سعيد عبدالخالق
أعلن الدكتور مجدي اسحق، رئيس جمعية الأطباء المصريين في لندن، عن قيام ثلاثة من المهاجرين المصريين بالمملكة المتحدة، بالتبرع بمبلغ ثلاثة ملايين جنيه استرليني لإنشاء صندوق من أجل علاج أطفال مصر المحتاجين! وأشار الخبر الذي نشرته »الأهرام« في عددها الصادر يوم السبت الماضي، إلي رفض المصريين الثلاثة الذين يقيمون في بريطانيا منذ 30 عاماً، الكشف عن أسمائهم.
واشترطوا وضع آلية لا تسمح بالاستثناءات أو علاج أطفال من أسر ميسورة، وضرورة بحث كل حالة علي حدة بصرف النظر عن الديانة. كما أعربوا عن رغبتهم في التعاون مع الجمعيات الخيرية للتأكد تماماً من عدم وجود استثناءات! ويستمر عمل الصندوق لمدة خمس سنوات.
ومنذ أيام.. أذاع التليفزيون الأمريكي الذي يغزو 120 دولة حلقة للمذيعة العالمية أوبرا وينفري.. استضافت فيها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون، وأزاحت »وينفري« في برنامجها عن الوجه الآخر للرئيس كلينتون. بدأت الحلقة بتصوير الرئيس السابق يتوجه في بساطة غير مفتعلة، وبدون هيصة وزيطه إلي إحدي المدارس، والتقي بطلاب وطالبات المدرسة في قاعة الاحتفالات بعد استئذان مديرة المدرسة. وقال »كلينتون« لهم: أنا جئت اليوم للحديث مع الطالبة فلانة الفلانية. وطلب منها الصعود إلي المنصة، وخرجت الطالبة من بين صفوف زملائها، واستقبلها »كلينتون« بترحاب شديد، وقال لها: إنه قرأ في الصحف عن الحملة التي تبنتها لعلاج أطفال أفريقيا المصابين بالإيدز، كما أعرب عن إعجابه برغبتها في أن تبدأ الحملة بعلاج طفل من مصروفها الخاص لمدة عام، وأخبرها بأنه تأثر بما قرأه حول إصرارها علي جمع مليون دولار لإرساله إلي أطفال أفريقيا المصابين، وأنهي »كلينتون« حديثه قائلاً لها، بأنه حضر اليوم للقائها في المدرسة حتي يوفر عليها مشقة نصف الطريق. وقدم لها شيكاً بمبلغ نصف مليون دولار مساهمة في الحملة من فاعل خير يرفض ذكر اسمه!، وضجت القاعة بالتصفيق، وذرفت عيون الحاضرين الدموع. وقاطع »كلينتون« التصفيق قائلاً، بأنه استأذن من مديرة المدرسة لاصطحاب الطالبة معه للمشاركة في برنامج المذيعة أوبرا وينفري الذي سيذاع علي الهواء. وبعد عرض هذا الفيلم.. ظهر »كلينتون« بصحبة الطالبة مع المذيعة، وبدأ حديثه برواية قصة هذه الفتاة الصغيرة التي قدمها إلي العالم، واعتبرها رمزاً للعطاء! وشاهد الناس في 120 دولة هذه الفتاة الإنسانة التي أزاح الشعار عنها الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون تقديراً لها!
يا تري.. كيف ستتعامل الحكومة المصرية مع مبادرة المهاجرين المصريين الثلاثة الذين قرروا تقديم مليوني جنيه استرليني لعلاج أطفال مصر خلال خمس سنوات؟! وكما رأينا.. الرئيس الأمريكي السابق يتوجه إلي طالبة في إحدي المدارس تقديراً لعطائها، وقدمها إلي العالم في برنامج مخصص للحديث معه فقط! ماذا سنفعل مع المهاجرين الثلاثة الذين يبدو أنهم اشترطوا عدم تدخل الحكومة في هذا العمل الإنساني.. ونعلم جميعاً أنه إذا دخلت الحكومة في مشروع.. أي مشروع ولو خيري.. جرت معها الاستثناءات والوساطات والمجاملات والمظهرية وكاميرات التليفزيون! وإذا لم تدس أنفها.. تفاجأ بالعراقيل.. وأذكر أن آل فايد المهاجرين المصريين في بريطانيا.. قرروا توريد كميات ضخمة من كراسي المعاقين لتوزيعها مجاناً علي المحتاجين. وفوجئنا بالحكومة وقتها ترفض الإفراج عن الشحنة قبل سداد الرسوم الجمركية!!
العالم يكرم أهل الخير.. والحكومة المصرية تطاردهم باعتبارهم مجرمين ـ ما دام هذا الخير ـ ليس من خلالها. خالص التقدير للثلاثة المصريين المهاجرين، وتعالوا ندعو الله عز وجل أن يغمض عيون حكومة مصر عن صندوق الخير الذي قرروا تأسيسه لعلاج أطفال مصر!!
Monday, October 29, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment