Wednesday, November 7, 2007

النقد الذاتي‏

سلامة أحمد سلامة

لم تؤثر مأساة غرق‏184‏ شابا مصريا قرب السواحل الإيطالية‏,‏ بينهم عدد غير معروف من الصبية القصر‏,‏ علي المزاج العام في مصر‏.
بعد أن أصبحت هذه المآسي حدثا يوميا في حياة المصريين‏.‏ وهي ظاهرة غريبة‏..‏ ذلك الإصرار من جانب مئات الشباب عل مواجهة الموت دون ثمن‏,‏ أشبه ببعض أنواع من الحيوانات التي تقوم بعمليات انتحار جماعي بدوافع غريزية للحفاظ علي بقاء النوع‏..‏ والنوع بالنسبة لهؤلاء الشباب هم آلاف الأسر الفقيرة التي تقطعت بها سبل الحياة الكريمة‏.‏مثل هذه المأساة التي تدمي القلوب كان الأحري بها أن تعكر صفو المزاج العام في مصر‏.‏ وبالأخص في احتفالات مؤتمر الحزب الحاكم‏..‏ فتدفعه علي الأقل الي تغيير أجندته وإعطاء هذه الظاهرة أولوية في المناقشة والحوار‏.‏لقد طلب الرئيس مبارك رئيس الحزب الحاكم إجراء تقييم موضوعي لأداء الحزب يحدد أوجه النجاح والإخفاق‏.‏ وفي ظني أن مصدر الإخفاق الرئيسي يرجع الي الإعتقاد الجازم لدي قيادات الحزب بأنه الحزب الوحيد الذي يعمل لصالح الشعب وأن أي تقدم لابد أن يتحقق بجهود الحزب الوطني وأفكاره وابداعاته ورموزه‏.‏ وأن علي أحزاب المعارضة أن تحذو حذوه وتقف وراءه‏.‏ وهو ما انعكس بوضوح في شعار نال كثيرا من الإنتقادات اللاذعة‏.‏ويري علماء السياسة أن حزبا بهذه الأوصاف يعد من الأحزاب اللاتنافسية‏,‏ التي لاتسمح بوجود أحزاب أخري قوية الي جانبه‏.‏ والتي يغلب عليها الطابع الشخصي والتقليدي مهما كان الكلام عن التحديث والتجديد‏.‏ وهو مايؤدي الي ضعف المشاركة السياسية‏,‏ وما تتطلبه من مجتمع مدني قوي وأحزاب قادرة علي المنافسة‏..‏ ان الحزب الوطني قد يطالب الناس بالمشاركة السياسية‏,‏ ولكنه يمنع فعليا قطاعات واسعة من ممارسة أي تأثير علي السياسات العامة وإختيار العناصر الصالحة‏..‏ وما وقع في الإنتخابات التشريعية والانتخابات العمالية و الطلابية من إنتهاكات صارخة لمنع الناخبين والمرشحين من المشاركة في التصويت‏,‏ يدل بوضوح علي أن الحزب الحاكم لايطيق المنافسة خارج صفوفه بل ربما داخلها أيضا‏.‏هذه إخفاقات تلوث وجه الحزب الحاكم‏,‏ ولن يستطيع أن يتخلص منها مالم يتخلص من الشخصانية وغرور القوة والاستئثار‏..‏ وحبذا لو شهدنا في أحد مؤتمراته القادمة مؤتمرا يخصص للنقد الذاتي وتحديد الأسباب الحقيقية لإخفاقاته وفي مقدمتها عزوف الناس عن المشاركة السياسية‏.‏

No comments: