Tuesday, November 6, 2007

تنويع مصادر الطاقة‏

بقلم: سلامة أحمد سلامة
لا أريد أن أطفيء مصابيح الفرح‏,‏ أو أفسد الاحتفالات التي أقيمت علي الورق ايذانا بإعلان النية في تنفيذ برنامج لإنشاء محطات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية في مصر‏,‏ وإن كنت أفضل لو أن مثل هذا القرار اتخذ في هدوء ودون طنطنة‏,‏ حتي لا يفسر علي أنه مجرد دعاية للحزب الوطني بمناسبة مؤتمره التاسع‏...‏
ولاأشك في أن مصر قادرة علي تحقيق هذا الانجاز الذي سبقتنا إليه دول مثلنا استشرفت المستقبل قبلنا بوقت طويل‏.‏
ولذلك فعندما أجمعنا أمرنا‏,‏ كان المشهد العالمي قد تغير‏:‏ تضاعفت الأسعار وأصبح اليورانيوم ــ المادة الأساسية في تشغيل المفاعلات ــ احتكارا في أيدي قلة من الدول الكبري‏,‏ كما جري التضييق علي مصادر المعرفة التكنولوجية وامكانية الحصول عليها‏.‏
ولكي نكون موضوعيين ولا تجرفنا آمال استعراضية زائفة‏,‏ فلنستمع إلي آراء خبراء دوليين‏,‏ يرون أنه من الأفضل لبلد مثل مصر يدخل مجال الطاقة النووية متأخرا جدا وبتكلفة باهظة أن ينتهج سياسة تعتمد علي تنويع مصادر الطاقة‏,‏ فلا يستثمر إمكاناته المحدودة في انشاء محطات نووية فقط‏..‏ علما بأنه لم تحسم حتي الآن أبسط مشكلة‏,‏ وهي الخلاف علي موقع الضبعة‏.‏
كما أن الاتجاه العالمي يشير إلي أن المحطات النووية في طريقها إلي الزوال خلال فترة من‏40‏ إلي‏60‏ سنة‏,‏ بسبب قرب نفاد اليورانيوم وتفاقم مشكلة النفايات‏.‏
وهذا ما أدركته دولة صناعية كبري مثل ألمانيا‏,‏ التي وضعت برنامجا طويلا لتأمين احتياجاتها من الطاقة بعد التخلص من المحطات النووية واستبدلت بها مصادر أخري للطاقة المتجددة التي لا تنفد مثل الرياح والشمس والمياه‏,‏ وأصبحت تتبوأ بذلك مركز الصدارة عالميا في الاستغناء تدريجيا عن البترول والغاز والطاقة النووية في إنتاج الكهرباء‏,‏ ويتم حاليا في ألمانيا توليد‏9,5%‏ من مجمل استهلاك الكهرباء عن طريق مصادر الطاقة المتجددة‏,‏ سوف تصل إلي‏45%‏ عام‏2030‏ فضلا عن أن هذه القطاعات هيأت فرص عمل لأكثر من‏170‏ ألفا‏,‏ بينما تعتمد المحطات النووية علي عدد محدود جدا من العمالة المتخصصة‏.‏

وفي زيارة لألمانيا قبل عدة أشهر طالعني منظرلا أنساه من نافذة القطار قرب ميونيخ‏:‏ حقول شاسعة علي امتداد البصر‏,‏ زرعت فيها عشرات الآلاف من الأجهزة الصغيرة لامتصاص الطاقة الشمسية وتحويلها إلي كهرباء‏...‏ هذا في بلد لا تقارن فيه ساعات سطوع الشمس بمثيلتها في مصر‏,‏ ولا توجد فيه مساحات هائلة من الصحراء‏.‏
فإذا كان لابد من انشاء محطة نووية‏,‏ نثبت بها لأنفسنا أننا دخلنا عصر النووي‏,‏ وأخشي أن ينتهي الأمر بشرائها جاهزة علي كل حال‏,‏ فلنجعل من أولوياتنا أيضا استغلال ما لدينا من طاقة شمسية ورياح‏...‏ تنويعا لمصادر الطاقة‏,‏ وحتي لا نضع كل البيض في سلة واحدة‏.‏ خصوصا وأن انتاج أول محطة نووية في مصر لن يكون قبل‏15‏ إلي عشرين سنة‏:‏ لو‏...‏ لو بدأنا الآن‏!!

No comments: