د.محمد السيد سعيد
الحمد لله أن السيد عمرو موسي ذهب إلي لبنان حتي لا يترك وزير الخارجية الفرنسي وحده محاولا دفع التوافق علي انتخاب رئيس جديد، فالدور الذي قام به الأمين العام للجامعة العربية هو الدليل الوحيد علي اهتمام مصر غير المباشر بالشأن اللبناني.
مصر غائبة في لبنان وهذا وضع تاريخي بدأ منذ بارك الرئيس السادات التدخل السوري الانفرادي في الحرب الأهلية اللبنانية عام 1976 .والواقع أن مصر غائبة عن مواقع الأزمات العربية جميعا ودون مبررات حقيقية، إذ لا يوجد ما يفسر غياب مصر العجيب في السودان. وسريعا ما قد يتدهور الوضع هناك وتعود الحرب بين الشمال والجنوب بما يفتح جميع الأسئلة والملفات القديمة، ويري البعض أن غياب مصر في العراق مفهوم بسبب الغزو والتطرف والفوضي. ولكن هذه الظروف لم تمنع دولا كثيرة من تأسيس حضور مباشر وغير مباشر في هذا البلد. ثم إن الحضور المصري في جميع البلاد العربية تراجع بصورة مخيفة حتي صرنا آخر من يهتم وآخر من يعلم وآخر من يفعل بل آخر من «تعمل له الحكومات العربية أي حساب». ومن هنا نفسر العدد الكبير من المصريين في السجون الكويتية وأكثرهم ضحايا شركات كويتية توردهم بالخديعة لقوات الاحتلال الأمريكية في العراق. ومن هنا نفسر أيضا القرارات التعسفية التي تصدرها السلطات الليبية بحق المصريين. التفسير الذي يقترح نفسه لفهم هذا الإهمال الجسيم للحضور المصري في العالم العربي هو شيخوخة النظام السياسي، فالقدرة علي صنع مبادرات مهيبة ومحترمة انتهت تقريبا.وهناك عامل مكمل وبالغ الأهمية وهو أن النظام السياسي في مصر لم يعد يمتلك وجهة نظر أو فلسفة أو رؤية لمستقبل المنطقة. كل ما دعا له الرئيس مبارك كبديل للفكرة القومية التي نادي بها ناصر هو مبدأ "عدم التدخل". وفي ظل هذا المبدأ تدخلت جميع القوي الدولية والإقليمية إلا مصر مما حرمها من الأوراق الضرورية للتأثير علي الأحداث في سائر البلاد العربية وضمان الحد الأدني من احترام المصالح المصرية. والطريف في سياسة عدم التدخل أن الفرقاء في مختلف الأزمات العربية وخاصة لبنان والسودان واليمن والعراق جاءوا يطلبون من مصر القيام بدورها. ولم يكن لدي مصر ما تقوله أو ما تفعله سوي النصائح!
Wednesday, November 21, 2007
Subscribe to:
Post Comments (Atom)
No comments:
Post a Comment