بقلم: سلامة أحمد سلامة
لا أريد أن أطفيء مصابيح الفرح, أو أفسد الاحتفالات التي أقيمت علي الورق ايذانا بإعلان النية في تنفيذ برنامج لإنشاء محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في مصر, وإن كنت أفضل لو أن مثل هذا القرار اتخذ في هدوء ودون طنطنة, حتي لا يفسر علي أنه مجرد دعاية للحزب الوطني بمناسبة مؤتمره التاسع...
ولاأشك في أن مصر قادرة علي تحقيق هذا الانجاز الذي سبقتنا إليه دول مثلنا استشرفت المستقبل قبلنا بوقت طويل.
ولذلك فعندما أجمعنا أمرنا, كان المشهد العالمي قد تغير: تضاعفت الأسعار وأصبح اليورانيوم ــ المادة الأساسية في تشغيل المفاعلات ــ احتكارا في أيدي قلة من الدول الكبري, كما جري التضييق علي مصادر المعرفة التكنولوجية وامكانية الحصول عليها.
ولكي نكون موضوعيين ولا تجرفنا آمال استعراضية زائفة, فلنستمع إلي آراء خبراء دوليين, يرون أنه من الأفضل لبلد مثل مصر يدخل مجال الطاقة النووية متأخرا جدا وبتكلفة باهظة أن ينتهج سياسة تعتمد علي تنويع مصادر الطاقة, فلا يستثمر إمكاناته المحدودة في انشاء محطات نووية فقط.. علما بأنه لم تحسم حتي الآن أبسط مشكلة, وهي الخلاف علي موقع الضبعة.
كما أن الاتجاه العالمي يشير إلي أن المحطات النووية في طريقها إلي الزوال خلال فترة من40 إلي60 سنة, بسبب قرب نفاد اليورانيوم وتفاقم مشكلة النفايات.
وهذا ما أدركته دولة صناعية كبري مثل ألمانيا, التي وضعت برنامجا طويلا لتأمين احتياجاتها من الطاقة بعد التخلص من المحطات النووية واستبدلت بها مصادر أخري للطاقة المتجددة التي لا تنفد مثل الرياح والشمس والمياه, وأصبحت تتبوأ بذلك مركز الصدارة عالميا في الاستغناء تدريجيا عن البترول والغاز والطاقة النووية في إنتاج الكهرباء, ويتم حاليا في ألمانيا توليد9,5% من مجمل استهلاك الكهرباء عن طريق مصادر الطاقة المتجددة, سوف تصل إلي45% عام2030 فضلا عن أن هذه القطاعات هيأت فرص عمل لأكثر من170 ألفا, بينما تعتمد المحطات النووية علي عدد محدود جدا من العمالة المتخصصة.
وفي زيارة لألمانيا قبل عدة أشهر طالعني منظرلا أنساه من نافذة القطار قرب ميونيخ: حقول شاسعة علي امتداد البصر, زرعت فيها عشرات الآلاف من الأجهزة الصغيرة لامتصاص الطاقة الشمسية وتحويلها إلي كهرباء... هذا في بلد لا تقارن فيه ساعات سطوع الشمس بمثيلتها في مصر, ولا توجد فيه مساحات هائلة من الصحراء.
فإذا كان لابد من انشاء محطة نووية, نثبت بها لأنفسنا أننا دخلنا عصر النووي, وأخشي أن ينتهي الأمر بشرائها جاهزة علي كل حال, فلنجعل من أولوياتنا أيضا استغلال ما لدينا من طاقة شمسية ورياح... تنويعا لمصادر الطاقة, وحتي لا نضع كل البيض في سلة واحدة. خصوصا وأن انتاج أول محطة نووية في مصر لن يكون قبل15 إلي عشرين سنة: لو... لو بدأنا الآن!!
Tuesday, November 6, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment