار مدعوم أم‮ ‬غير مدعوم؟‮'.‬إنها مأساة حقيقية،‮ ‬يعيشها المصريون في الوقت الراهن وقد تحولت المأساة إلي ملهاة،‮ ‬وأصبحنا مثار سخرية أمام الآخرين‮.
.‬تري ما رأي حكومة الحزب الوطني في ذلك،‮ ‬ألستم معي أن المسئول عن كل ما يجري هو جماعة الإخوان المسلمين؟

1 comment:

Bigovetch said...

لكي الله يا مصر
---------

http://bigo79.blogspot.com/

tell me your opinion about my Blog, shereef


waiting your reply
Ezzat AL Hakeem