Thursday, November 8, 2007

واحد من ٤٤

سيد على

لست مع القائلين بالتوريث، لسببين: أولهما أخلاقي، احتراما لمشاعر الرجل الكبير بأن يتم اقتسام التركة في حياته، والسبب الثاني لأنني أظن، لدرجة الاعتقاد أن جمال مبارك مدين بأكثر من ٧٠% بما هو عليه الآن لفصائل المعارضة بأكثر من الحزب الوطني، بمنطق أنه لو كانت الخلافة مجرد حلم أو أمنية يخجل من البوح بها مع نفسه، جاءت فصائل المعارضة لتعفيه، بل وتضفي شرعية علي هذا الحلم، بل إن بعض هواة التأويل يعتقدون أن أشرس فصائل المعارضة التي تصدعنا بالتوريث هي مجرد جناح موال، وأن كل ما يحدث هو مجرد تقسيم للأدوار في حبكة درامية سياسية..
وعليه فقد حان الوقت لحذف مصطلح التوريث من الرطانة اليومية لأنه بات يثير السخرية، وقد تجاوزه الواقع بأمور أخري بواقع دستوري وشرعية الأمر الواقع، ومنها تعديلات المادة ٧٦ وشروط الترشح لرئاسة الجمهورية، وأهمها أن يختار الحزب واحدا من هيئته العليا بشرط أن يكون قد مضي عليه سنة علي الأقل، وذلك خلال الفترة الانتقالية لتنفيذ المادة..
وقد تنبه الحزب الوطني للنص، فقام بدمج الأمانة العامة مع المكتب السياسي، ليشكل الاثنان معا الهيئة العليا، وأهم وظيفة لها ـ أو وظيفتها الوحيدة ـ هي اختيار مرشح الرئاسة من بين أعضائها، وهي خطوة حرص مشرعو الحزب الوطني علي خلقها أو تفصيلها، لكي تتطابق مع نص المادة «٧٦»، ولا تكون هناك أي اجتهادات أو تأويلات حين تتم الحاجة إليها..
وبحسبة بسيطة نجد أن الهيئة العليا للحزب الوطني تضم الرئيس مبارك ومعه ٤٤ عضوا، لأن الأمانة العامة تتشكل من ٣٤ عضوا، والمكتب السياسي من ١٦ عضوا، وحيث إن صفوت الشريف، وزكريا عزمي، وجمال مبارك، ومفيد شهاب، وعلي الدين هلال، وأحمد عز، أعضاء في المكتب السياسي بحكم مناصبهم في هيئة مكتب الأمانة العامة، فتصبح الهيئة العليا ٤٥ عضوا، ويقال إن هذه الهيئة سينضم إليها عشرة أعضاء يتم اختيارهم من الشخصيات العامة بالحزب، ولكن يفهم من صيغة الاختيار أنه يمتنع عليهم الترشح لمنصب الرئاسة، ويلاحظ غياب العسكريين عن هذه الهيئة، بحكم أن المؤسسة العسكرية هي مؤسسة قومية فوق الأحزاب.
كما يلاحظ أيضا خلو هذه الهيئة من اسم الوزير عمر سليمان، الذي ظلت الشائعات ترشحه لمنصب نائب الرئيس ضمن سيناريوهات عديدة، علما بأن الرجل يتمتع بفضائل كثيرة، أقلها ابتعاده عن الأضواء وحرصه علي ترك مسافات بعيدة بينه وبين أحاديث الكواليس والنميمة السياسية..
وهكذا وحلا لحديث الخلافة، فلم يعد هناك سوي الـ٤٤ أعضاء الهيئة العليا لاختيار واحد منهم.. وبنظرة سريعة علي الأسماء يمكن قراءة المستقبل بسهولة، وهناك وجهة نظر أخري أن هناك ستة كبارا يديرون الحزب هم: صفوت الشريف، وزكريا عزمي، ومفيد شهاب، وجمال مبارك، وعلي الدين هلال، وأحمد عز، بحكم أنهم أعضاء بالأمانة العامة، وهم هيئة المكتب، وأعضاء في المكتب السياسي، وأعضاء في الهيئة العليا، ويمكن استبعاد الشريف وعزمي وشهاب وهلال بحكم السن، وعز بحكم الشائعات وثروته.. هذا عن مجموعة الستة، أما لو استعرضنا أسماء مجموعة الـ٤٤ أعضاء الهيئة العليا، فيمكن استبعاد د. سرور والدكروري ووالي والشاذلي وآمال عثمان وأحمد الطيب وزينب رضوان وباسيلي وفرخندة وإدوارد غالي أيضا بحكم السن..
أما الآخرون مثل العلقامي فأقصي طموح له جهاز الرياضة ويمن الحماقي عمادة كلية، وماجد الشربيني ليس له أنصار، ومحمد عبداللاه لم ينجح حتي في دائرته الانتخابية، أما نواب الصعيد الخمسة فأقصي طموح لهم تحقق بضمهم للأمانة العامة.. أما الوزراء مثل رشيد ومحيي الدين، ورغم القبول الشعبي لهم فربما تتاح لهم فرصة رئاسة الوزراء لاحقا، ولكن الوزير غالي يفتقد الشعبية بحكم أن منصب وزير المالية يرتبط عند الناس بالجباية، وبالطبع يستبعد الوزير أنس الفقي من أي ترشيحات، لأنه بلا جماهيرية ورجل منعزل يمشي في الأرض مختالا ويكاد لا يصدق أنه وزير إعلام مصر..

وهكذا، وللقارئ الذكي وغير الذكي، أن يكتشف بنفسه من يتبقي سواء من مجموعة الستة أو من الهيئة العليا، ليصبح الأقدر والأكفأ علي الترشح للرئاسة!

No comments: