Monday, October 15, 2007

مجدي مهنا نقيباً للصحفيين

بقلم أحمد الصاوى

اعتاد والدي العزيز أن يبدأ قراءته اليومية لجريدة «المصري اليوم» بالصفحة الأخيرة، حيث يدخل أولاً «في الممنوع» مع مجدي مهنا، قبل أن يتنقل بين صفحات الجريدة بنهم قاريء محترف، مكّنه هذا الاحتراف من أن يفهم في أحوال المهنة والسوق أيضاً، ويقول: إن هناك كتاباً يمثلون إضافة كبيرة جداً ومزدوجة لصحفهم علي مستوي المهنة والسوق معاً، فتساهم كتاباتهم بشكل ما في رفع نسبة توزيع الجريدة، وتكون أحد عوامل الترجيح الرئيسية حين يقف القاريء حائراً بين عدة إصدارات.

ويري والدي ــ ومعه كل الحق ــ أن مجدي مهنا من ذلك النوع، ويجزم ــ ويعتقد بشدة في صحة ما يقول ــ أن لمهنا «زبائن» يخصونه وحده من بين عشرات الآلاف الذين يلتهمون «المصري اليوم» كل صباح، يتحركون كل يوم في اتجاه باعة الصحف من أجله أولاً، ويضيفون إلي هدفهم الأساسي متعة إضافية بباقي صفحات الجريدة.

يفقد الوالد نسبة كبيرة من متعته في القراءة، حين يفاجأ باعتذار منه عن عدم الكتابة غير محدد الأسباب، ووقتها يحاصرني بالأسئلة: «لماذا لا يكتب؟».. «هل خضعت الجريدة لضغوط لمنعه من الكتابة؟».. والغريب أن تساؤلات أبي كانت نفسها تساؤلات تستقبلها الجريدة بغزارة، خاصة في فترات غيابه الطويلة بسبب ظروفه الصحية.

مثلما يعرف والدي مجدي مهنا، يعرف كذلك بحكم قراءاته معظم رموز المهنة، وفوجئت به مؤخراً يعرف الخلفية السياسية التي جاء منها كل عضو في مجلس نقابة الصحفيين، ويحمل هذا المجلس قدراً كبيراً من المسؤولية عن الأزمة الحالية، معتبراً أن معظم أعضائه مشاريع حقيقية لزعماء سياسيين، اعتبروا النقابة البديل الممكن في ظل تردي الحياة الحزبية في مصر وحصارها من قبل النظام، وهو ما أدي إلي تغليب السياسي علي المهني في أداء النقابة، وفي تحديد أولوياتها ومعاركها، ويري أنه في ظل حياة حزبية وديمقراطية سليمة كان من المفترض أن يكون معظم أعضاء المجلس الحالي رموزاً وقيادات بارزة في أحزاب سياسية، وكان احتواء هؤلاء، والاستفادة منهم في حياة سياسية نشطة وفعالة، كفيل بحماية النقابات عموماً من مخاطر التسييس، وتوفير جهدها في النضال لتحقيق ظروف مهنية واقتصادية أفضل لمنتسبيها.

وعطفاً علي ذلك، لم يجد فيما أبديته من تفاؤل بنقيب ومجلس جديد أي مبرر في ظل ترسيخ ثقافة الاختيار نفسها، ومنهج التحالفات القائم علي توزيع المقاعد بـ«كوتة» تضمن تمثيل كل التيارات «السياسية» وكأنها برلمان وليس نقابة مهنية.

قلت له: ألا تعتقد أن مجلساً يقوده شيخ من شيوخ المهنة مثل مكرم محمد أحمد قادر علي حماية الصحفيين وتخفيف الاحتقان وتحقيق مكاسب مهنية للصحفيين دون التنازل عن مطالب حرية الصحافة؟! لكنه اعتبر أن مكرم كان في فترات كثيرة جزءاً من هذا المنهج، وهذه الثقافة القائمة علي التوافق السياسي فقط، باعتباره أحد فرسين تناوبا الكرسي لسنوات وفق معادلة «نقيب الحكومة ومجلس المعارضة»، وقال إنه آن الأوان أن يبادر جيل جديد بتحمل مسؤولياته نحو مهنته وزملائه، وهو جيل يسمي، علمياً، جيل الوسط، لكنه بحكم السن جيل القيادة والتأثير في العالم كله.

واعتبر الوالد العزيز أن الزميل مجدي مهنا هو الأنسب لقيادة هذا الجيل والمؤهل لتوحيد الجماعة الصحفية علي أسس مهنية بحتة، وفي الوقت نفسه علي مواقف سياسية رئيسية تقبل الاختلاف لكنها لا تقبل التفريط، ويري فيه مزايا عدة تؤهله للجلوس علي مقعد النقيب، منها أنه نقابي بارز وله تجارب سابقة، وشارك في مجلس المواجهة الذي وحد الصحفيين خلفه، ونجح في إسقاط القانون ٩٣ سيئ السمعة، وأيضاً لكونه مستقلاً سياسياً، قولاً وفعلاً، وغير محسوب علي أي تيار سياسي، مما يؤهله للابتعاد بالنقابة عن دائرة الاستقطاب أو الخضوع لتأثير وابتزاز أي طرف، حتي لو كان الدولة، وكذلك ما يستشعره الوالد من وجود إجماع عليه أو علي الأقل «شبه إجماع» بعدما لمسه من إجماع عليه ككاتب وإنسان سواء علي مستوي الشارع أو المستوي الصحفي.

قلت لوالدي: أنت تحب مجدي مهنا، وتريد أن يتوج تاريخه النقابي والمهني بكرسي النقيب، وهو يستحق ذلك بالفعل، لكن من قال إن لديه النية أو الرغبة أو حتي التفكير في ذلك؟!، قال: المطلوب منك أن تقول له: «أبويا بيسلم عليك وبيقولك: لو كان لقراء الصحف أصوات لانتخبك مع الآلاف من قرائك نقيباً للصحفيين».

No comments: