Tuesday, October 30, 2007

التوك توك والهامر

بقلم جمال الشاعر
مشكلة المرور في مصر أصبحت مشكلة المشاكل والنكتة تحكي أنهم أتوا بفريق خبراء عالميين لدراسة المشكلة وعندما رأوا شوارع القاهرة وحركة السيارات المجنونة والعشوائية فيها.. قالوا والله هذه فكرة رائعة وتقليد جديد أن يكون لديكم يوم للمرور الحر..
كل إنسان يسوق سيارته كيفما اتفق ومع ذلك لا تحدث كوارث كثيرة.. حجم الكوارث تحت السيطرة.. فكرة جيدة.. نخرج من النكتة إلي معضلة النقل في مصر.. والمعادلة معروفة سلفًا.. الانفجار السكاني يولد انفجارات متتالية في التعليم والصحة والتلوث والنقل والمواصلات.. عندنا في مصر بدائل ولكنها غير مستخدمة أهمها النقل النهري.. مجري ملاحي يمتد من أسوان حتي دمياط ورشيد..
وسيلة ممتازة للنقل تخفف من آثار الزحام الشديد مع السيارات المتهالكة والشوارع الضيقة.. أيضًا المترو والقطارات.. يجب التفكير في شبكة قطارات ضخمة تربط القاهرة بالمحافظات الأخري بالمدن الجديدة.. وفروا عربات مترو وعربات قطارات آدمية والناس سوف تترك سياراتها وتركب المراكب والقطارات فتساهم في حل مشكلتين في آن واحد.. المرور.. وأزمة الطاقة..
يا ألطاف الله علي أسعار البنزين المتوقعة قريبًا.. البترول وصل إلي تسعين دولارًا للبرميل وأسعار المنتجات سوف تشتعل علي كل الأصعدة.. والحكومة سوف ترفع الدعم عن الطاقة.. هذا ما قرأته في تقرير مهم وقع تحت يدي مؤخرًا، يؤكد نية الحكومة رفع أسعار الطاقة وعلي رأسها البنزين.. ولن أستطيع أن أفشي اسم الجهة المهمة جدًا التي أعدته..
يقول التقرير إن انخفاض أسعارالطاقة يؤدي إلي الهدر في استخدامها.. فمن غير المعقول أن يدفع راكب الهامر نفس أسعار لتر البنزين التي يدفعها راكب التوك توك ومن غير المعقول أن يدفع الموظف الغلبان نفس سعر كليوات الكهرباء الذي يدفعه الملياردير صاحب المصانع.. في هذه الحالة ستكون الأوضاع معكوسة..
الحكومة تدعم الأغنياء بدلاً من أن تدعم الفقراء.. وزارة الصناعة والتجارة تسعي الآن لرفع أسعار الطاقة للمصانع.. مصانع الحديد والأسمنت والسيراميك والثلاجات والسلع المعمرة.. هذه خطوة مهمة جدًا لكن تتعالي الأصوات من رجال الأعمال والصناعة بأن هذه الخطوة سوف تضعف موقف المنتجات المصرية في سوق المنافسة لأن الأسعار سوف تتزايد وبالتالي تهدد مثل هذه القرارات مستقبل التصنيع في مصر..
طبعًا هذه مغالطات ومفهوم من نبرة أصحابها أنها نوع من الدفاع عن المصالح.. نعود إلي أزمة الطاقة.. قطاع النقل الداخلي يحظي بدعم يزيد علي ستة عشر مليار جنيه فقط في مجال وقود السولار، هذا بخلاف دعم مصادر الطاقة الأخري الكهرباء والبنزين وغيرهما التي تدعم بعشرات المليارات..
كيف نعيد ترشيد الطاقة وتقييم الدعم ونفكر في حلول مستقبلية للقاهرة بعد عشرين عامًا وربما خمسين عامًا؟!.. هذا هو التحدي الذي يدعو إلي التفكير في بدائل للطاقة وبدائل للنقل.. فالتاريخ يعلمنا أن مشروع النهضة يبدأ دائمًا بشبكة طرق ومواصلات.. أنشئ طريقًا جديدًا وخط سكك حديدية وتأكد أن العمران قادم لا ريب فيه بسرعة الإكسبريس الأسرع من الصوت.

No comments: