كاسك.. ياوطن!

محمد أمين
يتحدثون في قريتنا عن »البيتزا« و»اليورو« وشراء الأراضي الزراعية.. وظهرت مفردات جديدة وغريبة في حياة شبابنا.. وكانت مفاجأة لي حين زرت قريتنا في العيد.. لا يوجد شاب إلا وهو يحلم بالسفر لإيطاليا.. فإيطاليا هي الحلم.. وهي الوهم أيضاً!!.. والحكاية تبدأ ببيع الأراضي وربما الماشية أولاً.. ويتم تسليم النقدية إلي متعهد أو نصاب غفلت عنه أجهزة الأمن.. أو ربما تغافلت.. ولا مانع من توقيع الشيكات، والتنازلات عن كل شئ.. في المقابل هناك التزام بالتسفير
.. ولكن علي طريقة »مغسٍّل ومش ضامن جنة«.. وأنت وحظك.. وكل شئ في مصر حظوظ سواء في السفر.. أو في العمل.. أو في المناصب.. لا فرق، ولا فرق أيضاً أن تكون صاحب حظ، أو أن تكون نصّاباً.. أو سمساراً.. أو من هواة التجارة في البشر.. لأن الدولة غائبة أولا وأخيراً!!
** ولم يكن غريباً أن ما يحدث في قريتنا هو نفسه ما يحدث في قري عديدة.. لدرجة أنه أصبح تياراً عاماً في مصر.. ضرب جميع محافظاتها.. وكانت النتيجة أن شكل المجتمع تغيَّر.. بهجرات غير شرعية.. والسبب أن كل الأبواب قد أغلقت في الداخل.. فقر وجهل ومرض.. وأحلام شباب غيّرتها الفضائيات والانترنت.. وهو بين أمرين: إمّا أن يسافر، ولو أن يبيع كل ممتلكات الأسرة، وإمّا أن يتورط في جرائم ممنوعة أقلها السرقة.. لأنه يريد أن يعيش!!
** وللأسف هذه أحوال الوطن الآن.. وهذا مشهد في دفتر أحوال الوطن. تذكرته مع وقع كارثة ضحايا روما.. وللأسف أيضاً إن كان مؤتمر الحزب الوطني قد ناقش شيئاً منه.. فهو لم يصل به إلي نتيجة، وليس هناك خلاص منه.. وليس هناك أمل.. وبناء عليه ليست هذه آخر مأساة يتعرض لها شباب مصر.. ولأنها ليست الأخيرة فلم يكلف الحزب الوطني نفسه أن يقف لها دقيقة حداداً.. فالفرق كبير بين أفراح الوطني.. وأحزان الوطن!!