مجدي حلمي
** ما حدث في مدينة الإسماعيلية لا يجب ان يمر مرور الكرام.. ولابد من وقفة تجاه المتسببين في هذا الحدث.. فلأول مرة يرفع مصري علم دولة أخري بسبب مباراة كرة قدم.. ومهما كان السبب فعلم الدولة رمز مقدس.. وله حماية دستورية.. والعلم هو تلخيص لشخصية الدولة.. لذلك نقف عند رفعه وعندما نسمع النشيد الوطني. فهي أمور ترسخت لدي الشعوب علي مر الأزمان.
** وما حدث في الإسماعيلية، سبقته إرهاصات وسوابق سكتنا عنها، منها المدرسة التي الغت تحية العلم في طابور الصباح ومنها من رفع علم فصيل سياسي آخر بدلاً من علم مصر وترديد كلمة البلد بلدهم والمقصود بها من في السلطة.. وغيرها من الأحداث التي شهدتها مصر في العامين الآخرين.. فلم تعد القضية أن قلة من جمهور النادي الإسماعيلي تكره النادي الأهلي وكان عليه وهذا من حقه ان يرفع أعلام الفريق التونسي.. أما ان يرفع علم دولة تونس الشقيقة التي نكن لشعبها الحب والتقدير والاحترام فهذا أمر جد خطير.. ويكشف بجلاء حالة التفسخ الوطني التي وصل إليها الشباب المصري.. وغياب روح الانتماء.
** والسؤال عن هذه الحالة هو السلطة في مصر التي أوصلت الأوضاع الي صورة لم يسبق لها مثيل في مصر طوال تاريخها الممتد الي أكثر من سبعة آلاف عام. فالسلطة حرمت الشباب من إبداء آرائهم في قضاياهم وحجرت عليهم داخل المدرسة والجامعة.. وحرمتهم من حقهم في إيجاد فرصة عمل مناسبة وبأجر مناسب بعد الانتهاء من دراستهم.. وتخلفت عن دورها في وضع نظام تعليمي قائم علي العدل والمساواة.. وتركت سوسة الفساد تنهش كل شيء في طريقها.. فالتعليم بالدروس الخصوصية والعلاج بالواسطة والمحسوبية والتعيين في العمل لمن له ظهر أو لمن يدفع.. بجانب غياب الأمن في الشوارع وانتشار البلطجة وتجارة المخدرات.. في المقابل يجد الشباب زملاء لهم أصبحوا مليونيرات في سنوات قليلة بسبب اقترابهم من السلطة.. فتجد شابا بلغت ثروته 40 مليار جنيه في 10 سنوات فقط.. وأصبح أقوي شخصية سياسية في مصر.. يأمر فيطاع فوراً.. وأصبح هذا الشاب نموذجا يحتذي به شباب مصر.. فلجأوا إلي الهجرة غير المشروعة التي تكلفهم أموالاً طائلة.. ووقعوا فريسة لعصابات دولية وفروعها المحلية التي تساندها قوي في السلطة الآن.. ولجأ البعض الي البحث عن المكسب السريع.. مما أدي إلي انتشار الغش في المجتمع.
** فالشباب المصري فقد الانتماء لهذا الوطن بسبب أفعال من يحكمون مصر.. وبسبب ما يرونه من فساد يومي وعلي مدار الساعة في حياتهم ومرتكبو هذا الفساد هم المفترض نبهم ان يكونوا القدوة. فكيف يحترم شاب شيخا يفتي بأن من ماتوا أمام السواحل الإيطالية طماعون.. وكيف يحترم شاب وزيرا أو مسئولا يقول تصريحا ثم يعود عنه ويقول كلاما مخالفاً. وكيف يحترم شاب مثقف يسخر قلمه لمنافقة السلطة ويبرر أفعالها وكيف يثق شاب في معلمه في المدرسة وفي الجامعة الذي يأمره بأن يأخذ درسا خصوصي عنده وإلا سوف يرسب في مادته؟!
** فالشباب افتقدوا القدوة أولا.. وافتقدوا الانتماء بسبب ما يرونه امامهم من نهب وسلب وواسطة ومحسوبية.. فقدوا الانتماء لان من يحكم هذه الأمة فقد السيطرة عليها وترك مجموعة من العابثين يلعبون بشعبها وبشبابها وأطفالها وينهبون ثرواتها امام أعينهم وفي حماية السلطة نفسها.. ولا أعجب عندما أري شخصا يحتل مكانا مرموقاً.. ويبحث عن الهجرة وتسأله لماذا يكون رده أنني أريد أن آآمن مستقبل أولادي!!
** هذا هو السبب الرئيسي لقيام مجموعة من الشباب برفع علم دولة أخري علي أرض مصر.. وهتفوا لهذه الدولة.. ويجب علينا ان نقف جميعا قبل ان يرفع أحد أبنائنا علم إسرائيل في الشوارع المصرية.. علي السياسيين والعلماء والأحزاب والنقابات ان يبحثوا عن علاج لحالة فقدان الانتماء لهذا الوطن الذي يتآكل يوميا في صدور الشباب. وامتدت آثارها الي الكبار.. علينا ان نتحرك بسرعة قبل فوات الأوان.. وتصبح مصر بلداً لا هوية له ولا علم له ولا نشيد وطني له.. وكل مجموعة تختار علمها ونشيدها علينا ان نحاسب السلطة علي ما فعلته في حق هذا الشباب من جرائم.. إننا ندق جرس الإنذار.. فهل من مجيب؟
Thursday, November 15, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment