Tuesday, October 30, 2007

رموز وطنية

بقلم خيري رمضان

لو أردت أن تقول لابنك: «أحب أن أراك مثل فلان»، فمن هو هذا الفلان؟ هل هناك طبيب يمكن أن تعلن اسمه، لأنه عالم كبير أضاف إلي عالم الطب ما يستحق أن يحكي؟ هل هناك مهندس يمكن أن تذكر اسمه علي سبيل الفخر والتباهي بما أنجزه في عالم البناء؟
قد يقول البعض لدينا ممدوح حمزة، ولكن ثق بأن ابنك سيقول لك: كيف ورئاسة الجمهورية شطبت اسمه من كشوف الحاضرين في مكتبة الإسكندرية وهو بانيها؟!
من؟.. فكر معي بصوت عالٍ؟ لأني فشلت في إيجاد شخصية بارزة تساهم في بناء هذا الوطن، نرصد جميعا حجم إنجازاتها وعبقريتها؟ ضابط مثلا؟.. كل الأطفال عندما نسألهم: ماذا تحب أن تكون عندما تكبر؟ فيرد عليك بلا تردد: ضابط شرطة، أما الآن، فأتحدي أن يقول طفل هذا، بعد أن تم اغتيال صورة الضابط الذي يطارد اللصوص فقط ويثير الذعر في قلوبهم، سواء بسبب سلوك بعض الضباط المنفلت، أو بسبب الإعلام بتفتيشه عن سوءات وخطايا ضباط الشرطة.
لن أقول عالمًا، لأني في هذا الوضع أكون من المازحين، ماذا تبقي؟ أستاذ جامعة؟ لن أقول اذكروا اسما، ولكن لا أريد أن أظلم ابني وأجعله إما أستاذا فاسدا، يثري من خلال بيع الامتحانات، أو إعطاء دروس خصوصية، أو أجعله يعيش أستاذا فقيرا، يكابد من أجل العيش دون أي فرصة لمزيد من البحث العلمي.
هل يمكن أن يختار ابنك أن يكون صحفيا؟ لا أعتقد وهو يري الصحفيين، خاصة رؤساء التحرير، يذهبون إلي السجون كل يوم، وهو يري الصراع في داخل جماعتهم، ويسمع عن اتهامات بالفساد تطال الكثير منهم.
ماذا تبقي؟ رجل أعمال؟ الفكرة مغرية، قد يقول لك أتمني أن أصبح مثل أحمد عز، أو نجيب ساويرس، ولكنه لن يقول لك لماذا اختار هذين الاسمين، ولكن اختياره سيكون نابعا من رغبته فيما يمتلكون من مال وحظوة ـ مع الاحتفاظ بالفوارق الواضحة بين الاثنين ـ ولن يكون أبدا اختياره انطلاقا من تاريخيهما اللذين لا يعرفهما، ولا لدورهما الوطني المؤثر مثلما كان رجال الأعمال في مصر قبل الثورة وبعدها بقليل.
إن الجيل الجديد من أبنائنا، حُرم من وجود رموز وطنية في كل المجالات ينظر إليها بانبهار، أو يتمني أن يكون مثلها، الجيل الجديد يري مصر المعتمة، يرصد ويفهم كل المساوئ الموجودة في حياتنا، ولو تشككت الحكومة في هذا الرأي، أدعوها من خلال وزيري التعليم والتعليم العالي بأن يأمرا بحصة في يوم واحد لكل الطلاب من الابتدائي وحتي الجامعة،
يطلب فيها المدرس من طلابه كتابة موضوع إنشاء بمنتهي الحرية تكون صياغته: «قل بكل صراحة وتفصيل رأيك في مصر، بمحاسنها ومساوئها»، علي ألا يكتب الطلاب أسماءهم لأن بعضهم سيكون مصيره الإعدام!
أبناؤنا اختاروا رموزهم من خارج مصر: عالم أجنبي، ممثل، لاعب كرة، كاتب، أما مصر، فالوحيد الذي يجمعون عليه ويرونه مثلا أعلي، هو الكابتن محمد أبوتريكة، حفظه الله للنادي الأهلي وللمنتخب!!

No comments: