Saturday, November 10, 2007

أهل الكهف

د. ابراهيم السايح

لأول مرة نسمع كلاما قابلا للمناقشة من بعض قيادات وأعضاء ووزراء الحزب الوطني، ولأول مرة نسمع أسئلة حقيقية تتناول الشأن الكهنوتي في النظام المصري كما حدث في المؤتمر الصحفي لجمال مبارك. أما الأمور التي لا تستحق الاحترام أو حتي الصمت فهي حديث جمال مبارك عن الإصلاح الاقتصادي وتعقيبا خلال المؤتمر الصحفي علي حادث غرق المصريين الهاربين من الفقر والبطالة. ففي شأن الإصلاح الاقتصادي قال جمال كلاما موضوعيا معقولا حول مشاكل الاقتصاد المصري، والخطوات التي تمت حتي الآن للتعامل الجاد مع هده المشاكل، ولكنه عاد إلي اللاموضوعية وهو يتحدث عن حتمية الصبر إلي أن تظهر ثمار الإصلاح في السنوات المقبلة، يري الأستاذ جمال أن الفقراء والمعدمين والعاطلين والخريجين الجدد يتعين عليهم أن يموتوا - كأهل الكهف - عدة سنوات ثم يعودوا للحياة عند انتهاء الحزب الوطني من مهمة إصلاح الاقتصاد المصري، لم يتحدث الأستاذ جمال عن أي تضحيات من جانب المليونيرات والمليارديرات، لم يقل شيئا حول إمكانية توفير عشرات المليارات من موازنة الأمن والأجهزة السيادية وإنفاقها علي تحسين أحوال المعدمين وأو منحهم إعانة بطالة، لم يتطرق إلي الاحتكارات العملاقة المسيطرة علي الأسواق الصناعية والتجارية في مصر، لم يبدأ بنفسه وأسرته ووالده ويطالبهم بالتقشف المعلن والحقيقي حتي يصدق الناس أن هناك إصلاحا حقيقيا في مصر يتطلب من الجميع الصبر والصمت،لم يشر إلي دور الدولة الغائب تماما في مجالات التنمية البشرية وحسن إدارة الطاقات الآدمية المهدرة كما تفعل كل دول العالم وعلي رأسها «قارة» الصين. وبذات هذا القدر من التجاهل تناول جمال مبارك حادث الزورق المنكوب قائلا: إن وزارة الداخلية سوف تعاقب العصابات التي قادت الأبرياء إلي هذا المصير!! تنازل الأستاذ جمال عن عقله وضميره ،وموضوعيته وهو يفسر للناس هذا الحادث البشع المتكرر وكأنه مصرع جماعة من المهربين أو تجار المخدرات أو الهاربين من السجن، لو التزم سيادته شيئا من الصدق والشجاعة لقال إن العصابة التي أجبرت الشباب المنكوب علي الرحيل من البلد ومن الدنيا هي الحزب والحكومة والنظام المصري، سياستكم يا أستاذ جمال هي التي أفقرت نصف سكان مصر وجعلتهم يقدمون علي مغامرة أشبه بالانتحار هروبا من وطن ظالم وطبقية متوحشة واقتصاد لا قلب له ولا دين ولا ضمير، نحن نصدق يا أستاذ جمال أنك تسعي للإصلاح، ولكنك أنت الذي لا تصدق أن الإصلاح مستحيل ما لم يبدأ بكم، ومستحيل تماما إن كان ثمنه دهس وإبادة نصف تعداد الشعب الذي تبشرونه بالرخاء

No comments: