Monday, November 12, 2007

حمادة عزو

- تعددت التعليقات علي المسلسل التليفزيوني «يتربي في عزو»، ولكنها وصلت إلي ما يشبه الاتفاق علي أن بطل المسلسل «حمادة عزو» يمثل الشريحة الأغلب والأعم من المصريين بما يتصف به من الكسل وعدم الجدية والهروب من تحمل المسؤولية والاندفاع وراء إرضاء الغرائز والشهوات رغم ما يتميز به من مواهب فطرية وقدرات ابتكارية غير مستغلة. وأرجعت معظم التعليقات هذه السلبيات إلي التربية الخاطئة التي اتبعتها أمه في تربيته وتدليله ولا يخفي أن الأم هنا ترمز للدولة أو الحكومة التي أفسدت شعبها كما أفسدت ماما نونا ولدها حمادة.
وإذا اتفقنا علي أن الحكومة قد أفسدت شعبها فإننا لا نستطيع أن نوافق علي أن ذلك تم بالتدليل.
فمثلاً عندما تؤدي سياسات الحكومة إلي توسيع الفجوة بين شرائح المجتمع وتعيش الغالبية العظمي من المصريين تحت خط الفقر، في الوقت الذي يشاهدون فيه إعلانات عن المنتجعات والقري السياحية وملاعب الجولف التي تروي بالمياه التي لا يجدونها للشرب، فهل هذا تدليل ؟ وعندما تتفشي البطالة بين خريجي الجامعات وتدعوهم الحكومة إلي العمل في المصانع كعمال مهدرين بذلك سنوات من الدراسة ونفقات تحملها آباؤهم.. فهل هذا تدليل؟ وعندما تستهين الحكومة بالمواطنين وتزيف إرادتهم في عمليات الانتخابات الوهمية، وتغلق الطريق نهائياً أمام تداول سلمي للسلطة فهل هذا تدليل؟ وعندما تحارب الحكومة الأقلام الحرة في الصحف الحزبية والمستقلة وتقوم بحبس رؤساء التحرير لتغلق بذلك النافذة الضيقة التي يتنفس المصريون من خلالها فهل هذا تدليل؟ وعندما تتخلي الحكومة عن دورها في تقديم خدمة علاجية وتعليمية وتأمينية لمواطنيها.. فهل هذا تدليل؟
إذن فقد تكون الحكومة هي التي أفسدت المواطن المصري ولكن ليس بالتدليل ولكن بالسياسات. والحقيقة أن الشعوب عندما تتعرض لمثل هذه المواقف فإنها تختار أحد طريقين لا ثالث لهما.. إما أن تقاوم وإما أن تكون «حمادة عزو»، وللأسف هذا ما يبدو أنه خيار المصريين، علي الأقل حتي الآن.


عاطف المغربي

No comments: