Tuesday, November 6, 2007

شعب لاه خائب أناني

د. إبراهيم السايح

بينما لاتزال فرق الإنقاذ تبحث عن جثث مائة وثلاثين غريقا من ضحايا زورق الشباب المصري الهارب من جحيم الفقر والبطالة، أعلنت الجهات الأمنية أنها قد تمكنت من إحباط محاولة جديدة للهروب من مصر بنفس الطريقة ومن نفس المنفذ!أي جحيم هذا الذي يدفع الناس للهروب من مصر بأي ثمن؟ ، وأي واقع مظلم يجبر الشباب علي المغامرة بأرواحهم والفرار بنفس الطريقة التي أودت بحياة زملاء لهم منذ ساعات قليلة؟جثث ضحايا الفقر والبطالة كانت ملقاة في قاع البحر بينما السيد رئيس الجمهورية ورئيس الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم يعلن في خطاب تاريخي جديد أن «أمن مصر خط أحمر» وأن الفقراء والعاطلين علي قمة أولويات الحزب والحكومة!! وفي مساء نفس اليوم الأسود كان معالي الأستاذ الدكتور علي الدين هلال يتحدث في التليفزيون عن «العدالة الاجتماعية» التي صارت الآن التوجه الرئيسي والشغل الشاغل للحزب الوطني وحكومته ورئيسه، وكان الأخ الدكتور محمد عبد اللاه يتحدث في نفس البرنامج عن النهضة الاقتصادية الضخمة التي حققها الحزب والحكومة والتي سوف تصل للمواطنين الأحياء منهم والغرقي بعد خمس سنوات ميلادية بمشيئة الرحمن!وفي كواليس مؤتمر الحزب الوطني كان السادة الأعضاء يتبادلون التهاني بنجاح الرئيس مبارك في الانتخابات السرية التي خاضها- كالعادة- ضد نفسه لشغل منصب رئيس الحزب. وكان فريق من القيادات المباحثية يقوم بإعادة فرز الأصوات للتعرف علي الأعضاء التسعة الذين بخلوا بأصواتهم علي السيد الرئيس. وكان لفيف من الأعضاء يلتف في سعادة وسرور حول النائب الكابتن أحمد شوبير للاستفسار عن مباراة الأهلي وبطل تونس في نهائي البطولة الأفريقية لكرة القدم!وعلي الجانب الآخر انشغلت قيادات جماعة الإخوان المحظورة - بمناقشة قضية الرئيس المسلم والرئيس المسيحي. قال بعضهم إن المسيحي يمكنه التقدم لانتخابات الرئاسة بشرط أن يشهر إسلامه فور نجاحه! وذلك تطبيقا للنظرية الأرجنتينية التي ابتدعها العارف بالله نيافه الرئيس «كارلوس منعم»، وقال آخرون إن المسيحي يمكنه التقدم لانتخابات رئيس الجمهورية مع احتفاظ الأخ المسلم بحق الاعتراض عليه وحجب الأصوات عنه. وقال فريق ثالث إن المسيحي يمكنه التقدم للرئاسة وإذا انتخبه المسلمون فإن عليهم آنذاك أن «يشربوه»!!
تحولنا إلي شعب لاه خائب أناني عديم البصر والبصيرة، لا أحد يشعر بوجيعة صاحبه ولا أحد يكترث بمصيبة جاره، و«بتوع ربنا» ينكرون علي المسيحي حقوق المواطنة رغم تورم أقفيتهم من صفعات الرئيس المسلم !!

No comments: