Friday, November 16, 2007

أهمية الخروج علي النص والسيناريو‏

مفيد فوزي

نحن نحيا في زمن متغير لاهث الايقاع‏,‏ ولسنا سوي دمي في يد العولمة‏.‏‏

نحن نستهلك التكنولوجيا أكثر من أن نشارك في صنعها‏(28‏ مليون موبايل‏)!‏‏

‏ العالم من حولنا انطلق كرمح نحو المستقبل ونحن مازلنا نناقش هل كان فاروق ملكا فاسدا أم أفسدوه؟‏!‏ نحن مغرمون صبابة بالكلام أكثر من العمل‏,‏ نحن مازلنا ننتمي لجدول الضرب وبعض من جيراننا تجاوزوه وجاوروا الأفق‏.‏‏*‏ رأينا الدنيا علي الشاشات الملونة فارتفع سقف تطلعاتنا الاستهلاكية‏,‏ كان المتوقع أن نغار علي بلادنا ونحرث الأرض والبحر‏,‏ لكننا انكمشنا وتسمرنا في مكاننا وعادينا الجديد لأننا نجهله وصرنا نعزف لحن الشكوي بلذة ونوزع بمتعة الاتهامات‏,‏ ونوجه سهامنا الطائشة للحكم والحكومات‏.‏

علي الكراسي مسئولون يحافظون علي مواقعهم‏,‏ والمثقفون مشغولون بذواتهم وممارسة التنظير بالسيجار الكوبي‏,‏ والصحفيون يلعبون علي سلم النقابة لعبة التحطيب‏,‏ ورجال الأعمال ينشئون قنوات فضائية تعبر عنهم وعن مصالحهم والطبقة الوسطي ـ التي أعلنوا وفاتها ـ مغموسة في الرزق ففي البيت أفواه مفتوحة ولا يهمها من الحياة سوي التزامها نحو‏(‏ الولية والعيال‏),‏ هؤلاء هم موتور البلد لكنه يشكو الصدأ واعتاد أن يهنج‏,‏ والمجتمع المدني يسهم ولكن باستحياء‏,‏ وعواجيز البلد ـ في نادي الجزيرة ـ يمارسون رياضتهم المفضلة الانتقاد والسخرية من الأوضاع‏,‏ والفلاحون سقطوا سهوا من الاهتمام والصعيد يريد أن يصدق نيات الدولة الطيبة نحوهم‏.‏‏

تسمرنا في مقاعدنا‏,‏ صرنا أسري القوالب‏,‏ صار الخروج من القالب مروقا‏,‏ صار الفكر غير التقليدي شغبا وصاحبه مجنون يهذي‏,‏ أصبحت القيود غير مرئية ولكنها قائمة تسندها فتوي من هنا وشطحة من هناك‏,‏ صار الجمود سمتنا والمشكلات تستفحل وكل صاحب رؤية مخبول اذا خرج علي النص والسيناريو مع أن الخروج علي النص والسيناريو هو صمام الأمان من تخلف وجاهلية تعشش في العقول وتعود بنا الي عهود الانحطاط والعالم من حولنا همش التفاهات والنفايات واحترم الماضي وتخلص من عبوديته وصار يحلق في التقدم بجناحيه‏,‏ تلك الجسارة مطلوبة لمصر البلد العربي الإفريقي‏,‏ وبدون هذه الجسارة سوف نشحت احترام العالم من علي أرصفة الزمن لنتأمل مشكلاتنا وحلولنا التقليدية ونصل الي قرار انها حلول غير مجدية‏

عندما ذهب وزير المالية يوسف بطرس ومعه قانون جديد للضرائب يعرضه علي رئيس الدولة لاقراره‏,‏ خرج علي النص والسيناريو وادرك متغيرات العالم ولم يكن نمطيا‏,‏ وكان للقانون صدي شعبي ملموس‏.‏انها ـ بلغة السياسة ـ مبادرات‏,‏ والمبادرة خروج علي قضبان التقليدية والأعراف المتخلفة‏,‏ هل هناك مقاومة لهذه المبادرات والخروج علي النص والسيناريو؟ الاجابة بفم مليان‏:‏ نعم‏!‏ هل هناك مصالح لمن يقاومون المبادرات؟ الاجابة بفم مليان‏:‏ نعم‏!‏ هل‏(‏ المشروع القومي‏)‏ الذي يجمع حوله الناس غائب؟ الإجابة‏:‏ نعم‏!

إن من يلقي حجرا في البحيرة ليحرك مياهها الراكدة هو‏(‏ المواطن‏)‏ الذي يستحق رتبة‏(‏ المواطنة‏),‏ أما من يجلس علي حافة البحيرة متفرجا سلبيا‏,‏ فهو مواطن في أمة من الغنم‏.

No comments: